x

مسلمو ومسيحيو القرصاية و«بين البحرين».. شركاء فى الدفاع عن الأرض

السبت 08-01-2011 16:37 | كتب: علي زلط |
تصوير : اخبار

بين شاطئى المعادى والجيزة، تقع جزيرتان صغيرتان فى نهر النيل، تعايش أهلها مع المناظر الخلابة والطبيعة الساحرة بعيداً عن تلوث المدن ومشكلاتها، أشياء كثيرة جمعت بين الفلاحين فى جزيرتى القرصاية وبين البحرين، الكفاح المشترك ضد محاولات الحكومة طردهم من الأرض، البساطة الواضحة فى بيوت الطين التى يسكنونها، والعلاقات الصافية بين مسلميها ومسيحييها التى تجاوزت الجيرة فى الأرض إلى الاشتراك فى الرضاعة وحليب الأمهات.


فى جزيرة القرصاية، نموذج بسيط لتعاون وتعايش بليغ بين أبناء الجزيرتين، عززها دور المثقفين المقيمين فى الجزيرة، وفى مبادرة مشتركة، قام الفنان التشكيلى محمد عبلة، المقيم فى الجزيرة بالتعاون مع سكانها بتنظيم رحلة نيلية رمزية لتهنئة جيرانهم فى الجزيرة.


تخدم كنيسة مارجرجس فى جزيرة «بين البحرين» المسيحيين فى هذه الجزيرة وجارتها «القرصاية»، يبلغ سكان الجزيرتين أكثر من 5 آلاف نسمة. يقول محمد عبلة: طوال إقامتنا فى الجزيرة لاحظنا عمق العلاقة بين البسطاء الذين يعاون بعضهم البعض فى حرث الأرض، والحصاد، ولا شىء يعكر صفو العلاقة التى كانت أساساً للوقوف معاً ضد محاولات اغتصاب أرض الجزيرة وطرد أهلها منها، مشيراً إلى أن الزيارة «تقليد سنوى يقوم به الأهالى وقررت أنا وبعض المثقفين تدعيمه، ودعوت بعض المثقفين لحضوره تأكيدا لوحدة المصريين».


وسط الظلام كانت أكواب الشاى ترشف استعداداً لزيارة وفد من كبار عائلات مسلمى القرصاية لإخوانهم فى الجزيرة المجاورة. العمدة ماهر يوسف إبراهيم جمعة، يحمل بضعاً وخمسين سنة على عارضيه، لكنه اعتاد، منذ ولادته فى جزيرة القرصاية، على زيارة جيرانه المسيحيين فى جزيرة بين البحرين فى الناحية القبلية من النيل، باستمرار يفاجئك العمدة بما هو أكثر من العلاقات الحميمية بين الجانبين يقول ماهر «إحنا مش بس جيران ومافيش ما بينا فرق، أنا لى إخوات فى الرضاعة وأهلية واحدة»، لا يعطيك فرصة للاستفسار ويضيف: «المقدس لولو والمقدس رزق غالى، وإبراهيم عبدالله أولاد خالى فى الرضاعة، أمى رضعتهم وأنا رضعت من المقدسة أم بحبح، ويوم ما ماتت المقدسة أم لولو ماحدش عيط عليها زيى» ويقول: «مافيش بينا اللى بيحصل فى إسكندرية ده، دول أخوالى، واتربينا فى بيوت بعض».


يحتضن ماهر إلى جواره جاره فى القرصاية عم ملاك رزق صالح ميخائيل، ويذكره بأحداث القرصاية الشهيرة التى انتهت ببقاء الفلاحين فى أرضهم بعد حصولهم على حكم من محكمة القضاء الإدارى، ويسأله وهو أعلم بالإجابة «مين اللى كان واقف للحكومة ساعة ما كنا بنصلى الجمعة فى الاعتصام، وبيحمى ظهورنا»، يجيب ملاك «إحنا، ده الواد يونان جاب ــ لا مؤاخذة ــ الحمارة بتاعته، عشان ينقل عليها الطوب والزلط لما كنا بنبنى الجامع».


لحظات وينضم للحديث الروائى الكبير إبراهيم عبدالمجيد وحرمه، جاء عبدالمجيد تلبية لدعوة الفنان محمد عبلة كمشاركة رمزية للفنانين لسكان الجزيرتين فى احتفالهم بالعيد، وعن زيارته قال: «فضلت مشاركة أهالى القرصاية على حضور القداس الكبير فى الكاتدرائية حتى أرى كيف يتعايش البسطاء»، دار حديث حول التغيرات التى طرأت على المصريين قبل أن يتوجه الجميع للمركب ومنها للجزيرة المجاورة، يتحدث عبدالمجيد بحسرة عن روايته «لا أحد ينام فى الإسكندرية»، لأن الإسكندرية التى عرفها فى شبابه لم تعد كما حكاها فى روياته «وغلفها التعصب الذى راح ضحيته 21 من المصريين».


انطلق المركب إلى جزيرة بين البحرين، وخلال 10 دقائق كان فى استقبالها عم عزيز وعبدالمنعم المراكبى، الذين جاءوا لاصطحاب الركاب إلى القمص مقار، راعى الكنيسة، رست المركب ونزل 15 من الأهالى والفنانين، وعلى باب الكنيسة دار نقاش طويل مع الأمن الذى رفض دخول الزائرين لأسباب أمنية، وبعد طول نقاش سمح لثلاثة فقط بالدخول، بينهم عم ماهر والطبيب محمد مصطفى المقيم فى الجزيرة.


دق جرس الكنيسة معلنا بدء القداس، وعاد العمدة ماهر بعد تقديم التهنئة لإخوانه فى الرضاعة رزق غالى والمقدس لولو، ووزع الحلوى التى جاء بها محمد عبلة على أطفال الكنيسة، وعاد الجميع أدراجه بعد زيارة لم تكتمل لكنيسة مارجرس فى جزيرة بين البحرين، لكن الهدف منها تحقق، كما قال منظموها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية