قال محمد فائق، وزير الإعلام الأسبق، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن الولايات المتحدة الأمريكية مارست ضغوطا شديدة على مصر، لمنعها من التصديق على الاتفاقية المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية، وإن مصر وعدداً من الدول العربية الأخرى امتثلت لهذه الضغوط.
وانتقد «فائق»، فى الجزء الثانى من حواره لـ«المصرى اليوم»، تأخر مصر المستمر فى التصديق على الاتفاقيات الأفريقية، مثل اتفاقية «محكمة العدل وحقوق الإنسان الأفريقية». وقال إن مصر تنازلت عن دورها العربى بالكامل بإغلاق المعابر أثناء أزمة غزة، وإن إسرائيل هى العدو الوحيد لمصر فى أفريقيا، التى قال إن الحرب بينها وبين القاهرة أصبحت حرب مصالح. وأضاف أن التجرؤ على مصر حاليا أصبح وضعا طبيعيا، بعد أن فقدت هيبتها، على حد قوله.
كان «فائق» قد حذر، فى الجزء الأول من حواره، من خطورة تجاهل حل مشكلات الأقباط، وطالب بسرعة تلبية مطالبهم قبل أن تجف دماء شهداء كنيسة «القديسين»، موضحا أن الحروب الكلامية بين المسلمين والمسيحيين على الإنترنت ستسبب كارثة حقيقية، إذا استمرت على ما هى عليه. وأكد أن المجلس القومى لحقوق الإنسان لن يكف عن المطالبة بإلغاء قانون الطوارئ، ووقف التعذيب والحد من الفقر.. وإلى نص الحوار:
■ ما موقفك من المحكمة الجنائية الدولية بشكل عام؟
- أنا أؤيدها جدا، فهى مطلب جماهيرى وشعبى، ومصر كذلك كانت متحمسة جدا لهذه المحكمة فى البداية، ومستعدة للتوقيع على اتفاقيتها.
■ كيف؟
- لدىّ معلومات بأننا كنا من أشد المؤيدين لهذه المحكمة.
■ ما الذى حدث بعد ذلك؟
- اسأليهم.
■ قلت إن لديك معلومات.. فلتقل إذن ما أسباب عدم توقيع مصر مادامت كانت من أشد مؤيدى المحكمة؟
- تم الضغط على مصر بشدة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لعدم التصديق عليها، وللأسف امتثلت مصر لهذه الضغوط.
■ لماذا مارست أمريكا هذه الضغوط على مصر.. ولم تمارسها على الأردن؟
- أولا أمريكا كانت ضد المحكمة لما يرتكبه الأمريكيون من جرائم قد تعرضهم لمحاكمة جنودهم فى هذه المحكمة، كأن يحاكم الجنود الأمريكيون على ما فعلوه فى العراق على سبيل المثال، لذا ضغطت على مصر، وكذلك العرب تعرضوا لنفس الضغوط، ورأيى أنهم فقط لم يسارعوا فى إخبار الأردن بعدم التوقيع، خصوصا أنهم يعتبرون الأردن معهم على طول الخط فلم يولوا الأمر اهتماما، ظنا منهم أن الأردن لن تأخذ وقتا فى الإقناع فتركوها حتى وقّعت، أما جيبوتى فوقّعت تحت التأثير الفرنسى عليها.
■ تتردد كثيرا جملة «مصر أهملت أفريقيا» فهل لك أن تحدد لنا تفاصيل هذا الإهمال وأبعاده؟
- صور إهمالنا لأفريقيا كثيرة، على رأسها أننا نتأخر دائما فى التصديق على الاتفاقيات الأفريقية الجديدة، مثلما فعلنا فى اتفاقية «محكمة العدل وحقوق الإنسان الأفريقية»، فحتى الآن لم تصدق مصر عليها، والنتيجة أنه لا يوجد قاض مصرى فى تشكيلها، ولا أجد مبررا ولا سببا واضحا أو منطق لهذا التأخير، كذلك تأخرنا فى التوقيع على البروتوكول الخاص بالاتحاد الأفريقى، تأخرنا فى التوقيع على اتفاقية الاتحاد الأفريقى، وكذلك اتفاقية مجلس السلم والأمن الأفريقى، وكانت النتيجة أنه لم يكن لدينا مفوض عام واحد فى الاتحاد الأفريقى، ولم توكل إلى مصر أى مهمة من مهام مؤسسات الاتحاد، والسمة الغالبة أننا نتأخر فى التصديق على كل الاتفاقيات الأفريقية، هذا إن وقعنا.
مثال آخر، عندما أقامت أوغندا احتفالية إحياء حركات التحرر وتكريم من ساعدوهم، وعلى رأسهم مصر والرئيس الراحل جمال عبدالناصر، قاموا بدعوة عدد من الشخصيات المصرية جميعها لم يحضر، أنا أيضا دعيت ولم أحضر، لأننى كنت أجرى عملية فى ألمانيا فى نفس التوقيت، لكننى فوجئت بأن جميع المدعوين المصريين لم يذهبوا ومنهم الدكتورة هدى عبدالناصر، رغم أن تلبية مثل هذه الدعوات لها تأثير إيجابى على الأفارقة، على الجانب الآخر تجدين الوزراء والمسؤولين المصريين يسارعون بتلبية المؤتمرات التى تقام فى الغرب، ويتجاهلون أى مؤتمر فى أفريقيا، فهناك إهمال سياسى لأفريقيا .
■ هل يمكن القول إن هذا الإهمال السياسى انعكس على الإعلام فأصبح هناك إهمال إعلامى لأفريقيا؟
- نعم هناك إهمال كبير لأفريقيا من جانب الإعلام المصرى، ففى وقت من الأوقات كنا نذيع بـ25 لغة إلى أفريقيا، تم وقفها جميعا مؤخرا بـ«جرة قلم» من وزير الإعلام أنس الفقى، دون توضيح للأسباب، وجاء المذيعون الأفارقة يصوتون ويبكون لى كى أساعدهم، وللأسف لم أستطع أن أفعل لهم شيئاً، وأُصبت بحزن شديد لما لهذا القرار من تبعات سيئة، فالإعلام كان إحدى أهم الوسائل التى تربطنا وتقربنا من أفريقيا، وتجعلنا نؤثر فيهم، إضافة إلى أن الصحف المصرية لا تكاد تذكر شيئا عن أفريقيا، وإن ذكرت يكون ذلك بأخبار محدودة، بعكس جريدة مثل «الحياة» التى تولى أفريقيا اهتماما ملحوظا، وكان من الأحرى بالصحف المصرية أن تقوم بهذا الدور.
■ ألا يوجد اتصال بينك وبين أنس الفقى بحيث يمكنك أن تشرح له خطورة هذا القرار؟
- لا توجد علاقة.
■ هل تعتقد أن إهمال أفريقيا بكل صوره كان عن عمد؟
- ربما عن عمد، لكن ليس هذا هو المهم، المهم أن الواقع يقول إن هناك إبعاداً لأفريقيا من الأولويات المصرية.
■ هل الإهمال بدأ منذ عهد «السادات».. وإلى أى مدى وصل تجاهلنا لأفريقيا فى عهد «مبارك»؟
- إهمال أفريقيا بدأ بالفعل تدريجيا، فى عهد «السادات»، لكنها أهملت أكثر بعد ذلك، رغم وجود علاقات متينة مع أفريقيا، بنيناها منذ مرحلة التحرر، وقبل مرحلة التحرر، فعلى سبيل المثال اللغة العربية كانت لغة أصيلة فى أفريقيا، فكلما بحثنا فى تاريخ أفريقيا وجدنا أن معظم التاريخ القديم مكتوب باللغة العربية، لكن الاستعمار أراد بعد ذلك أن يبدأ تاريخ أفريقيا بتاريخ الاستعمار، وهذا غير صحيح، لأنه كانت توجد إمبراطوريات عظيمة فى أفريقيا، ودول ذات شأن عظيم قضى عليها الاستعمار. وبالطبع لم يكن يفترض أن نعتمد فقط، على هذا الميراث، وكان يجب أن نبنى عليه، لكن هذا ما لم يحدث، بل خسرنا الميراث نفسه.
■ هناك وجهة نظر تقول إن «كامب ديفيد» كانت بمثابة كارت أخضر لتوغل إسرائيل فى أفريقيا؟
- قبل اتفاقية «كامب ديفيد»، كان هناك صراع كبير بين مصر وإسرائيل حول أفريقيا، وكانت إسرائيل تعتمد على الاستعمار الموجود فى الدول الأفريقية فى تسهيل مهماتها، وكانت تسعى لتوطيد علاقاتها بالدول الأفريقية، حتى إذا ما رحل الاستعمار بقيت علاقاتها قوية معها، ولطالما أفشلت مصر خططاً كثيرة لإسرائيل فى أفريقيا، لكن بتوقيع معاهدة كامب ديفيد انتهى هذا الصراع القوى، وبدأت إسرائيل تتغلغل فى أفريقيا، وزاد الأمر عندما صافح «عرفات»، «بيجين» فى البيت الأبيض، حيث أعلن وقتها حوالى 50 دولة اعترافها بإسرائيل، ومنها دول أفريقية، وبدأت تفتح أبواب أفريقيا لإسرائيل، خاصة أن مصر أصبحت ترتبط معها بمعاهدة سلام، ولا توجد بينها حرب، كما كان فى السابق، ولكن أظن أنه فى مصر بدأوا ينتبهون مؤخرا لخطورة التواجد الإسرائيلى، لذلك حدث نوع من الصحوة تجاه أفريقيا.
■ هل كان من الممكن أن تحدث هذه الصحوة لو لم تحدث أزمة حوض النيل؟
- لا أعتقد، فالصحوة بالفعل جاءت نتيجة أزمة دول حوض النيل والصراع على المياه.
■ كان وزير الرى قال فى حوار لـ«المصرى اليوم» إن أزمتنا مع دول حوض النيل إعلامية فى الأساس.. ما رأيك؟
- لا أود أن أرد على الوزير، لكن وجود اتفاقية يتم التوقيع عليها من قبل بعض دول حوض النيل واستثناء مصر منها، والرغبة فى تنفيذها، لاشك أنه يعبر عن أزمة، الأزمة موجودة بلا شك، ولا يمكن اعتبارها أزمة إعلامية، لكن فى النهاية هى أزمة يمكن التغلب عليها، خاصة أن النصاب القانونى من عدد الدول الموقعة على الاتفاقية، الذى يضمن تنفيذها لم يكتمل بعد.
■ هل يمكن عرض أزمتنا مع دول حوض النيل على محكمة العدل إذا تعذر الوصول إلى حل يرضى جميع الأطراف؟
- بالطبع لو أن هناك نزاعا بين دولتين أو أكثر يمكن عرضه على المحكمة.
■ هل لها صلاحيات؟
- نعم وأنا أتوقع أنها ستقوم بدور جيد جدا، فقط كنت أتمنى أن تكون مصر ممثلة فيها بقضاة مصريين.
■ هل تعتقد أنه من السهل لملمة الأمور وحل الأزمات والتقرب إلى أفريقيا من جديد؟
- لا أستطيع القول إن الأمر سهل، لكن من الممكن إلى حد كبير أن تستعيد مصر دورها، لكن يجب أن يكون الدور كاملا.
■ كيف؟
- بأن تبدأ مصر استعادة دورها عربيا أولا، فحتى يتم الوصول إلى أفريقيا يجب أن يكون لمصر دور عربى مقبول، ف«جمال عبدالناصر» دخل جميع معاركه ليس بقوة مصر وحجمها فقط إنما بقوة العرب، ومصر صحيح من دول العالم الثالث، لكنها بالعالم العربى قوة لا يستهان بها، وإذا تنازلت عن دورها العربى تكون قد أهدرت كل شىء.
■ لكن العالم العربى تغير، وأصبح لم شمله من رابع المستحيلات، وأصبح لكل دولة انتماءاتها الخارجية؟
- أنا معك لكن أفعال مصر تزيد الأمر سوءاً، فمثلا عندما تغلق مصر المعابر فى أزمة غزة فهى تتنازل عن دورها العربى بالكامل.
■ ماذا تفعل مصر إزاء الضغوط الأمريكية؟
- مصر يجب ألا تستسلم لجهة ما، وأنا معك أن الأوضاع العالمية تغيرت ولم يعد هناك قوتان وحيدتان فى العالم كما كان الوضع فى السابق، الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى، بل أصبحت هناك قوة واحدة تسيطر على الأوضاع، وتجعل حركة مصر أصعب، لكن مع ذلك هذا ليس مبرراً للامتثال للضغوط، فهناك دول رغم هذه الهيمنة استطاعت أن تتحرك وتوجد لنفسها مكانة.
■ البعض يقول إن الأزمة الاقتصادية الخانقة التى تمر بها مصر تشغلها عن لعب أى دور خارجى وبقيت الساحة لدول أخرى غنية؟
- أنا أرفض هذا التصور.. الدور لا يقوم على المال فقط، نعم للمال بعض التأثير، لكن يجب ألا نغفل أنه لا أحد يرمى أمواله فى الهواء، فمن يدفع مليماً يعرف أنه سيجنى استفادة من ورائه، فالقضية قضية مصالح، لكن ما أود التأكيد عليه هو أن الدور ليس دائما يعتمد على المال.
■ مصر كانت تدفع أموالا للدول الأفريقية لتساعدها على التحرر ودفعت أموالا كمعونات لـ«غزة» ودفعت أموالاً لمساعدة جنوب السودان لذا يجب عدم إغفال دور المال؟
- كنا فى الماضى نساعد بعض الدول اقتصاديا دون أن ندفع مليما واحدا.
■ كيف؟
- كنا نعتمد على كيفية إيجاد مصالح مشتركة، فمثلا الصومال فى مرحلة من المراحل كانت الشركات الإيطالية تحتكر إنتاج الموز بها، فحضر رئيس الوزراء إلى مصر يستنجد بنا، فقررت مصر أن تصدر إنتاجها من الموز للخارج، وأن تشترى الموز الصومالى للاستهلاك الداخلى، وهى مساعدة لن تكلف مصر أموالا، ومع ذلك لم يكتمل الأمر لأنه بمجرد أن شعرت إيطاليا بالأمر تراجعت عن الضغط على الصومال، ومثل هذه المواقف تساعد اقتصاديا ولا تكلفنا شيئاً، تماما مثل أن نأخذ أراضى فى السودان لزراعتها بالقمح مما يحقق المنفعة والاستفادة الاقتصادية المشتركة دون أن ندفع شيئاً، وكذلك عندما نقيم مصانع فى أوغندا، كلها استثمارات تعد مساعدة اقتصادية للدول الأفريقية ومنفعة لنا فى الوقت نفسه.
■ إذن المسألة فى حاجة إلى إرادة وقرار سياسى؟
- نعم.. قرار بأن توضع أفريقيا على رأس الأولويات.
■ كيف؟
- أولا يجب فتح الجامعات المصرية أمام الطلبة الأفارقة كما كان الوضع قديما، لأن ذلك يعد أكبر استثمار فى أفريقيا، فمن يتعلمون فى مصر يدينون بالولاء لها وينقلون ثقافتها إلى بلادهم ويحملون حب مصر فى قلوبهم عندما يتقلدون المناصب فى دولهم، لكن للأسف أغلقنا هذا الباب تماما الآن.
■ لماذا؟
- لا تسألينى، بل اسأليهم، وأظن أن الموضوع توفير اقتصادى، وبالطبع هذا قرار خاطئ، لأن التعليم يعد استثمارا وليس عبئاً اقتصادياً، ما أريد قوله إن هناك أشياء بسيطة جدا يمكن فعلها من شأنها تقوية العلاقات دون أن ندفع شيئاً، الدور ليس مالاً.. الدور موقف.
■ ماذا عن باقى الجهود؟
- أن نستثمر فى أفريقيا، فهى قارة بكر.
■ لكن بعض رجال الأعمال يخشون وضع أموالهم فى دول غير مستقرة أمنيا؟
- هناك عدد من الدول لديه استعداد لتوفير جميع الخدمات والتأمين للمستثمرين، فقد اتصل بى عدد من رؤساء الدول الأفريقية، منهم رئيس دولة نامبيا على سبيل المثال، الذى قال لى إنهم يعانون ضغوطا شديدة تمارسها الشركات الألمانية على الحكومة، حيث كانت نامبيا مستعمرة ألمانية فى السابق، والآن تسيطر الشركات الألمانية على معظم الاستثمارات بها، فقال لى إنه يتمنى أن يفتح الباب أمام الاستثمارات العربية والمصرية.
■ هل تنقل مثل هذه الرسائل والمطالبات الأفريقية للمسؤولين فى مصر؟
- نعم .. بعضها على الأقل.
■ على أى مستوى؟
- بعضها على مستوى الوزراء، وهناك اتصال محدود بوزير الخارجية.
■ ماذا عن الرئيس مبارك؟
- فى بداية حكم الرئيس مبارك كانت هناك علاقات جيدة ووثيقة، وكان يكلفنى بمهمات عربية كبيرة أثناء انقطاع العلاقات العربية، لكن حاليا لا توجد علاقة.
■ لماذا؟
- اسأليهم، أنا لا أجرى خلف هذه الأمور.
■ هل أحدثوا وقيعة بينك وبين الرئيس؟
- ابتسم قائلا: اسأليهم.
■ هل تعتقد أن المحاولات الحالية لتدارك الأخطاء فيما يخص أفريقيا تسير فى الاتجاه الصحيح؟
- لم يظهر بعد شكل الطريق الذى يسيرون فيه، لكن المهم أنهم بدأوا.
■ تنتشر حاليا أقاويل بأن العرب يريدون تعريب أفريقيا، وبالتالى ظهرت دعوات تحث الأفارقة على التصدى لهذه المحاولات.. كيف ترى المشهد؟
- هذا الكلام يتردد بالفعل لكنه غير صحيح بالمرة، العرب أفارقة بالأساس، وثلثا الأمة العربية موجود فى قارة أفريقيا، و10 دول عربية منضمة للاتحاد الأفريقى، وبالتالى الفصل بين العرب والأفارقة هو فصل تعسفى.
■ أعلنت إيران، أكثر من مرة، استعدادها للتدخل لحل أزمات أفريقيا.. ما تعليقك؟
- أيا كان ما أعلنوه، يجب ألا نغلق الباب فى وجه أحد.. وفى نفس الوقت يجب ألا نترك الفرصة لـ«أحمدى نجاد» ليحل لنا أزماتنا، والمفروض أن تكون مصر أقوى من إيران فى حل أزمات أفريقيا، والصين مثلا دخلت أفريقيا بشكل كبير، وكذلك عدد من الدول الغربية، والمهم أن ننافس الجميع فى أفريقيا ولا نترك لهم الساحة.
■ البعض وضع إيران وإسرائيل فى كفة واحدة من حيث العداء والإضرار بمصالح مصر فى أفريقيا؟
- لا يوجد سوى عدو واحد لمصر فى أفريقيا، هو إسرائيل، وأرجو ألا يشتتنا أحد عن أعدائنا الحقيقيين، فإيران لا تعارضنا فى أفريقيا ولا تعمل ضد مصالحنا، لكن إسرائيل تعمل ذلك، وأصابعها لها دور فى أزمة حوض النيل، فمثلا نجد الخبراء الإسرائيليين ينصحون دول حوض النيل بالتوسع الزراعى على مياه النيل، فى حين نرى نحن أن من مصلحتهم ومصلحتنا التوسع فى الزراعة على مياه الأمطار، وكنا دائما نرسل خبراء لتصحيح المفاهيم، التى تحاول إسرائيل ترسيخها لديهم، وهذا مثال على نوعية الحرب بيننا وبين إسرائيل فى أفريقيا.. حرب تستهدف المصالح، لكن على الجانب الآخر لا أريد أن أضخم من حجم إسرائيل فى أفريقيا وتحميلها كل ما يحدث، فهى عامل من العوامل، ويقع علينا العبء أيضا.
■ هل ترى أن علاقة إسرائيل بـ«إثيوبيا»، المنبع الرئيسى للنيل، بها بعض التضخيم؟
- لا.. العلاقة موجودة وقوية جدا.
■ هل تمثل خطورة خاصة أن الدكتور محمود أبوزيد، وزير الرى السابق، قال لى فى حوار سابق إن «المية جاية جاية»؟
- كلامه صحيح، لأننا عندما أردنا إنشاء السد العالى أجرينا العديد من الدراسات الخاصة بمجرى النيل واندفاعه وغيرها، وأثبتت الدراسات آنذاك أن دول حوض النيل لا تستطيع التحكم فى المياه إلا بنسبة 1/14 .
■ إذن لماذا نحن مذعورون؟
- لا أرى أن هناك مبررا للذعر، إلا إذا تطور العلم وعمليات التفجير الذرى وما شابه، لكن حتى الآن لا يستطيعون بالإمكانيات الحالية، لكن هذا لا يدعونا للتراخى عن العمل .
■ ماذا لو قررت إسرائيل مساعدتهم بإمكانياتها المتقدمة؟
- لن يكون الأمر مجديا بالنسبة لهم اقتصاديا، على الأقل حتى الآن، ويجب ألا ننتظر حتى يحدث ذلك، علينا السعى للتفاهم وحل الأزمات ومساعدة دول حوض النيل فى عمل خزانات على أحواض الأنهار الأخرى، ولا يشترط على مجرى نهر النيل.
■ هل نحن شعب عنصرى.. نتعامل مع أفريقيا كما يتعامل معنا الغرب؟
- بعض الأفارقة اشتكوا من أنهم عندما يأتون إلى مصر يتعرضون لبعض المواقف العنصرية، لكن أنا فى وجهة نظرى أعتقد أن من يعرف المصريين جيدا يعرف أنهم ليست لديهم عنصرية.
■ بعضهم يتحدث عن أن العرب كانوا يشترون العبيد الأفارقة ويتاجرون بهم؟
- هذه أقاويل خاطئة، والدليل أنه لا توجد دولة عربية قام اقتصادها على تجارة العبيد كما حدث فى أمريكا وبعض الدول الأوروبية.
■ الأفلام القديمة كانت تظهر دائما أن السفرجى وخادم المنزل أسود اللون؟
- ابتسم قائلا: «نعم وقد تنبهنا لنفس الأمر فى رئاسة الجمهورية أيام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، حيث وجدنا أن من يخدمون فى القصر الرئاسى من ذوى البشرة السمراء فأتينا ببعض الخدم البيض».
■ حدث نوع من التجرؤ من قبل بعض الدول الأفريقية على مصر.. بم تفسر ذلك؟
- التجرؤ على مصر وضع طبيعى عندما نفقد الدور والهيبة.. فأيام «عبدالناصر» لم يكن يجرؤ أحد بأن يدلى بتصريحات ضد مصر أو يتخذ قرارات دون علم مصر، التى كانت دولة لا يجب ولا يجوز خسارتها، الكل كان حريصا على علاقته بها.
■ هل انتهى هذا الحرص الآن؟
- للأسف الشديد نعم.