x

ريو دي جانيرو.. من التوهج الأولمبي إلى عبث مشكلات السياسة

الثلاثاء 27-12-2016 12:26 | كتب: الألمانية د.ب.أ |
حفل افتتاح لدورة الألعاب البارالمبية ريو 2016، بملعب ماراكانا في ريو دي جانيرو، 8 سبتمبر 2016. - صورة أرشيفية حفل افتتاح لدورة الألعاب البارالمبية ريو 2016، بملعب ماراكانا في ريو دي جانيرو، 8 سبتمبر 2016. - صورة أرشيفية تصوير : E.P.A

بدا وسط مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، مطلع ديسمبر الجاري، بعيدًا تمامًا عن أن يكون المكان الأفضل في العالم، كما وصفه رئيس اللجنة الأولمبية البرازيلية، كارلوس نوزمان، أغسطس الماضي، وتحديدًا في اليوم الذي انطلقت فيه فاعليات دورة الألعاب الأولمبية 2016.

وبعد خمسة أشهر من ختام الحدث الرياضي الكبير، اندلعت مواجهات في تلك البقعة من المدينة البرازيلية بين متظاهرين وقوات من الشرطة، التي أمطرت بالرصاص المطاطي المحتجين، الذين تحصنوا داخل إحدى الكنائس.

ولا تزال شوارع المدينة تفوح برائحة دخان الحواجز المشتعلة وبالغاز المسيل للدموع، التي ملأت الأرجاء، على خلفية المواجهات، التي اندلعت هذا الشهر.

وقال لويس فيرناندو بيزاو، رئيس حكومة مدينة ريو دي جانيرو، قبيل اندلاع المواجهات: «ريو دي جانيرو باتت عصية على السيطرة».

وانطفأت جذوة النشوة والشغف التي غمرت مدينة ريو دي جانيرو خلال الأولمبياد، وتحولت إلى صورة قاتمة وشوارع تموت كمدًا مع ختام 2016.

وباتت المدينة غارقة في أزمتها الاقتصادية، كما تشهد باستمرار خروج العديد من الموظفين الحكوميين إلى الشوارع في مظاهرات احتجاجية بعد انقطاع رواتبهم لعدة أشهر.

وبالإضافة إلى ذلك، عادت أعمال العنف لتبسط سيطرتها على الأحياء الفقيرة، بعد سنوات من الهدوء النسبي، وخاصة خلال بطولة كأس العالم 2014 وأولمبياد «ريو 2016».

وهكذا أصبحت كفة الميزان تميل إلى السلبيات داخل ريو دي جانيرو، وباتت الأخبار الجيدة الصادرة منها في الإنحسار.

ويمثل الخط الرابع من مشروع مترو ريو دي جانيرو أحد السلبيات التي طفت على السطح بعد انتهاء الأولمبياد، رغم كونه أحد أهم مشاريعها التحتية، حيث أصبح هذا الخط يعمل بالطاقة الأدنى ويربط بين جنوب المدينة وحي بارادي تيجوكا في الغرب.

وتحولت بركة المياه الخاصة بالمتنزه الأولمبي، التي استضافت منافسات قوارب التعرج في أولمبياد ريو 2016، إلى حوض سباحة عام.

ويعتبر التعهد بتحويل هذه البركة، التي تكلف إنشاؤها 620 مليون ريال برازيلي «180 مليون دولار»، إلى مرفق يستخدم لصالح الخدمة العامة، أحد الوعود التي قطعها المسؤولون في البرازيل على أنفسهم قبل الشروع في بناء المنشآت الأولمبية.

وعلى النقيض، لم يتحدد حتى الآن مصير ملاعب المتنزه الأولمبي بحي بارا دي تيجوكا، التي يجب أن تتحول إلى مدارس عمومية ومراكز رياضية راقية.

وألغت حكومة ريو دي جانيرو مؤخرًا المناقصة الأولى لإعداد ملاعب المتنزه لهذا الغرض، حيث لم يستوف العطاء الوحيد المقدم لمجلس المدينة في هذا الشأن الشروط المطلوبة، كما يبدو جليًا أن المدينة، التي تعاني من أزمة اقتصادية طاحنة، ليست مستعدة لضخ الاستثمارات المناسبة لتحقيق هذا الهدف.

ونخلص في النهاية إلى أن النتائج جاءت بعيدة تمامًا عن التوقعات.

ووصل إلى ريو دي جانيرو، خلال الأولمبياد، 410 ألف زائر من الخارج، وهو عدد أقل من النصف مليون شخص، الذي كان من المتوقع وصوله، خلال تلك الفترة.

ولا تشير الدلائل في الوقت الراهن إلى إمكانية حدوث طفرة حضارية أو اقتصادية أو اجتماعية جديدة، كتلك التي حدثت في مدينة برشلونة الأسبانية بعد أولمبياد 1992، التي امتدت أثارها في كل تلك النواحي حتى يومنا هذا.

وطالت أعمال التعديل وإعادة التطوير بعض منشآت البنية التحتية في ريو دي جانيرو، مثل طريق الرياضيين، في ظل وجود شبهة تواطؤ ومحاباة لأصحاب النفوذ، الذين ارتبطت أسماؤهم بقضايا فساد.

ويخضع إدوارد بايس، حاكم ريو دي جانيرو، خلال أولمبياد «ريو 2016»، حاليًا للتحقيق معه، على خلفية الاشتباه في تربحه من وراء أحد رجال الأعمال، كان قد تولى إنشاء ملعب الجولف الأولمبي.

وخلف «بايس» في مقعد حاكم ريو دي جانيرو الداعية الديني مارسيلو كريفيلا، المعروف بإطلاق الإهانات على المثليين الجنسيين وعلى أتباع الطوائف الدينية الإفريقية.

وبين هذا وذاك، تتكالب المشكلات على ريو دي جانيرو، فقد باتت تتداول بشكل مضطرد أخبار المواجهات بين العصابات المسلحة وقوات الشرطة داخل الأحياء الفقيرة.

ووقع تبادل لإطلاق النار في أكتوبر الماضي داخل أحد هذه الأحياء، تسبب في تفشي الفزع بين الناس، حتى في الأحياء السياحية المشهورة مثل كوباكابانا وأبانيما.

وأسفرت نشرات التقشف وتخفيض العمالة، التي ستنتهجها حكومة ريو دي جانيرو، إلى خروج العديد من الموظفين العموميين إلى الشوارع في مظاهرات احتجاجية خلال الأسابيع الأخيرة.

وحاول بعض المتظاهرين الثائرين احتلال مقر البرلمان في ريو دي جانيرو، في السادس من ديسمبر الجاري، عندما كانت تتم مناقشة حزمة من إجراءات التقشف، تسعى الحكومة الإقليمية تطبيقها والعمل بها.

وترغب حكومة ريو دي جانيرو في توفير 13 مليار و300 مليون ريال، ثلاثة مليارات و900 مليون دولار، من نفقاتها العامة في العام المقبل لرأب الصدع الكبير في ميزانيتها العامة.

وقال «نوزمان»، خلال حفل افتتاح الأولمبياد، في الخامس من أغسطس الماضي، في ملعب «ماراكانا» الأسطوري: «هنا المكان الأفضل في العالم»، لكن لم يعد هذا ما آل إليه حال المدينة على الإطلاق.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية