رصد الخبير الاقتصادي المصري-الأمريكي، محمد العريان، تناقضًا صارخًا بين التوقعات المحلية والعالمية بشأن الاقتصاد الأمريكي في ظل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأكد «العريان» في مقال بالـ«فاينانشيال تايمز» أن حالة الحماس الأمريكي لتحقيق معدلات نمو أعلى ليست سائدة في المجتمع الدولي الذي تسيطر عليه فكرة أنّ حربا تجارية باتت وشيكة.
وأعرب «العريان» عن شكوكه في أن تتزايد تلك المخاوف الأجنبية حتى في ظل النظام الأمريكي الخاص بالضوابط والتوازنات الذي يضم تهديدات معلَنة تستهدف الرخاء الاقتصادي.
ورأى «العريان» أن ثمة سيناريو وسيط كفيل بأن يبعث على طمأنة الاقتصاد العالمي، الذي هو في حاجة ماسة إلى معدلات نمو أعلى وأكثر شمولًا، وأن التفعيل الكامل لطاقة أمريكا الاقتصادية، والمنافع التي ستعود على دول أخرى جراء ذلك، يتطلب أن تنجح إدارة ترامب في نشر سياسة إصلاح تجارية عالميًا.
وصد الخبير العالمي تحمُسًا من جانب رجال الأعمال الأمريكيين لنوايا الرئيس ترامب الخاصة بخفض ضرائب الشركات وإلغاء الضوابط التنظيمية وتحسين البنية التحتية وإنعاش الاقتصاد، كما يعتقدون أنه عبر تحقيق معدلات نمو أعلى فإن ذلك كفيل بأن يترجَم إلى ارتفاع في الطلب على ما يبيعونه ومن ثمّ قوة تسعيرية أكبر، وهكذا يستطيع القطاع الخاص الاستثمار على نحو أكبر في قدرات جديدة، وربما أيضا باستخدام أموال هي الآن خارج البلاد.
ولفت «العريان» إلى أن الرؤية خارج الولايات المتحدة مغايرة تماما، إذ تسيطر عليها مخاوف من أن تفرض أمريكا تعريفات جمركية ضخمة على الواردات، وأن تفسخ اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف، وأن توصم الشركات التي لها مرافق إنتاج في الخارج.
ورأى الخبير العالمي أنه في عالم كهذا تصبح إمكانية تعميم ونشر آثار الفائدة من معدلات نمو أمريكية أعلى- تصبح أمرا متعذرا في ظل المعوقات المقبلة للإنتاج عبر الحدود وقيود الاستهلاك.
واعتبر «العريان» أن مجابهة تلك المخاوف هي بمثابة تاريخ النظام السياسي الأمريكي في احتواء أي انحرافات اقتصادية ضخمة عن المسار، والذي أحيانا ما يؤدي إلى نتائج طيبة وأحيانا أخرى إلى غير ذلك.
ورأى «العريان» أن الضوابط والتوازنات العتيقة بين الأفرع الثلاثة للحكومة التنفيذية والقضائية والتشريعية تحدّ من قوة أي فرع على حِدة ولا سيما الرئاسة، هذا جنبا إلى جنب مع مرور سنوات من التفاعل الدولي تركت العلاقات العالمية مشتبكة بشكل معقد جدا بالنسبة للشركات والأُسر الأمريكية- هذا يقلل من احتمالية اتخاذ وجهة حِمائية رئيسية.
ورأى الخبير العالمي أن حزمةً أُولى من الإصلاحات للنظام التجاري العالمي، عبر أسلوب الترغيب والترهيب، هي أَولى بالحدوث من الإقدام على فسخ اتفاقيات أو شن حروب متعلقة بالتعريفات الجمركية، كما أن وصْم شركات فردية في الخارج كفيل بأن يقلص نفوذ الإدارة الجديدة والمتطلب لتحقيق أهدافها الإنمائية والتوظيفية.
ورأى «العريان» أنه في سبيل إطلاق الولايات المتحدة لطاقاتها الاقتصادية، فإن قيادة السياسة عالميًا تحتاج كذلك إلى اتخاذ تدابير محلية مستدامة والانطلاق في عمليات إصلاح هيكلي لتحقيق معدلات نمو أعلى.
ورأى العريان أن الرئيس ترامب يمكنه في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع ثم بعد ذلك في مجموعة العشرين أن يحفز على سياسة إصلاحية دولية تتوازى مع توجهاته الخاصة بتحقيق معدلات نمو أعلى، وسيكون من مصلحة دول أخرى أن تشارك، ذلك أن تلك الدول إذا لم تواكب عملية التحول السياسي الأمريكي فإن الاختلاف الناشئ عن ذلك اقتصاديا وسياسيا سيقود في النهاية إلى تعزيز جبهة الحِمائيين، وهو ما يمكن -بل وينبغي- تفاديه عبر تنسيق الجهود لتزويد الكعكة العالمية بدلا من التنازع على تقسيمها.