x

مصر و«دول العدوان الثلاثى».. أعداء الأمس أصدقاء اليوم

فرنسا الأقرب إلى مصر.. والعلاقة مع إسرائيل «في أفضل حالاتها»
الخميس 22-12-2016 21:59 | كتب: هبة الحنفي |
ذكري العدوان الثلاثي ذكري العدوان الثلاثي تصوير : اخبار

إسرائيل وبريطانيا وفرنسا، على الترتيب دخلت الدول الثلاث حربًا مع مصر في أكتوبر عام 1956، عُرفت فيما بعد باسم «العدوان الثلاثي»، لأسباب عدة اختلفت فيما بينهم، كان مشتركها الوحيد تأميم قناة السويس.

بدأت إسرائيل الحرب، بعد اتفاق مع القوتين الأعظم في العالم آنذاك، بريطانيا وفرنسا، اللذين بدورهما أصدرا إنذارًا بوقف الحرب وانسحاب الجيشين المصري والإسرائيلي لمسافة 10 كيلو متر من ضفتي قناة السويس، وهو ما رفضته مصر لأنه يعني فقدانها السيطرة على قناة السويس.

شهران من المقاومة الشعبية لأهالي بورسعيد والسويس كانا كفيلان بإنهاء الحرب من قبل بريطانيا وفرنسا، لحقتهما إسرائيل بعد ما يقرب من 3 أشهر، إلا أن هذا العداء الذي كنته الدول الثلاث إلى مصر تحول فيما بعد على مراحل متعددة إلى الفتور حينا والصداقة أحايين أخرى.

فرنسا، رغم احتلالها مصر وإعلانها الحرب فيما بعد، إلا أنها تعد أكثر الدول الأوروبية ارتباطًا بالقاهرة، إذ بدأت العلاقات المصرية الفرنسية مراحل ازدهارها بعد العدوان الثلاثي بعامين تقريبًا، وبالتحديد خلال فترة حكم الرئيس الفرنسي شارل ديجول، وتميزت العلاقات فيما بعد بالتعاون الاقتصادي، والتجاري، والتقني، حتى في فترات الصراع العربي الإسرائيلي في السبعينات.

كانت السبعينات شاهدة على تحول العلاقة بين مصر وفرنسا إلى صداقة قوية، إذ شهدت نوع من التبادل التجاري في القمح ومعدات الطيران، وبلغت أعلى قيمة للصادرات الفرنسية لمصر عام 1974 إلى 1.372 مليار يورو، كما بلغت أعلى قيمة للصادرات المصرية خلال الفترة نفسها 910 ملايين يورو، من منتجات الهيدرو كاربون، أو من السماد، كما استفادت مصر في نفس الفترة بأكثر من 3 مليارات يورو مولتها الشركات الفرنسية لدعم البنية التحتية المصرية، وهو ما ظهر واضحًا في مشروع مترو الأنفاق بخطوطه الثلاثة.

عسكريًا، عقدت الدولتان عدة اتفاقيات عسكرية، منها اتفاق التعاون العسكري والفني الذي وقع عليه بالأحرف الأولى المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع الأسبق، ووزيرة الدفاع الفرنسية الأسبق، إليو ماري، أثناء زيارتها للقاهرة عام 2005.

صداقة مصر وفرنسا عسكريًا تظهر في التدريبات الثنائية التي يقيمها جيشي البلدين مرة كل عامين في مصر، إضافة إلى تدريبات بحرية باسم بـ«كليوباترا»، تقام في الأعوام ذات الأرقام الزوجية، وأقيمت آخر مرة في الإسكندرية في ديسمبر 2012، كما تجرى تدريبات جوية ثنائية بين البلدين باسم «نفرتاري»، آخرها أكتوبر- نوفمبر 2012.

دعمت فرنسا موقف مصر بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، واتخذت الدولتان مواقف متقاربة فيما يخص ملفات سوريا وليبيا والسودان ولبنان، إضافة إلى البرنامج النووي الإيراني، كما أن موقفهما ضد الإرهاب في الفترة الأخيرة مثالًا قوية على الصداقة المشتركة.

أثناء حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي، شهدت العلاقات المصرية الفرنسية تطورًا واضحًا، إذ توجهت الأموال الفرنسية للاستثمار في قطاع النقل البري والموانئ، إضافة إلى قطاع الطاقة الكهربائية، كما أن الرئيس الفرنسي، فرانسو هولاند، سعى في الفترة الأخيرة إلى تأسيس لجنة اقتصادية مشتركة بين البلدين تركز على تطوير مشروعات التمويل من المؤسسات الفرنسية والدولية.

الصداقة القوية ظهرت في المجال العسكري، إذ تم توقيع اتفاقية تسليح استثنائية بالنسبة لصناعات الدفاع الفرنسية في فبراير 2015، كما تم توقيع عقد تصدير طائرات «رافال» مقاتلة، بالإضافة إلى فرقاطة متعددة المهام، ومعدات أخرى ذات صلة.

بريطانيا، الدولة الثانية في العدوان، وتعد أكثر الدولة احتلالًا لمصر، إذ خرج آخر جندي إنجليزي من القاهرة عام 1956 عقب اتفاقية الجلاء، وشهدت علاقة البلدين توترات عدة، خاصة في فترة الخمسينيات والستينيات، إلا أن السبعينات كانت شاهدة على تطور العلاقة، خاصة بعدما اتخذت بريطانيا موقفًا معارضًا لإسرائيل في حرب أكتوبر، ما جعل هنري كسينجر، الرئيس الأمريكي آنذاك يقول إن «بريطانيا تعادي الولايات المتحدة الأمريكية».

شهدت فترة الثمانينات والتسعينات تاريخ قوي من التبادل الثقافي والتجاري بين مصر وبريطانيا، أدت إلى تطور العلاقة بين البلدين بشكل يختلف عما كانت عليه في السابق، إلا أن موقف بريطانيا الداعم لثورة 25 يناير كان أهم الركائز الأساسية في العلاقة بين الدولتين.

عام 2014، تمثلت الصداقة المشتركة بين البلدين في تدشين مجموعة «أصدقاء مصر في البرلمان البريطاني»، وأُعيد تشكيل المجموعة البرلمانية لمصر في 17 يونيو 2015 بعد الانتخابات التي فاز بها حزب المحافظين.

بعد 30 يونيو، شهدت العلاقات نوع من الفتور المستتر بسبب ما سماه البعض «دعم بريطانيا لجماعة الإخوان المسلمين»، إلا أن الدولة الإنجليزية دائما ما كانت تؤكد على قوة ومتانة العلاقات التاريخية بين البلدين.

«مصلحة بريطانيا في مصر لن تتغير، ومصلحة مصر في بريطانيا لن تتغير».. علق السفير البريطاني، جون كاسن على العلاقات بين البلدين في الفترة الأخيرة، وهو ما أكدته رئيسة وزراء بريطانيا، تريزا ماي، في اتصال هاتيى مع الرئيس عبدالفتاح السيسى بداية توليها المنصب، إذ أكدت دعم بريطانيا جهود النهوض بالاقتصاد المصري وزيادة الاستثمارات البريطانية في مصر.

قرار بريطانيا وقف رحلاتها السياحية إلى شرم الشيخ في أعقاب سقوط الطائرة الروسية في سيناء، وضع علاقة البلدين في حالة توتر، إلا أن العلاقة على الأرض الواقع لم تتأثر كثيرًا، إذ تحتل الاستثمارات البريطانية المركز الأول خلال الأعوام الست الماضية، ووصلت إلى 49.5% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في مصر، كما أن بريطانيا في المركز الثالث في قائمة الوفود السياحية الأكثر إقبالا على مصر، وتحتل المركز الرابع في حجم السفن العابرة لقناة السويس من ناحية الشمال.

إسرائيل، العدو التاريخي لمصر، آخر الدول المنسحبة من العدوان الثلاثي، محققة خسائر سياسية وعسكرية، إلا أنها عادت بعد ذلك التاريخ بـ10 سنوات تقريبا لتحتل سيناء فيما عُرف بـ«النكسة»، لتشهد الستينات والسبعينات مراحل مختلفة من الصراع العربي الإسرائيلي انتهى باتفاقية السلام عام 1979، مرورًا بحرب أكتوبر 1973.

علاقة متوترة وخصومة تاريخية كانت عنوان المرحلة من منتصف الستينات وحتى نهاية السبعينات، إذ أعلنت إسرائيل الحرب على مصر عام 1967 واحتلت سيناء، واستمر الاحتلال 6 سنوات تخللها حرب الاستنزاف التي تكبدت فيها الدولة العبرية خسائر جمة.

ومع نهاية حرب أكتوبر 1973، وتحقيق التفوق العسكري المصري على إسرائيل، شهدت العلاقة بين البلدين تطورًا هامًا انتقده كثيرون، وتمثل في إعلان الرئيس الراحل محمد أنور السادات استعداده للذهاب إلى إسرائيل وبالأخص إلى مبنى الكنيست.

في 26 مارس 1979 تم توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في البيت الأبيض، ونصت على استعادة مصر سيناء كاملة مقابل سلام كامل وعلاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية طبيعية مع إسرائيل، وفي 26 يناير 1980 أعلنت الدولتان إقامة علاقات دبلوماسية بينهما وانتهاء المقاطعة الاقتصادية والقيود المفروضة على حرية حركة الأفراد والبضائع.

على خلفية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تأرجحت العلاقات المصرية الإسرائيلية، إذ وقفت مصر إلى جانب القضية الفلسطينية، وفي عام 2004 كان التطور الأهم في علاقة البلدين بعد زيارة أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية آنذاك، وعمر سليمان، رئيس المخابرات المصرية في ذلك الوقت، إلى تل أبيب.

عقب ثورتي 25 يناير و30 يونيو، تعهدت الحكومات المصرية المتعاقبة وكذلك الرؤساء بالتزام مصر بتعهداتها تجاه تل أبيب، ويرى محللون أن العلاقة بعد تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي تعد «في أفضل حالاتها»، كما وصفها السفير اﻹسرائيلي في القاهرة، حاييم كورين: «من أفضل أوقات التعاون بين الطرفين».

مؤخرًا زار سامح شكري، وزير الخارجية، تل أبيب، في خطوة وصفها بـ«المهمة» لتحريك عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أعاد الكرّة وزار تل أبيب بعد وفاة شيمون بيريز، رئيس وزراء إسرائيل الأسبق.

الرئيس عبدالفتاح السيسي، بدوره، قال في مايو الماضي إن تحقيق سلام دائم بين الفلسطينيين وإسرائيل سيتيح إقامة «سلام أكثر دفئا» بين مصر والدولة العبرية، كما وجه من على منبر الأمم المتحدة في نيويورك، في سبتمبر نداءً إلى الحكومة الإسرائيلية والشعب الإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية