توقع عدد من الخبراء انتشار عدوى المطالبة بتقرير المصير والانفصال فى بعض الدول العربية، على خلفية استفتاء تقرير مصير جنوب السودان، الذى بدأ الأحد. وأجمع الخبراء، فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»، على أن ضعف كثير من الحكومات العربية فى إدارة التنوع العرقى والدينى واللغوى، الذى تضمه بلادها، أدى لنجاح أطراف خارجية فى مشروعاتها، التى تستهدف «تفكيك الوحدة»، فى عدة دول بالمنطقة، موضحين أن أبرز الدول المرشحة لتكرار السيناريو السودانى هى العراق واليمن ولبنان ودول المغرب العربى.
قال عماد جاد، مدير وحدة العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: هناك العديد من المناطق العربية، المرشحة بقوة للمطالبة بالانفصال، خاصة أن الحكومات أغفلت أن «المجموعات المتنوعة»، عرقيا ودينيا ولغويا، تتقاطع مع الجغرافيا. وأوضح أن أبرز منطقة مرشحة بقوة لطلب حق تقرير المصير والانفصال هى المنطقة الكردية بالعراق، وأيضا فى اليمن، التى كانت مقسمة إلى دولتين، ثم جمعتهما دولة موحدة بعد الاستقلال، إذ إن بريطانيا تركت آثار هذا الانقسام علاوة على انتشار الطائفية فى شمالها، وكذلك جنوب لبنان يشكل حيزا جغرافيا شبه مستقل، وهناك مشكلة «الأمازيغ» فى دول المغرب العربى.
وأرجع «جاد» تنامى ظاهرة طلب الانفصال وتقرير المصير إلى ما سماه «فشل الأنظمة، فى مختلف الدول العربية، فى معالجة التنوع العرقى والثقافى والدينى. واعتبر أن الأخذ بنظرية المؤامرة فى هذه المسألة منطقى وله أساس حقيقى. وأوضح أنه من مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية تفتيت الكيانات الكبيرة وتقسيمها. وقال: إن دعوات تقرير المصير والانفصال كان من المستحيل ظهورها خلال فترة الخمسينيات من القرن الماضى، فى ظل وجود كيان قوى هو وحدة الدول العربية، التى تضم جميع الكيانات المختلفة، مؤكدا أنه عندما ضعفت هذه الدول بدأت رغبات الانفصال فى الظهور، فى ظل فشل الحكومات فى إدارة التنوع.
واستبعد هانئ رسلان، مدير وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، تكرار تطبيق استفتاء حق تقرير المصير فى السودان فى دولة من دول المنطقة العربية عدا العراق، منوها بأن «الأكراد» هم أبرز الحالات، التى يمكن أن تطالب بانفصالها، وحالتها تتشابه بشكل كبير مع السودان.
وقال «رسلان» إن المشكلة فى السودان هى التعددية الثقافية والدينية واللغوية علاوة على التعددية العرقية، مشيرا إلى أنه كان من الممكن تدارك هذه المشكلة دون انفصال، قال إنه ستكون له توابعه الخطيرة على الدول المجاورة للسودان وكذلك على العمق الإقليمى للمنطقة.
وحول تكرار حالة السودان فى اليمن، قال «رسلان» إن تقصير الحكومة اليمنية، منذ إعلان الوحدة مع الجنوب، هو سبب موجات العنف المتنامية فيها.
وتوقع الدكتور رفعت سيد أحمد، مدير مركز يافا للدراسات العربية، انتشار عدوى ما سماه التفكك والانفصال فى الدول العربية، التى تضم كل منها خليطا عرقيا وطائفيا، وأنها ستأخذ انفصال جنوب السودان كنموذج يحتذى به، مشيرا إلى أن أكراد العراق مسلمون، لكنهم يمثلون تكتلا فى منطقة، يمكن أن يطالبوا باستقلالها. وقال: «إن اليمن حالة خاصة، لأنها تمثل نزعة انفصالية، على أساس سياسى وليس عرقيا أو طائفيا، فى حين تبرز قضية (الأمازيغ) فى المغرب العربى». وأضاف: «دعوات الانفصال لها عامل خارجى بشكل أساسى، لن ينجح إلا بفضل فشل الأنظمة فى إدارة البلاد». وأضاف: «لا نستطيع أن نغفل دور التواجد الإسرائيلى والأمريكى فى جنوب السودان، منذ الاستقلال عام 1955 حتى الآن، فى الانفصال.