استيقظ المصريون مؤخرا على خبر إحالة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رئيس الاتحاد الأفريقى لكرة القدم «الكاف»، عيسى حياتو، للنيابة، بتهمة مخالفة قانون حماية المنافسة، في طرح حقوق بث مباريات كأس الأمم الأفريقية «الجابون 2017»، التي تقام 14 يناير الجارى، لتبدأ موجة من التساؤلات حول مصير إذاعة البطولة، وإمكانية حرمان المشاهد المصرى من متابعة مبارياتها، بل وإمكانية إلزام «الكاف» بإعادة الطرح، بموجب قرارات «حماية المنافسة»، وإتاحة عرض البطولة على الأرضى والفضائيات والإنترنت.
د.منى الجرف، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، تكشف لـ«المصرى اليوم» كواليس إحالة «حياتو»، التي بدأت منذ يونيو 2016، والعلاقة بين «الكاف» وشركة «لاجاردير» الفرنسية، و«بى إن سبورت»، وحقيقة ما يثار حول سعى شركة مصرية للاستحواذ على حقوق البث. وتقدم «الجرف» كشف حساب عن أداء الجهاز، الذي تصدى لقضايا مماثلة عام 2016 في قطاعات الاتصالات، والأسمدة، والأدوية، وإلى نص الحوار:
■ بداية هل «الكاف» ملزم بتطبيق التدابير الإجرائية التي أعلن عنها «حماية المنافسة» وتتضمن إعادة طرح حقوق بث بطولة أمم أفريقيا في الجابون 2017؟
- الاتحاد الأفريقى لكرة القدم «الكاف»، مقره في جمهورية مصر العربية، ويخضع للقوانين المصرية، ومنها قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وبالتالى الاتحاد ملزم بتطبيق القانون، وإذا حدث اختراق للقانون يكون مخالفا في هذه الحالة، وهو ما حدث بالضبط.
■ ما كواليس إحالة «حياتو» للنيابة العامة؟ وما طبيعة المخالفات التي رصدها «حماية المنافسة»؟
- «كاف» منح حقوق بث وتسويق بطولات القارة الأفريقية لشركة معينة، «لاجاردير» الفرنسية، وامتد العقد من سنة 2008 إلى 2016، بحيث ينتهى في سبتمبر 2016، ثم يعاد طرح حقوق البث والتسويق للمباريات في السنوات المقبلة، وخاطبنا «كاف» في شهر يونيو 2016، عندما علمنا بذلك في جهاز حماية المنافسة، وطلبنا أن تتم إعادة الطرح بأسلوب يتسق مع قانون حماية المنافسة، وهو أمر غير جديد ومطبق في الخارج، وهناك قرار سابق من المفوضية الأوروبية في 2007 وألزم الاتحاد الأوروبى لكرة القدم بما نطالب به «كاف» الآن، لتحقيق المنافسة في مجال حقوق البث وتسويق مباريات كرة القدم.
طرحنا الأمر ليتم حله، ووضع الشروط التي تضمن حماية المنافسة، حتى يصبح الأمر متسقاً مع القانون الملتزمين بتنفيذه، للأسف لم نتلق أي رد، ثم وصلنا خطاب يفيد بأن الأمر سيتم طرحه على لجنة، ثم تلقينا خطاباً في شهر نوفمبر 2016 يفيد بأنه تم تجديد التعاقد مع شركة «لاجاردير»، لمدة 12 سنة مقبلة، من سنة 2017 وحتى 2028، وأننا إذا أردنا مناقشة الأمر نتوجه إلى «لاجاردير»، وبالتالى بالنسبة للجهاز وقعت المخالفة بهذا الشكل.
■ لماذا اعتبر الجهاز ممارسات «كاف» احتكارية وتضر بالمنافسة؟
- نحن نتحدث عن منافسة، بمعنى وجود أكثر من شركة تعمل في نفس المجال، وبالتالى الكل يتنافس على العميل أو المواطن لتقديم أفضل سلعة أو خدمة، وبأقل تكلفة ليتم جذبه، وسيكون ذلك في مصلحة المواطن في النهاية، وهو هدف قانون حماية المنافسة، الذي يتيح وجود منافسين عديدين في النشاط أو القطاع، ويسمح باستثمارات كثيرة، وليس واحداً فقط ينتج أو يسوق في المجال الذي نتحدث عنه وهو البث، لا يقتصر على شركة، وإنما أكثر من شركة بما يسمح بالاستثمارات ويوفر فرص عمل، وفى نفس الوقت نحمى المواطن أو المشاهد، لأنهم سيسعون لتوفير الباقات المختلفة وبالأسعار التي تجذبه، بما يحقق منفعته ويرفع مستوى رفاهيته وتمتعه.
وتنص المادة الثامنة من قانون حماية المنافسة المصرى على أنه في حالة قيام شركة ما، وهى هنا «كاف» لأنه يقوم بنشاط تجارى، ببيع حقوق البث والتسويق مقابل عائد مالى، ولكنه يمتلك الحق الحصرى، وبالتالى هو في وضع يعرفه القانون المصرى بأنه مسيطر، أي أنه الوحيد الذي يتمتع بحق تسويق البطولات وبثها، ومن هنا فإن «كاف» عليه التزامات بموجب القانون، طالما يتمتع بهذا الوضع منفرداً، فعليه إتاحة الحق بشكل تنافسى، لا أن يستغل الحق بشكل يتيح له مزيداً من السيطرة، أو يضر بحق العميل أو المواطن في أن توفر له شركات متنافسة هذه الخدمات.
وبالتالى جدد «كاف» التعاقد مع «لاجاردير»، ومنحها كافة الحقوق لبث المباريات لمدة 12 سنة، ولم يراعى اعتبارات المنافسة على الإطلاق، خاصة أن شركات عديدة تقدمت للحصول على حقوق البث، بعروض مالية لم ينظر إليها، وهو ما يعد اختراقاً واضحاً لقانون حماية المنافسة. والملاحظ هنا أن الفترة كبيرة جداً، 20 سنة، 8 سنوات في التعاقد السابق، و12 سنة في التعاقد الجديد، كما أنه يمنح الحق للشركة في بث كل البطولات في القارة الأفريقية، وعبر كل الوسائل، سواء بث أرضى أو فضائى أو على الإنترنت، وفى مصر وكل دول العالم، دون تقسيم باقات لتحقيق المنافسة، وبالتالى بعد 20 سنة لن تكون هناك شركة قادرة على المنافسة، وستكون الشركة استحوذت على السوق تماماً، بما لديها من منصات وتجهيزات، كما أن جمع كل تلك الحقوق يحتاج شركة لها عباءة مالية ضخمة جداً، حتى تستطيع المنافسة، أما إذا تم تقسيمها تتيح المنافسة. واستمرار التعاقد بهذا الشكل كان يعنى أن الشركة حصلت على حق بث بطولات القارة الأفريقية مدى الحياة.
■ نحن هنا نتحدث عن «كاف» و«لاجاردير» لكن ما علاقة «بى إن سبورت» بالأمر؟
- شركة «لاجاردير» ترتبط بشركة أخرى، وهى «بى إن سبورت»، وبمجرد حصول «لاجاردير» على هذا الحق فهى تمنحه مباشرة إلى «بى إن سبورت»، وتمنع المنافسة بهذا الشكل، وبالتالى «الكاف» لديه حقوق حصرية، منحها لشركة «لاجاردير» بشكل حصرى، ومنحتها بدورها لشركة «بى إن سبورت» بشكل حصرى، بما يؤذى المواطن المصرى، ووصلتنا شكاوى عديدة، وكانت لدينا مشاكل مع «بى إن سبورت» منذ 2014، تم حلها ودياً، قبل كأس العالم، لأنهم كانوا يربطون المواطن بأن يجعلونه يشترك لمدة سنة، رغم أن كأس العالم 3 أسابيع فقط، أو فرض «ديكودر» معين، وكلها ممارسات ممنوعة وفقاً لقانون حماية المنافسة، حيث تربط المستهلك بسلعة أو خدمة معينة يقدمها طرف واحد حصرياً، وتكرر ذلك سنة 2016، وتطلب الشركة من المواطنين نفس الشروط لمتابعة كأس الأمم الأفريقية 2017، وأن يتحول المواطنين من قمر نايل سات إلى سهيل سات القطرى.
■ هل تحرك الجهاز جاء بمبادرة أم عبر تلقى شكاوى؟
- وصلتنا شكاوى من ممارسات «بى إن سبورت»، كما كنا نتابعها منذ 2014، لوجود سلوكيات مخالفة لقانون حماية المنافسة، أما قضية «كاف» فتابعها الجهاز بمبادرة منه، خاصة أن قدرا كبيرا من العاملين في الجهاز من فئة الشباب، ويتابعون كرة القدم، ويصلهم ما يعانى منه المواطن المصرى، إضافة إلى خبراتهم في مجال حماية المنافسة، وتساعدنا الشكاوى على العمل بشكل أسرع، وتوفر لنا الدليل بشكل أسرع من أن نبحث من أنفسنا. وبذل فريق العمل في الجهاز جهدا كبيرا لإثبات قضية «كاف» و«بى إن سبورت»، لإظهار الربط بينهم، والضرر الواقع على السوق والمواطن.
■ صياغة التدابير الإجرائية تعطى إيحاء بأن الجهاز يواجه ممارسة احتكارية لشركات أجنبية في سوق البث والتسويق لكنه يفتح المجال لاحتكار شركة مصرية هذا المجال، وهو ما أثير حول شركة «بريزينتيشن»، ما ردك على ذلك؟
- كنا حريصين جداً على هذه الجزئية أثناء كتابة التدابير الإدارية، ولتوضيح المقصود بالتدابير الإدارية، فإنه عند وقوع مخالفة ويتم إثباتها لدينا طريقان يمكننا العمل بهما، يمكن الجمع بينهما أو اختيار أحدهما، كما يرتئى مجلس الإدارة حسب القضية التي تتم مناقشتها، وفقاً للضرر الذي أوقعته على السوق، وفى حالة قضية «كاف» اتخذنا المسارين، حيث طلبنا تحريك دعوى جنائية من النيابة، إضافة إلى المسار الإدارى، وهى إجراءات إدارية يتخذها مجلس الإدارة لتصحيح الوضع، وإزالة المخالفة، وهى قرارات ملزمة، وإذا لم يلتزم «كاف» بها سيخالف القانون مرة أخرى، ويتم تشديد الغرامات، وأول نقطة توقفنا عندها هي أن العقد بين «كاف» و«لاجاردير» لابد من إلغائه، وحددنا فترة زمنية محددة يُخطر الجهاز بإلغائه، وإذا لم يتم فهو باطل بحكم القانون، وما يترتب على العقد باطل، وبالتالى العقد بين «لاجاردير» و«بى إن سبورت» باطل.
■ كيف نضمن حقوق المشاهد المصرى؟
- علينا مراعاة حقوق المواطن المصرى الذي دفع اشتراكا، وتحول من نايل سات إلى سهيل سات لمتابعة المباريات، ويجب أن نضمن حقه، وقلنا إنه استثنائياً يمنح «كاف» الحقوق لشركة «بى إن سبورت» كما هو قائم، بشرط ألا تكون الشركة الوحيدة، لأن هناك شركة أخرى تقدمت، ويكون لها الحق في البث، ولن نسمح بنقل الاحتكار من «بى إن سبورت» إلى أي شركة أخرى، وكنا حريصين على وضع بند في التدابير الإجرائية، ينص على أنه يتم البث على الإنترنت، وأن تتقدم شركات أخرى لتقوم بذلك، والقضية هنا متوقفة هل تتقدم شركات أخرى أم لا؟، على حد علمنا أن هذه الشركة فقط تقدمت، وإذا تقدمت شركات أخرى يُنظر إليها، لأن هدفنا حماية المنافسة، وليس نقل الاحتكار من شركة إلى أخرى، لأننا نحمى المنافسة وليس المتنافسين.
■ بعيداً عن أزمة بث مباريات الأمم الأفريقية أصدر الجهاز بيانا بشأن أزمة السكر اتضح وكأنه يخلى مسؤوليته من الأمر، ما حقيقة ذلك؟
- منذ أكثر من شهرين تصاعدت أزمة السكر، وتصاعد معها الحديث عن أباطرة السكر الذين يحتكرون السلعة، وحديث عن مصانع ومقاه تخبئ السكر، وثارت تساؤلات كثيرة، أين جهاز حماية المنافسة من الأزمة؟ وأن الجهاز لا يؤدى دوره، وكان لنا لقاء في مجلس النواب حول الأزمة، لكن القضية أن هناك خلطا واضحا في مفهوم الاحتكار.
نحن جهاز حماية منافسة، وكنت أتحدث سابقاً من باب الفكاهة، وإن كان أمراً حقيقياً، أنه لابد من تغيير اسم الجهاز ليصبح حماية المنافسة فقط، ونترك الممارسات الاحتكارية لأنها تثير اللبس عند الناس، لأن دورنا الممارسات الاحتكارية، وليس الاحتكار بمعنى حجب السلعة، الذي يحدد القانون صلاحيات الجهاز بشأنه، وهى أن يكون المحتكر في وضع مسيطر ويحجب السلعة، أما إذا كان يوفر نسبة ضئيلة من الإنتاج، وحَجَبَ السلعة فإنه سيضطر لبيعها، ولن يمثل مشكلة بالنسبة للسوق.
الأمر الثانى أن يتم حجب السلعة بالاتفاق بين مجموعة منتجين، وفى هذه الحالة يقع الضرر على المواطنين، أما تخزين منتج واحد لسلعة بهدف تحقيق أرباح والبيع بسعر أعلى، فقد يكون ذلك بدافع الطمع، وليس لدينا قانون يحاسب الطماع، وليس لدينا القدرة الفنية على التفتيش على السلعة، وإنما دور شرطة ومباحث التموين، وأعتقد أنها تقوم بدورها في ذلك، ولديهم الضبطية القضائية لفتح المخازن وبيع السلعة، والاحتكار علمياً ليس حجب السلعة، أما الحجب فهو مُجَرَّم فقط، وبالتالى قضية السكر قضية طمع وغش واستغلال، وليست في اختصاص جهاز حماية المنافسة، وإن كنا نتابعها باستمرار.
■ إحدى القضايا التي تصدى لها جهاز «حماية المنافسة» تلك المتعلقة بشركات توزيع الأدوية، ما كواليس قرار الجهاز بإحالة الشركات للنيابة؟
- الجهاز أحال 4 شركات توزيع أدوية للنيابة، بتهمة الاتفاق على شروط معينة في التعامل مع الصيدليات، وليس اتفاقا على سعر، لأن السعر تحدده الدولة، حيث اتفقت الشركات على حصص الصيدليات من الأدوية، وفترات الائتمان والخصم، وذلك بهدف إزاحة الصيدليات الصغيرة من السوق لصالح صيدليات السلاسل الكبرى، وبالتالى ذلك يؤثر على المنافسة والمواطن، لأن كثيرا من المواطنين يتعاملون مع الصيدليات الصغيرة في مناطق كثيرة لا تتواجد بها السلاسل الكبرى، وهذا يحرم المواطن من الحصول على الدواء، ويحرم الصيدلى الصغير من العمل، وبالتالى تمت إحالة القضية للنيابة ومنها إلى المحكمة وننتظر الحكم قريباً.
■ هل كانت هناك أسباب مشابهة في قطاع الأسمدة؟
- لدينا مشكلتان في توزيع وإنتاج الأسمدة، وكلتاهما مرتبطتان، يتفق المنتجون والموزعون معاً، وأُحيلت القضية للنيابة، ولدينا أدلة قوية جداً، وأتمنى البت فيها سريعاً ليشعر السوق بأثرها، وهنا أوضح أن الجهاز غير مسؤول عن ارتفاع أسعار الأسمدة أو انخفاضها بشكل مباشر، ولكننا مسؤولون إذا كان ارتفاع الأسعار ناتجا عن ممارسات احتكارية، وفى حالة الأسمدة، كان الاتفاق على تحديد الأسعار وتقسيم الأسواق، ويكون ذلك مسؤولا عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية والمنتجات الزراعية مثلاً، لأن الأسمدة تدخل في إنتاجها، وبمجرد اتخاذ إجراء في هذه القضية ربما ينعكس ذلك على إتاحة الأسمدة في السوق، وأسعارها، ويؤثر على أسعار المنتجات الزراعية بشكل غير مباشر في النهاية.
■ القضاء الإدارى أقر بأحقية جهاز «حماية المنافسة» في التصدى لقضايا في قطاع الاتصالات.. إلى أي مدى ساهم الحكم في دعم دور الجهاز؟
- العلاقة بين أجهزة حماية المنافسة والأجهزة الرقابية القطاعية يكتنفها عدم الوضوح واللبس، مثل علاقتنا بجهاز تنظيم الاتصالات، ومرفق الكهرباء، والرقابة المالية، وكلها أجهزة تأسست ولها قانونها، قبل قانون حماية المنافسة، والجهاز مسؤول عن المنافسة في كل القطاعات.
وتجلى عدم الوضوح في قضية شركات الاتصالات منذ عام 2013، وكانت الشركات رفضت إتاحة البيانات والمعلومات، بعد أن تلقينا شكاوى ضد الشركات، وكان الرد أننا غير معنيين بالأمر، وأن الشركات تتبع جهاز تنظيم الاتصالات، وأحيلت الشركات غير المتعاونة للنيابة، لأن القانون يمنحنى سلطة الاطلاع على البيانات والمعلومات والضبطية القضائية، وجاء الحكم في النهاية ليؤكد ويؤيد أن الجهاز هو المعنى بحماية المنافسة والكشف عن الممارسات الاحتكارية في قطاع الاتصالات.
■ عام 2016 يعتبره مراقبون إضافة قوية للجهاز.. ما رأيك في ذلك؟
- بدأت أستشعر اهتمام الدولة والمجتمع المصرى بالجهاز، وتزايدت نسبياً درجة فهم طبيعة ودور الجهاز، والاهتمام به، وزاد الاحتياج إلى دور الجهاز، وأشار الرئيس إلى ذلك، ورئيس الوزراء، وكذلك دعم وزير التجارة والصناعة، لأننا وفقاً للقانون نخضع لمجلس الوزراء، وتم تفويض وزير التجارة والصناعة ليكون مسؤولا إدارياً عن الجهاز، أما الأمور الفنية وما يتعلق بالبحث والإحالة للنيابة فهى مسؤوليتنا ولا يتدخل فيها أحد على الإطلاق، ودائماً يدعمنا وزير التجارة والصناعة ويدعمنا في أن نكون أكثر حسماً وردعاً.
هناك مؤشرات أخرى على الدعم لمسناها في المادة 27 من الدستور، والتى تنص على أن أحد مقومات السياسة الاقتصادية لمصر حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وأول قرار أقره الرئيس كان تعديل قانون حماية المنافسة رقم 56 لسنة 2014، بنسبة تعديل 60%، وزودت التعديلات من فعالية الجهاز وقوته واستقلاليته، وألزمت كل جهات الدولة بإخطار الجهاز عندما تصدر قرارا أو تشريعا أو قانونا له بعد أو تأثير على المنافسة، وكثير من القوانين تأتى للجهاز من الجهات المعنية لطلب الرأى الاستشارى، بالإضافة إلى تمثيل الجهاز في مجالس الإدارات لضمان ألا يكون هناك أثر سلبى على المنافسة.
■ خاطبتم مجلس النواب بشأن تعديل قانون حماية المنافسة.. فما الذي وصلتم إليه؟
- نمى إلى علمنا أن مجلس النواب يناقش اقتراحا بتعديل قانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وكتبنا ردا وأرسلناه إلى المجلس، لأن هناك خلطا بين الجهاز ووزارة الداخلية وشرطة التموين، وتغليظ العقوبات على حجب السلع، ولم يصلنا المقترح بشكل رسمى، لكن اطلعنا عليه من وسائل الإعلام.
كما نعمل على برنامج توأمة في إطار المشاركة المصرية الأوروبية، للحصول على الدعم الفنى من البرنامج، وبدأنا في يناير 2015، وينتهى يناير الجارى، وتم مده إلى مارس 2017، وتجرى التوأمة مع جهازى حماية المنافسة الألمانى والليتوانى، وأحد مكونات البرنامج تعديل قانون المنافسة، مع إيماننا بأهمية استقرار القانون، وأتحفظ على تعديل القانون كل فترة، ويجب قبلها أن يكون لدينا البشر القادرون على فهم وتطبيق القانون، حتى لا نربك السوق، خاصة أن القانون اقتصادى وليس جنائيا بحتا، يتوقف على الوضع الاقتصادى، ويؤثر ويتأثر بهذا الوضع.
وما نعمل عليه الآن وضع الرقابة المسبقة على الاندماج والاستحواذ، وهو بند يحتاج إضافته للقانون، ولا يوجد جهاز حماية منافسة في العالم لا يتعامل في هذا الإطار، وتأخرنا كثيراً في هذه الجزئية، ويجب أن نتأكد أن الاندماج أو التكتل الذي ينشأ من البداية لن يؤثر على المنافسة في السوق، دون أن نحرم ظهور كيانات اقتصادية كبيرة تستطيع المنافسة، وتزداد الحاجة لهذه الرقابة في ظل تراجع «الاستثمار الأخضر»، في مقابل نمو التكتلات، لأن المستثمر الآن لا يريد أن يبدأ من الصفر، وإنما يريد الاستحواذ على مشروع قائم بالفعل، أو ما يسمى «الاستثمار البنى».
■ في هذا السياق هل ستتدخلون في سوق الاندماجات الإعلامية؟
- الإعلام من أكثر القطاعات التي تشهد اندماجات واستحواذات في الفترة الحالية، وكذلك قطاع المستشفيات الطبية والخدمات الصحية، وما نطالب به ألا تحدث هذه الصفقات دون موافقة الجهاز المسبقة، ويجب تحديد قيمة الأعمال التي قد تكون مؤثرة والتى تتطلب تدخل الجهاز، حتى لا نعيق المستثمر.
■ ماذا عن مساعى إحدى شركات الخدمة الطبية على مدار 3 أعوام في الاستحواذ على منشآت طبية؟
- درسنا ما أثير في هذا الأمر، ولم نتلق شكوى، وحددنا السوق، وفقاً لمعايير درجة المستشفى، هل هو «أ» أم «ب» أم «ج»، وعدد الأسرة به، وبالتالى بحكم المنافسة ليست كلها سوقا واحدة، وحسبنا درجة التركز على السوق الواحدة، لأنها مسألة شديدة الفنية والتعقيد، وخلصنا في النهاية إلى أن الإجراءات لا تمثل تهديدا للمنافسة في السوق.