قال المحاسب السيد القصير، رئيس البنك الزراعى المصرى، إن البنك سيكون له دور كبير فى تسلم محصول القمح للموسم الجديد، من خلال 6 صوامع، و82 هنجر تصل طاقتها الاستيعابية إلى أكثر من 360 ألف طن، بالإضافة إلى 88 شونة أسمنتية، مشددا على أن التنسيق بين الجهات المعنية خلال موسم التوريد الجديد سينعكس على الكميات التى تستهدف الدولة تسلمها من الفلاحين للاستفادة منها فى صناعة رغيف الخبز المدعم.
وأضاف «القصير» فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أنه يجرى حاليا تطوير 122 شونة ترابية للاستفادة منها خلال موسم توريد القمح السنوات القادمة، ولن يتنازل عن دوره فى حماية القطاع الزراعى، مشيرا إلى مشاركة البنك فى تمويل أعمال مشروع الـ1.5 مليون فدان، بالإضافة إلى استعداده للمشاركة فى مشروع إنشاء 100 ألف صوبة زراعية، ومشروع المليون رأس من الماشية.
وكشف رئيس البنك الزراعى المصرى أن خطة البنك تعتمد على تخفيض نسبة التعثر إلى النسبة المقبولة خلال 3 سنوات بدلا من 20% حاليا، مشيرا إلى أن ازمة المتعثرين بسبب المبادرات السياسية طوال السنوات الماضية.. وإلى تفاصيل الحوار:
■ فى البداية ما التحديات التى تواجه عمل البنك؟
- البنك تعرض لمجموعة من التداعيات أدت إلى عدم تمكنه من أداء دوره المطلوب فى خدمة التنمية الزراعية، منها تعرضه للخسائر المتراكمة، على مدار العديد من السنوات الماضية، التى بلغت 7 مليارات جنيه، بالإضافة إلى وجود أصول كبيرة، تقدر بالمليارات، والعائد منها «متدنٍ»، والتدخلات السياسية لإصدار مبادرات للمتعثرين، رغم ان أمواله هى أموال المودعين، كما تسببت هذه السياسات ومنها التدخل فى أدائه لعمله، وعدم خضوعه للرقيب الطبيعى، هو البنك المركزى المصرى، كل هذه الأسباب لم تمكنه من أداء وظائفه بما يتفق مع قواعد الحوكمة وإدارة المخاطر، بالإضافة إلى تأثير ذلك على خطط تطوير البنك.
■ ماذا عن قاعدة البنك الرأسمالية، وتأثير القوانين على أدائه؟
- قاعدة البنك الرأسمالية وهيكله التمويلى يحتاجان إلى «تدعيم»، بالاضافة إلى أن الظروف التى تنظم عمل البنك تختلف عن الظروف الحالية التى تؤثر فى عمله، بسبب مرور فترة كبيرة على القوانين التى تنظم عمل البنك، التى تحكمه وتؤثر على سياساته المالية، ومضى عليها فترة طويلة، منها القانون 105 لسنة 1963، والقانون 117 لسنة 1976، ومضى على تاريخ هذه القوانين فترة من التغيرات والتشريعات والظروف الاقتصادية، ما انعكس على عدم تمكن البنك من أداء دوره على النحو المطلوب فى تحقيق التنمية الزراعية وتقديم التسهيلات الائتمانية لعملائه، رغم الميزة النسبية للبنك، وهى أنه بنك «كبير» يمتلك عددا كبيرا من الفروع بمختلف المحافظات، ويخدم فئة من المجتمع من خلال 1210 فروع تشكل 30% من عدد وحدات الجهاز المصرفى، ويصل إلى المناطق الأكثر فقرا، ويرتبط بعملائه من الفلاحين، وهو بنك يستطيع أن يقدم خدمات، ومقومات تؤهله لكى يؤدى دورا فى مجال التنمية الزراعية والريفية.
■ كيف تم التغلب على هذه التحديات؟
- اهتمام القيادة السياسية والبنك والحكومة ووزير الزراعة وإدارة البنك، كان العامل الكبير فى حدوث التغيير الكبير والإيجابى لمصلحة البنك وعملائه، بالإضافة إلى مصلحة القطاع الزراعى والاقتصادى، ما انعكس نحو التوجه لحل هذه المشكلات، ومنها تعديل قانون البنك، وبالفعل صدر قانون تعديل تبعية البنك تحت مظلة القانون رقم 84 لسنة 2016 ليصبح تحت مسمى «البنك الزراعى المصرى»، ليؤدى دوره فى مجال التنمية الريفية والزراعية، وسيكون ساريا المفعول اعتبارا من مارس المقبل.
■ ما إيجابيات تعديل قانون البنك؟
- فلسفة تعديل قانون تنظيم عمل البنك تستهدف القضاء على عوار القوانين التى تحكم البنك وتعدد هذه القوانين، فضلا عن القضاء على البيروقراطية، وتمكن البنك المركزى من تقديم الدعم اللازم لهذا البنك سواء هيكلى أو إدارى، وهو ما دفع البنك للتنسيق مع بعض الاستشاريين لتعديل النظام الأساسى للبنك، ليصبح البنك الزراعى المصرى، واستكمال إجراءات دمج بنكى «بحرى»، و«قبلى»، والتنسيق مع البنك المركزى المصرى فى سبيل تقديم الدعم اللازم للبنك الزراعى.
■ لكن «الهيكلة» كلمة تثير القلق لدى بعض المحللين؟
- إعادة الهيكلة تشمل الهيكلة المالية والإدارية التى تنظم عمله وتطور من الخدمات التى يقدمها للعملاء سواء فى صورة خدمات تمويلية أو مصرفية، فضلا عن هيكلة أسلوب تأدية الخدمة وتوفير بنية «تحتية»، تضمن عدم التعارض بين قطاعات الرقابة وقطاعات الأعمال وتشمل إعادة النظر فى الهيكل التنظيمى والوصف الوظيفى والتنظيم الداخلى للبنك ونطاق الإشراف، وتشمل كل جوانب التطوير فى البنك حتى يكون قادرا على أداء وتحقيق الأهداف المرجوة منه على الوجه المطلوب، وفى ذات الوقت يكون قادرا على الالتزام بالقواعد الرقابية، ولا توجد نية للاستغناء عن أى فرد من العاملين بالبنك، ولكن تنظيم برامج لتدريب العمالة والاستفادة منها فى مواقع مختلفة حسب حاجة العمل.
■ ما رؤية البنك لإدارة الأصول؟
- تستهدف رؤية البنك رفع كفاءة أداء الأصول، بحيث يتم حصر الاصول المملوكة، وبحث الاستخدام الأفضل لهذه الأصول والتصرف فيها طبقا لحدى الأنظمة سواء التأجير أو البيع أو إقامة مشروعات على هذه الأصول لتعظيم العائد من استغلالها، رغم ان هناك مجموعة من الأصول مثل الشون الزراعية قد ينخفض العائد منها، ولكنها تؤدى دورا قوميا فى مجال تسويق المحاصيل، وسوف نعظم هذا الدور الفترة المقبلة من خلال تطوير الشون والسعات التخزينية.
■ ماذا عن إصلاح منظومة التخزين؟
- لدينا 6 صوامع تم الانتهاء من تنفيذها من خلال القوات المسلحة ممثلة فى الهيئة الهندسية، بالإضافة إلى تطوير 122 شونة ترابية لتحويلها إلى شون أسمنتية استعدادا لبدء موسم توريد القمح الموسم الحالى، وتطوير 82 هنجر ومجموعة من الشون الأسمنتية يجرى تنفيذها بالتنسيق مع وزارة الزراعة.
■ ما أسباب ظاهرة التعثر خلال الفترة الماضية؟
- البنك تعرض خلال العقود الماضية لظروف وتدخلات، وذلك باعتباره غير خاضع لرقابة البنك المركزى، ساهمت فى زيادة نسبة التعثر، نتيجة إطلاق بعض المبادرات بإعفاءات للفلاحين من المديونيات المستحقة للبنك، وهى التى دفعت الكثير من العملاء الذين لديهم القدرة على السداد فى التراخى لسداد هذه المديونيات أملا فى الاستفادة من هذه المبادرات، وما يجب التنويه عنه هو أنه عند معالجة ملف التعثر يجب أن نفرق بين حالتين، الأولى لعملاء تعرضوا لظروف خارجة عن إرادتهم وتحملوا خسائر، وأثبتت الدراسات واستعلامات البنك أنهم غير قادرين على السداد، إلا من خلال تيسيرات، ويتعامل معهم البنك بقدر كبير من المرونة كل حسب حالته، بينما هناك نوعية من العملاء استخدمت القروض فى غير الغرض المخصصة له، ولديهم المقدرة على السداد، لكن لم تتوافر لديهم الرغبة فى السداد لأموال البنك التى تمثل ودائع الفلاحين والمزارعين، ولذلك فالبنك حريص على استرداد هذه الأموال بكل الطرق الممكنة.
■ الحل؟
- تناولنا فى الفترة الأخيرة ملف التعثر بقدر من المرونة، حيث بدأنا فى وضع استراتيجية للتعامل مع المتعثرين بقدر من المرونة من خلال منح سلطات وتفويضات للقطاعات التابعة للبنك بمختلف المحافظات، وبلغ إجمالى عدد العملاء الذين استفادوا من التسويات التى قام بها البنك خلال الـ6 شهور الماضية، حوالى 8 آلاف عميل بإجمالى مديونيات تصل إلى 450 مليون جنيه، رغم أنه لا يمكن منع «التعثر» طالما أن هناك ائتمانا، ولكن ستظل هناك نسبة «تعثر» تكون مقبولة، لأن نسبة التعثر حاليا تصل إلى 20% من المحفظة الائتمانية للبنك، ونستهدف تخفيضها إلى النسب المقبولة من خلال عدة مراحل تبدأ بتخفيض النسبة إلى 15% حتى تصل إلى النسبة «الآمنة» والتى تتراوح بين 5 و7% من خلال خطة لمعالجة الديون المتعثرة ومنح ائتمان جديد «جيد».
■ ما التسهيلات التى يقدمها البنك لحل مشاكل المتعثرين نهائيا؟
- قمنا بتنفيذ عدد من الإجراءات منها مواجهة ملف التعثر بشكل جاد لحل أهم مشكلة تواجه البنك والرأى العام المصرى وهى (ديون الفلاحين المتعثرين لبنك التنمية )، وإنشاء قطاع بالبنك الرئيسى مُخصص لمواجهة ملف التعثر تحت مُسمى «قطاع معالجة الديون المتعثرة»، وهذا القطاع يمتلك أدوات فاعلة لمعالجة الديون المتعثرة تتسم بالمرونة وسرعة اتخاذ قرارات تسوية المديونيات للتخفيف عن كاهل الفلاحين من خلال مجموعات عمل احترافية ومميزة تم اختيارها بعناية.
■ كيف ذلك؟
- تطوير، وتعديل بعض بنود سياسة معالجة الديون المتعثرة لعام 2015 وعرض تلك التعديلات على مجلس إدارة البنك الرئيسى وتشكيل لجان عمل دائمة على مستوى بنوك القرى وفروع البنك وقطاعاته فى مختلف أنحاء الجمهورية لها صلاحيات واسعة فى اتخاذ قرار التسوية ؛ ويتم فيها الاتصال المباشر مع عملاء البنك المتعثرين ومقابلتهم ودراسة ملفات التعثر الخاصة بكل عميل على حدة وتسوية مديونياتهم بشكل نهائى ومُرض لهم.
■ وما النتائج؟
- زيادة صلاحيات تلك اللجان خاصة فى الشرائح حتى 50 ألف جنيه، والتى تُمثل العبء الأكبر، من ناحية عدد العملاء المتعثرين؛ وعرض التعديلات الخاصة بتلك الشرائح على مجلس إدارة البنك الرئيسى بجلسته فى يوليو الماضى وتم إقرار الموافقة من المجلس على زيادتها، وإعدام مديونيات بقيمة حوالى 87.3 مليون جنيه لعدد «1777» عميلا مُتعثرا بقرار من مجلس الإدارة، والانتهاء من تسوية مديونيات عدد «12296» عميلا بقيمة حوالى 585 مليون جنيه.
■ ماذا عن المشروعات المستقبلية لتطوير البنك؟
- لدينا عدد من المشروعات التى تجرى دراستها حاليا منها مبادرة البنك المركزى المصرى فى التمويل العقارى بالتعاون مع صندوق دعم التمويل العقارى، للدخول فى سوق التمويل العقارى، ونبحث توقيع بروتوكول تعاون مع وزارة الإنتاج الحربى لتسويق منتجاتها من خلال وحدات البنك بكل المحافظات، بالإضافة إلى التوسع فى الاتفاقيات مع شركات الغاز المختلفة لزيادة قاعدة العملاء الراغبين فى الاشتراك فى هذه الخدمة، بالإضافة إلى دراسة اتفاقية التعاون المشترك لمنظومة ميكنة بطاقة الحيازة الزراعية مع الجهات المعنية بهذا المشروع «وزارة الزراعة- التخطيط- الإنتاج الحربى-المالية- الاتصالات).
■ ما دور البنك فى تنفيذ المشروعات القومية؟
- إصلاح البنك الزراعى المصرى ليتمكن من أداء دوره فى مجال تحقيق التنمية الزراعية، يعتبر أحد المشروعات القومية، لأنه يخدم نسبة كبيرة من المصريين، وينتشر فى المناطق الريفية والزراعية، ويستطيع فى المستقبل بعد إعادة هيكلته أن يساهم فى تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة، ويأتى المشروع الثانى مشاركته فى منظومة الكارت الذكى للحيازة الزراعية، لمساهمته فى رسم السياسة الزراعية والدورة الزراعية للمحاصيل وتعظيم الاستفادة من الدعم لمستلزمات الإنتاج، وتوزيع الأسمدة على المستفيدين، وسيكون الكارت الذكى هو إحدى الآليات للحصول على القروض الزراعية.
■ ماذا أيضا؟
- نشارك أيضا فى تمويل تنفيذ مشروع الـ«1.5 مليون فدان»، بالتنسيق مع شركة الريف المصرى والبنك المركزى المصرى والبنك الأهلى المصرى وبنك مصر، وتتم المشاركة من خلال تصميم مجموعة من البرامج والحزم التمويلية، وتقديم تسهيلات تمويلية لتنفيذ أعمال الاستزراع بالمشروع، والبحث عن آليات لتمويل المستفيدين من المشروع، بالإضافة إلى المشاركة فى تمويل مشروع إنشاء 100 ألف صوبة زراعية، وان إجمالى المحفظة التمويلية للبنك لتنفيذ مختلف المشروعات تصل إلى 24 مليار جنيه، منها 6 مليارات جنيه لتمويل تسويق المحاصيل الزراعية، و6 مليارات لمشروعات تمويل الإنتاج الحيوانى ممثلا فى مشروع «البتلو».