أحدث تصويت مجلس الأمن الدولى، مساء أمس الأول، على مشروع القرار المصرى رقم 2334، والذى يطالب بوقف فورى للاستيطان في الأراضى الفلسطينية المحتلة والقدس الشرقية- انقساماً واسعاً في الولايات المتحدة، فبينما دافعت الإدارة المنتهية ولايتها عن الامتناع عن التصويت على القرار بما سمح بتمريره بأغلبية 14 عضواً، في سابقة تاريخية لم تحدث منذ عهد إدارة الرئيس الأمريكى الراحل، رونالد ريجان، هاجم نواب ديمقراطيون وجمهوريون إدارة الرئيس باراك أوباما واتهموها بالتخلى عن إسرائيل.
وبينما جاء امتناع المندوبة الأمريكية الحالية، سامنثا باور، عن التصويت انعكاساً لغضب إدارة أوباما من التعنت الإسرائيلى الذي أفشل مفاوضات السلام منذ منتصف عام 2014، بسبب الاستيطان، دافع البيت الأبيض عن الامتناع عن التصويت، قائلاً إن أوباما اتخذ قرار الامتناع عن التصويت في ظل غياب أي عملية سلام لها مغزى، وقال إنه حذر إسرائيل مراراً سراً وعلانية من أن النشاط الاستيطانى يزيد عزلتها على الساحة الدولية. وقالت سامانثا باور إن القرار «يعكس الحقائق على الأرض» و«يتسق مع سياسة الولايات المتحدة» وأكدت أن الاستيطان يقوّض أمن إسرائيل و«إمكانية تطبيق حل الدولتين».
ودعا وزير الخارجية الأمريكية جون كيرى، إسرائيل والفلسطينيين إلى «تطوير آفاق حل الدولتين» بعد القرار. وقال في بيان، إنّ «الولايات المتحدة لم تتفق مع كل ما ورد في القرار»، بينما قال المبعوث الخاص للولايات المتحدة للشرق الأوسط، فرانك لوينشتاين، إن كيرى سيطرح قريباً أفكاراً لإعادة إطلاق عملية السلام.
واعتبر محللون أن عدم اللجوء للـ«فيتو» «طلقة الوداع» من أوباما ضد نتنياهو، وقالوا إن عدم لجوء إدارة أوباما إلى حق الـ«فيتو» يعكس إحباطًا من تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، وغياب الثقة بين الجانبين، وهو ما كان حذر منه نتنياهو من أن أوباما قد يوجه له ضربة قاضية في نهاية رئاسته، وأوضحوا أن موقف ترامب المؤيد للاستيطان، وتأييده نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، سبب محورى في عدم لجوء إدارة أوباما إلى الـ«فيتو»، وهو ما قوبل بانتقادات قاسية من الديمقراطيين والجمهوريين الذين تحدثوا عن خيانة أقرب حليف للأمريكيين في الشرق الأوسط.
وندد رئيس مجلس النواب الأمريكى، بول ريان، والسيناتور الجمهورى، جون ماكين، بامتناع إدارة أوباما عن التصويت، وقال ريان إن امتناع واشنطن عن التصويت «مشين بالقطع» و«ضربة للسلام»، بينما قال ماكين إن الخطوة تجعل الولايات المتحدة «متواطئة في هذا الهجوم الفظيع» على إسرائيل.
ووصف السيناتور الديمقراطى تشاك شومر الذي مارس ضغوطا حتى اللحظة الأخيرة على إدارة أوباما لاستخدام «الفيتو»، القرار بأنه «يسبب إحباطا وخيبة أمل كبيرين». ورأت لجنة الشؤون العامة الأمريكية- الإسرائيلية (آيباك)، أن هذا التصويت يثبت مجددًا أن «الأمم المتحدة هي منتدى هدف عزل إسرائيل والتشكيك في شرعيتها».
واعتبرت وكالة «رويترز» أن ترامب الذي يتولى السلطة في 20 يناير المقبل، اتخذ خطوة غير عادية لرئيس أمريكى منتخب عندما تدخل شخصياً في قضية تتعلق بالسياسة الخارجية قبل أن يتولى منصبه وتحدث هاتفياً مع نتنياهو ومع الرئيس المصرى، عبدالفتاح السيسى، فسحبت مصر مشروع القرار الذي صاغته، قبل إعادة تقديمه من نيوزيلاندا والسنغال وماليزيا وفنزويلا، وقال ترامب بعد تمرير القرار: «فيما يتعلق بالأمم المتحدة، الأمور ستختلف بعد 20 يناير».