x

تسليح المدنيين يهدد بـ « مستقبل صومالى » للشعب الليبى

الأحد 28-08-2011 20:39 | كتب: خالد عمر عبد الحليم |
تصوير : طارق وجيه


رغم نجاح الثورة الليبية فى المضى قدما فى طريقها وإسقاط أغلب مظاهر نظام القذافى حتى الآن، والاستيلاء على غالبية المدن التى كانت تخضع له، لكن اضطرار الثورة الليبية لأن تكون «مسلحة» لمواجهة الاستخدام المفرط للقوة من جانب القذافى أدى لتغييرات شديدة فى المجتمع الليبى.


وتشير مجلة دير شبيجل الألمانية إلى أن هناك مآسى كثيرة نتجت عن تسليح الثورة الليبية، خاصة أن غالبية مقاتليها من المدنيين الذين لم يسبق لهم التدرب على استخدام السلاح، وأن غالبيتهم جرى تدريبه لأيام معدودة على يد مدربين عسكريين متواضعى المستوى، وهو ما جعل نسبة الإصابات والقتلى بين الثوار مرتفعة للغاية فى كل انتصار يحققونه على حساب قوات القذافى.


وتقول مجلة «تايم» الأمريكية إن أحد أسباب ارتفاع عدد ضحايا الثوار أن الكثير منهم لا يجرؤون على إطلاق النار على خصومهم، وحتى إن فعلوا فإنهم يتجنبون الإصابة فى أماكن قاتلة، بل إن بعضهم يهاب رؤية الدم ويهرب منه، وذلك ما يعكس نقصا واضحا فى الجاهزية.


وجرى تجميع المقاتلين الشباب على عجل فى معسكرات صغيرة، لا يتعد عدد أعضائها بضعة مئات، يخضعون للتدريب على يد بعض العسكريين الليبيين الذين انحازوا للثورة مع بعض المدربين التابعين لحلف الناتو.


كما ساعدت طبيعة الأسلحة التى يستخدمها الثوار فى تفاقم مآسيهم، لأن السلاح الرئيسى لهم هو السيارات المكشوفة التى تحمل مدافعا مضادة للطائرات، يتم استخدامها ضد الأهداف الأرضية، وهى لا تستطيع الصمود فى مواجهة أسلحة القذافى الثقيلة من دبابات ومدرعات وغيرها.


كما أثر تعرض الكثير من الليبيين للتجنيد على يد الثوار، على الإنتاج فى الداخل واستقرار الأمن، حتى إن غالبية عناصر الشرطة فى «بنى غازى» انضمت للثوار فى قتالهم - بوصفهم أكثر خبرة فى استخدام الأسلحة، وهو ما أجبر سكان المدينة على استخدام الأطفال كشرطة مرور، فى ظل النقص الواضح فى أعداد الشرطة النظامية.


وتشير التقارير الدولية إلى مقتل آلاف الليبيين، وهو ما قدره المجلس الانتقالى ما بين 20و30 ألف قتيل، لتشير تقارير حقوق الإنسان الدولية إلى أن هناك العديد من المآسى الإنسانية، التى لن تتضح إلا بعد انتهاء المواجهات واستقرار الوضع فى ليبيا.


وتتفاقم هذه الأيام المخاوف من احتمال تحول المجتمع الليبى إلى مجتمع مسلح بالكامل، وهو ما قد يزيد من نسب الجرائم وأحداث العنف بداخله، لاسيما أن آلاف المدنيين تدربوا على استخدام السلاح، وبدأت بوادر القلق تظهر خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة مع دخول «طرابلس» العاصمة، فى ظل الحديث عن عمليات سلب ونهب مسلحة- وإن لم تكن واسعة النطاق- فضلا عن تحدث بعض القادة فى المعارضة عن عمليات انتقام مسلحة.


وتزيد المخاوف بين الليبيين من تأثير تسلح غالبيتهم على المدى الطويل، خاصة فى حالتين، الأولى هى فشل المجلس الانتقالى فى بسط سلطة القانون والشرطة على البلاد، مما يجعل ليبيا أقرب لدولة فاشلة - تقترب من النموذج الصومالى، الذى يعانى من «أمراء الحرب»، والثانى هو فى حالة اندلاع خلافات بين القبائل الليبية المختلفة وقد يؤدى تسليح أبناء تلك القبائل إلى اندلاع مواجهات قد تصل إلى حد الحرب الأهلية.


وتطرح مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية مقارنة بين الثورة المصرية ونظيرتها الليبية، ولفتت إلى أن المصريين تمكنوا من القيام بثورة شعبية مدنية غير عنيفة، نظراً لأن الثورة المصرية استقطبت كل الأطياف من نساء وأطفال وشيوخ ورجال وشباب، بما جعل من الصعب استهدافها، وهو ما منحها الطابع السلمى الحاشد فى ميدان التحرير، وجعل استخدام القوة فى الحالة المصرية غير مبرر أو غير مرغوب.


أما فى الحالة الليبية، فقد كان استخدام القوة من قبل الثوار - وفقا لـ«فورين بوليسى» مبررا ومقبولا، بل ومشروعا، لأن الثورة بدأت فى القسم الشرقى للبلاد أولا - مع تمثيل ضعيف لها فى الشرق- كما قام بها الرجال فى المقام الأول، كما أن النظام الليبى استخدم ضدها جميع أشكال العنف، بما جعل محاولة الدفاع عن النفس فى مواجهة النظام الليبى مشروعا ومنطقيا، بل ومطلوبا بوصفه الطريقة الأكثر فاعلية للتخلص من ديكتاتور جثم على صدور قومه لأكثر من 40 عاماً.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية