قتل 5 تونسيين، بينهم طفل، في مواجهات بين الشرطة ومحتجون على البطالة وغلاء المعيشة، بينما حاول 3 آخرون الانتحار، وفيما استعانت السلطات التونسية للمرة الأولى بالجيش لتطويق تلك الاحتجاجات التي اندلعت منذ منتصف الشهر الماضي، بلغت خسائر الجزائر من أعمال شغب واحتجاجات مماثلة بسبب الغلاء والبطالة 6 مليارات دولار.
وقتل 4 أشخاص على الأقل وأصيب 6 آخرون بجروح خطيرة مساء السبت، خلال مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن في محافظة تالا، وسط غرب تونس، وقال القيادي النقابي صادق محمودي، إن تالا كانت مسرحا لمواجهات عنيفة أقدم خلالها المتظاهرون على نهب سلع وإضرام النار في مصرف ومبان رسمية، مؤكداً أن الجيش انتشر السبت للمرة الأولى منذ بدء الاضطرابات واتخذ مواقع له حول المباني الرسمية.
وقال شاهد عيان، إن مواجهات دموية وقعت ليل السبت - الأحد في مدينة القصرين حيث قتل طفل يبلغ من العمر 12 عاماً برصاصة في الرأس.
وأشار إلى أن قوات الأمن فتحت النار على متظاهرين ومشاغبين خربوا مقرات هيئات حكومية وغير حكومية ومقرات تابعة للحزب الحاكم (التجمع الدستوري الديمقراطي) وأحرقوا سيارات وأشعلوا الإطارات المطاطية في الشوارع ورشقوا قوات الأمن بالحجارة.
في السياق ذاته، حاول 3 أشخاص الانتحار في قصرين وسيدي بو زيد في منطقة وسط غرب تونس التي تشهد احتجاجات ضد البطالة منذ منتصف ديسمبر الماضي، وقال شاهد عيان أن منصف عبدلي (52 عاماً) وهو أب لـ4 أطفال أضرم النار في نفسه بالقرب من أحد الأسواق في وسط سيدي بو زيد، وفي قصرين، حاول الشاب حلمي خضروي العاطل عن العمل الانتحار بسكب البنزين على نفسه وإضرامه النار، فيما قام رجلا في الـ35 من العمر بمحاولة انتحار بعد مظاهرة ضد البطالة في قصرين.
توفي طالب ثانوي كان قد أضرم النار بنفسه في 5 يناير الجاري بالقرب من تونس العاصمة، متأثراً بحروق كان أصيب بها.
وامتدت أعمال الشغب خارج البلاد فيما يبدو حيث ذكر مصدر أمنى فرنسي أن انفجاراً محدوداً للغاية، وقع في وقت مبكر صباح الأحد، بمبنى قنصلية تونس بالضاحية الباريسية سين سان ديني، مما أسفر عن وقوع خسائر مادية محدودة واحتراق ستائر معدنية بمكاتب القنصلية.
وفي الجزائر، أعلن اتحاد الصناعيين والمنتجين الجزائريين أن الخسائر التي لحقت بالممتلكات الحكومية والخاصة خلال الأيام الـ3 الماضية بأكثر من 500 مليار دينار أي ما يقرب من 6.850 مليار دولار (الدولار يساوي 73 ديناراً جزائرياً).
وتوقع رضا حمياني رئيس منتدى رؤوساء المؤسسات في الجزائر أن تشهد أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفاعاً مذهلاً في الأسواق العالمية خلال الأسابيع المقبلة وأرجع ذلك لمعطيات اقتصادية وسياسية معروفة تتمثل في انسحاب روسيا من إنتاج القمح.
وأضاف حمياني أن هناك غياباً للحوار الاجتماعي بين السلطات والشركاء الاجتماعيين وانعدام الوسطاء بين النظام والشعب مثل الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات والتنظيمات جعل السلطة تواجه الغضب الشعبي دون وجود صمامات قادرة على امتصاص الغضب والتخفيف من حدة الصدام.
وكانت الحكومة الجزائرية أعلنت مساء السبت، إعفاء مستوردي ومنتجي الزيت والسكر مؤقتاً من الرسوم بنسبة مجموعهما 41% من مواجهة ارتفاع أسعار المواد الأساسية الذي أدى لاندلاع أعمال الشغب منذ الأربعاء الماضي وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 763 من رجال الشرطة و100 من المحتجين فيما تم إلقاء القبض على 1100 من المتظاهرين.
وأكد عبد العزيز بلخادم، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني في الجزائر، ذات الأغلبية في الحكومة والبرلمان، أن أحداث الشغب والعنف المتواصلة لا تحمل أي صبغة سياسية، مشيراً إنها لم تحمل شعارات سياسية انحصرت في احتجاج على غلاء الأسعار.
واستبعد بلخادم أن تكون مؤامرة مدبرة من أي جهة ضد أخرى داخل السلطة أو خارجها، مندداً في الوقت نفسه بشدة بما قال عنها «عمليات السطو التي لا يمكن تبريرها»، وأوضح أن الحديث عن قمع تلك الاحتجاجات من قبل قوات الأمن فيه الكثير من المبالغة وأن الاحتجاج ينبغي أن يتم بالطرق السلمية، وانتقد بلخادم بشدة القنوات الفضائية التي تابعت الأحداث الأخيرة مع تأكيدها فكرة أن «الجزائر بلد غني وشعب فقير».