عقب اندلاع ثورة يناير، فى 2011، ولمدة 5 سنوات متتالية، حتى نهاية 2015، قدّمت وزارة الداخلية، مئات من شهداء الواجب، وبلغ عددهم ٧٩٠ شهيداً من مختلف الرتب، استشهدوا غدراً على أيادى الجماعات الإرهابية، معظمهم فى سيناء، وعدد غير قليل من هؤلاء الشهداء، تم استهدافهم فى القاهرة الكبرى ومحافظات الوجه البحرى.
بحلول 2016 كانت أرقام وزارة الداخلية الرسمية، تشير إلى تناقص أعداد الشهداء، بعد أن بلغ 135 شهيداً فى عام 2015، مقارنة بالعام 2013 والذى كان الأكثر دموية فى تاريخ الشرطة، إذ تعرض ضباطها وأفرادها فى هذا العام، وتحديداً عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسى، لعمليات إرهابية نوعية، قدّمت الشرطة فى مواجهتها 254 شهيداً، أى ما يعادل ثلث شهداء الشرطة منذ ثورة يناير.
واصلت وزارة الداخلية، فى العام المنصرم 2016، إجراءاتها الأمنية فى ملاحقة وتفكيك خلايا عنقودية غالبية عناصرها من جماعة الإخوان الإرهابية، بعد أن عكفت تلك الخلايا على تنفيذ مخططات إرهابية ضد الشرطيين، تارة بمتفجرات بدائية، وتارة بهجمات مباغتة بالأسلحة الخفيفة (الآلية)، لكن توجيهات قيادات وزارة الداخلية المستمرة للضباط والأفراد بضرورة اليقظة والحذر، إلى جانب تطوير بعض الخطط الأمنية المتعلقة بمطاردة تلك الخلايا وتفكيكها، كان له أثر إيجابى فى تناقص أعداد الشهداء، والذين لم تتجاوز أعدادهم الـ90 شهيداً، فى 2016، معظمهم فى سيناء، بحسب مصدر مسؤول بالداخلية.
فى مارس من العام الماضى، كانت الداخلية، مع موعد الكشف عن ضبط منفذى أكبر القضايا الإرهابية التى شهدتها البلاد، أعقاب عزل مرسى، إذ كشف اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية، عن تفاصيل القبض على 48 إخوانياً، من بينهم 14 متهما باغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، بناء على تكليف من القيادى الإخوانى الهارب بتركيا، يحيى موسى، متهماً فى مؤتمر صحفى، أحد عناصر استخبارات حركة حماس الفلسطينية، بتدريب المتهمين، مُعلناً بهذا إحباط عمليات أخرى كان مخططا لها من جانب عناصر الخلية، لاستهداف العديد من الشخصيات والسفارات الأجنبية الكبرى والعربية، ووصف حينها العديد من الخبراء، القبض على المتهمين، بأنه ضربة موجعة للخلايا العنقودية بالتنظيم الإخوانى.
لم يمر شهران على الكشف عن أكبر خلية إخوانية نفذت أكبر عملية إرهابية، إلا وتبنت ولاية سيناء، التابعة لتنظيم داعش، فى شهر مايو، عملية استهداف 8 شرطيين فى حلوان، فيما عرف إعلامياً بمذبحة حلوان، وتمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط المتهمين وتصفية 3 منهم، فى مداهمات أمنية لأوكارهم بثلاث محافظات، بعد مرور أقل من شهر على الحادث، إذ تبيّن أنها خلية ضمت عددا من التكفيريين نفذوا 19 حادثاً، من بينها واقعة استشهاد 4 شرطيين بكمين المنوات جنوب الجيزة، واغتيال العقيد على فهمى بمرور المنيب، والسطو المسلح على مكتب بريد حلوان، وكانت تخطط لعمليات عدائية أخرى.
فى إبريل عام 2015، كانت الأجهزة الأمنية قد دقّت المسمار الأخير فى نعش الخلية الإرهابية المسماة «أجناد مصر»، ذلك بعد تصفية قائدها همام عطية، فى معركة مسلحة بمنطقة فيصل بالجيزة، تلك الخلية التى نفذ عناصرها عشرات من العمليات الإرهابية ضد الشرطيين فى نواح متفرقة من القاهرة الكبرى، لكن معظمها وأخطرها كانت فى الجيزة.
فى صيف العام المنصرم، وتحديداً فى بداية شهر يوليو، وقعت عملية إرهابية فى مدينة طامية بالفيوم، أسفرت عن استشهاد رئيس مباحث المنطقة، الرائد محمود عبدالحميد، إذ استهدفه ملثمون بأسلحة خفيفة أثناء توجهه إلى عمله، كانت عملية أشبه بعشرات العمليات التى وقعت منذ ثورة يونيو، لكن ما ميّز تلك العملية، إعلان خلية إرهابية تطلق على نفسها «حركة حسم»، تبنيها للهجوم، ما أنبأ حينها عن نشأة خلية عنقودية جديدة، تستهدف الشرطيين، وحلّت فى موقع أجناد مصر، خاصة فى العمليات النوعية بالقاهرة الكبرى.
منذ اللحظات الأولى لظهور حركة حسم، أيقنت الأجهزة الأمنية، أنها تتعامل مع خلية عنقودية رئيسية تابعة لجماعة الإخوان، ومن الضرورى بذل جهد مكثف لتقويض نشاط كوادرها وإفشال مخططاتهم الإجرامية ضد مؤسسات الدولة، وأعلنت وزارة الداخلية أن تحريات الأجهزة الأمنية أكدت أن الخلية «نتاج مخطط قيادات الإخوان الهاربة بالخارج، بتطوير هيكلها التنظيمى بالداخل، وتشكيل كيانات مسلحة بمسميات جديدة» حركة سواعد مصر - حسم – لواء الثورة «واستغلالها كواجهة إعلامية تنسب إليها عمليات العنف التى تنفذها الجماعة».
ومنذ ذلك الحين، تبنت حسم، والتى تطلق على نفسها مسميات أخرى كـ«لواء الثورة وسواعد مصر»، تبنيها لـ8 عمليات فى 5 محافظات، من بينها محاولة اغتيال الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية السابق، فى هجوم بالأسلحة الخفيفة، على شخصه، بأحد الأحياء الراقية بمدينة أكتوبر، واغتيال العميد عادل رجائى، قائد الفرقة التاسعة «مدرعات»، منزله مدينة العبور بالقليوبية، ومحاولة اغتيال النائب العام المساعد المستشار زكريا عبدالعزيز، بحى البنفسج بالقاهرة الجديدة، باستخدام عبوة ناسفة تم تفجيرها عن بعد بالقرب من موكبه، ومحاولة اغتيال القاضى أحمد أبوالفتوح، عضو محكمة الجنايات، التى أصدرت حكما على الرئيس السابق وعدد من قيادات الإخوان، بمحاولة تفجير سيارته أثناء توجهه لصلاة الجمعة بأحد أحياء مدينة نصر بالقاهرة، فضلاً عن اغتيال أمين شرطة بقطاع الأمن الوطنى بمحافظة البحيرة، واغتيال أمين شرطة بمباحث تنفيذ الأحكام بأكتوبر، وتفجير مقر نادى الشرطة بمحافظة دمياط، وأخيراً تبنيها لحادث استهداف كمين أمنى بالهرم، باستخدام عبوة متفجرة، تسببت فى استشهاد 6 من قوات الأمن بينهم ضابطين، ضبطت على أثرها أجهزة الامن عشرات من المشتبه بتورطهم فى تلك الوقائع.
.وفى نوفمبر من نفس العام، تمكنت أجهزة الأمن من ضبط خلايا إرهابية، تابعة لتنظيم الإخوان ومخازن متفجرات، كان عناصرها ينوون استخدامها فى عمليات تخريب وفوضىى، خلال الدعوات للتظاهر 11 نوفمبر.
لكن عام 2016 أبى أن ينتهى إلا أن يدمى فيه قلوب المصريين بحادث غادر فى الكنيسة البطرسية بالعباسية، أسفر عن استشهاد 27 من المصلين، فى تفجير انتحارى لنفسه، باستخدام حزان ناسف.