«هل تبحث عن كنبة؟ اعثر على أريكة الآن»، جملة تطالعك فى الصفحة الرئيسية للموقع الاجتماعى الشهير couch surfing على الإنترنت، الذى وصل عدد مستخدميه حاليا إلى أكثر من 2 مليون مشترك فى أغلب دول العالم، ويتزايد العدد باستمرار يوميا، حيث يلاقى الموقع قبولاً كبيراً، خاصة لدى محبى السفر حول العالم، وتقوم فكرة الموقع على توفير إقامة مجانية ونظيفة فى معظم الدول لأشخاص يقابلون بعضهم البعض للمرة الأولى، حيث يمكنك الآن زيارة جميع دول العالم دون الحاجة إلى القلق حول أماكن الإقامة المتاحة، فهو - كما جاء فى تعريف الموقع نفسه على الإنترنت - تذكرة لاكتشاف العالم وأنت فى منزلك، وطريقة عمل الموقع تقوم على الاستضافة المتبادلة للمشتركين، ولدى كل مشترك صفحة «بروفايل» خاص به، يضع فيه صوره واهتماماته وصفاته، ويعلن عن توافر مكان إقامة مناسب - لا يزيد على أريكة - فى المنزل الذى يقيم به، فيرسل له مواطن من دولة أخرى رغبته فى الإقامة بمنزله خلال فترة زيارته ذلك البلد، وللمشترك الحق فى قبول أو رفض الطلب بحسب ظروفه الشخصية، لكن فى جميع الأحوال فإن تلك الاستضافة أو الأريكة تكون مجانية دون أن يحصل الطرف المضيف على أى مقابل مادى للإقامة، والاستفادة هى التعرف على ثقافات جديدة.
ويعتبر الـ«couch surfing» فكرة حديثة العهد نسبياً فى مصر، حيث يبلغ عدد المشتركين 2452 مشتركاً فقط، فى حين يبلغ فى الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 166 ألف مشترك، و40 ألفاً فى بريطانيا، و19 ألفاً فى تركيا، و86 ألفاً فى فرنسا وغيرها من الدول المختلفة، وأهم ما يميز الموقع أنه بالأساس منظمة غير ربحية، تقوم على تبرعات المشتركين، تأسس عام 2004 فى الولايات المتحدة الأمريكية، وينصح الموقع المشتركين بأن يهتموا جيداً بالتفاصيل، التى يذكرها كل مشترك عن نفسه، حتى يضمن أمنه وسلامته عند الإقامة.
محمد عبدالرحمن «26 عاماً»، أحد مشتركى الموقع فى مصر، قال: «استضفت حتى الآن أكثر من 40 زائراً فى منزلى من جنسيات مختلفة، وساعدنى على ذلك ظروفى المعيشية، حيث أسكن وحدى فى شقة واسعة بمنطقة المعادى، وتعرفت على الموقع قريباً من أحد الأصدقاء، وأجد فكرته رائعة، لأنه يساعد المسافرين الذين يحاولون الاعتماد على أنفسهم دون الحاجة إلى أفواج سياحية»، ويضيف عبدالرحمن: «أكثر من استضفتهم كانوا من الولايات المتحدة الأمريكية، واستفدت كثيراً بالتعرف عليهم، وتغيرت لدى الأفكار النمطية، التى نرددها حول أن الشعب الأمريكى جاهل، ولا يعرف شيئا خارج ولايته، لكنى وجدت أنه لا يمكن تعميم تلك القاعدة، فبعض ممن استضفتهم يعرفون مصر والشرق الأوسط أكثر منى، وأيضاً ضد السياسة الأمريكية بشكل كبير».
يحدد كل مشترك للموقع صفات من يرغب فى استضافته، ويمكنه أيضاً أن يحدد جنسه، سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، لكن محمد عبدالرحمن أعلن فى صفحته أنه مستعد لاستضافة الجنسين. «المعادى منطقة راقية، ولا يفرق معى إن كان من سأستضيفه ولداً أم بنتاً، المشكلة أن لدينا فكرة غير صحيحة عن أن الأجانب أخلاقهم مش كويسة بشكل عام، لكن الحقيقة أن المجتمع الغربى تحديداً صريح جداً، وليس معنى أن يعيش ولد وبنت فى نفس المكان أنه توجد بينهما علاقة غير شرعية، بالعكس فالهدف الأساسى هو التعرف على ثقافات جديدة ومختلفة».
قبل استخدامه الموقع، كان عبدالرحمن يعرف مشكلات البلد بصفته مواطناً مصرياً مثله مثل ملايين المواطنين، لكن بعد الاستخدام والتعرف على ثقافات وظروف بلاد كثيرة، شعر عبدالرحمن أكثر بمدى حجم المشكلة: «بقيت حاسس إننا فى قعر العالم، لقيت إن المواطن الفرنساوى بيشتغل 35 ساعة فى الأسبوع، يعنى 7 ساعات فى 5 أيام، ويومين إجازة، ولقيت منظمة العمل الدولية وضعت 40 ساعة عمل أسبوعياً كحد أقصى، واكتشفت بعدها أن قانون العمل فى مصر 48 ساعة أسبوعياً، ده غير إن كل الناس اللى استضفتهم بيستغربوا جداً إنى بقالى 4 سنين بشتغل من غير عقد». تختلف ظروف شاهر عبد البارى قليلا عن ظروف عبد الرحمن، حيث يقيم شاهر فى أسوان مع زوجته وابنتيه، ويستضيف مشتركى الموقع، الذين يرغبون فى زيارة أسوان فى إحدى حجرات منزله: «التجربة بالنسبة لى آمنة جداً، ولم تحدث لى مشكلات بسببها، وزوجتى وابنتى متفهمان للفكرة»، ولفت «شاهر» النظر إلى أن المشكلة الوحيدة فى الموقع تعود إلى خروجه على القوانين المصرية، التى تضع ضوابط صارمة لأى استضافة، حيث يتطلب الأمر أوراقاً وتصاريح مختلفة لاستضافة مواطنين من دول خارج مصر. أما مايكل إسو «28 عاماً» مهندس مدنى، فيعتبر من أقدم مشتركى الموقع فى مصر، حيث اشترك منذ أكثر من 5 سنوات، ورغم حماسه الشديد للتجربة فى البداية فإنه يجد أن أغلب المصريين يستخدمونها بشكل خاطئ، فبعضهم يحاول التكسب من الأمر رغم أنه غير ربحى بالأساس، بالإضافة إلى المشكلات التى تحدث أحياناً عندما يستضيف شاب مصرى فتيات من دولة غربية، وينسى هدف الموقع، وهو تكوين صداقات والتعرف على أنماط معيشية جديدة، ويعتقد أن البنت الأجنبية سهل الإيقاع بها، رغم أن المواطن الغربى تحديداً فى غاية الذكاء.