سادت حالة من التخبط والارتباك داخل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم «كاف»، إثر قرار جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بإحالة عيسى حياتو، رئيس الاتحاد، للنيابة العامة، لثبوت مخالفته المادة «8» من قانون حماية المنافسة، واستخدام وضعه المسيطر في أسلوب ونظام منح حقوق البث المتعلقة ببطولات كرة القدم، والذى يملك وحده حق استغلاله التجارى، وقام بإعطائه لشركة «لاجاردير سبور» دون طرحها للشركات الأخرى الراغبة في الحصول عليها في إطار طبيعى يضمن وجود منافسة حرة وعادلة بين الشركات الراغبة في الفوز بحقوق البث.
وقال جهاز حماية المنافسة، في بيانه الذي أصدره الأربعاء: «إن كاف منح شركة لاجاردير سبور الحق ذاته عام 2008 حتى عام 2016 لتستحوذ على هذا الحق لفترتين متصلتين ولمدة عشرين عاما، شاملا البث الأرضى والفضائى عبر التليفزيون والبث عبر الإنترنت، وليس فقط على نطاق مصر وأفريقيا ولكن على نطاق العالم كله». وثبت من الوقائع والأدلة التي قام بها الجهاز قيام الاتحاد الأفريقى لكرة القدم بالاتفاق مع هذه الشركة منذ شهر يونيو عام 2015 على منحها حقوق البث التي ستبدأ في عام 2017، أي قبل عام ونصف تقريبًا من انتهاء الحقوق السارية، وأنه قام عمدًا بتجاهل عدة مطالبات بطرح بيع هذه الحقوق في إطار مزايدة علنية تراعى قواعد المنافسة العادلة والشفافية بين المتنافسين.
كان جهاز حماية المنافسة دعا «كاف» لسرعة اتخاذ بعض التدابير وفقا للمادة 20 من القانون، والتى كان من أهمها إلغاء التعاقد بينه وبين شركة لاجاردير سبور وما ينتجه من آثار داخل جمهورية مصر العربية، كما أقر الجهاز استثنائيًّا حق مؤسسة «بى إن» الإعلامية بجانب الشركة الأخرى التي تقدمت بطلب الحصول على هذا الحق باستمرار عرض فعاليات البث المباشر التليفزيونى لبطولة كأس الأمم الأفريقية لعام 2017 المرتقب انطلاقها يوم 14 يناير.
كما يلزم الجهاز «كاف» بتغيير الطريقة التي يتم بها طرح حقوق البث على نحو يتم فيه تقسيمها على شكل باقات مختلفة تضمن خلق ظروف تشجع على المنافسة في عرض البطولات، وفى نفس النطاق طالب الجهاز بفصل حقوق البث داخل مصر عن بقية دول العالم، وفصل بيع حقوق البث التليفزيونى المباشر عن البث المباشر عبر الإنترنت، حيث تجدر الإشارة بأن المفوضية الأوروبية وأجهزة المنافسة الأوروبية قامت باتخاذ إجراءات مماثلة ضد الاتحاد الأوروبى لكرة القدم وبعض الاتحادات الوطنية للدول الأعضاء في الاتحاد في كرة القدم، وأن الجهاز استرشد بالتجربة الأوروبية في هذا الصدد لثبوت فاعليتها.
واختتم جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بأن «كاف» يخضع لقانون حماية المنافسة وملزم بتطبيقه وفقًا للمادة الثانية من اتفاقية المقر بين الحكومة المصرية والاتحاد.
في المقابل، عكفت الشؤون القانونية بالاتحاد الأفريقى أمس على دراسة الموقف، لاتخاذ التدابير اللازمة حيال قرار إحالة حياتو للنيابة العامة، والتزم معظم مسؤولى «كاف» في القاهرة الصمت ورفضوا التعليق على القرار، وهرب معظمهم من الرد على الصحفيين بإغلاق هواتفهم، ورفضوا الإدلاء بأى تصريحات بسبب غموض الموقف في ظل تواجد حياتو ونائبيه خارج مصر.
يأتى هذا فيما فجر مصدر مسؤول داخل «كاف»- رفض ذكر اسمه- مفاجأة من العيار الثقيل بأنه لا يجوز لجهاز حماية المنافسة، أو أي جهة أخرى، التحقيق مع رئيس «كاف»، أو إحالته للتحقيق، بسبب حصول «كاف» على قرار من الرئيس المخلوع حسنى مبارك بمنحه معاملة البعثات الدبلوماسية باعتباره منظمة عالمية تعمل في مصر.
وكشف المصدر، في تصريحاته الخاصة لـ«المصرى اليوم»، أن مسؤولى «كاف» عندما وقعوا عرض بيع الحقوق لشركة لاجاردير سبور شددوا داخل «كاف» على صحة موقفهم استنادا للائحة الداخلية التي تمنحهم حق التعاقد مع أي شركة بخصوص حقوق البث دون إبداء أسباب، واعترف المصدر بأن بيع «كاف» حقوقه العام الماضى لشركة لاجاردير سبور بسعر أقل مائتى مليون دولار أمر مثير للريبة، لكنهم برروا القرار بالتعاقد مع لاجاردير سبور لكثرة خبرتها وعملها مع «كاف» لأكثر من 10 سنوات متتالية، فضلا عن كونها شركة عالمية ملتزمة بتعاقداتها ولم يحدث أي أزمة مالية بين الطرفين خلال فترة التعامل بينهما، في حين أن الشركة التي كانت منافسة لـ«لاجاردير سبور» شركة مبتدئة ومحلية لم يتجاوز عمرها في سوق العمل عامين فقط، ما تسبب في تخوف «كاف» من التعاقد معها رغم أن عرضها أكبر من عرض لاجاردير سبور.
واختتم المصدر تصريحاته لـ«المصرى اليوم» بأن إحالة حياتو للنيابة العامة أمر يحدث داخل «كاف» لأول مرة في تاريخه، وبالتالى فإن الشؤون القانونية ستكثف من جهودها للرد على الأمر بشكل رسمى، مبديا تخوفه من عواقب القرار على استمرار مقر «كاف» وإمكانية نقله من مصر، خصوصا في ظل سيطرة حياتو على أعضاء الجمعية العمومية.