قال محمد حبيب هادى الصدر، السفير العراقى الجديد بالقاهرة، ومندوبها الدائم بالجامعة العربية، إن العراقيين في مصر يواجهون الكثير من المشاكل، وعلى رأسها تأشيرة الدخول، مطالبا بتسهيل هذه الإجراءات، لأن القوة الشرائية لدى العراقيين كبيرة، وهم معروفون بالسخاء، مناشدا السلطات المصرية المختصة فتح أبوابها للعراقيين. وأضاف «الصدر»، في حواره لـ«المصرى اليوم»، أنه تم تحرير عدد كبير من أحياء مدينة الموصل، وأنه لولا المدنيون لأبادت السلطات العراقية تنظيم «داعش» الإرهابى في أيام قليلة، وتحررت الموصل بشكل كامل بسياسة الأرض المحروقة.. وإلى نص الحوار:
■ بداية كم عدد العراقيين في مصر؟ وما أهم المشاكل التي تواجههم؟
- لا يوجد إحصاء دقيق، لكن بعض المؤشرات تقول إن العراقيين في مصر 80 ألفا، والجالية العراقية جاءت إلى مصر لأنها بلدهم الثانى، وتعلقوا بأشقائهم المصريين تعلقا كبيرا، والحقيقة أن العراقيين في مصر يعانون من مشاكل، خاصة في الإقامات والتأشيرات ومنح تصاريح الدخول لزيارة أقاربهم في مصر، وعموما ملايين من العراقيين يرغبون في زيارة مصر كمقصد سياحى، ولكن تعوقهم الإجراءات المصرية في منح تأشيرات الدخول، وأندهش من وضع هذه الشروط القاسية على دخول العراقيين لمصر، ولو فتحت لهم الأبواب لأنعشوا السياحة، لأن القوة الشرائية لدى العراقيين كبيرة، وهم معروفون بالسخاء، وأناشد السلطات المصرية المختصة أن تفتح أبوابها للعراقيين، وأن تجعل من السياحة والاستثمار والتجارة جسورا لتوثيق العلاقة بين الشعبين.
وأتفهم وضع السلطات الأمنية المصرية لمثل هذه الشروط، لأنه قد يأتى ضمن العراقيين إرهابيون، لكن لم يثبت حتى الآن أن عراقيا قام بعمل إرهابى خارج بلاده.
■ ما طبيعة الأوضاع في الموصل الآن؟ ومتى يتم تحريرها بالكامل؟
- قبل عدة أيام بدأت المعركة الثانية من معركة تحرير الموصل، وتم بالفعل الانتهاء من تحرير عدد كبير من أحياء المدينة، ولم يتبق من الساحل الأيسر إلا أعداد قليلة، والبطء في تحرير الموصل مقصود حفاظا على المدنيين الذين جعلتهم عصابات داعش الإرهابية دروعا بشرية، لكن لكى تكون معركتنا نظيفة بكل المعايير وتراعى أرواح المواطنين وممتلكاتهم أخذت المعركة كثيرا من الوقت، ولو كنا استخدمنا سياسة الأرض المحروقة لتحررت الموصل في أيام قليلة، لكن المدنيين هم من سيدفعون الثمن غاليا، وكل المؤشرات تشير إلى أن إعلان تحرير الموصل بشكل نهائى سيتم خلال أسابيع، لأن التحرير يتم بالإبقاء على المدنيين في منازلهم، والدليل على ذلك أن عدد نازحى الموصل لم يتجاوز الـ100 ألف نازح حتى الآن، ويقيمون في مخيمات عديدة مجهزة بالمستلزمات الضرورية، والعمليات الإرهابية التي وقعت في العاصمة بغداد مؤخرا ما هي إلا ردة فعل جبانة لخيبة الإرهابيين في معارك تحرير الموصل، والآن «داعش» يريد إثبات نفسه إعلاميا، ويلجأ إلى هذه العمليات الإرهابية الجبانة الوحشية ليقول للعالم إنه قادر على الاستمرار، بدليل هذه الأعمال التي يرتكبها ويتبجح بأنها أودت بحياة الكثير من الأبرياء.
■ لكن هناك بعض الأنباء ترددت عن انتقال عناصر من «داعش» إلى مناطق أخرى من العراق، خاصة الأنبار.. ما صحة هذا الكلام؟
- الأنبار مدينة محررة بالكامل، ونستطيع مواجهة الإرهاب وتحرير الأرض، لكن لا نستطيع القضاء بشكل كامل على كل من يحمل فكر «داعش» أو ما يطلق عليه الخلايا النائمة لـ«داعش» في المدن المحررة، لأن الإرهابى لا يقول أنا إرهابى، بل يعتنق الفكر ولا يفصح عن هويته، ويندمج مع الناس بشكل كامل، فالقضاء على «داعش» فكريا أمر باعتقادى أصعب من المواجهة العسكرية، لأن الفكر لا يطرد إلا بفكر جديد وثقافة جديدة، وهذا يحتاج إلى جيل أو اثنين، وأنا أعتقد أنه ليس العراق فقط هو الذي يعانى بل المجتمع الدولى بأكمله.
■ هل باع «داعش» آثاراً أو نفطا عراقياً؟
- طبعا، باع كميات مهولة للغاية من الآثار العراقية النفيسة للخارج، ولم يكتف بالبيع بل كان التخريب أكبر، حيث أحرق آبار النفط جنوب الموصل قبل خروجها من المدينة، ورغم تمكننا من إطفاء الكثير من تلك الآبار، إلا أن بعضها ما زال مشتعلا حتى الآن، كما دمر متحف الموصل بكل ما يحتويه من آثار لا تقدر بثمن، وكذلك فجر قبر النبى يونس، عليه السلام.
■ هل ترى أن العراق أصبح آمنا بشكل كاف لعودة النازحين؟
- عودة النازحين ليست مرتبطة فقط بالاستقرار الأمنى، بل مرتبطة بإعادة إعمار مدنهم المحررة التي دمرتها عصابات «داعش»، فكيف تعود عائلة بها طلاب مثلا دون وجود مدارس أو جامعات، إضافة إلى توفير الخدمات الأساسية، لكن الحكومة العراقية قطعت شوطا كبيرا في هذا الصدد، وجندت كل الوزارات المعنية لإعادة المدن إلى ما كانت عليه تمهيدا لعودة النازحين.
■ بعض الدول العربية انتقدت مشاركة الحشد الشعبى في تحرير الموصل بذريعة أنه مدعوم من إيران.. ما موقفكم من هذه الدول؟
- الحشد الشعبى الآن أصبح جزءا من المنظومة الأمنية العراقية بعد تصويت البرلمان، وتمت المصادقة عليه من قبل رئاسة الجمهورية، ويتقاضى رواتبه من ميزانية الدولة، ويتلقى أوامره من القائد العام للقوات المسلحة العراقية، ولم يعد حكرا على طائفة بعينها، وأول شهيد سقط من الحشد الشعبى في تحرير الموصل كان عراقيا سنيا، والحشد انخرط فيه كل الأطياف العراقية حتى المسيحى والصابئى، ويقاتلون جنبا إلى جنب، والذين يتحدثون بسوء عن أبطال الحشد الشعبى ويقولون إنهم يرتبطون بإيران فهذا غير مقبول، لأن من يقاتل على الأرض هم عراقيون، ولا يوجد أي مقاتل غير عراقى في ميدان المواجهة مع «داعش»، والعرب الذين يتحدثون عن الحشد الشعبى لو كانوا في مكاننا لفعلوا كما فعلنا وقبلوا أي مساعدة، والإيرانيون لم يساعدونا مجانا، لكن ساعدونا لحماية أنفسهم، لأنهم يدركون جيدا أنهم لو أغمضوا عيونهم عما يجرى في الساحة العراقية لانتقل الإرهابيون إلى عقر دارهم، لذلك فكر الإيرانيون بذكاء وقالوا ندعم العراق في حربه على «داعش» حتى يبتعد خطره عن طهران.
ومن يتقولون على الحشد الشعبى أو ينتقدونه باطلا، إما أنهم ناقمون عليه، لأنه استطاع إحراز انتصارات كبيرة على الإرهابيين وحرر الأراضى من قبضتهم، أو يفكرون بدوافع طائفية بحتة.
■ ماذا عن التدخل التركى في العراق؟
- تركيا تدخلت في العراق لمسافة 110 كليومترات، ووضعت حشودا لها تضم دبابات ومدافع وجنودا في مدينة بعشيقة العراقية التابعة لمحافظة الموصل، والعراق تحرك نحو الجامعة، وحصل على إجماع عربى بالإدانة، وقال رئيس الوزراء العراقى، الدكتور حيدر العبادى، عدة مرات إننا لا نريد حربا مع تركيا، فهى دولة جارة وشقيقة، وما يجمعنا معها أواصر وصلات تمتد إلى قرون عديدة، لكن نحن نريد الحفاظ على سيادتنا وعلى وحدة أراضينا فقط، ولا نريد تدخلا من أحد، ومؤخرا ظهرت مؤشرات إيجابية تؤكد على ضرورة إنهاء الأزمة بالطرق السلمية.
■ هل من الممكن أن يقوم العراق بالوساطة بين مصر وتركيا؟
- إذا انتهينا من التدخل التركى في الأراضى العراقية، وطلبت منا مصر القيام بهذا الدور فلن نتردد.