تواصلت المظاهرات والاحتجاجات السورية فى العاصمة دمشق وعدة مدن، أبرزها حماة ودرعا واللاذقية للمطالبة بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد والتى ردت عليها قوات الأمن والجيش بدعم «الشبيحة» بحملة اعتقالات وإطلاق النار عشوائيا على المتظاهرين السلميين، فى الوقت الذى تعرضت فيه دمشق لنكسة جديدة بعد إعلان النائب العام فى مدينة حماة، عدنان البكور، استقالته من منصبه، احتجاجا على الممارسات القمعية بحق المتظاهرين.
واتهم «البكور» فى تسجيل مصور، بثه ناشطون على الإنترنت، النظام السورى، بتصفية 72 سجينا من نزلاء سجن حماة المركزى، من المتظاهرين السلميين والنشطاء السياسيين، ودفنهم بمقابر جماعية بجانب قرية الخالدية، قرب فرع الأمن العسكرى فى حماة. وقال إن هناك مقابر جماعية فى الحدائق العامة، دفن فيها نحو 420 جثة، أو أكثر، وإنه قد طلب منه أن يقدم تقريرا يفيد أنهم قتلوا على أيدى عصابات مسلحة.
أضاف أنه استقال بسبب الاعتقالات العشوائية للمتظاهرين السلميين، الذين بلغ عددهم نحو 10 آلاف معتقل، إضافة إلى عمليات التعذيب داخل أقسام الأمن، وإجباره على إعطاء أوامر بدفن 17 جثة، ونقلهم إلى المقبرة الخضراء. كما بين «البكور» أنه من بين أسباب استقالته ، قيام الجيش بهدم بيوت بأكملها فى حيى الحميدية والقصور فى حماة، مشيرا إلى أن الجثث بقيت تحت الأنقاض.
كانت منظمة العفو الدولية قد ذكرت أن عدد الوفيات فى السجون السورية سجل ارتفاعا كبيرا، معتبرة أن ذلك يشكل «امتدادا للازدراء الوحشى نفسه للحياة البشرية» فى سوريا، على اعتبار أن أغلب الوفيات كانت تحت التعذيب. وقالت «إن ما لا يقل عن 88 شخصا قضوا فى الحجز فى سوريا، خلال حملة قمع دموية ضد المحتجين المؤيدين للإصلاح، دامت 5 أشهر»، من جانبها، دعت منظمة العفو الدولية مجلس الأمن الدولى إلى «إحالة الأوضاع فى سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وفرض حظر للأسلحة على سوريا، وتنفيذ قرار تجميد الأصول التى يملكها الرئيس بشار الأسد وكبار مساعديه».
فى الوقت نفسه، أكد حاكم المصرف المركزى السورى أديب ميالة أنه سيكون على السوريين شد الأحزمة بعد فرض عقوبات أوروبية وأمريكية قاسية على بلدهم الذى أضعفته اقتصاديا الحركة الاحتجاجية الجارية، مؤكدا أن هذه الإجراءات ستضر بالمواطن السورى.
ميدانيا، أفاد عدد من وكالات الانباء، أن المظاهرات تتواصل فى مختلف أنحاء سوريا، حيث شهدت عدة مدن وبلدات، مظاهرات حاشدة، قابلتها قوى الأمن بإطلاق نيران كثيفة على المحتجين الذين ظلوا يهتفون بسقوط الأسد، فى حين استمرت حملة المداهمات الأمنية فى مدينة حماة، وقد سقط خلالها 7 أشخاص على الأقل كما قتل شخص آخر فى حملة ضد المتظاهرين بحمص.
وتعرض المحتجون، الذين خرجوا فى مظاهرة بعد صلاة المغرب فى بلدة الرامى بمحافظة إدلب، إلى إطلاق نار كثيف، بعد أن اقتحمتها قوات الأمن بالدبابات، مع انتشار للقناصة فوق المنازل.
وخرجت مظاهرة حاشدة، قدرت لجان التنسيق أعداد المشاركين فيها بأكثر من 10 آلاف متظاهر، فى معصران بمعرة النعمان، وانطلقت مظاهرة أخرى فى بلدة الحولة بحمص، ردد خلالها المحتجون شعارات تطالب بالإفراج عن المعتقلين ومحاكمة الرئيس. وعمت المظاهرات مدن القصير، وحى القصور، والحاضر بحماة، وريف دمشق، التى شهدت انتشارا كثيفا لقوى الأمن بالقرب من مقر حزب البعث كما شملت المظاهرات بلدة داعل ودمشق والبوكمال وحلب وترددت أنباء عن انشقاق فى معسكر الطلائع قرب مدينة إدلب، وسُمع إطلاق نار كثيف هناك.
بدوره، استبعد مندوب روسيا الدائم لدى حلف شمال الأطلسى (الناتو)، دميترى روجوزين، أن يشنّ الحلف عملية عسكرية ضد سوريا، لأن ذلك قد يهدد أمن إسرائيل.
وقال إن «الناتو يتحول فى الوقت الراهن إلى شرطة عالمية، يستغل قرارات مجلس الأمن الدولى لخدمة مصالحه، من دون أن يأخذ بعين الاعتبار مصالح تلك الشعوب التى يعلن عن وقوفه إلى جانبها».وأضاف أن «الناتو ربما يستعرض عمدا عدم احترامه لمجلس الأمن الدولى، ملمحا بذلك إلى المساواة بين الناتو والأمم المتحدة».
بدورهم، استبعد خبراء تكرار النموذج الليبى فى سوريا لتغيير الأسد، وقالوا إن طبيعة جغرافية المنطقة، وحقيقة أن سوريا جارة لإسرائيل، تزيد من تعقيد الدور الدولى فى الأزمة السورية، إذ إن دمشق تمتلك علاقات قوية بإيران وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية، وهى أوراق تخشاها إسرائيل، التى ثبتت مصلحتها فى بقاء نظام الأسد.