طالبت قوى سياسية وحزبية وخبراء بتأجيل انتخابات مجلس الشورى لما بعد وضع الدستور الجديد لصعوبة إجرائها إدارياً وأمنياً وسياسياً، خاصة أنها تتزامن مع انتخابات مجلس الشعب، وأعربوا عن تخوفهم مما وصفوه بأكبر نسبة إسالة للدماء فى إجراء الانتخابات بشكل عام فى ظل حالة الانفلات الأمنى، وأشاروا إلى أن الإبقاء على مجلس الشورى بوضعه الحالى يعد استمراراً لفكرة «الجراج» الذى صنعه الرئيس الراحل أنور السادات لإرضاء الوزراء الذين يتم استبعادهم من الحكومة أو بعض قيادات الحزب الوطنى المنحل.
وقال الدكتور أسامة الغزالى حرب، رئيس حزب الجبهة الديمقراطية: «لا يوجد أى مبرر لإجراء انتخابات مجلس الشورى فى الوقت الذى تجرى فيه انتخابات مجلس الشعب، خاصة أن العملية الانتخابية برمتها تمثل عبئاً كبيراً على الناخبين وعلى المرشحين والجهات الإدارية والقانونية المنوط بها مراقبة ومراجعة كل الأوراق والنتائج والطعون المتعلقة بالانتخابات»، مشيراً إلى أن انتخابات مجلس الشعب سوف تشهد سخونة كبيرة بين التيارات المتصارعة على حصد أكبر عدد من المقاعد ومن ثم فإن ضغط تلك القوى فى انتخابات مجلسين فى وقت واحد قد يسفر عن نتائج لا يحمد عقباها، لافتاً إلى أن إلغاء مجلس الشورى من الأساس فكرة متعلقة بالدستور الجديد المزمع إعداده من قبل اللجنة المتخصصة لذلك، مستطرداً: «بدلا من إلغاء مجلس الشورى علينا دراسة اقتراح تغيير اسمه إلى مجلس الشيوخ وتوسيع اختصاصاته وفاعلياته حتى يكون شريكاً فى صناعة المستقبل الذى ينتظره المصريون».
وأضاف أن هناك اقتراحاً آخر يتعلق بتحويل مجلس الشورى إلى الغرفة العليا للبرلمان بجانب مجلس الشعب شريطة أن تخضع العضوية فيه إلى ضوابط معينة، ويتمتع بصلاحيات واسعة على أن يضم كفاءات كبيرة.
وقال الدكتور نبيل زكى، المتحدث الإعلامى لحزب «التجمع»، إنه يجب أولاً إلغاء مجلس الشورى، فلا ضرورة له، فهو اختراع صنعه أنور السادات بإرضاء عناصر من الحزب الحاكم، بدلا من ترشيحهم فى مجلس الشعب، فيتم تعيينهم فى «الشورى»، وهذا الاختراع جعل الدولة تمتلك المؤسسات الصحفية القومية لتعين من تشاء وتجعلهم رؤساء لمجالس إدارة الصحف وتضعهم تحت سيطرتها، وذلك منطق متخلف ويتعارض مع الحرية الديمقراطية الذى يأمل به الشعب، لذا يجب عدم الإبقاء على مجلس الشورى والاكتفاء بمجلس الشعب.
وفيما يخص الانتخابات البرلمانية قال «زكى» إنه بإلغاء مجلس الشورى يمكن إجراء انتخابات مجلس الشعب على مراحل حتى يسهل تأمينها، أما فى ظل إجراء انتخابات «الشعب» و«الشورى» معاً فى توقيت واحد فذلك سيكون مرهقاً للناخب. وأوضح البدرى فرغلى، عضو مجلس الشعب الأسبق، أن مجلس الشورى فكرة مصطنعة من الرئيس الراحل أنور السادات كان الهدف منه أن يكون جراج للوزراء الذين يتم إقصاؤهم من الحكومة أو لبعض رجال الحزب الوطنى المنحل ليكونوا قيادات احتياطية لا تتمتع بأى اختصاصات ويجب إلغاؤه.
وأشار إيهاب الخولى، أمين حزب مصرنا (تحت التأسيس) إلى أن هناك قوى كبيرة فى المجتمع، وفى مقدمتها القوى الثورية، ترى أن مجلس الشورى لا فائدة منه حتى فى ظل الصلاحيات الجديدة التى منحها له الرئيس المخلوع مبارك، وبرغم أنه موجود فى دول كثيرة فى العالم ومنها أمريكا وأوروبا، إلا أن وجوده فى مصر بوضعه وحتى اختصاصاته الحالية يرسخ فكرة مجلس الجراج عند الغالبية، كما أن فكرة التعيين لثلثى أعضائه تخلق حالة من الاستهانة بقدرتهم على إحداث تغيير حقيقى يسعى إليه المصريون فى الفترة المقبلة.
وقال إن الإعلان الدستورى أكد على الإبقاء على مجلس الشورى ولكن الدستور الجديد قد يلغيه ومن ثم يجب تأجيل انتخابات الشورى لما بعد وضع الدستور الجديد.
من جانبه، أكد علاء عبدالمنعم، النائب السابق فى مجلس الشعب، استحالة تطبيق فكرة إجراء انتخابات مجلسى الشعب والشورى فى يوم واحد، وذلك لاختلاف الدوائر جغرافياً ووجود تداخلات بين الدوائر وبعضها البعض، وستكون عملية الاختيار صعبة، خاصة أن الناخب سيختار نواباً سواء كان الانتخاب بالقائمة النسبية أو القائمة الفردية فى انتخابات مجلس الشعب، والأمر نفسه ينطبق على اختيار نوابه فى انتخابات مجلس الشورى، وهذا تقابله صعوبة كبيرة فى اختيار الناخب لنوابه، حيث سيجد فى يوم الانتخابات 4 صناديق أمامه ليدلى فيها بصوته فى اللجنة الواحدة، وبالتالى سيأخذ الناخب وقتاً طويلاً فى التصويت، مما سيؤثر على العملية الانتخابية، فمن المعروف أن وقت التصويت من الثامنة صباحاً إلى الثامنة مساء، ولو كل ناخب أخذ وحده 10 دقائق فهذا لن يكفى نظراً لأعداد الناخبين الكبيرة المفترض نزولها للإدلاء بأصواتها، ومن المتوقع أن يفوق عدد الناخبين المشاركين فى الانتخابات البرلمانية المقبلة عدد المشاركين فى التصويت على التعديلات الدستورية الأخيرة بمقدار 3 أضعاف، وهى عملية مرهقة، لأن كل ناخب عليه أن يدلى بصوته لاختيار نواب مجلس الشعب ويقف فى طابور طويل حين ينتهى منه يقف فى طابور طويل آخر ليدلى بصوته لاختيار نواب مجلس الشورى، مما سيؤثر سلباً على عملية التصويت ويرهق الناخب خاصة لو كان الناخبون شيوخا وكبار السن، كما أن هذه الطريقة لا تتناسب مع طبيعة الناخب المصرى، وتعتبر شبه مستحيلة بل المستحيل نفسه، إلى جانب وجود الانفلات الأمنى وانتشار السلاح، ففى انتخابات 2005 كان هناك حوالى 28 قتيلاً رغم سيطرة الأمن على العملية الانتخابية.
وتساءل «عبدالمنعم»: «فكيف سيكون الحال فى عدم وجود الأمن»؟
وفيما يخص إلغاء مجلس الشورى، قال علاء عبدالمنعم إن مجلس الشورى منذ نشأته لم يكن له اختصاصات جدية، كما أن الإعلان الدستورى قلص دوره واختصاصاته وصلاحياته، وبالتالى يجب إلغاء مجلس الشورى، خاصة أن الوقت الحالى فى مصر ليس فى احتياج لهذا المجلس أو لوجود مجلسين برلمانيين، إلا أن الإعلان الدستورى لن يلغى مجلس الشورى لأنه ذكره فى طياته.
وأشار «عبدالمنعم» إلى أن المجالس القومية المتخصصة يمكن لها أن تقوم بدوره من خلال عمل التقارير اللازمة وإرسالها لمجلس الشعب.
وحول أهمية وجود مجلس الشورى لمناقشة القوانين المكملة للدستور، فهذا المسمى أطلق حتى يكون لمجلس الشورى، لذا يجب أن نكتفى بمجلس الشعب.
وأوضح صلاح حسب الله، وكيل مؤسسى حزب «المواطن المصرى»، أن فكرة إجراء انتخابات مجلسى الشعب والشورى فى وقت واحد مستحيلة، وذلك لأن طبيعة الناخب لا توجد لديه ثقافة الاختيار، فالناخب فى الظروف السابقة كان يختار نائبه بصعوبة، فما بالنا بأنه سيدلى بصوته فى 4 صناديق، وقد تؤثر بالسلب فيما يختاره، بمعنى أنها قد تبطل بعض الأصوات بسبب عدم درايته بثقافة الاختيار، فمازال هناك بعض السياسيين غير فاهمين أو مستوعبين لكيفية التصويت، فما بالنا بالناخب العادى؟ إلى جانب أنه من الممكن أن تحدث كوارث فى القرى والنجوع بسبب غياب الأمن الذى تصعب عليه السيطرة فى مثل تلك الظاهرة، فهناك العصبيات والتربيطات التى تؤدى لنشوب الخلافات.
وأوضح «حسب الله» أن المتابع الجيد لكل القوانين التى خرجت من مجلس الشورى إلى مجلس الشعب سيجد أنه لم يتم التعديل فيها، بل إن التعديل كان بنسبة 3% على مدار سنوات المجلس السابقة، كما أنه يخرج القوانين التى تضعها الحكومة إلى الشعب دون ترك أى آثار له موجودة باختصاصاته.
وأكد منتصر الزيات، محامى الجماعات الإسلامية، ضرورة إجراء الانتخابات فى الوقت الذى حدده المجلس العسكرى بأقصى وقت ممكن، وقال إنه ضد فكرة تأجيل الانتخابات، وذلك لبناء المؤسسات، خاصة أن الاحتياطى النقدى فى خطر والبورصة فى انهيار، والتباطؤ ليس فى مصلحة مصر رغم صعوبة هذه المرحلة لإجراء الانتخابات الخاصة بمجلسى الشعب والشورى فى وقت محدود، لكن المؤسسة العسكرية أكدت أنها قادرة على تأمين العملية الانتخابية رغم وجود الانفلات الأمنى، ونحن نثق فيما تقوله المؤسسة العسكرية، وإن كنت مع فكرة إجراء تعديل دستورى وإلغاء مجلس الشورى الذى يمكننا أن نسميه المجلس الوهمى، فالأصل فى الانتخابات هو مجلس الشعب باختصاصاته، أما مجلس الشورى فكان لإرضاء المطاريد من الحزب المنحل، ولتعيين ما يرضى عنه النظام السابق، وبالتالى ليس له أهمية لأنه لم يترك بصمة فى الحياة السياسية، وإلغاؤه لن يحدث فراغاً فى الحياة السياسية.
وقسم الدكتور عمرو هاشم ربيع، رئيس وحدة الدراسات المصرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، خطورة إجراء انتخابات مجلس الشورى فى نفس التوقيت المقرر لانتخابات مجلس الشعب إلى 3 مراحل، الأولى تتعلق بالوضع الأمنى المنفلت وصعوبة تأمين اللجان والمرشحين والناخبين، متوقعاً أن تشهد العملية الانتخابية أكبر نسبة إسالة للدماء بين أنصار المرشحين بعضهم البعض فضلاً عن بلطجية الانتخابات، وأضاف أن ثانى المراحل خطورة تتعلق بالناحية الإدارية من حيث استعداد اللجنة العليا للانتخابات والهيئات واللجان المنبثقة عنها وصعوبة تحضير الأوراق والكشوف والتجهيز بشكل عام لانتخاب مجلسين فى وقت واحد، لكل واحد فيهما أوراق قبول وإجراءات طعون ونتائج وفرز وغيرها من الإجراءات، لافتاً إلى أن ثالث الصعوبات تتمثل فى إقبال الناخبين على انتخابات مجلسين فى وقت واحد، موضحاً أن تلك الصعوبة كانت تحدث فى ظل انتخابات مجلس واحد، فكيف سيكون الوضع إذا تم انتخاب مجلسين.