أعوامه الـ16، لا تشى أبداً بمهاراته وقدرته على التعبير عما يشغله من أحوال البلد، وتنميتها، والصعود بها إلى مصاف الدول المتقدمة، فبعدد سنوات عمره حصل أسامة طه على منح علمية، ودورات تدريبية من كليات الهندسة لتنمية مهاراته فى مجال الهندسة الكهربية، ليحصل بحق على لقب المخترع الصغير المهموم بقضايا وطنه.
■ متى بدأت مشروعاتك العلمية واختراعاتك؟
- بدأت وأنا فى الصف الرابع الابتدائى، عندما قمت بتفكيك سيارة لعبة أهداها لى والدى، ولأننى كنت أحبها كثيراً، أهدانى والدى سيارة أخرى، فقمت بتفكيكها ولكن بحذر، وقمت بإعادة تركيب كلتيهما، وعندما وجدتهما يعملان مرة ثانية، أعدت تركيبهما مرات ثانية وثالثة، واكتشفت قدرة الأسلاك الكهربية على تغيير الحركة، من الأمام والخلف، حتى إننى استطعت أن أجعلهما يتحركان سويا للأمام والخلف.
■ ماذا فعلت بهذه السيارة؟
- قمت بتكسيرها، حيث إننى وجدت زملائى بالمدرسة والمدرسين يسخرون منى، ومما فعلته، ولم أخترع بعدها أى شىء إلا لحل مشكلة واجهتنى، ولكن بداية الاهتمام بى كانت فى الصف الأول الإعدادى، عندما جاء مدرس خاص لى وزملائى بالبيت، وفوجئنا باللمبة الكهربائية تضىء وتنطفئ، فسخر منى، وقال: «ما تصلح اللمبة اللى شغالة بالريموت دى.. فقلت له، طيب والله فكرة كويسة»، وعكفت على عمل ريموت خاص لإضاءة اللمبة وإطفائها، حتى إننى عندما قمت باختراعه، قال: «فكرتى، أنت سرقت فكرتى، فقمت بتعديل الفكرة، وذلك باستخدام الصوت فى تشغيل اللمبة، وذهبت إلى مدير مدرستى الأستاذ وجدى النجار، مدير مدرسة مبارك العسكرية، وكان مدرسا للفيزياء ومن المخترعين، فاندهش من اختراعى، حتى إنه ساعدنى فى تنمية قدراتى العلمية، فأخذنى إلى كلية الهندسة جامعة عين شمس، وذهبنا إلى عميد الكلية، فاندهش من اختراعى، حتى إنه ظل يقول «أون- أوف» لمدة 10 دقائق، وساعدنى على أن أشارك باختراعى فى المعرض السنوى لطلاب كلية الهندسة، ووجدت كل من حولى ينادونى ياباشمهندس، ووجدت الشركات مهتمة باختراعى، وهو ما ساعدنى فى الحصول على منح وكورسات متخصصة فى الكهرباء، وصلت إلى 32 شهادة تكريم وشهادات نجاح فى المنح الدراسية.
■ ماذا عن باقى الاختراعات؟
- آخر اختراعاتى هو جهاز الدفاع عن النفس «سيلف ديفينس» حيث إننى قمت بتحويل كشاف عادى يباع فى السوق بـ10 جنيه، إلى جهاز للدفاع عن النفس بإضافة خلايا كهربائية بداخله، وباستخدام شاحن معدل، يمكن به إعادة شحن الموبايل الشخصى، وهو ما يجعل منه أداة مفيدة جداً فى ظل حالة عدم الانضباط الأمنى الذى يعانى منه الشارع المصرى، وهو غير ضار بعضلة القلب كما هو الحال لأجهزة الـ«سيلف ديفينس» التى تباع فى الأسواق المصرية، لأن الدكتور المشرف على منحتى الدراسية بكلية الهندسة أعجب به جداً، وأكد أنه يؤدى فقط إلى شلل عضلى لمدة ربع ساعة، ولا يترك أى أثر صحى.
■ ما هو الاختراع الذى أنجزته وتتمنى تطبيقه فى مصر؟
- استخدام الخلايا الشمسية فى تحريك السيارات، بعمل مولدات تحول تلك الطاقة الشمسية إلى كهرباء لتحريك السيارة، وقمت بتجربتها بالفعل على نموذج سيارة ألعاب مجسمة، وكانت النتيجة هائلة.
ومن اختراعاتى التى أحبها جداً، استخدام بلوتوث سماعة التليفون فى التواصل الشبكى بين ساعة اليد، والموبايل، وجاءت فكرتها من منع حمل الموبايل فى المدرسة، ومن خلال «الوايرلس» الموجود ببلوتوث السماعة، استطعت أن أرد على مكالماتى من خلال الساعة، لكننى لا أستطيع أن أتصل بأحد، ولكننى أجيب فقط على المتصل.
■ شاركت فى معارض كثيرة.. إلى أى مدى تجد تقديراً اجتماعياً ممن حولك؟
- على نطاق المجتمع المحيط بى، أمثل عبئا على أمى، التى تشاركنى فى كل تحركاتى، لصغر سنى، نظرا لعمل والدى، حيث يعمل مهندسا معماريا بإحدى الشركات الحكومية، أما بالنسبة للمدرسة فقد سببت لى معاناة كبيرة، فكثيراً ما سمعت من مدرسينى جملة «سيبك من العلم اللى بوظ دماغك ده، وخليك معانا فى الحصة».. ومدرسون آخرون يقولون «انت زيك زى أقل طالب موجود هنا.. متفكرش علشان انت مخترع يبقى انت مهم»، كما أن كثيراً منهم يسخرون منى بسبب حبى للعلم وللتجارب العلمية، لكن فى الوقت نفسه تعلق صورى وكل أخبارى بالمدرسة، ونجاحاتى، كما أننى أجلس مع أوائل المدرسة، على الرغم من أننى لست متفوقا فى المواد الأدبية، كما هو الحال بالنسبة للمواد العلمية.
■ وماذا عن تقدير الدولة لك؟
- لم أحصل من اختراعاتى ومشاركاتى فى المعارض العلمية، إلا على 250 جنيها فقط، وكثيراً ما سمعت عن حصول المخترعين على أجهزة لاب توب. لكننى لم أحصل على أى شىء.
لكننى حصلت على اهتمام عربى ودولى، حتى إن أميراً سعودياً، طلب من والداى أن أسافر معه ويتولى رعايتى العلمية بالسعودية، لكننى رفضت، لأننى أحب مصر وأحب أن أنفذ اختراعاتى بها، وهو الأمر الذى جعلنى أفشل فى إحدى المسابقات العلمية الدولية التى تستهدف جمع الأطفال المخترعين وإرسالهم إلى الدول الأجنبية، ومن يرفض عرضهم، يشككون فى قدراتهم العلمية، وأفكارهم.
■ ماذا عن التواصل مع العلماء الكبار؟
- أتمنى أن أصبح مثل «زويل»، فمن فرط حبى له أعددت بحثاً كبيراً عن كل مراحل حياته، ومشواره العلمى، كما أننى قابلت العالم الدكتور مصطفى السيد، وقد فرح بى كثيراً واندهش من اختراعاتى، وطلب منى ألا أتعجل بالسفر إلى الخارج، وقال لأمى «هتتعبى مع الولد ده كتير أوى فى بلد الناس اللى فيها سدة ودنها».
■ هل قمت بتسجيل اختراعاتك فى أكاديمية البحث العلمى؟
- فى ندواتى ولقاءاتى الكثيرة مع شباب المخترعين، كلنا نعرف أن عمل محضر لتسجيل اختراع، يعنى منح الغير رخصة لسرقة هذا الاختراع، وقد زادت الأوضاع سوءاً بعد الثورة، حتى إن اثنين من أصدقائى، فوجئا باختراعاتهما التى ذهبا لتسجيلها بأكاديمية البحث العلمى، موجودة على الإنترنت فى عدد من الدول الأجنبية، وهو ما دفعهما لتقديم شكوى للنائب العام وجار التحقيق فيها الآن.
كما أننى لا أعرف لماذا يستغرق تسجيل الاختراع عاماً كاملاً على الرغم من أنه لا يلزم التأكد لوجود نفس الاختراع إلا كتابة اسم الاختراع وبعض مواصفاته على الإنترنت، لتظهر النتيجة فى لحظات، لهذا لم أسجل اختراعاتى، بل تعلمت من التجربة الصينية، حيث يقومون بإضافة طبقة رقيقة من خام ثقيل على الشبكات الكهربائية فى كل أدواتهم التى يصدرونها، حتى لا يقوم أحد بتقليدها، وهو الأمر الذى يجعل أشياءهم بمجرد كسرها غير قابلة للتصليح، لأن معهم «سر الصنعة».
■ هل تغير تقدير الناس لك بعد الثورة؟
- بعد الثورة أصبحت محبطاً جداً، لأن المدرس يتعامل معى بطريقة أكثر سوءاً، كما أننى محبط مما تعرض له أصدقائى من سرقة اختراعاتهم، ومن تصريحات المسؤولين عن مصر، ففى ندوة حضرتها عن حالة الاقتصاد المصرى بعد الثورة، كان الجميع متشائما، على الرغم من أن قناة السويس وصحراء مصر، ونيلها، وعقول أبنائها موجودة، ولو تم تنفيذ ما بعقول العلماء لتطورت وأصبحت فى أحسن حال، فأنا لى صديق عبقرى مواقع إنترنت، فى الصف الثانى الثانوى، حتى إنه صمم الموقع الخاص بى ويصمم مواقع للآخرين بـ200 جنيه فقط، فى الوقت الذى يحصل فيه آخرون على آلاف الجنيهات ليقوموا بنفس الشىء.