دخل لبنان النفق المظلم بعد أن سقطت حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية برئاسة سعد الحريرى بعد استقالة الوزير الشيعى عدنان السيد حسين، والتى تلت إعلان 10 وزراء، هم وزراء حزب الله وحلفائه، استقالتهم على خلفية الأزمة المتعلقة بالقرار الظنى للمحكمة الدولية المكلفة بالنظر فى اغتيال رفيق الحريرى.
ورأى مراقبون أن هذه الخطوة تعيد لبنان إلى المربع رقم صفر، وأكدوا أن المعارضة اللبنانية بقيادة حزب الله مارست حقها الدستورى ولكن بقسوة، وفتحت الساحة اللبنانية على مصراعيها بعد أن رهنت الاستقرار السياسى فى البلاد بمصير القرار الظنى.
وقال إبراهيم غالى، الخبير فى الشأن اللبنانى، إن المعارضة غلبت مصالحها وقلبت طاولة حكومة الوحدة الوطنية التى أخذت وقتا كبيرا فى تشكيلها لمواجهة القرار الظنى الذى يرجح أن يتهم عناصر من حزب الله بقتل رئيس الوزراء اللبنانى الأسبق رفيق الحريرى.
وحول تداعيات القرار، لفت إبراهيم غالى إلى أن حزب الله استبق صدور القرار بإحداث حالة من الشلل السياسى والفراغ المؤسساتى لأنه إذا صدر القرار فلن تكون هناك حكومة أو برلمان يناقشه لأن الساحة ستنشغل مرة أخرى بمحاولة تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة بمعطيات جديدة وشروط جديدة، خاصة أن الحكومة الحالية ستصبح حكومة تصريف أعمال فقط ولن تستطيع اتخاذ أى قرارات، فى حين أن المعارضة ربما وجدت موقفها أكثر قوة فى التفاوض على القرار من خارج الحكومة التى ستكون إحدى أوراق الضغط التى ستلعب بها.
وتوقع غالى أن يأخذ تشكيل الحكومة الجديدة شهورا طويلة مثلما حدث فى العراق، حيث استغرق تشكيل الحكومة 9 شهور.
واعتبر فى المقابل أن «رمانة الميزان» فى تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة ستكون فى يد اللقاء الديمقراطى اللبنانى بزعامة وليد جنبلاط، رئيس الحزب التقدمى الاشتراكى. وأوضح أنه إذا انضمت كتلة جنبلاط إلى تيار «14 آذار»، الأغلبية، فإن الوضع لن يتغير كثيرا حيث ستقوم الأغلبية باختيار رئيس الوزراء، وغالبا سيكون سعد الحريرى رئيس الحكومة الحالية.
ولكن الوضع سيتغير إلى النقيض، كما يقول غالى، إذا انضم اللقاء الديمقراطى إلى تيار «8 آذار»، المعارضة، وهو السيناريو الأقرب لأن موقف كتلة جنبلاط من القرار الظنى قريب من المعارضة.
وفيما يستبعد المحللون نشوب أى صراع صريح على الساحة اللبنانية مثلما حدث من احتجاجات الشوارع والمناوشات أو حتى العودة الى التفجيرات والاغتيالات السياسية التى أعقبت اغتيال الحريرى الأب عام 2005 يتفق كل المراقبين على أن انهيار حكومة الوحدة فى لبنان يتيح مزيداً من الوقت أمام المعارضة للمساومة فى مواجهة ضغوط وتحركات أمريكية مكثفة ظهرت مؤخرا من خلال تصريحات المسؤولين الأمريكيين ولقاءاتهم المكثفة بنظرائهم السعوديين. فضلا عن أنه سيسمح بفتح الملفات الخارجية خاصة مع قرب اجتماع إيران مع مجموعة (5+1) لبحث ملفها النووى.