x

رئيس الجامعة د. طارق خليل: نظيف لا يملك سهماً واحداً فى جامعة النيل

الإثنين 29-08-2011 17:44 | كتب: اخبار |
تصوير : other

 

حوار- دينا عبد الفتاح:

منذ اندلاع ثورة 25 يناير وحتى الآن، لا تكاد جامعة النيل تخرج من حفرة حتى تقع فى أخرى، تلك الجامعة البحثية الأولى فى مصر غير الهادفة للربح، التى تضم نخبة من العلماء العائدين من الخارج، والتى ظلت مصر تنتظرها وتهفو إليها وتتمنى إدراكها فى ظل تردى الأوضاع العلمية والاقتصادية، خاصة أن مهمتها الرئيسية تجويد التكنولوجيا ووضع الجامعات المصرية فى مصاف أفضل الجامعات.

والجامعة تعرضت إلى إهمال شديد بعد صدور قرارات متسرعة وغير مدروسة من قبل بعض المسؤولين الحكوميين، وكادت أن تتوقف الدراسة والأبحاث بها، خاصة بعد إعلان ضمها بالكامل إلى صندوق تطوير التعليم التابع لمجلس الوزراء بدلاً من وزارة الاتصالات، حيث قرر الصندوق بعد ذلك تخصيص الجامعة لمشروع مدينة «زويل» للعلوم والتكنولوجيا وربط مصيرها به، رغم أنه لم يبدأ بعد، فضلاً عن ربطها برموز من النظام السابق، منهم الدكتور أحمد نظيف الذى شارك فى تأسيسها وشكل جانباً كبيراً من أزمتها.

ربما ما حدث لتلك الجامعة يكون طبيعياً لو كان حدث قبل الثورة لكن بعدها الوضع يختلف كثيراً، حيث وفرت الثورة منطلقاً لتحقيق نهضة تكنولوجية وتنموية على جميع الأصعدة ورفعت مكانة العلم والعلماء، ما يضع العديد من علامات الاستفهام حول المصير الغامض للجامعة.

«المصرى اليوم» التقت الدكتور طارق خليل، رئيس جامعة النيل، لإلقاء الضوء على آخر التطورات التى طرأت عليها، حيث أكد أن الجامعة مستمرة فى عملها، وطلابها يواصلون دراستهم، لكن البلبلة التى أثيرت فى الفترة السابقة حول الجامعة أثرت على الروح المعنوية لبعض الباحثين والطلاب، وأدت إلى فرار العديد من علمائها إلى جامعات أخرى، وتوقفت التبرعات مع استنكار العديد من المتبرعين للجامعة، خوفاً من ذهاب أموالهم إلى مشروع آخر.. وإلى تفاصيل الحوار.

فى البداية ما أحدث التطورات التى طرأت على جامعة النيل؟

- الجامعة مستمرة وتواصل عملها، كما يواصل طلابها دراستهم وكذلك الأساتذة العلماء، وكانت من أسرع الجامعات التى استأنفت نشاطها بعد الثورة، وحصلت منذ أسبوعين تقريباً على موافقة المجلس الأعلى للجامعات الخاصة والأهلية، على استمرار الدراسة بالجامعة فى مقرها بالقرية الذكية.

أثار ما تردد عن ضم أرض جامعة النيل ومبانيها لمشروع الدكتور أحمد زويل دون أى توضيح لموقف طلاب الجامعة، القلق والدهشة، وخلق نوعاً من انعدام الثقة بين الباحثين والدارسين بالجامعة؟

- بالطبع.. حدثت فى الفترة السابقة بلبلة وعدم اتزان، أثرت على الروح المعنوية لبعض الباحثين والطلاب، إلى جانب أن عدم التأكيد على استمرار الجامعة تسبب فى تراجع أعداد الراغبين فى الالتحاق فى الجامعة لأن وقتها لم تتضح الأمور.. وأخذت أتساءل: لماذا كل هذا التردد فى اتخاذ القرارات الخاصة بالجامعة.

ما رأيك فيما حدث؟

- لعل ما حدث مع الجامعة خلال الأشهر القليلة الماضية، يدعو للأسف والسخرية، فلا أحد فى العالم يصدق أن جامعة بهذا المستوى، ولديها تلك الإمكانيات يمكن أن يفكر فى أى شىء آخر سوى استمرارها ودعمها، خاصة أننا نتحدث عن نموذج لمستقبل التعليم والتنمية، فالتأييد القوى للجامعة، جاء من العلماء والباحثين من خارج البلاد، لكن الثورة العظيمة التى أبهرت العالم لابد أن تضيف للتعليم، فمن المستحيل أن تندلع ثورة لتصحيح الأوضاع ويكون من تداعياتها التأثير على سمعة جامعة بحثية لها مكانتها المرموقة وأصبح لها وجود على الساحة.

ما أسباب قرار نقل أصول الجامعة (أراض ومبان) من وزارة الاتصالات إلى صندوق تطوير التعليم؟

- لم يعرف وقتها السبب الرئيسى وراء تلك الخطوة، فبعد أن تم الانتهاء من بناء المقر الدائم للجامعة، فوجئنا بقرار من حكومة الدكتور أحمد شفيق، بتحويل الجامعة لصندوق تطوير التعليم التابع لمجلس الوزراء بدلا من وزارة الاتصالات، ورغم أنه قرار يضر باستقلالية الجامعة، إلا أننا لم نعترض حتى لا يتوقف المشروع فى ظل الظروف التى تمر بها مصر بعد اندلاع ثورة 25 يناير، وبعدها توقفت الجامعة رغم أن كل الإمكانيات متاحة فالمعامل موجودة والطلاب بدأوا التعرف على الجامعة، وبعدها جاء قرار مجلس الوزراء ووزارة التعليم العالى والبحث العلمى، بضم الجامعة لمشروع مدينة «زويل» لتكون جزءاً أو نواة للمشروع، وهو الشىء الذى رحبنا به بشدة ولم نعترض عليه رغم أنه لم يخاطبنا أحد بالموضوع، وخلال فترة توقف الجامعة كتبت «المصرى اليوم» تقريراً عن أن مبانى الجامعة تسكنها الحشرات والفئران فى كل مكان، وقالت إن الدولة صرفت كل هذه الملايين من أجل إنشاء بيت آمن للفئران، وإنما من أجل صرح علمى تكنولوجى نحن فى أمس الحاجة لاستغلاله بأسرع وقت.

لكن هل الجامعة مهددة بالتوقف بسبب تلك الأحداث؟

- مشروع الدكتور أحمد زويل يتطلب موافقة مجلس الشعب المقرر انتخابه فى نوفمبر المقبل على أن يتم إقرار المشروع بشكل نهائى من جانب الرئيس الجديد، الأمر الذى يعنى ارتباط جامعة النيل بالأوضاع السياسية لفترة قد تطول وربما يضيع على طلابها العام الدراسى، فنشاطها متوقف فى انتظار قرار من المجلس العسكرى أو رئاسة الوزراء بأن تكون أهلية، حيث كان من المقرر أن يصدر قرار قبيل الثورة بأيام قليلة بأن تكون جامعة أهلية ولكن نتيجة لظروف الثورة لم يصدر قرار بعد.

هل يعنى ذلك أنكم ضد قرار ضم جامعة النيل لمشروع «زويل»؟

- لا.. فعلى العكس تماماً نحن مستعدون لأى تعاون مع أى مشروع للتقدم العلمى والبحثى، لكن المشكلة الرئيسية هنا أنه لم تكن هناك رؤية واضحة بخصوص عملية الضم، ونحن لسنا ضد فكرة «زويل»، أو ضم جامعة النيل لمشروعه، لكن السؤال المحير هنا هو لماذا يتم ربط مصير الجامعة بمشروع لم ينته صاحبه من المخطط الخاص به ولم تظهر ملامحه حتى الآن، فى الوقت الذى خطت فيه جامعة النيل خطوات كبيرة فى مجال البحث العلمى، وحققت نجاحاً أكثر مما نتصوره على المستويين الإقليمى والعالمى.

وفى رأيى كان يجب أن يوضح الدكتور «زويل» موقفه من الجامعة، إما أن تكون بجانب مشروعه أو أن يكملا المشوار معاً، وكل ما أشار إليه «زويل» أن لديه رغبة قوية فى إقامة مشروع وادى التكنولوجيا ويحتاج وقتاً كافياً لتصميم مشروعه دون أن يبدى أى اهتمام بالجامعة وطلابها.

الجامعة لا تهدف للربح.. فكيف يتم تمويلها؟

- عندما فكرنا فى إنشاء الجامعة كان هناك إصرار على أن تكون أهلية لا تهدف للربح، كما أن لائحة الجامعات تمنعها أيضاً من التربح، لذا فإن تمويلها الرئيسى من التبرعات التى بلغت حوالى 120 مليون جنيه منذ 2007 وحتى الآن تم إنفاقها على تجهيزات المبانى والمعدات وإنشاء المعامل والمراكز البحثية والأساتذة القادمين من الخارج، فى الوقت الذى تحملت فيه الدولة تجهيز البنية التحتية، فالحكومة مهيأة لذلك والمجتمع المدنى يقدم التبرعات للجامعة.

هل تأثرت التبرعات بالثورة؟

- بالطبع تأثرت كثيراً بل توقفت كل مصادر التمويل التى كانت تدعم النشاط البحثى والتعليمى، بعد الأحداث التى مرت بها الجامعة منذ اندلاع الثورة حتى الآن، خاصة بعد أن تم الإعلان عن نقل ملكية مقر الجامعة من وزارة الاتصالات إلى صندوق تطوير التعليم، مع تخوف العديد من المتبرعين من أن يتبرعوا لها ثم يتوقف أو تذهب أموالهم إلى مشروع آخر، ليس هذا فحسب، بل خلقت أزمة ثقة شديدة بين الأساتذة والباحثين وطلبة الدراسات العليا وطلبة الكليات والموظفين، وهناك عدد من الباحثين بالجامعة تركوا الجامعة وانتقلوا إلى كبرى الجامعات والمراكز البحثية والشركات العالمية فى إطار عروض أعلى، ولكن رغم ذلك وقف بعضهم للحفاظ على مستقبلهم رافضين ما يحدث ودافعوا بشدة عن الجامعة.

هناك من يردد أن مصروفات الجامعة مرتفعة؟

- هذا الكلام غير حقيقى، فمصروفات الجامعة أقل من مثيلاتها، فهى تترواح بين 50 و60 ألف جنيه، فهى تعادل مثلا نصف مصروفات الجامعة الأمريكية.

ماذا عن المنح الدراسية التى تقدمها الجامعة للدراسين؟

- قدمت الجامعة منذ إنشائها أكثر من 500 منحة دراسية، منها 110 منح دراسية فى العام الحالى، كما قدمت أكثر من 160 منحة كاملة للطلبة الباحثين فى مراكز البحث العلمى والتطوير، وتشمل كل المصاريف وراتباً شهرياً للباحثين يسمح لهم بالتفرغ التام للبحث العلمى، فضلاً عن تقديم خصم قدره 25% لكل طلاب الجامعة بمناسبة ثورة 25 يناير.

ومن هنا نجد أن 90% من طلاب الجامعة يحصلون على منح ما بين 15 إلى 100% من قيمة المصاريف، ويحصل المتفوقون على نسبة الــ 100%.

ما ردك على ما أثير حول تعرض الجامعة للاغتيال المعنوى بسبب الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق؟

- يجب تقييم الجامعة بشكل موضوعى، بعيداً عن ربطها بأى من رموز النظام السابق وتحميل أى أحد مسؤولية اغتيالها معنوياً، فالدكتور «نظيف» لم يضع بالجامعة مليماً واحداً أو حتى يمتلك سهماً واحداً بها ولم يكن سوى واحد من 30 مؤسساً لها، ولم يتدخل أبداً فى إدارتها. فرغم أن جامعة القاهرة كانت فى السابق تسمى بجامعة فؤاد الأول، والإسكندرية باسم فاروق الأول، إلا أنه عندما رحلا لم يتم هدم الجامعتين، بل وظلتا كما هما مع تغيير اسميهما فقط، وأعتقد أن اسم «نظيف» أو أى من رموز النظام السابق لم يكن موجوداً على الجامعة.

هل هناك دراسات فى مجال البحث العلمى تمت بالجامعة؟

- تقدم الجامعة أبحاثاً ودراسات فى مجالات الاتصالات والإلكترونيات وهندسة علوم الكمبيوتر، وتطبيقات الهندسة الصناعية وهندسة خدمات لأول مرة فى مصر، خاصة أن قطاع الخدمات يضم 80 % من العمالة، كما أن البلاد الغربية تعطى اهتماماً كبيراً بالعمالة فى قطاع الخدمات، كما تضم الجامعة تخصصات الهندسة الطبية وعلوم الطاقة وإدارة الأعمال، وهناك أبحاث فى مجال الطب وهى خاصة باستخدام المحمول واللاسلكى، فى تقديم الخدمة الطبية فى البلاد النامية، وهناك بحث يهدف للمساهمة فى حل أزمة المرور، من خلال تصنيع كاميرات ذكية توضع فى أماكن محددة فى المحاور المرورية لقياس السيولة المرورية، وبحث آخر لعمل نظم تكنولوجيا المعلومات، لتحسين الخدمة بمستشفيات قصر العينى، ومن الأبحاث المهمة التى قامت بها الجامعة تصنيف جينوم للجاموس المصرى لتحسين الثروة الحيوانية وزيادة إنتاج الألبان، فضلاً عن التعاون مع مركز الدكتور مجدى يعقوب، لتشخيص أمراض القلب عن طريق الرنين المغناطيسى.

وأنفقنا 50 مليون جنيه على إقامة المراكز البحثية وحصلنا على براءتى اختراع فى مجال التكنولوجيا، بالإضافة إلى أن هناك باحثين بالجامعة حصلوا على براءات اختراع وهم مسجلون فى جامعات أخرى، وأرى أن تقديم براءتى اختراع، خلال 3 سنوات - وهى - مدة قصيرة يعتبر جيداً إلى جانب 250 بحثاً من أساتذة وطلبة الجامعة.

هل تركز الجامعة على الدراسات العليا فقط؟

- ليست هناك جامعة تركز على الدراسات العليا فقط، وكان ذلك مهماً لاستقطاب الباحثين من الخارج ومنحهم فرصة لإجراء دراسات عليا وأبحاث، لذلك بدأنا بالدراسات العليا، وقمنا بتأسيس 6 مراكز أبحاث واستقطبنا علماء مصريين من الخارج و40 باحثاً فى التخصصات الدقيقة، فالمستقبل يتحرك ناحيتها وهو مهمة قصوى لمصر فى المستقبل، ومنذ عامين تقريبا بدأنا فى قبول الطلبة الحاصلين على الثانوية العامة.

ما المطلوب من الجهات الرسمية حالياً تجاه جامعة النيل؟

- إعلان الدعم الكامل للجامعة والاعتراف بأنها قائمة ومستمرة بشخصيتها الاعتبارية واستقلاليتها، الأمر الذى يعيد الثقة مرة أخرى فى الجامعة والقائمين على إدارتها، وحصلنا على تأييد الدكتور معتز خورشيد، وزير التعليم العالى الجديد، فهو متحمس لاستمرار الجامعة وكذلك المجلس الأعلى للجامعات.

هل يعنى ذلك ضرورة فصلها عن مشروع «زويل»؟

- المسألة ليست فى الدمج لكن لا توجد لأى منهما صلة بالآخر، فهذا قرار خاطئ، فإذا كانت هناك ضرورة ملحة لتنفيذ المشروع الآخر، فيجب أن يتم ذلك بصورة مستقلة، فمصر تحتاج إلى المزيد من تلك الجامعات والمشروعات البحثية الكبرى.

ليزا أندرسون رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة قالت: «عندما ظهرت جامعة النيل وجدنا لأول مرة أن هناك منافساً لنا فى مصر»؟

- بالطبع فقد حظيت الجامعة منذ تدشينها باهتمام الأجانب قبل المصريين، فقد كان تأسيسها حلماً، اشترك فى تحقيقه أكثر من 40 عالماً جاؤوا من جامعات العالم المصنفة وكبرى شركات التكنولوجيا فى الولايات المتحدة وأوروبا، مؤمنين بأن مصر تحتاج الحصول على حقها من التطور التكنولوجى والبحثى فى إطار من المسؤولية الاجتماعية، تاركين وراءهم دولاً أكثر تقدماً ومناصب علمية أعلى، ولكن عندما وجدوا إمكانية وجود كيان بحثى مستقل يخدمون مصر من خلاله قرروا تقديم خبراتهم العلمية على مدار السنوات الماضية.

تقدم الناشط السياسى وائل غنيم بنحو 55 ألف فكرة لتطوير مصر، تلقتها صفحة «كلنا خالد سعيد»، إلى الباحثين فى جامعة النيل بهدف تحويلها لمشروعات خدمية تجاه المجتمع؟

- الجامعة تقوم بمثل تلك البحوث خدمة للمجتمع، وتتيح ما تتوصل إليه من برامج وابتكارات للمعنيين من مؤسسات وجمعيات وأصحاب مشاريع ريادية مجاناً، بهدف حفز التقدم الاقتصادى والاجتماعى خاصة بعد ثورة 25 يناير للمساهمة فى إعادة بناء مصر والمبادرة بتقديم خبرات الباحثين وآرائهم إلى السلطة التنفيذية والمجتمع، وانتهى فريق العمل بالجامعة وهو متخصص فى نظم معالجة النصوص، مؤخراً من تصميم برنامج لتصنيف وترتيب وتحليل تلك الأفكار.

بعيداً عن الجامعة ومشاكلها.. حدثنا عن مشاركتك فى حل أزمة الصناعة الأمريكية فى أواخر السبعينيات؟

- مثلى مثل الكثير من المصريين الذين كانت لهم إسهامات فى حل مشكلات المجتمع الأمريكى، تمت الاستعانة بى بعد حصولى على الدكتوراه فى الهندسة الصناعية فى حل أزمة الصناعة الأمريكية، وتوليت بعد ذلك رئاسة المنظمة الدولية لإدارة وتجويد التكنولوجيا فى الولايات المتحدة، وكان لى السبق فى إنشاء فكرة إدارة تكنولوجيا الثروة عموماً، باعتبار أن خلق الثروة يعتمد بشكل أساسى على تطبيق المعرفة والعلوم، وليس شرطاً أن يكون المكان الذى تم اختراع التكنولوجيا به، هو مكان الإنتاج، فالبعض يستطيع الحصول على المعلومة وتطبيقها فى سوق آخر، فمثلاً أمريكا بلد الاختراعات فى العصر الحديث - ولديها أكبر عدد من العلماء الحاصلين على جائزة نوبل، يعادل مجموعهم فى 5 دول مجتمعة معاً وتتميز بإدارة التكنولوجيا - خسرت التنافسية أمام اليابان وألمانيا والنمور الآسيوية والصين لأن النمو الاقتصادى لا يعتمد على العلوم الأساسية ولا التكنولوجيا أو الإدارة وحدها.

ومن هنا يجب أن نعرف كيف نوصل التكنولوجيا للسوق، خاصة أن كل الاقتصاديات فى الربع الأخير من القرن العشرين تقريباً تعتمد على الثورة التكنولوجية وليس الصناعية، وليس مهماً أين أنشئت المعرفة، لكن المهم كيفية التطبيق، فقد تنشأ فى دولة ما ويتم تطبيقها فى دول أخرى، على سبيل المثال الصين تحصل على المعرفة من الخارج وتطبقها وتصدرها إلى الخارج مرة أخرى.

لكن كيف تصل مصر إلى هذا المستوى؟

- مصر لديها احتمالية كبرى للتقدم فى هذا المجال، حال ما ركزنا عليه فى الجامعة وهو ما يختلف عن الأيديولوجية الخاصة بمشروع زويل للأبحاث والعلوم الأساسية الذى يسعى نحو المعرفة والتطبيق بعد 20 أو 30 سنة، أما جامعة النيل فتسعى للتطبيق على المديين القصير والمتوسط، ويظهر تأثير ذلك سريعاً على الاقتصاد القومى.

ما أبرز الأولويات التى تحتاجها مصر حالياً؟

- بالنسبة لمصر استعادة الأمن والاستقرار، من أهم مقومات الاستثمار، وأعتقد أن أفضل أنواع الاستثمار حالياً فى التكنولوجيا والتعليم والاستثمار فى البشر وجلب الاستثمارات الأخرى التى تنقل التكنولوجيا، بالإضافة لضخ استثمارات فى القطاعات الإنتاجية، لها قيمة مضافة وليس فى المنتجات الاستهلاكية والتركيز على الابتكار، وريادة الأعمال ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإعادة هندسة جميع الشركات، خاصة القطاع العام، لتصبح قادرة على المنافسة مع فتح أسواق خارجية فى المنتجات التى يمكن أن نتميز فيها، واستخدام التقنيات الحديثة لفتح هذه الأسواق من خلال التعليم والبحث العلمى، ولا ينتظر المواطن أن توجد له الحكومة فرصة عمل بل يجب عليه أن يتحرك.

ما تقييمك لأداء التعليم الحكومى فى الوقت الراهن؟

- التعليم الحكومى لم يستجب بالسرعة المطلوبة للتغيرات العالمية أو الاحتياجات المجتمعية، حيث يخرج منه عشراتالآلاف من الشباب سنوياً دون تأهيل، مما يزيد من حجم البطالة.

مؤخراً عادت جامعة القاهرة بعد غياب ثلاثة أعوام إلى التصنيف الصينى العالمى كواحدة من أفضل 500 جامعة على مستوى العالم؟

- مصر كانت معروفة بجودة التعليم أيام كانت منارة فى البلاد العربية والمنطقة، ويأتى إليها الطلاب من جميع البلدان، لكن حدثت بعض الأمور منها زيادة أعداد الطلاب، والتغيير المستمر فى المناهج والتغيير حتى فى اللائحة الجامعية، ولم يتم إعطاء التعليم الفرصة الكاملة للتغير السريع المطلوب، ناهيك عن ضآلة حجم الميزانيات المرصودة للأبحاث العلمية، ما أثر سلباً على البحث العلمى، وأعتقد أن أغلب الجامعات المصنفة عالمية «بحثياً» لا تلقن المعرفة، ولكن تخلق معرفة جديدة.

كيف ترى تداعيات تدهور البحث العلمى فى مصر؟

- تداعيات ذلك ظاهرة جداً، لأن البحث العلمى مدخل أساسى للتقدم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لكن لو نظرناً لميزانية البحث العلمى فى مصر، نجد أنها تمثل ما بين 0.2 و0.3% من إجمالى الإنفاق الحكومى، إلى جانب أنه ليس هناك تقريباً أى إنفاق من الشركات أو المؤسسات، على العكس نجد الولايات المتحدة تنفق وحدها 300 مليار دولار على الأبحاث، تتحمل الحكومة منها الثلث والباقى من الشركات والمؤسسات الصناعية لتمويل الأبحاث الخاصة بها لزيادة التنافسية وتحقيق إيرادات من خلال الإبداع والبحث العلمى وريادة الأعمال.

ماذا عن التعاون مؤخراً بينكم وبين مركز جامعة «مينيسوتا» لتنمية القيادات التكنولوجية وجامعة ميامى الأمريكية، والرابطة الدولية لإدارة التكنولوجيا؟

- التعاون مستمر ولم يتأثر بالأحداث التى مرت بها الجامعة، على مدار الشهور السبعة الماضية، وعقدت الجامعة أول اتفاق علمى بين الجامعات المصرية وجامعة «هارفارد» الأمريكية، المصنفة الأولى عالمياً فى 4 مجالات هى: «المعلوماتية الحيوية»، «الطب الشخصى»، «الحوسبة السحابية»، و«النانو تكنولوجى».

ما الدور المنوط برجال الأعمال القيام به فى مجال البحث العلمى؟

- لا شك أن رجال الأعمال فى مصر يقعون تحت ضغط كبير فى الوقت الحالى، لكن يجب أن يتقدموا المسيرة وينفقون على جميع المجالات، خاصة التعليم والبحث العلمى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية