x

مستقبل القاهرة في معرض بريشة وعدسة 13 فنانا مصريا وأجنبيا

الأربعاء 12-01-2011 14:57 | كتب: جنا كراجسكي |

 

يرى بول جيداي، الذي أشرف على تنظيم معرض «فيوتشروبوليس» أو «مدينة المستقبل» الذي استضافه مركز سعد زغلول الثقافي، من 14 إلى 30 ديسمبر الماضي أن المعرض لم  يحمل طابعا متشائما، برغم الألوان القاتمة التي سيطرت على بعض معروضاته، ولوحاته الزيتية التي تصور أشكالا أقرب إلى الأشباح، وصور معالم مدينة القاهرة المدمرة.

ونظم المعرض عرفانا للفنان المصري محسن شرارة، الذي تزامنت وفاته في العام 2006 مع تلف وضياع معظم أعماله. كان شرارة بمثابة المعلم لجيداي، وبالرغم من ضآلة أعماله في ذلك المعرض، إلا أنها تحمل الكثير من المعاني، بل إنها قد تكون أفضل وسيلة للتنبؤ بمستقبل المدينة دون التخلي عن الأمل، فالأمر لا يتعلق بما نمر به في مكان ما، بل بما نخلفه وراءنا.

وأثناء تجواله بين غرف العرض الصغيرة، قال جيداي “إن مسألة تصوير مدينة هي أمر صعب، ولكنه في الوقت نفسه شيء جميل وساحر.

شارك في المعرض 13 فنانا من مصر وخارجها، طلب منهم عدم التركيز على الشكل الحالي للقاهرة فقط، بل أيضا على صورتها في الماضي وكيف يمكن أن تبدو في المستقبل.

وظهر ذلك الاتجاه على الأخص في أعمال الفنانين المصريين، حيث انعكس من خلالها استحواذ القاهرة وتجربة الحياة في المدينة الكبيرة على أفكارهم، إلا أن نظرتهم لتلك المدينة كانت إما منصبة على الماضي- وفي تلك الحالة لم تكن تحمل مشاعر الحنين في معظم الأوقات- وإما مرتكزة على الحاضر، بحيث التفتت إلى العناصر اليومية التي تحرك الحياة في القاهرة، والتغيرات التي تمر بها المدينة التي تجعلها مادة تستحق العمل عليها، إن لم تحولها إلى صورة فنية.

وقال جيداي:”إذا كنت تعيش في القاهرة، فسوف تتناول المدينة في جميع أعمالك، فلا يمكنك التظاهر بأنها لا وجود لها.

وبالرغم من عدم تقيد المعرض بالتأملات والتوقعات حول صورة المدينة في المستقبل، إلا إن أكثر القطع المعروضة جذبا للانتباه تتناول فكرة العاصمة بشكل مباشر.

وهناك على سبيل المثال الصور الفوتوغرافية التي عرضها طارق حفني ، التي تنزع البعد الثالث عن مباني القاهرة المعروفة، كمجمع التحرير الضخم والفنادق التي تصطف على ضفاف النيل، بصورة تجعل المباني الأصلية الهائلة التي تغطي على تاريخ القاهرة مجرد واجهات.

وفي إحدى صوره، يظهر حفني  قطعة من الأرض بشكل واضح عن طريق إزالة ثلاثة أجزاء خلفية من أحد الفنادق التي تحتل ما كان في الماضي حيا متواضعا. هذه الأرض قد لا تظهر على حالها في الماضي، ولكن تبقى الفكرة التي تتردد في عقل المصور، ألا وهي أن  تخيل مستقبل أية مدينة يتطلب الشفافية والصدق عبر النظر لما تعبر عنه المباني وما تخفيه.

وتعرض مجموعة أخرى من الصور البانورامية للفنانة هبة فريد، وتحمل اسم “أماكن متميزة. والتقطت تلك الصور من أسفل كوبري علوي، و هي تحمل طابعا من السكون والصمت، معبرة عن تميز وعالمية بعض مناطق العاصمة التي لا يلتفت إليها أحد.

وتعكس المناظر التي تصورها هبة فريد ارتباطا شديدا بـروح المكان” والـمناخ” المحيط به، كما يوحي العنوان.

ونظرا لتخلي أعمالها عن تصوير الملامح السلبية للحياة في القاهرة، كالمرور والاختناق، ينصب تركيزها على الهياكل الهندسية الضخمة التي تضمها المدينة العملاقة، علاوة على حالة التأمل التي يخلقها ذلك الفراغ.

وساهم جيداي بصور معروضة على صفحته بموقع «فيسبوك»، وهي عبارة عن رسومات صغيرة لمعدات، وكذلك سلسلة من الأعمال التي تصور تحضيرات لوجبة عشاء، مما يشجع المشاهد على التفكير في مستقبل المدينة، ومعارضها الفنية، ومطابخها كمادة معروضة على الإنترنت. ويبدو جيداي من خلال معروضاته وكأنه يطرح تساؤلا حول فكرة الفارق بين النسخ المعروضة والنسخ الأصلية التي أخذت منها.

وتعد أعمال جيداي بمثابة تجربة مستمرة، معتمدة على مساهمات مستخدمي «فيسبوك»، متمثلة في التعليقات و التعديات على حقوق الملكية الفكرية.

وضم المعرض أعمالا مصورة بالفيديو للفنانة الروسية زينيا نيكولسكايا، وتحمل اسم “ليننجراد 2069”، قام عمها بتصويرها في المدينة التي تعرف حاليا باسم «سان بطرسبرج». ويتركز هذا العمل على الحقيقية المحزنةـ ألا وهي أن المدينة لم يعد يشار إليها بذلك الاسم القديم- وذلك في تلميح لسرعة مرور الزمن.

وتناولت المعروضات الأخرى مسألة مدينة المستقبل بصورة مباشرة اعتمادا على وسائط تقليدية. فثمة لوحة لنرمين الأنصاري تحمل عنوان «المدينة السوداء»، وهي عبارة عن صورة مجمعة لمدينة القاهرة فوق كومة كبيرة ومعتمة من المباني تبرز منها التماثيل معدومة الملامح.

وبذلك تصير أعمال نرمين الأنصاري كما لو أنها تنبؤ مربك بالسكون، والقمع، والحصار، وهي الأحاسيس التي يعكسها أحمد نصير في أعماله البعيدة عن الواقعية.

قد يكون من الغريب بالنسبة لمعرض يتحدث عن المستقبل أن تكون أكثر من واحدة من معروضاته تعود إلى منتصف الثمانينيات (رغم أن معظمها نفذت في وقت كان لدى منفذيها نية لعرضها). فهناك على سبيل المثال الفنان فريدريك مولي، الذي يحمل عمله اسم “«غابة المدن»، حيث نفذه أثناء إقامته بالقاهرة في عام 1985. و«غابة المدن» هي مجموعة من اللوحات زاهية الألون، وقد اشتق اسمها من احد أعمال بريتولت بريخت. ومثلما اتسمت أعمال الأخير، تمنع تلك اللوحات مشاهدها من الاندماج بشكل تام مع ما أنتجه مولي.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية