كشف محمد فائق، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن المجلس أرسل إلى رئيس الجمهورية ملاحظاته بشأن قانون الجمعيات الأخيرة، الذي وافق عليه مجلس النواب، وأثار ردود أفعال غاضبة لما اعتبره البعض أنه يشكل غلقا للمجال العام وقيودا على عمل منظمات المجتمع المدنى، معربا عن أمله بأن يجرى رئيس الجمهورية بعض التعديلات قبل التصديق على مشروع القانون.
وقال فائق في الجزء الثانى في حواره لـ«المصرى اليوم» إن المجلس تواصل مع وزارة التضامن على مدار أكثر من عام وتم الاتفاق على مسودة قانون جيد للجمعيات إلا أنه فوجئ بإصدار قانون من مجلس النواب، تتعارض نصوصه مع المواثيق الدولية التي تعاهدت عليها مصر. وحذر فائق من أن الإجراءات الأخيرة ضد «المجتمع المدنى» لم يكن لها ضرورة أو مبرر، مشددا على أن صورتنا في الخارج أسوأ من واقعنا بسبب عدد من الإجراءات التي اتخذت مؤخرا، ومنها منع مواطنين من السفر، وعودة فتح القضية المعروفة إعلاميا بـ«التمويل الأجنبى». وتطرق فائق في حواره لـ«المصالحة» مع جماعة الإخوان، معتبرا أنها «قضية ملتبسة»، متسائلا: كيف أتصالح مع تنظيم لديه «جناح عسكرى» ومازال يخلط بين العمل الدعوى والسياسى؟ مشددا على أن التنظيم متباعد جدا ولا يعيش الواقع بحديثه أن الرئيس المعزول مرسى مازال هو الرئيس الشرعى للبلاد.
■ ما تقييمك لحالة حقوق الإنسان من خلال متابعتك لواقع الأحداث اليومية؟!
- صورتنا في الخارج أسوأ من واقعنا لأن الخارج يتأثر بعنصرين وهما حرية الرأى والتعبير والمجتمع المدنى، وهناك عدد من الإجراءات اتخذت مؤخرا أساءت لنا في الخارج ولم يكن لها ميزة تضيف إلينا، مثل بعض الإجراءات الأخيرة على المجتمع المدنى وهى إجراءات لم يكن لها لازمة أو مبرر خاصة أن هناك قانونا جديدا وكان يمكن انتظار صدوره، فتحنا الباب ولم نغلقه ولنا أكثر من سنة نتواصل مع وزارة التضامن في عمل قانون مثالى يضمن سلامة العمل الأهلى، ويحل عددا من المشكلات منها انفلات عدد من المنظمات وهى قليلة وإشكالية التمويل الأجنبى.
■ المجلس كان طرفا أصيلا في حالة من الجدال بشأن القانون.. ما هي أبرز انتقاداتكم لقانون الجمعيات؟!
- قانون الجمعيات ليس من المفروض أن يصدر بين يوم وليلة، وتواصلنا مع وزارة التضامن على مدار أكثر من عام، لأنه وفقا للدستور أي قوانين تتعرض للحريات، يجب أن يطلع عليها المجلس ويبدى مشورته، وتوصلنا إلى مسودة للقانون مع وزارة التضامن، يمكن القول إنها كانت ستفتح المجال وتطلق حرية المجتمع المدنى وتحل كثيرا من المشكلات لنحو أكثر من 45 ألف جمعية أهلية، وفى أحاديثى خلال زيارات عدد من المسؤولين والسفراء الأجانب كنت أقول لهم انتظروا قانونا جيدا، ولكن فوجئنا بإصدار قانون به نصوص تتعارض مع كثير من المواثيق الدولية التي تعاهدت عليها مصر.
■ ماذا عن موقف المجلس من قانون الجمعيات الأهلية الذي أقره البرلمان مؤخرا؟!
- مجلس النواب أرسل لنا مسودة مشروع القانون قبل إقراره، وقمنا بوضع عدد من الملاحظات لكن لم يتغير شىء، وتم الأخذ بجزء بسيط، من المهم إعادة النظر في هذا القانون، ولأنه من المعيب أن يكون لدينا مثل هذا القانون بعد إقرار دستور جيد أقر الحريات والاتفاقيات التي وقعت عليها مصر، إضافة إلى مبادئ الثورة التي رفعت شعار الحرية والكرامة الإنسانية، كل ذلك يجعل من المهم إعادة النظر في مثل تلك القوانين التي تتعارض مع الاتفاقيات الدولية أو الدستور.
■ ماذا عن موقفكم من إصدار القانون بعد موافقة مجلس النواب عليه؟
- جددنا رفضنا وأرسلنا ملاحظتنا إلى رئيس الجمهورية، وعموما لدينا أمل في تعديله، خاصة أن الرئيس حتى هذه اللحظة لم يوقع على القانون، فضلا عن إرسال تلك الملاحظات إلى رئيس مجلس النواب، ونرى أن القانون به كثير من المعوقات البيروقراطية التي تشكل عبئا وقيودا على ممارسة العمل الأهلى.
■ أبرز الانتقادات الموجهة إلى مشروع القانون تشكيل لجنة من وزارات وجهات سيادية للموافقة على تشكيل الجمعية؟
- الأصل في الإنشاء هو أن يكون بالإخطار، وبشكل عام نرفض التدخل الأمنى، والخطورة في هذا القانون أنه شرعن التدخل الأمنى، حيث كان في السابق مستترا وغير منظور أما بعد إقرار القانون فهو أصبح قانونيا ومعلنا، لكن ليست تلك هي القضية الأساسية، الخطورة الأكبر من وجهة نظرى وجود مواد ونصوص على سبيل المثال أن ينص على عقوبة بالسجن 5 سنوات لشخص متطوع في جمعية أهلية لأنه أخطأ إداريا، وهى عقوبة بها إجحاف ولا تناسب الجرم الذي قام به، والبديل أن يكون هناك إغلاق لتلك الجمعية في حال وجود مخالفات كبرى تتطلب ذلك.
■ ما الخطورة من وجهة نظرك بعد اطلاعك على هذا القانون؟
- نحن نريد العناصر الجيدة أن تكون عنصر جذب ويكون لها دور فعال في المجتمع المدنى، ولكن في ظل هذا القانون سيزيد من تحفظ الكثيرين وبالتالى غلق المجال العام وهو ما نرفضه شكلا وموضوعا، والمجتمع المدنى أصبح جزءا من عملية التنمية.
■ وفقا للدستور فإن المجلس منوط به المراجعة والاطلاع على كل مشروعات القوانين المعنية بحقوق الإنسان.. كيف ترى ذلك في إطار تجاهل مطالبه بشأن الجمعيات؟
- ملاحظتنا استشارية، بمعنى أن كل ما يتعلق بتشريعات وقوانين عن الحريات وحقوق الإنسان، وإذا كان هناك تعارض نحن ننبه إليه.
■ كيف تفسرون هذا التجاهل؟!
- هذا التجاهل يوجه إلى الجهة التي تجاهلت وليس نحن.
■ ماذا عن قانون المجلس القومى لحقوق الإنسان وآخر المستجدات فيه؟
- على مدار أكثر من عام ونحن نتواصل مع الحكومة بخصوص تعديل قانون المجلس، القوانين تتغير وفقا لتغيرات داخلية أو خارجية في المنظومة الدولية، القانون 94 المنظم لعمل المجلس كان جيدا، ولكن هناك تغيرات جديدة تتطلب تعديل القانون بالنسبة لما يسمى بمبادئ باريس.
■ ماذا عن أهم التعديلات المطلوبة؟
- مدة المجلس أن تكون 4 سنوات بدلا من 3 سنوات، التأكيد على أن يكون هناك قدر من الضمانات للعاملين في المجلس، الحق في
زيارة السجون، الغريب أنه دخلت مواد لم نعرف من أتى بها.
■ ماذا عن تلك المواد؟!
- على سبيل المثال أن تتم موافقة مجلس النواب على المنح والمشروعات التي يقرها المجلس القومى لحقوق الإنسان، أصبح هنا أن يكون ضرورة، وهذا يتعارض مع استقلالية المجلس، والتى أقرتها مبادئ باريس ونرى أن قوة المجلس هي في استقلاله عن باقى مؤسسات الدولة، والمفروض أن المجلس مستقل عن السلطات الثلاث، معنى ذلك تقليل من استقلالية المجلس، ونحن نعارضها وعلى مدار أكثر من عام نضع ملاحظتنا ونرسلها للوزير العجاتى، ولكن نكتشف أن هناك مواد ونصوصا لا هدف منها سوى إضعاف المجلس.
■ الحكومة أعلنت قبل أسبوعين الموافقة المبدئية على قانون تعديل المجلس هل تواصلت الحكومة معكم في هذا الصدد؟
- ليس لدينا علم بما تم إقراره وآخر شىء كانت هناك مسودة وتم إرسالها إلى مجلس الدولة وشاركنا في مناقشة بعض النصوص، ولا علم لنا بما تم الموافقة عليه من قبل الحكومة، وطلبنا مشروع القانون بشكله النهائى وناقشناه مع مجلس الدولة، ولكن لا علم لنا بما تم الانتهاء منه.
■ من بين المواد التي كانت مثار خلاف بينكم وبين الحكومة قضية زيارة السجون؟
- بالفعل ولكن زيارة السجون أصبحت حقا أساسيا في القانون الجديد، وهناك توافق عليها، ولكن الآليات والإجراءات هي التي سوف يتم الاتفاق عليها مع النائب العام وفقا لما سوف ينص عليه القانون الجديد للمجلس.
■ التشكيل الحالى للمجلس انتهت مدته قانونيا، وجرى التمديد حتى إصدار القانون الجديد.. ما تقييمكم لتلك الفترة؟
- يكفى أن المجلس حقق سمعة جيدة خارجيا، ويعتبر أحد أبرز النماذج المشرفة في عمل المجالس الوطنية لحقوق الإنسان، في يناير المقبل سوف يكون هناك تقييم جديد للمجلس، وسوف يتوقف على عنصرين، الأول قانون المجلس الجديد، وتقرير الامتثال الذي يرفعه المجلس إلى المجلس الدولى لحقوق الإنسان، ويتضمن أنشطته وفعاليته وما الذي قدمه، وهنا يجب التركيز على نقطة مهمة لا نعنى بالأنشطة زيارات السجون ومكافحة التعذيب ورصد الانتهاكات، وإنما نسعى إلى زرع خطة حقوق الإنسان في عملية التنمية، وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان، وتأصيلها في المجتمع سواء عند السلطة التنفيذية أو شعبويا.
■ هل تعتقد أن مصطلح «حقوق الإنسان» مازالت كلمة «سيئة السمعة»؟
- في مصر تأخذ بعض الأخطاء من بعض المنظمات والأشخاص ويجرى التعميم عليه وهذا خطأ ومرفوض لأنه في كل مهنة هناك السيئ، ولا يمكن القياس على ذلك، وتعامل المجتمع المدنى كله بنفس الآلية مع العناصر السيئة.
■ مؤخرا تجددت القضية المعروفة إعلاميا بقضية «التمويل الأجنبى» ومن خلالها يجرى التحقيق مع عدد النشطاء.. كيف ترى تلك القضية؟
- القضية فتحت أكثر من مرة ثم توقفت، والخطورة في ذلك أنه بفتحها كل مرة تسىء إلينا مرة ثانية وثالثة، ويحضرنى هنا أن أذكر أننى توصلت مع وزيرة التضامن إلى إرجاء هذا الأمر قبل عام حتى إصدار القانون الجديد للجمعيات، وتقنين كافة المؤسسات ولكن لا أعلم ما الهدف وما المصلحة في إثارة تلك القضية، ما أريد قوله أننا نقوم بفعل أشياء واتخاذ إجراءات لا عائد من ورائها سوى أنها تؤذينا بشكل خطير داخليا وخارجيا.
■ من بين الانتهاكات التي مازالت تشكل خطورة قضية التعذيب؟
- ليس هناك تعذيب منهجى في مصر، ومؤكد أنه في غياب الرقابة وتعداد سكانى يتجاوز 90 مليون مواطن أن تجد مثل تلك الوقائع وهى مرفوضة ولا يصح أن تحدث من الأساس، وإنما ما يلاحظ أنه ليس هناك صمت على تلك القضايا في حال رصدها، ويجرى التحقيق مع فاعليها وتصدر بحقهم أحكام قضائية، ووفقا لما رصده المجلس على مدار السنوات الماضية فإن التعذيب في الغالب يحدث أثناء التحقيقات والحصول على المعلومات، إنما في السجون تكمن الخطورة في سوء وتردى الأحوال المعيشية والصحية، وفى كثير منها تحدث وفيات وانتهاكات.
■ وماذا عن دور المجلس في المساهمة في علاج تلك الإشكالية؟
- لا أستطيع أن أحدث 100% من السجون مرة واحدة، ولكننا نعطى أولوية في زيارتنا للسجون التي نرصد فيها شكاوى وملاحظات، إضافة إلى أن هناك تعاونا في الداخلية على أساس أنهم يأخذون بملاحظتنا.
■ المجلس أعلن عن خطة لزيارة أقسام الشرطة ضمن برنامج زيارته للسجون؟
- زيارات المجلس للسجون لم تتوقف أبدا ومستمرة، ونسعى أن تكون جزءا من آلية العمل زيارة الأقسام، وما رصده المجلس أن الأوضاع في الأقسام ليست مثالية.
■ ماذا عن العلاقة بين المجلس ووزارة الداخلية؟
- ليس هناك مشكلة مع الداخلية، المشكلة في بطء قرارات الإصلاح نفسها، وأشير هنا إلى أن المجلس بصدد توقيع بروتوكول مع وزارة الداخلية لتدريب عدد من ضباط الشرطة على قضايا حقوق الإنسان بمشاركة ضباط من جميع أقسام الشرطة في المحافظات وهى منهجية جديدة نسعى لترسيخها.
■ في مارس المقبل تخضع مصر لجلسة مراجعة نصف دورية في المجلس الأممى لحقوق الإنسان بجنيف.. ماذا تتوقع؟
- بشكل عام هناك عدد من الإجراءات الجيدة التي شكلت إضافة لك منذ 2011، منها على سبيل المثال أن جميع الانتخابات والاستفتاءات التي جرت بعد ثورة «25 يناير» نزيهة، ولم يتدخل فيها أحد، ويكفى أن نقول إن الانتخابات منذ تاريخ الاستقلال في عام 1923 كانت تشهد تدخلا من قبل الحكومات، الشىء الثانى: هو حالة الطوارئ، ورأينا على مدار 30 عاما ماذا فعلت وكيف أثرت الطوارئ في قضية حقوق الإنسان، أيضا حرية تكوين الأحزاب، حيث لم يكن يستطيع أحد أن يصدر حزبا سياسيا بعيدا عن موافقة الدولة، والأهم من كل ذلك أن لديك دستورا، صحيح أنه ليس فيه كل ما نرغب، ولكنه جيد وكافل للحريات ويكفى أنه لا يستطيع أحد أن يصدر قانونا مخالفا لهذا الدستور، نتمنى أن يأخذ الإصلاح شكلا أوسع في عملية التشريع، لأن كثيرا من مواد الدستور بحاجة إلى تعديل.
■ وماذا عن أبرز الملاحظات.. وكيف ترى التعامل مع قضية حبس نقيب الصحفيين وعدد من أعضاء النقابة مؤخرا؟!
- يجب أن نفرق بين التكييف القانونى للقضية وبين التكييف السياسى، فكرة أن تقدم نقيب الصحفيين إلى المحاكمة لدفاعه عن أحد الصحفيين فهى إشكالية، بغض النظر عن البعد القانونى للقضية، فإن لها تأثيرا سيئا، بمعنى أكثر دقة إذا تم حبسه فإنه سوف يكون هناك مردود سيئ وردود أفعال نحن في غنى عنها، وإذا لم يتم ذلك فسوف تكون هناك إشكالية أخرى وتشكيك البعض في ملف العدالة، في رأيى هذه القضية يتم علاجها سياسيا وليس قانونيا، وأتمنى ذلك، خاصة أن نقيب الصحفيين في المهنة له مدة طويلة وجدير بالاحترام، وهو قبل كل شىء، رمز لكيان نقابى معبر عن الحريات، ويكفى ما قاله «قلاش» نفسه بـ«أنه كان يتصور أن لديه رصيدا عند الدولة»، وما يهمنى قبل حتى المعالجة القانونية وإصدار حكم في القضية أن تتم تسويتها سياسيا.
■ البعض ربط بين قضية محاكمة نقيب الصحفيين وبين ملاحقة والتضييق على عدد من النشطاء مؤخرا باعتباره أنه توجه لغلق المناخ العام؟!
- إذا كان أحد المتهمين في قضية ما صدر بحقه قرار بالمنع من السفر فنحن لا نملك أن نتدخل في هذا الأمر، ولكن ما لا نقبله ونرفضه وندينه هو أن تمنع أشخاصا بدون قرار أو تهمة موجهة، وهنا أشير إلى أن أحد أعضاء المجلس ممنوع من السفر دون علم بالأسباب ودون توجيه اتهامات أو تحقيق.
■ تقصد ناصر أمين مدير مكتب الشكاوى بالمجلس؟
- بالفعل هو.. والغريب في الأمر أننا عندما تواصلنا مع مكتب النائب العام لمعرفة
أسباب المنع لم نتلق ردا حتى تلك اللحظة، وهذا يسىء لنا.
■ ملف «العدالة الانتقالية» مازال يعانى من أزمة حقيقية منذ «25 يناير».. أين ذهب؟
- قطعنا شوطا كبيرا في هذا الملف بتعويض المضرورين في الثورة، ولكن البعض يختزل جزءا من العدالة الانتقالية في فكرة المصالحة، ومن وجهة نظرى هي قضية ملتبسة في مصر مصالحة مع من، جماعة الإخوان ترى حتى الآن أن مرسى هو الرئيس الشرعى للبلاد، وأتساءل أيضا: كيف أتصالح وهو مازال لديه جناح عسكرى ويخلط بين العمل الدعوى والسياسى، ونحن نرى أن كل من لم يرتكب جرما أو أعمال عنف يدمج في الحياة السياسية ومن حقه ذلك، ولكن الإخوان متباعدون جدا، أضف إلى ذلك أن الخطورة الأكبر أن الإخوان جزء من تنظيم دولى وتابع لمكتب إرشاد لا تعترف بمنصب «رئاسة الدولة»، مرسى كان يحركه مكتب الإرشاد، وتلك أشياء لم تعد مقبولة بعد الكشف عنها.
■ ماذا عن الحلول من وجهة نظرك؟!
- أن يعترف التنظيم بالواقع، وإذا أراد أن ينشأ حزبا مدنيا بعيدا عن أيديولوجيته في حال ذلك ووقتها يمكن الحديث في هذا الشأن ومناقشة مدى تحقيق ذلك من عدمه.
■ مؤخرا عقدت هيئة الحقيقة والكرامة التونسية جلسات علنية للاستماع إلى ضحايا الانتهاكات.. كيف ترى تلك الخطوة؟!
- التنظيم الإسلامى في تونس يختلف كثيرا عن التنظيم الموجود في مصر، فهو يتفهم ويتواءم، وهو فصل بين العمل الدعوى والسياسى، وهو فرق كبير جدا، بغض النظر عن أهدافه أيديولوجيته، ما أود قوله إن حزب النهضة في تونس تطور بسرعة، وكانوا أنبه وأذكى من الإخوان في مصر.
■ هل أنت راض عن عملك طوال الفترة الماضية؟
- بعد نهاية كل يوم عمل، وفور وصولى إلى منزلى أكتشف أن هناك المزيد من الأشياء التي كان يجب علىّ فعلها، وليس المهم هو ماذا فعلت ولكن نتيجة ما فعلته عملا بالقاعدة على أن أسعى وليس تحقيق النجاح، خاصة أن موقعك استشارى وليس تنفيذيا.
■ ماذا عن الاستجابة لما تصدرونه من ملاحظات في كثير من القضايا؟!
- كما قلت فإن دورى هو الإنذار ومسك الجرس للتنبيه أما أن يكون هناك استجابة أم لا فهذا الأمر ليس من شأنى، وحتى فترة ليست ببعيدة كان استجابة كبيرة للمجلس، ولكن من الملاحظ مؤخرا أن هناك هجوما من الإعلام على المجلس غير مبرر وليس فيه أي منطق، والإعلام يعكس صورة ولا يخلقها.
■ ما الذي كنت ترغب في فعله وعجزت عن تحقيقه في ملف حقوق الإنسان؟!
- أتمنى الالتزام الكامل بالقانون، وتطبيق الدستور ونصوصه وهذا لا يحدث الآن، ويحضرنى هنا تجربة فريدة حدثت في المكسيك والتى شهدت حالة من غياب الأمن وانتشار مافيا تجار المخدرات والسلاح، ثم جاء الرئيس قبل الحالى وأجرى عددا من الإصلاحات على رأسها إقرار مبدأ دولة سيادة القانون، وهو تطبيق مبدأ ما لك وما عليك، وبدأت تنهض المكسيك بعدها فهى تجربة مثالية قطعا.