على مدار 30 دقيقة هى مدة عرض الفيلم التسجيلى «الرصاص المسكوب» حاولت المخرجة ألفت عثمان تأكيد معنى آخر للمقاومة الفلسطينية غير مقاومة السلاح، وهى المقاومة بالصمود وإعادة بناء المنازل التى تهدمها جرافات الاحتلال الإسرائيلى والدفاع عن الأرض لآخر نفس حتى لو كان الثمن هى الحياة ذاتها.
العرض الأول لفيلم «الرصاص المسكوب»، تم فى نقابة الصحفيين الشهر الماضى، وهو ثانى تجربة تسجيلية للمخرجة بعد «عصافير الشارع» الذى ناقشت من خلاله ظاهرة أطفال الشوارع فى مصر.
عن تجربة «الرصاص المسكوب» تقول ألفت عثمان: «وصل عدد ساعات التصوير الخام التى صورتها بفلسطين إلى 8 ساعات، اخترت منها نصف ساعة فقط للتعبير عن محور محدد، وهو أن الفلسطينيين لديهم أداة أخرى بخلاف السلاح - للمقاومة لا تقهر، وهى الصمود والمكوث فى الأرض حتى لو كان الثمن هو إزهاق الأرواح، وقد ورد بالفيلم عدة نماذج، وهناك من يقيم المخيمات على أطلال المنازل التى هدمتها جرافات الاحتلال، وهناك من يعيد بناء منزله فتأتى الجرافات وتهدمها من جديد ثم يعود لبنائها من جديد، وهكذا».
وتضيف: «صورت فيلمى فى 7 مناطق فلسطينية مختلفة، 5 منها داخل غزة، هى العطاطرة وحى الزيتون ومخيم جباليا وجباليا وبيت لاهيا، بالإضافة لمكانين، هما مخيم الشاطئ ورفح الفلسطينية، وقد بدأت تصويره يوم 21 يناير عام 2009 فى توقيت حرج للغاية، حيث كانت القوات الإسرائيلية قد انسحبت من غزة برياً، بينما كانت طائراتها لاتزال تحلق فوق غزة وتضرب بعض الأهداف، وقد قبلت المخاطرة بروحى، ليس حبا فى عمل فيلم، وإنما من أجل مشاركة الفلسطينيين محنتهم».
أكدت مخرجة الفيلم أن الصعوبات التى واجهتها قبل دخول غزة كانت أكبر بكثير من الصعوبات التى واجهتها بعد الدخول، موضحة: واجهت عقبات كثيرة فى إجراءات دخولى، وكانت مسألة سفرى صعبة للغاية، والبعض من أصدقائى نصحنى بصرف النظر عن تلك الفكرة لكننى كنت مصرة على تنفيذها، وبعد أن وصلت إلى غزة استقبلنى صديق فلسطينى كان يدرس فى القاهرة، وساعدنى فى وضع خطة للتصوير واختيار توقيت التصوير، بينما رفضت قوات حماس التعاون معى، بل رفضوا أن أصور معهم، وبعضهم وضع يده على عدسة الكاميرا حين أدرك أننى أصوره، وفى أحد الأيام تعرضت للخطر حين خرجت للتصوير فى مخيم جباليا بغزة بعد السادسة مساء، فى حين أن قوات حماس تحظر التجوال بعد السادسة مساء، وفجأة وجدت فوهات الرشاشات الآلية دخلت شباك سيارتى، ولحسن الحظ كان معى صديق فلسطينى أكد لهم أننى أجنبية، وأننى موجودة هنا لتصوير فيلم سينمائى ليس إلا، فتركونا نعود لمحل إقامتنا».
ميزانية الفيلم بحسب مخرجته لم تتعد 20 ألف جنيه، نصفها تقريبا تم إنفاقه على المونتاج، حيث أجرت لفيلمها مونتاجاً مبدئياً عند حسين القلا، ثم استكملته عند شريف مندور، وعن التكلفة تقول المخرجة: «حب السينما التسجيلية والتعاطف مع شعب غزة هما الدافعان وراء تصويرى هذا الفيلم، لذا لم أعبأ بتكلفته التى تحملتها دون حساب لمردوده المادى، فأنا لا أعرف كيف سأعوض ما أنفقته، لدينا كصناع للسينما التسجيلية طريقان لا ثالث لهما، جوائز المهرجانات، ومقابل العرض التليفزيونى، وقد تلقيت عرضا من إحدى المحطات غير المصرية، لكننى رفضته، لأنها كانت ستأخذه بشكل حصرى وأنا أريد أن يُعرض فيلمى فى محطة مصرية».