كيرلوس ومينا وفادى وأبانوب، هم الأصدقاء المقربون لإسلام وأحمد وخالد وعلى، جميعهم طلبة فى الصف الأول الثانوى، تجمعهم مدرسة واحدة فى منطقة عين شمس، اعتاد المسيحيون منهم فى مثل هذه الأيام من السنة شراء الملابس الجديدة والتحضير لليلة عيد الميلاد، ولكن هذا العام مختلف، فقد جاء حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية ليقلب كل الموازين، ويعكر صفو فرحتهم، فمنذ حدثت تلك الفاجعة لا حديث لهم سوى عن مشاعر الحزن والألم التى تعتصر قلوبهم، سؤال هز قلب الجميع طرحه «مينا» على أصدقائه المسلمين: «لو رحت الكنيسة وحصلى حاجة هتزعلوا عليا بجد»، ردوا عليه بضربة حميمية وجهوها إلى كتفه قائلين: «عيب يا شقيق هو فى حد يقدر يقربلك وإحنا معاك»، وبعدها قرر ما يقرب من 15 طالباً من أصدقائه أن يرافقوا أقرانهم المسيحيين إلى كنيسة العذراء والملاك ميخائيل بمنطقة أحمد عصمت، بل رسموا ما سموه خطة حماية، وعلى طريقتهم الصبيانية، كانت أولى خطواتها أن يتجمع بعضهم ويقفوا أمام باب الكنيسة ويشكلوا دروعاً ليحموا أقرانهم، أما بقيتهم فعليهم أن يتوزعوا فى الشوارع الجانبية لرصد أى حركة غريبة أو شخص يبدو عليه أمر غير طبيعى، ليتوجهوا بعدها إلى رجال الأمن الذين يحاصرون الكنيسة ويبلغوهم بالأمر. فى أجواء أمنية مشددة بدأ القداس وملأت أصوات الترانيم أركان الكنيسة، وتوافد الآلاف من المسيحيين للاحتفال بذكرى ميلاد المسيح، واصطحب الآباء أبناءهم ليتلوا آيات الإنجيل ويصلوا من أجل أرواح الشهداء الذين فقدناهم مع مطلع العام الجديد، الكل جاء تأكيداً على إيمانه القوى ورغبة فى الاحتفال بيوم ميلاد المسيح غير مكترثين بمخاوف أو تهديدات، وتحت شعار «هنصلى مهما حصل» الذى علق على جدران الكنيسة اصطف الجميع ليستمعوا إلى العظة، واقفين جميعهم يتلون صلواتهم، ممسكين بأيدى أبنائهم داعين الله أن يخفف من هول الفاجعة على قلوب أهالى الشهداء. كان يمسك بيد طفله الصغير، بينما تحمل هى رضيعها، وتوجها مسرعين لحضور القداس الذى بدأ مبكراً عن موعده هذا العام. برغم كل ما حدث لم نتردد ثانية واحدة فى أن نأتى لنصلى فى ليلة عيد ميلاد المسيح، هكذا قال عاطف، وأضافت زوجته نرمين: «ربنا فوق كل شىء يبقى هنخاف ليه». بعفوية شديدة وببراءة أعوامه العشرة، قال كيرلوس: «أنا ماخفتش عشان إللى راحوا دول شهداء وأنا نفسى أبقى زيهم».
أما القس يوحنا فايز، فقال: «إخواتنا الذين فقدناهم هم شهداء ونتمنى أن نكون مثلهم، نشعر بالحزن من أجل أهالى الشهداء.
انتهى القداس ودقت أجراس عيد الميلاد، وهرول «كيرلوس ومينا وأبانوب وفادى» إلى زملائهم فى المدرسة يصافحونهم، وقبل أن يغادروا اتفق جميعهم على الالتقاء فى الصباح الباكر للتنزه والاحتفال بالعيد.