تطرق محمد فائق، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، إلى عدد من الملفات المهمة على الصعيدين العربى والدولى وفى القلب منها أفريقياً وسيناريوهات المستقبل، مؤكدا أنه لا يستطيع أحد تركيع مصر إلا فى حال قبلت هى الركوع. ويستكمل «فائق» خلال حواره مع «المصرى اليوم» الذى اقتطع له ساعتين من وقته، رؤيته للمشهد السياسى فى مصر، باعتباره إحدى الركائز الأساسية فى هندسة العلاقات المصرية الأفريقية خلال فترة الستينيات، وعهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فضلاً عن أنه فصلتنا دقائق قليلة قبل لقائه مع وفد يمنى زاره فى مكتبه لإطلاعه على حقيقة الأوضاع هناك، تبعه زيارة لوفد سورى، وكأنه يؤكد لنا، وهو ليس بحاجة إلى هذا التأكيد، أن ما ذكره فى الحوار ليس قراءة شخصية، وإنما بناء على معلومات من مصادرها، فضلاً عن التأكيد أنه مازال يشكل جزءاً من تاريخ الدولة المصرية، وأنه أصبح قبلة لكل زائر للاستفادة من خبراته فى العمل السياسى والاجتماعى التى تجاوزت ٦٠ عاماً.
- لا يمكن أن يوافق الرئيس السيسى على هذا، ولا يمكن أن يكون بيفكر فى ذلك الأمر، والرئيس لن يقبل هذا، والفكرة غلط، ومرفوضة ولا يمكن أن تحدث بناء على ما سمعته من الرئيس شخصياً.
■ ماذا عن بعض الحملات المبكرة المنادية بفترة ولاية رئاسية ثانية للرئيس السيىسى؟
- ما رأيته أنه فى لحظات معينة كانت لدى الرئيس رغبة فى أن تكون له فترة حكم واحدة، وإذا كان حقه الدستورى يسمح له بولاية أخرى، والنظام الدستورى قائم على فترتين، وفى النهاية من سوف يحدد ذلك ويحكمه هو الشعب وليس طرفاً آخر.
■ كيف ترى المشهد السياسى؟
- مرتبط بعلاقة مع الوضع الاقتصادى بكل تأكيد، وأنت على مدار سنوات وحقب سابقة يشكل الوضع الاقتصادى لك مأزقا كبيرا، وباستمرار هناك حديث عن تعويم الجنيه، لكن هذا الأمر يحتاج إلى إجراءات منها: ماذا عن الدعم؟ وهنا نشير إلى أنه وفى عهد السادات على سبيل المثال قام بإجراءات ولكنه تراجع عنها، اليوم نحن أمام تحول قوى جديد لم يقدم عليه أحد من قبل، عملية التكهن بنتائجها ليست سهلة.
■ اقتصاديون يرون أن الوضع خطير؟
- لن أرتاح إلا إذا وجدت زيادة فى الإنتاج، خاصة فى مجال الصناعة، وهو أمر لا يحتاج إلى تأخير، وإذا كانت القروض التى نسعى للحصول عليها للتنمية والبناء فهذا جيد لسد الديون، أما لتوفير رواتب موظفين أو سلع استهلاكية فهذا أمر خطير جدا، وسوف تؤزم من المشهد الاقتصادى والسياسى، رغم أنك تسير فى تنفيذ الاستثمارات والمشروعات بعيدة المدى، بالتوازى قمت بعمل مشاريع للقضاء على ظاهرة العشوائيات، ولكن هناك إجراءات عاجلة ويبقى السؤال ما الذى قمت بفعله وما هى خطواتك للخروج من المأزق الاقتصادى؟!
■ ما الحلول العاجلة من وجهة نظرك؟
- ماذا عن عملية الإنتاج سواء الزراعى أو الصناعى، وأرى أن هناك «رحرحة» فى استيراد سلع يمكن لك صناعتها محلياً وهى تستنزف جزءا كبيرا من مواردك من العملة الصعبة، أنت فى حاجة ماسة لها، وهناك خطوات أساسية يجب أن تتخذ فى هذا الشأن.
■ بعض الاقتصاديين يرون أن قيام المؤسسة العسكرية بتنفيذ والإشراف على بعض المشروعات الكبرى هى عملية عسكرة للاقتصاد.. هل أنت مع هذا الرأى أم ضده؟
- فى رأيى هذا لا يكون هو الحل، ولكنه أيضا لا يشكل خطراً، وربما يرى البعض أهمية الجيش فى أنه ينجز إنجازا عاليا فى تنفيذ تلك المشروعات، ولكنه ليس الخطر الأساسى على مصر.
■ إذن أين هو الخطر؟
- الخطر أن أحصل على قروض كما ذكرت من قبل دون أن تكون لها فائدة على قاطرة التنمية وعملية الإنتاج، والوضع الطبيعى أن يكون هناك قطاع عام تديره الدولة، وفى رأيى هناك تركيز على مشاركة الجيش فى بعض المشروعات، وربما يكون لها تأثير على عملية الإبداع لأنه كلما تركت وفتحت الباب أمام القطاع الخاص ساعد ذلك فى خلق طاقات إبداعية، ولكن المشكلة هى مدى قدرة اقتصاد البلد، مؤخرا تم الإعلان عن مشروع مشترك بين مصر والهند فى قطاع النسيج، أين مصانعك المحلية المتعثرة من هذا المشروع؟
■ بصراحة.. هل أنت مع لجوء مصر إلى صندوق النقد الدولى لعلاج مشكلاتها الاقتصادية؟
- لست مطلعاً جيداً على الوضع الاقتصادى، ممكن تكون نعمة وممكن تكون نقمة، عمر ما مصر أخذت قرض فى عهد الرئيس الراحل عبدالناصر إلا واستخدم فى الاستثمار والتنمية.
■ البعض يرى أن هناك حالة من الاستحواذ من قبل السلطة التنفيذية.. كيف ترى هذا الأمر؟
- التوازن دائماً بين الأمن وحقوق الإنسان والديمقراطية، جميع الدول التى حققت استقرارا وتنمية شاملة لم تضحى بحقوق الإنسان من أجل الأمن، وطبقت مبدأ سيادة القانون باعتباره المحرك الرئيس للدولة.
■ هذا يقودنا إلى موقف المجلس من بعض الانتهاكات التى ترصدها المنظمات الحقوقية فى البلاد؟
- على سبيل المثال أعتبر حالات المنع من السفر نوعا من الخلل فى التوازن، إضافة إلى أن محاربة الدولة لملف الإرهاب يترتب عليها بعض الانتهاكات، وإذا كان هناك اشتباك مسلح مع جماعة إرهابية، كما يحدث فى سيناء الآن لابد من وقوع ضحايا، والأهم هو التزام الدولة بالقانون بقدر المستطاع.
■ الحبس الاحتياطى مازال يشكل صداعاً فى رأس النظام داخليا وخارجيا؟
- مشكلة الحبس الاحتياطى أنه أصبح كثيرا جدا ومدته طويلة، ولابد من وضع ضوابط فى الحبس الاحتياطى، وهناك أساليب وإجراءات عديدة منها تصفية الأعداد الكبيرة، والتى قد يكون فى البداية هناك مبرر لها، إنما اليوم بعد استقرار الأوضاع إلى حد كبير فليس هناك مبرر ويجب وضع سقف للحبس الاحتياطى.
■ كيف ترى قرار السيسى بتشكيل لجنة رئاسية لبحث هذا الملف؟
- اللجنة التى شكلها الرئيس، تشكل خطوة جيدة والمجلس القومى يساعد ولديه لجان قانونية ولجان للفحص وهى ليست المرة الأولى التى يرصد فيها المجلس تلك الحالات، والرئيس فعّل اللجنة بالموافقة على أعداد خرجت مؤخراً.
■ مازالت الأرقام الحقيقية لعدد المحبوسين احتياطياً غير معلنة ومتضاربة.. ماذا عن تقديرك لها؟
- لا أحد يستطيع أن يعلن الأرقام الحقيقية لأنه تصدر قرارات بالحبس والإفراج وتجديدها وبالتالى ليست هناك عملية رصد لتلك الأعداد، ولكن وزير الداخلية وفقاً لما ذكره لى فإن الكلام الرسمى فى حدود ما بين 9 إلى 10 آلاف، ولا أستطيع اعتماد تلك الأرقام، ولكن فى نفس الوقت حديث بعض المنظمات المحسوبة على جماعة الإخوان بأن الأعداد تجاوزت نحو 40 ألفا فهى تنافى الواقع من حيث الإمكانية والقدرة الاستيعابية للسجون.
■ وما الخطورة فى ترويج مثل تلك الأرقام؟
- حقيقة الأمر أن من وراء ترويج تلك الأرقام هو جمعيات حقوقية أنشأتها جماعة الإخوان فى أورويا، منها «مؤسسة الكرامة» فى جنيف، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان فى بريطانيا وغيرهما منذ فترة تتعمد نشر تقارير مغلوطة، الخطورة أن المنظمات الدولية تأخذ تلك الأرقام باعتبارها أرقاما صحيحة وتعتمدها فى تقاريرها، والخطورة الأكبر أن تصل تلك التقارير إلى الأمم المتحدة، وأرى أن العلاج لتلك المشكلة هو إعلان الأعداد الحقيقية من المحبوسين من قبل الأجهزة المعنية.
■ كيف ترى أداء البرلمان من خلال قراءتك لما يصدر عنه من تشريعات حتى الآن؟
- بشكل عام، وبعيداً عن التقييم، وجود البرلمان هو عنصر فاعل لأنشطة المجلس ويساعد عملنا لأنه يصدر تشريعات وقوانين.
■ تشكل الحقوق الاقتصادية أحد الأركان الأساسية لحقوق الإنسان.. فى ضوء ذلك كيف ترى الإجراءات الحكومية الأخيرة؟
- الحكومة قامت بعدد من الإجراءات تجاه الفقراء وقامت بالتمهيد لها، على سبيل المثال التأمين الصحى والاجتماعى وإقرار منظومة الخبز والدعم وتوفير السكن حسنت من وضع تلك الطبقة، ولكن التضخم إضافة إلى ارتفاع الدولار لم تجعلهم يشعرون بتلك الإجراءات، والخطورة الأكبر فيما تتعرض لها الطبقة المتوسطة، فيمكنك القول إنها «مهرية الآن» و«تعبانة جدا» وتتعرض لضغوطات وتحديات كبرى.
■ البعض يرى أن الطبقة المتوسطة بدأت تتلاشى؟
- بالفعل بدأت فى الاختفاء و«التآكل» وهذا يشكل عبئا ومشكلة خطيرة.
■ ما أوجه الخطورة من وجهة نظركم؟
- الخطورة أنها هى المحرك الأساسى فى المجتمع وهى التى تقود عملية التنمية وتحافظ على التوازن.
■ العلاقات المصرية العربية تعانى من حالة ركود أو «تشجنات» كيف تصفها أنت؟
- مصر دولة من العالم الثالث بالعرب هى قوة حقيقية، العرب فى التعامل معهم هناك خلافات فى وجهات النظر، ولذلك عبدالناصر عندما دخل كل معاركه كانت بقوة العرب وليس لوحده، ومصر أكبر من أن تخضع لدولة واحدة، ومصر دائما بعيدة عن المحاور العربية، ونحن نقدر الفترة والظروف التى حكم فيها مبارك مصر، ويجب أن يعود لنا الدور، من خلال عدد من العناصر، أولا: يجب أن أتفهم مدى التزامتى العربية، وفى القلب منها القضية الفلسطينية، نحن فى عالم لم يعد له وجود فيه للكيانات الصغرى، ولا أعنى بذلك أن تكون هناك وحدة دستورية، وإنما وحدة فى المواقف إذا تم التعامل مع كل دولة على حدة فى ظل نظام عالمى فيه انتقائية شديدة والكيل بأكثر من مكيال وانتقائية شديدة يمكن أن نكون فاعلين فى النظام الدولى وليس مفعولا بنا.
■ من المستفيد من هذا الانقسام؟
- قطعاً إسرائيل هى المستفيد الأول من هذا الانقسام، ومصر عليها مسؤولية باعتبارها الدولة المحورية بين المشرق والمغرب ووجودها على 3 قارات وغيرها من العوامل التى تشكل لك قوة، هذا يعطى عليها مسؤولية، مصر مسؤولة عن توحيد العرب ونصبح كيانا كبيرا، لم نصل حتى تلك اللحظة إلى أن نكون فاعلين مثل الاتحاد الأفريقى.
■ الجامعة العربية تعانى من موت سريرى لدرجة أعلنت دولة المغرب صراحة أنه لا قيمة للجامعة وقراراتها.
- التكتلات فى الوطن العربى أصبحت واقعا، ولكن هذا ليس معناه أن تكون دول التعاون الخليجى بديلا للجامعة العربية مثلاً، ونحن نرى وحدات خبيثة وأخرى سليمة، والوحدة الخبيثة لا تقبل الاندماج مع الآخرين، وبالتالى لن تكون هناك وحدة، ونكتشف على سبيل المثال أن رئيسة وزراء بريطانيا تحضر وتشارك فى اجتماعات دول مجلس التعاون الخليجى هذا ليس هجوما وإنما قراءة للمشهد.
■ البعض يرى أن هناك محاولات لتركيع مصر؟
- لا أحد يستطيع تركيع مصر، إلا فى حال إذا قبلت هى أن تركع، وأظن فى تاريخك لديك سابقة عندما أرادت فرنسا وإنجلترا من قبل تركيعك ولكنك انتصرت، حتى لو كان هذا الانتصار سياسيا، وأيضا هناك نموذج آخر فى كوبا عندما عجزت الولايات المتحدة التى تبعد شواطئها مسافة 90 ميلا عن تركيع «كاسترو».
■ كيف ترى المواقف السعودية الأخيرة تجاه مصر فى ضوء ما يعلن؟
- خسارة كبيرة أن تكون هناك مثل تلك الخلافات، منذ قديم الزمن كان الدفاع المشترك بين مصر والسعودية وسوريا، والسعودية دولة مهمة فى الوطن العربى، وأن تكوّن علاقة قوية بين البلدين وبالتالى قوة العرب، وهذا لا يعنى أن نكون خاضعين لأحد أو أحد خاضع لنا.
■ إحدى تداعيات سوء العلاقات المصرية السعودية أزمة الموافقة على قرار مجلس الأمن بشأن سوريا؟
- العلاقات الجيدة بين دولتين لا تشترط أن تكون متطابقة فى كل الملفات، إلا إذا كانت هناك أهداف أخرى من بينها أن تلك الدولة تسعى للهيمنة على الدولة الأخرى، والذى يجب أن يدركه الجميع أن مصر ترتبط بعلاقات وثيقة مع سوريا منذ فجر التاريخ وإذا اتفقت إرادة سوريا مع مصر يتغير وجه المنطقة بأجمعها، منذ عهد أحمس وصلاح الدين الأيوبى وجمال عبدالناصر، وهذا لا يعنى أن العلاقات المصرية السعودية غير مهمة، قطعا هى هامة جدا، والخطورة أن هناك جهات كثيرة جدا تسعى إلى هدم تلك العلاقة.
■ هل تعنى هنا جهات عربية أم أجنبية؟
- تعنى الإثنين، فهناك بلدان عربية تسعى للوقيعة بين مصر والسعودية، وأجنبية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ولا يمكن أن ترتاح أمريكا بوجود علاقة قوية بين البلدين فى تصورى.
■ ماذا عن مساعى التهدئة وضرورتها فى الوقت الراهن؟
- هى مطلوبة فى الوقت الراهن قطعا وممكنة جدا.
■ أليس من الغريب أن يتجدد نفس الخلاف بعد سنوات، واختلاف نظم الحكم، على نفس الملفات وأقصد هنا الصراع القديم بين عبدالناصر والملك فيصل على الملف اليمنى؟!
- أولاً أرى أنه من الأفضل أن مصر لم تتدخل عسكريا فى اليمن، ولدينا تجربة فى ذلك فى عهد عبدالناصر، وكان على السعودية أن تعلم أن التدخل العسكرى فى اليمن غير ذات جدوى، لأنه لا يمكن الزج بقوات عسكرية نظامية فى مواجهة عصابات وجماعات مسلحة، مع الأخذ فى الاعتبار أن التمدد الإيرانى داخل المنطقة يشكل خطورة كبرى.
■ ما الذى على مصر فعله من وجهة نظرك؟
- مصر هى أحد مفاتيح علاج المشكلات القائمة فى المنطقة، ويمكن أن يكون لها دور فعال فى هذه الملفات بما لها من حضور وعلاقات، وإذا كانت السعودية لها وجهة نظر واعتراض على الموقف المصرى بشأن سوريا، أرى أنهم ليس لديهم حق فى ذلك فى النهاية الذى يحكم هو المصالح.
■ مسؤول بارز فى الحكومة الإثيوبية صرح بأن دولاً عربية تساند إثيوبيا فى مشروعات التنمية والسدود التى تقيمها.. كيف ترى تلك التصريحات؟
- هذا عبث سواء كان إعلامياً أم أنه حقيقة، وخلل كبير جداً، وأرى أنه تصور فاسد وانحدار فى مستوى العلاقات العربية لا يجوز ومن العيب أن نتطرق إليه، وإن كنت أشكك فى حقيقة ذلك.
■ ذكرت من قبل فى حوار سابق معنا أن الخطورة ليست فى سد النهضة وأن الخطورة الأكبر فى إنشاء إثيوبيا لعدد من السدود.. وهو ما يحدث بالفعل، حيث تم الإعلان عن التوجه لإنشاء مشروعات جديدة؟
- عملية التفاوض من البداية كانت يجب أن تبدأ بوضع الخطوط الأساسية حتى لو وافقت على بناء سد النهضة، والتركيز على إدارة السد والإشراف عليه والرقابة والمتابعة على ملء السد، هذه هى المعادلة التى كان يجب التركيز عليها وتم استهلاكنا فى الدراسة والمكتب الاستشارى وبالتالى فرض أمر واقع.
■ كنت إحدى الركائز الأساسية فى هندسة العلاقات المصرية الأفريقية خلال فترة الستينيات وعهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.. ما نصائحك فى هذا الملف؟!
- مثل هذه الأمور لا يمكن التركيز عليها إلا فى ظل علاقات جيدة، وأرى أن هناك اهتماماً الآن بأفريقيا، نجد ذلك فى زيارات الرئيس وتوجيه الدعوة لعدد من القادة الأفارقة لزيارة القاهرة.
■ ولكن هل يكفى هذا أم أن هناك إجراءات أخرى على الدولة أن تقوم بها؟
- فى تصورى ليس هناك حتى الآن بناء حقيقى بأن تدخل مصر القارة الأفريقية بعمق، وهذا يتطلب أن تكون لديك آليات، يحضرنى هنا ما كنا نقوم به فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر من خلال شركة النصر، والتى كانت تشكل قوة ناعمة وحضوراً فى عدد من البلدان الأفريقية كان هذا فى الماضى، واليوم يمكن استخدام شركة مثل المقاولون العرب وغيرها من الشركات والبنوك الاستثمارية بالتواجد على البلدان الأفريقية مما يخلق ويساهم فى علاقات مشتركة توطد نفوذك، ليس فى دول حوض النيل فقط، وإنما يجب أن تتوسع فى كل القارة بحيث يكون لديك حلفاء أساسيين.
■ هل يعنى ذلك أن الدبلوماسية المصرية ليس لديها استراتيجية واضحة حتى الآن فى تعاملها مع القضايا الأفريقية؟
- يجب أن تكون هناك استراتيجية فاعلة، ماذا تفعل وتقدم للقارة ولنهضتها وهو السؤال الأهم حتى يكون لك حضورا قويا وفعالا، أفريقيا محتاجة إلى التنمية، وإذا تحالفت مع عدد من الدول التى يمكن أن تشكل قاطرة التنمية، مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا والسنغال وغيرها من البلدان، كما كنا فى الماضى فى عهد حركة التحرر والاستقلال فسوف يكون لك حضورا قويا قطعا.
■ كيف ترى الاتهامات الإثيوبية للحكومة المصرية بدعم حركات معارضة لها؟
- تصريحات بعض المسؤولين الإثيوبيين بشأن دعم مصر، واستضافة حركة «الأورومو» المعارضة فى القاهرة «كلام هجص» و«تهريج» وهو مرفوض وغير مقبول لأن مصر أكبر من ذلك.
■ لو أنت مستشار الرئيس بماذا سوف تنصحه الآن؟
- العمل الأفريقى محتاج مركزية من مكتب الرئاسة، بحيث تكون لديك جهة تتابع ما تقوم به أولاً بأول، وهذا هو الذى كنت أقوم بعمله خلال عملى مع الرئيس جمال عبدالناصر، هناك جهد تقوم به مؤسسات الدولة، ولكن تبقى الإشكالية أنه تنقصك الآلية المركزية التى تقوم بهذا الشأن، فضلاً عن أن لديك كثير من الكفاءات التى على اطلاع بالشأن الأفريقى وتمتاز بعلاقات جيدة.
■ كيف تُقيّم الدبلوماسية المصرية بشكل عام؟
- حققت نجاحات عديدة تذكر، واستطاعت أن تخرج من مرحلة «الخمول» واخترقت حواجز وأعادت حضورها على المستوى الإقليمى والدولى، ولكن لم أتفهم ما حدث فى سحب مصر مشروع قرار فى مجلس الأمن بشأن إدانة الاستيطان إلى الآن، وما يثير الفضول الغموض والتبريرات المتضاربة من الجهات المختلفة فى هذا الشأن.
■ القرار أثار ردود أفعال شعبية غاضبة؟
- كانت لديك فرصة تاريخية أن ينسب إلى مصر الفضل فى هذا القرار، ولا أحد ينكر دور مصر فى خدمة القضية الفلسطينية.
■ لو طلب منك حلول عاجلة لسيناريوهات الصراع فى بلدان كل من سوريا وليبيا واليمن؟
- فى البداية نؤكد أن ما حدث فى سوريا هو أنه قامت فيها ثورة حقيقية، ولها أسبابها، ونتيجة التدخل الخارجى سواء بالسلاح أو الأفراد ودعم المنظمات الإرهابية تحولت إلى حرب أهلية بالوكالة، وأصبحت دول السعودية وتركيا وإيران وأمريكا وروسيا هى التى تحدد مسار الأزمة، والسؤال: أين هو الشعب السورى؟!
دعنا نؤكد أن سوريا مستهدفة، ولدينا فى ذلك اعتراف ودعم بعض البلدان للتنظيمات الإرهابية، والتى يعترف بها باعتبارها معارضة، ويتم الدفع بها للجلوس معها عند التفاوض، ومازلت أرى أن التدخل الخارجى هو المسؤول عن ذلك ويزيد من تعقيد المشهد، انظر إلى ما حدث فى حلب.
■ هل أخطأت الجامعة العربية بطرد سوريا من عضويتها؟
- قطعا كان هناك خطأ كبير فى قرار طرد سوريا من الجامعة العربية، خاصة أنها مازالت عضو فى الأمم المتحدة، فضلاً عن أن ذلك صعّب من الأزمة، وأرى أن يكون الهدف فى العمل العربى المشترك الحفاظ على وحدة سوريا حاليا، ووقف التدخلات العسكرية، وأن يكون حل الأزمة سلمياً.
■ ماذا عن الوضع فى اليمن؟
- الأزمة اليمنية بحاجة إلى العقلاء، ولا تكون القضية تصفية حسابات بين بلدان وحرب بالوكالة بين السعودية وإيران يجب النظر إلى مصلحة شعوبنا.
■ كيف ترى الموقف المصرى تجاه ليبيا؟
- مصر تلعب دورا قويا فى ليبيا، لأنها تشكل جزءا من الأمن القومى المصرى.
الجزء الثانى.. صورتنا فى الخارج أسوأ من واقعنا .. والإجراءات الأخيرة ضد المجتمع المدنى لا مبرر لها