x

أزمة اللاجئين في اليونان.. أين تبخرت معونات الاتحاد الأوروبي؟

السبت 28-01-2017 09:47 | كتب: دويتشه فيله |
أزمة اللاجئين في اليونان-أين تبخرت معونات الاتحاد الأوروبي؟ أزمة اللاجئين في اليونان-أين تبخرت معونات الاتحاد الأوروبي؟

تدفقت ملايين اليورو لإغاثة اللاجئين العالقين في اليونان، إلا أن ظروف عيشهم لا تزال مزري، فيما تتبادل الحكومة ومنظمات المجتمع المدني الاتهامات بسوء الإدارة، ليس ذلك فحسب بل تتبادل أطراف الحكومة اليونانية الاتهامات.

وصل المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة، ديميتريس افراموبولوس، في 18 يناير 2017 إلى جزيرة ليسبوس اليونانية، وكان سبب زيارته تلك بسيطا رغم أنه مثبط للعزيمة: البرد القارس كسا الجزء الأكبر من اليونان، ومخيمات اللاجئين بثلوجكثيفة.

وانتشرت صور من أغنى قارة في العالم تظهر لاجئين-الكثير منهم أطفاٌ، وكبار فس السن، ومعاقين يصارعون درجات الحرارة المنخفضة بالبطانيات والخيام. فلا شيء آخر يقيهم البرد القارس. قبل ذلك بعدة أيام صرح وزير الهجرة اليوناني بأنه «لا يوجد لاجئ أو مهاجر يعاني من البرد».

ودعا المفوض الأوروبي السلطات اليونانية ومنظمات المجتمع المدني ببذل المزيد لمساعدة اللاجئين، مشيراً إلى أنه وعلى مدار السنتين السابقتين كانت اليونان هي المتلقي الأكبر للتبرعات من دول الاتحاد الأوروبي بمبلغ قارب مليار يورو.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن: أين تبخرت المليار يورو؟ ولماذا فشلت اليونان في توفير المتطلبات الأساسية لحياة كثيرين من الخمسين ألف لاجئ على أراضيها.

لغة الأرقام...بين الحكومة والمجتمع المدني

حقيقة الأمر أن المليار يورو التي ذكرها المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة، ديميتريس افراموبولوس، تضم العديد من التبرعات التي لم تتسلمها اليونان ولا منظمات المجتمع المدني بعد. وعلى أية حال فإن التبرعات التي استلمها اليونان ومنظمات المجتمع المدني كبيرة للغاية.

منذ مطلع العام 2015 تسلمت الحكومة اليونانية مساعدات عاجلة بقيمة 179 مليون يورو من «الإدارة العامة للشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي» DG HOME، وذلك حسب بيانات المفوضية الأوروبية ووزارة التنمية اليونانية.

يضاف إلى هذا المبلغ 60 مليون يورو من أصل 509 مليون يورو، رصدها الاتحاد الأوروبي لمساعدة طويلة الأجل اليونان بين الأعوام 2014 و2020. بينما تسلمت عدة منظمات مجتمع مدني كالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين و«المكتب الأوروبي لدعم اللجوء» EASOو«المنظمة الدولية للهجرة» ما يقارب 175 مليون يورو كمساعدات عاجلة من «الإدارة العامة للشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي»DG HOME، كما تسلمت العديد من منظمات المجتمع المدني للإغاثة الإنسانية 186 مليون يورو من «الإدارة العامة لحماية المجتمع الأوروبي ولعمليات العون الإنساني» DE ECHO لمشاريع بدأت في العام 2016.

كما خصصت 500 مليون إضافية رُصدت لنفس الغاية حتى عام 2018. اتهامات بسوء الإدارة في أروقة الحكومة في مواجهة التهم للحكومة اليونانية بأنها السبب الرئيسي للمشاكل التي تواجه اللاجئين، يشير وزير الهجرة اليوناني إلى الكميات الكبيرة من التبرعات التي تذهب إلى منظمات المجتمع المدني.

ويقول الوزير بعد زيارة المفوض الأوروبي لجزيرة ليسبوس، «لا رقابة مالية لنا كحكومة على تلك الأموال»، ويحاجج الوزير بأن الحكومة اليونانية كانت ستستخدم تلك الأموال بصورة أكثر فعالية، غير أن البعض يعتبر ذلك محاولة من الوزير للتغطية على أخطاء حكومته.

ويقول أوديسياس باوديرس، السكرتير السابق لشؤون اللاجئين «بالنسبة للوزير، أشخاص وهيئات أخرى غير الحكومة هي من يقع عليها اللوم على الدوام».

وقد تم تكليف أوديسياس في البداية بالإشراف على جهود رعاية اللاجئين والمهاجرين، غير أنه استقال من منصبه في سبتمبر، متهماً الوزير بسوء إدارة خطير لأزمة اللاجئين.

وبشكل أكثر تحديداً فقد أتهم أوديسياس وزير التنمية اليوناني برفض منحه الصلاحيات والإمكانيات المتوافرة لدى الوزارة.

ويعتبر أوديسياس ذلك جزءا من محاولة متكاملة من الوزير لإنشاء «نظام مواز»، حيث تكون دائرة ضيقة من المستشارين هي من تتحكم بصرف المعونات الأوروبية، ومن جهته وصف الوزير تلك الاتهامات، التي راجت بشكل كبير في اليونان، بأنها «تشهير» لا أساس له من الصحة.

وادعى أوديسياس أن محاولات التحكم بصرف المعونات الأوروبية ساهمت في تأخير كبير وأدت للعشوائية في جهود إيواء اللاجئين.

يقول أوديسياس في تصريح خاص بـDW: «نحن نطبق وصفة فاشلة، على الرغم أن الحكومة كانت لديها الحكمة لإصدار قانون صحيح ولكنه لم يجري تطبيقه»، قضية مخيم سوفتيكس المثيرة للجدل كمثال على كلامه، يسوق أوديسياس محاولة تهيئة ظروف عيش مقبولة في مخيم Softex، والذي هو مصنع للمنسوجات مهجور بالقرب من مدينة سالونيك.

وقد بدأ اللاجئون بالتوافد على المخيم بعد إغلاق الحدود اليونانية-المقدونية في ربيع عام 2016، ثم ما لبث أن اشتهر المخيم بظروف عيشه المزرية. يدّعي أوديسياس أن منظمة ألمانية كبيرة ASB تواصلت مع السكرتارية العامة للاجئين، مقترحة عليها إقامة مساكن لإيواء 1500 شخص في بيوت من الحاويات.

ويبلغ تلكفة ذلك 2،5 مليون يورو قدمتها «الإدارة العامة لحماية المجتمع الأوروبي ولعمليات العون الإنساني» DE ECHO، والكلام دائماً لأوديسياس.

ويقول أوديسياس إن مستشاراً مقربا للوزير، كان قد تم تعينه للإشراف على كل العمليات الفنية المتعلقة بأزمة اللاجئين، أوقف المشروع وأقترح عوضاً عنه خطة أخرى رُصد لها مبلغ 8,6 مليون يورو.

وأطلعتDW على إيميل لرسالة موجهة من المنظمة الألمانية لمكتب الوزير، بعد أن تبين للمنظمة أن المبلغ المقترح فوق قدرتها بكثير. تطلب المنظمة في رسالتها تلك من الوزير التوصل لاتفاق مشترك على تصميم للمخيم بحيث يغطي مبلغ 4,5 مليون يورو المشروع»، غير أن الوزير رفض تغير خطة مستشاره ووضعت خطة المنظمة الألمانية ASB على الرف.»بالتأكيد فمبلغ 8,6 مليون يورو كبير جداً لرعاية 1500 لاجئ«، يقول أوديسياس لـDW.

وفي إجابة عن أسئلة DW بخصوص المخيم، قالت المنظمة الألمانية إن الفرق بين تكاليف المقترحين»تعود إلى أن خطة الوزير كانت لمخيم طويل الأمد وببيوت من الحاويات أكثر رقياً، هذا إذا ما قارنها بخطتنا لمخيم شبه دائم».

على أية حال، فإن خطة الوزير لإقامة مخيم دائم كبير لم تتحقق بعد. ففي حين أقيمت بعض البيوت من الحاويات، لا يزال مئات اللاجئين يسكنون حتى يومنا هذا في خيام.»أوروبا تفتقر للإرادة السياسية«من جهتها تقول المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني أن التخطيط السئ للحكومة هو الذي ساهم بأن لا تصل المعونات للناس الأكثر احتياجاً. فعلى سبيل المثال تعرضت المفوضية السامية لإغاثة اللاجئين لانتقادات حادة بسبب تزويد ثمانية مخيمات فقط من أصل 40 في اليونان بتجهيزات لاستقبال فصل الشتاء، على الرغم من أنها صرفت على ذلك ما يقارب 13 مليون يورو. غير أن رولاند شونباور، وهو متحدث باسم المفوضية، قال في تصريح ل DW إن تلك المخيمات الثمانية هي التي طلبت الوزارة مساعدتها بتهيئتها لاستقبال فصل الشتاء. والوزارة هي المسؤولة الرئيسة عن تنسيق الجهود.»لم يكن واضحاً أي من المخيمات ستبقى مفتوحة وبالتالي تستحق صرف أموال عليها وأيها يجب إغلاقها. لم تكن هناك إجابات شافية على هذا السؤال وعلى مدار شهور«، يضيف شونباور.

غير أن البعض الأخر يحاجج بأن التركيز فقط على كيفية استخدام وصرف المعونات يهدف للفت الأنظار عن الصورة الأوسع؛ ألا وهي أن أوروبا تفتقر للإرادة السياسة لفعل أي شيء لمواجهة أزمة اللاجئين غير رمي النقود على المشكلة.»من المخزي وبينما الثلج يتساقط على ليسبوس أن يصرح أحد ممثلي المفوضية الأوروبية بأن المفوضية فعلت كل ما بوسعها لمساعدة اليونان وأن المفوضية لا يمكنها أن تقوم بالعمل الذي يجب أن تقوم به السلطات اليونانية«، يقول لوقا يغر من منظمة MSF اليونانية في حديث لـDW.»بُني مخيم موريا بأموال أوروبية. وتعمل منظمتان أوروبيتان، وهما EASO وFrontex في المخيم. وحقيقية أن المخيم يغص باللاجئين يعود إلى القرار الأوروبي بأن من يصل إلى الجزر اليونانية لا يجب أن يُسمح له بالسفر إلى البر اليوناني. كيف يمكن للأوروبيين التظاهر بأن لا علاقة لهم بالمعضلة؟«

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية