قال رجل دين مسيحى غاضباً، بعد ساعات من وقوع جريمة كنيسة القديسين بالإسكندرية: «الدولة غير جادة فى حماية المسيحيين». فقلت: «الدولة غير جادة فى حماية المصريين»، ودليلى حادث أتوبيس مدرسة الوليدية بأسيوط الذى وقع قبل 72 ساعة من حادث الإسكندرية، وراح ضحيته 17 ضحية ما بين طالبات ومشرفين ومعلم. تفاصيل هذا الحادث، لم يلتفت لها الكثيرون، رغم أنها تعكس حقائق مؤلمة، لو وقعت فى بقعة متقدمة من بلاد العالم لأُقيلت فيها حكومات. بدءاً من وكيل وزارة التربية والتعليم، الذى لم يمنع خروج رحلة مدرسية رغم تحذيرات هيئة الأرصاد من السيول، مروراً بمديرة المدرسة التى تركت الطالبات وعادت قبل إنقاذهن، انتهاءً بالمحافظ الذى لم ينتقل لمكان الحادث فور وقوعه، والسبب كما قال لنا فى حواره: «مكان الحادث يتبع محافظة أخرى فلماذا أذهب؟!»، «المصرى اليوم» ذهبت لأسر الضحايا، من نجا ومن مات.. عرفنا التفاصيل، وننقلها لكم كما سمعناها:
«ياسمين».. «16 ساعة» بين الجبل والظلام و«حضن صخرة»
فى بيت من بيوت منطقة الوليدية المتلاصقة تجلس فى غرفة بسيطة على فراشها، مشتتة النظرات، تسيطر عليها حالة مبررة من الحدة والانفعال، فمن يتحمل ما تعرضت له تلك الصغيرة التى ظلت أكثر من 16 ساعة فى المياه تحتضن صخرة على بعد 15 كيلو متراً من موقع الحادث بعد أن جرفتها مياه السيول، تبدأ الحديث قائلة: «الجو يوم الرحلة كان كويس فى المنيا بس فجأة اتغير، اتصل بينا أهالينا على الساعة 2 واطمنوا علينا وقالوا لنا مانرجعش أسيوط لأن فيه مطر شديد على الطريق، وكلموا المديرة وطلبوا منها تاخدنا ونبات فى فندق لحد الصبح، أو نرجع فى القطر وعلى حسابهم، لكن هى رفضت وأصرت نرجع.. لما وصلنا منطقة «دير البرشا» السيول كانت نازلة من الجبل زى الطوفان، وفجأة الأتوبيس اتقلب على جنبه اليمين، ونزل المدرسين وقالوا لنا ننط من الشبابيك. نطيت أنا ومنار صاحبتى. وصلنا لباب الأتوبيس ومسكنا فيه جامد عشان الميه ما تجرفناش.. كانت الميه واصلة لوسطنا، لكن زادت وغطتنا وبعدتنا عن الأتوبيس. فجأة مالقيتش منار.. دورت عليها تحت الميه ومالقتهاش.. والميه شدتنى لبعيد، كنت باحاول أمسك فى أى شىء لكن ماكانش حاجة ثابتة، فقلعت البالطو لأنى خفت تقل الميه فيه يشدنى لتحت. وفجأة لقيت صخرة كبيرة مسكت فيها وحضنتها وأنا كل هدومى مقطعة. فضلت كده طول الليل كنت حاموت من البرد والخوف من الضلمة».
فى الصباح انحسرت المياه عن ياسمين وهى فى حالة سيئة. بفطرتها تقرر السير فى ذات الاتجاه الذى جاءت منه، رأت فى طريقها جثة المشرفة سحر شعبان طافية على سطح المياه، خافت الصغيرة فصعدت على الجبل علها تجد من ينقذها، لتلتقى بعد فترة من السير بسيارة نصف نقل بها عمال أحد المحاجر، ارتابوا فيها لولا أنها أشارت لهم وحكت ما حدث، طالبة أن يحادثوا أباها على هاتفه المحمول. كانت الساعة تشير وقتها للتاسعة صباحاً، وفى منزلها كانوا فاقدين الأمل فى عودتها، ولكن ما إن سمعوا صوتها، حتى انطلقت زغرودة من والدتها محت قلقهم طوال ساعات الليل.
«مش ممكن أنسى العامل المسيحى اللى شالنى وحطنى فى العربية، ونقلنى للأوضة بتاعتهم، قال لى أنام على أى سرير وأقفل على نفسى من جوه، وجاب لى جلابية بتاعته عشان أغير هدومى المقطعة لحد أهلى ما جُم وأخدونى».
التف عدد من ضباط الإنقاذ حول ياسمين طالبين منها أن تحكى لهم ما حدث بالتفصيل، ففوجئت بهم بعد ذلك يصرحون بأنهم مَنْ قاموا بإنقاذها، فقالت فى سرها بطفولتها: «كذابين.. لم ينقذنى أحد غير الله وطارق المسيحى». وفى المستشفى الذى أجريت لها فيه الإسعافات الأولية، منحتها المحافظة 200 جنيه على سبيل التعويض، وكتبوها فى الصحف 2000 جنيه، وهو ما تتعجب منه قائلة: «هم بيكذبوا ليه أنا ماكنتش عاوزة فلوس».
تقاطعنى فى الكلام طالبة أن أكتب ما تقول بالحرف، فأستجيب لها: «حسبى الله ونعم الوكيل فى كل اللى مافكّرش فينا، لو بعتوا طيارة بكشاف نور كانوا شافونى أنا ومنار وكانوا طلّعونا.. فيه ناس ماتت من البرد والميه، وفيه ناس ماتت متكهربة من عواميد النور اللى وقعت وجرفها التيار، ولما طلعت ما حدش كان عايز يسمع الحقيقة. كانوا عايزينى أقول اللى همّا عايزينه بس.. حتى أخويا لما كان بيسأل علىَّ فى المستشفى ومش لاقينى وكان بيزعق، العسكرى ضربه، ومنعوا الأهالى يروحوا يدوروا علينا بالليل». قبل أن أترك ياسمين أسألها هل ستذهب فى رحلات أخرى مع المدرسة؟ تجيبنى: «طيب أروح مع مين منار مابقتش موجودة، وأنا مش عايزة أروح المدرسة».
«إيمان».. الضحية التى عثر أهلها على جثتها فى «كيس» بجوار كمين أمنى
فى غرفة من غرف بيوت الوليدية، البعيدة عن عين الحكومة وقلبها، تجلس «منى» أم إيمان تتشح بالسواد، وبجوارها شقيقتها «هويدا» وبعض الجارات اللاتى جئن يواسين الأسرة. غرفة لا تزيد مساحتها على 4 أمتار. «إيمان حمزة محرم» راحت فى الحادث، لم تنقذها قوات الإنقاذ ولم تعثر والدتها على جثتها فى مشرحة المستشفى ولكن وجدتها خالتها فى كيس أسود فى كمين شرطة بالقرب من موقع الحادث عصر اليوم التالى.
الحكاية ترويها خالتها بقولها: «لما الجو اتغير، الخوف ملكنى على إيمان، كان فيه شىء واكل قلبى، تليفونها ما كانش بيرد، لما عرفنا جرينا على مستشفى أبنوب اللى كان فيه شوية بنات نجيوا.. الساعة كانت 8 بالليل، مالقيتش إيمان، بس لقيت المحافظ واقف، قلت له يا بيه مش لاقية بنتى، قال لى روحى شوفيها فى مستشفى القصر العينى، جرينا وبرضك مالقينهاش. طول الليل ندوروا، حاولنا نروح مكان الحادثة ندوروا عن بناتنا مع بقية الأهالى، الحكومة رفضت. وكل ما تسألى حد يقول، البنات والمدرسين راجعين فى الطريق إحنا كلمناهم، اطمنوا.. نطمن كيف وبت 14 سنة بره البيت لوحديها؟ على الفجر دعيت ربنا نلقاها حتى لو جثة».
فى الصباح لم تجد أسرة إيمان مفراً من التوجه للمستشفى الجامعى فى المنيا لمواصلة البحث عنها، ولكنهم لم يعثروا على شىء حتى الظهيرة. خارت قوى الخالة وبكت، أخبرهم أحد المسعفين بالمستشفى بوجود جثة فى الكمين المجاور لموقع الحادث، تكمل الخالة القصة بقولها: «وصلنا الكمين مع صلاة العصر، سألنا الظابط عن جثة إيمان، شاور لينا على كيسين لونهم إسود وقال دوروا هناك، لقينا إيمان فى كيس وزميلة ليها فى الكيس التانى، أخدناها معانا لأجل نبرد نار أهلها، بس لما الحكومة لقيت البنات ماودتهومش المشرحة ليه؟ ما قالوش لينا ليه؟ لما كنا فى مستشفى أبنوب بعد الحادث كان فيه واحد بيدور على بنته وبيصرخ عليها، قام عسكرى ضربه، جرى على البيه المحافظ وقال له ضربونى يا بيه، قال له: وأنا أعملك إيه؟».
تجيب الخالة عن سؤال لماذا تركوا أولادهم يذهبون فى رحلة رغم وجود تحذيرات من السيول؟ بقولها: «القدر.. هنعمل إيه؟ الرحلة كان مقرر ليها يوم الخميس، لكن الناظرة بدلتها الأربع عشان تلحق تشوف الماتش يوم الخميس، غاوية كورة أصليها والكورة أهم، وأول ما الأتوبيس مال على جنبه خرجت منيه هى وقرايبها اللى كانوا معاها فى الرحلة، وسابت البنات لحالهم، والحكومة عاقبتها بالوقف 3 أشهر عن العمل.. بس يا اخوانا، طب والعيال اللى ماتت دول إيه..شوية فراخ؟».
رغم بساطة الحوار والمكان معاً، إلا أن إجراءات بديهية يتحدث عنها الأهالى، تسألك الخالة بفطرة شديدة عن سبب عدم وجود كارنيه يوضع فوق ملابس البنات فى الرحلة يحمل أسماءهن وعناوينهن، حتى يسهل الوصول لهن فى حال وقوع مكروه؟
بجوار أسرة إيمان يقع بيت هيام عبدالصبور وابنة عمتها أمانى جبر، وهما من ضحايا الحادث. تتمالك أسرتهما حالهما محتسبتين البنتين عند الخالق، ولكنهما لا تخفيان حزناً من إهمال شاب البحث عن بنات الأتوبيس. يقول الأب: «اتنقلنا طول الليل بين المحافظة والقسم والمستشفيات، واحد ظابط قال لى إنه كلم هيام وأمانى على تليفون الأستاذ أسامة، وإنهم ركبوا عربية الإسعاف وجايين فى الطريق وأقسم بالله، لكن الساعة 9 الصبح عرفت إن العربية بتاعة الإسعاف جرفها التيار وغرق كل اللى فيها. ليه مابعتوش طيارة.. ليه؟ الشهر اللى فات سايح صينى اتخطفت شنطته الدنيا اتقلبت. هو إحنا مش زى الصينيين؟».
«أسامة».. المعلم الذى مات وهو يحاول إنقاذ تلميذاته وأبنائه
فى الوليدية، يقع بيت الأستاذ أسامة، مدرس الرياضيات «38 سنة»، ساعة ذهبنا للقاء أسرته لم يكن قد تم العثور على جثته رغم مرور 7 أيام على الحادث. فى بيته وجدنا شقيقه الأستاذ أشرف الفولى، وأبناءه الأربعة، أما زوجته فلم نرها لأنها طريحة الفراش تنتظر وضع مولودها الجديد الذى لن يرى أباه. حقيقة ما حدث كانت مع إسراء الابنة الكبرى للأستاذ أسامة التى كانت هى وشقيقتها آية وأخوها إسلام آخر من شاهد الأب. تقول: «لما الأتوبيس اتقلب والميه دخلته لحد نصه، بابا والمدرسين نطوا من الشباك عشان يخرجونا، نادينا على بابا فقال لنا ثانية واحدة أطلع بنت من تحت الأتوبيس، وآجى لكم. كانت الميه بتزيد والمدرسين جابوا حبال ربطوها ببعض عشان يطلعوا بيها البنات من الميه. فيه واحد من المدرسين طلب مننا نطلع من الشبابيك ونقف على الأتوبيس من فوق حتى لا نغرق بداخله. طلعت آية وإسلام إخواتى وبعدين جيت أطلع ما عرفتش كنت حاغرق لكن هما شدونى من الجاكت بتاعي. بعد كده ما شوفتش بابا. الساعة 6.30 جت عربية إسعاف وما كانوش عايزين ياخدوا غير المصابين بس، لكن واحد ظابط خلاه ياخدنا لأننا كنا حنجمد من البرد. السواق دخلنا أنا وإخواتى وكام بنت وطلب ما نتكلمش عشان ما حدش يحاسبه لأنه ممنوع يركب ناس سليمة».
يكمل أشرف الفولى شقيق الأستاذ أسامة الحديث قائلاً: «كل واحد بيرمى مسؤولية اللى حصل على التانى، المحافظ بيقول إنه حذر، والتربية والتعليم تقول نبهنا، والناظرة بتقول ما حدش قال لنا حاجة. الكارثة إن الطريق عبارة عن مخر سيول مليان من تحت رمل ولما الميه نزلت مندفعة ونحرت فى الرمل، انكسر الأسفلت ومال، طيب ليه ما قفلوش الطريق وهما عارفين إنه فيه مخر للسيول؟.. البحث عن أسامة استمر يومين لكن بعد كده ولحد النهارده إحنا اللى بندور بنفسنا. ولما قلت يوم الحادثة فى مديرية الأمن طلعوا لنا طيارة، قالوا لنا مستحيل، رغم إن الطيران طلع نقل الأمريكان اللى انصابوا فى حادثة الأتوبيس فى أسوان ونقلهم للمستشفيات».
«المصرى اليوم» تسأل محافظ أسيوط: لماذا لم تتابع الإنقاذ فى موقع الحادث؟ فيرد: لأنها وقعت فى المنيا.. وليس مطلوباً من المحافظ أن ينزل فى كل حادث
التقت «المصرى اليوم» اللواء نبيل العزبى، محافظ أسيوط، فى حى «نائلة خاتون» حيث كان يتابع أعمال تجديد عمارات الحى على حساب قاطنيها، والذى برر عدم ذهابه إلى موقع الحادث لمتابعة جهود الإنقاذ بأن منطقة «دير البرشا» تتبع محافظة المنيا وليس أسيوط، وأنه ليس مطلوباً من المحافظ أن ينزل لكل موقع حادث، مشيراً إلى أنه كان يطمئن الأهالى بنفسه مع وصول أى سيارة إسعاف بها طالبات.. وإلى نص الحوار:
■ كيف تعاملتم كمحافظة مع الحادث؟
- سارعنا باتخاذ جميع الإجراءات فور علمنا بوقوع الحادث.. كان المصابون يصلون إلى مستشفيات أبنوب وقصر العينى، وتواجدت بنفسى هناك للتأكد من وجود جميع الأطباء فى نفس توقيت وصول المصابين، وطمأنت الأهالى بنفسى. وتابعت إسعاف المصابين بإصابات سطحية وخروجهم، بينما تم إرسال الحالات الخطيرة إلى المستشفى الجامعى، كما أنهينا جميع إجراءات الدفن وصرفنا التعويضات لأسر الضحايا بواقع 2000 جنيه للمصاب، و5 آلاف جنيه للمتوفى.
■ يرى البعض، خاصة من الأهالى، أنه لم تكن هناك جدية فى التعامل مع الحادث؟
- الجدية كانت أساس تعاملنا مع الحادث منذ اللحظة الأولى، ولم ندفن رؤوسنا فى الرمال، واعترفنا بوجود خطأ لدى مديرية التربية والتعليم، لأنه كان يجب على وكيل الوزارة منع خروج الرحلة فى ظل التحذيرات من وقوع سيول على مناطق فى الصعيد، خاصة أنه فى اليوم السابق للحادث عقدتُ اجتماعاً لجميع الأجهزة فى المحافظة لإعلامها ولاتخاذ التدابير اللازمة، كما تشارك مديرة المدرسة فى الخطأ، ولذا تم إيقافها عن العمل 3 أشهر وإحالتها للتحقيق.
■ إتهم الأهالى مديرة المدرسة بأنها سارعت بمغادرة الأتوبيس فور وقوع الحادث، وتركت البنات يواجهن مصيرهن. ما تعليقك؟
- المديرة فى المقام الأول والأخير بشر، وكان يجب عليها إنقاذ نفسها، ثم إنه تمت إحالتها للتحقيق وإيقافها عن العمل، ليس بسبب انصرافها، ولكن بسبب وجود نحو 79 شخصا فى أتوبيس لا يستوعب أكثر من 53، كما أن الأعداد الزائدة لم تكن مقيدة فى الكشف الرسمى للرحلة وهو ما تسبب فى حدوث ارتباك. ولكن فى الوقت نفسه يجب ألا نلقى باللوم على إدارة المدرسة بمفردها، لأن هذا حادث قدرى.. سيل ضخم جرف الأتوبيس وهو أمر يمكن حدوثه فى أى مكان فى العالم.
■ لماذا لم تطلب طائرة مجهزة من القوات المسلحة، لإنقاذ الضحايا بدلا من إرسال سيارة إسعاف غرق سائقها؟
- هذه ليست مهمتى، نحن تواجدنا فى المستشفى لمتابعة إنقاذ الضحايا.
■ لماذا لم تنتقل كمحافظ لموقع الحادث ومتابعة جهود الإنقاذ فى المساء؟
- لأن منطقة دير البرشا التى وقع بها الحادث تتبع محافظة المنيا وليست أسيوط، وليس مطلوباً من المحافظ أن ينزل لموقع كل حادث، فهناك مستويات إدارية لمتابعة الحوادث والأزمات، كما أننا قمنا بالتنسيق مع محافظة المنيا، وأى سيارة إسعاف كانت تخرج وتحمل مصابات كنا نسارع بطمأنة الأهالى.
■ ولماذا لم يتم إغلاق طريق أسيوط - المنيا الشرقى بمجرد تغيُّر حالة الجو؟
- هذا ليس من مهامى ولكنه من مهام محافظ المنيا، ولكن فيما يتعلق بجميع مخرات السيول فى أسيوط، فقد تم تطهيرها وإعدادها لمواجهة أى أزمات، كما أن لدينا أكبر معدات الإنقاذ فى الصعيد وبها 120 قلاباً و12 حفاراً وأكبر بلدوزر.
■ ولماذا لم يتم توجيه تلك المعدات لمكان الحادث للمشاركة فى إنقاذ الضحايا؟
- لأن تلك مهمة محافظة المنيا، والمحافظ هناك لم يطلب منا ذلك، بالإضافة إلى أننى لا أستطيع إخراج تلك المعدات إلى المنيا، والبقاء هنا بغير معدات إنقاذ.
.. وأهالى الضحايا يطالبون بمحاسبة محافظ المنيا لأنه ذهب إلى موقع الحادث بعد 17 ساعة
طالبت أسر ضحايا مدرسة البنات بالوليدية فى أسيوط بمحاسبة اللواء أحمد ضياء الدين، محافظ المنيا، وجهازه المعاون، متهمين إياهم بالتقصير فى أداء عملهم، مؤكدين أن المحافظ لم ينتقل إلى مكان الحادث إلا بعد مرور 17 ساعة.
روى الأهالى، ممن كانوا فى موقع الحادث، كيف وجدوا جثث الضحايا ملقاة فى الصحراء بعد انحسار المياه، ممسكين بجذوع الأشجار وهو ما يؤكد - حسب قولهم - محاولتهم النجاة دون التدخل لإنقاذهم. وقال شهود العيان إن فرق الإنقاذ النهرى خصصت 5 جنود ولودراً واحداً فقط للبحث عن الضحايا والمصابين، وهو ما أدى إلى تأخر العثور عليهم وزيادة عدد الموتى.
محمد جمال - 27 سنة - فقد والدته سحر شعبان، مشرفة الرحلة، وزوجته «إسراء» التى كانت بصحبة والدته. يحكى مأساته بقوله: «فشلت فى العثور عليهما بالمستشفيات، فانتقلت لمكان الحادث الساعة 11 مساءً، فوجدت الأتوبيس مقلوباً وبجواره مدير أمن المنيا وبعض المسؤولين وبعض ضباط الشرطة و5 جنود من فرق الإنقاذ ولودر. كانوا يبحثون عن جثث الضحايا فى مسافات لا تزيد على 500 متر من موقع الحادث، وظلوا هكذا حتى الساعة 1 صباحاً ثم غادروا الموقع، فجلست مع بعض الأهالى بجوار كمين البرشا حتى الصباح حيث بدأنا رحلة البحث عن ذوينا سيراً على الأقدام لنحو 10 كيلو مترات باتجاه سير المياه، فشاهدنا حقائب وملابس الضحايا، وكانت جثة سائق الإسعاف أول ما وجدنا على بعد 2 كيلو متر، فأبلغنا زملاءه وحضروا ونقلوه، ثم حضر بعدهم ضابط الانقاذ الذى طلب منا الاتصال به فى حالة العثور على جثث أو مصابين، وعندما لم أجد أمى وزوجتى وقفت على تبة عالية أنادى عليهما دون جدوى».
وقال الشهود إن محافظ المنيا وصل إلى الحادث فى العاشرة صباحاً وسط عبارات «وسّع الطريق للمحافظ» التى كان يرددها الجنود، فسأل عن الموقف، بعدها بدأ أفراد الإنقاذ فى حضوره معاودة البحث عن جثث الضحايا ونقلها إلى المستشفيات.