بمبادرة أطلقها الإعلامي أحمد المسلماني في برنامجه «الطبعة الأولى»، بالتعاون مع «المصري اليوم»، توجه عدد من الإعلاميين إلى الكاتدرائية المرقسية لحضور قداس عيد الميلاد، مساء الخميس، وتجمعوا بأحد فنادق القاهرة في انتظار الأتوبيس الذي أعدته «المصري اليوم» للزيارة.
الأتوبيس كان من المفترض أن يقل 10 إعلاميين، ويتوجه بهم إلى الكاتدرائية، هم مجدي الجلاد، رئيس تحرير «المصري اليوم»، والإعلامي عمادالدين أديب، وعمرو خفاجي، رئيس تحرير «الشروق»، وخالد صلاح، رئيس تحرير «اليوم السابع»، والكاتب الصحفي بلال فضل، والإعلامي عمرو الليثى مقدم برنامج «واحد من الناس»، وشريف عامر مقدم برنامج «الحياة اليوم»، ومعتز الدمرداش مقدم برنامج «90 دقيقة»، لكنه اقتصر على 5 فقط، بينما ذهب الآخرون بسياراتهم.
وكان من المفترض أن يلتقي الإعلاميون البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، قبيل القداس، لكنهم وصلوا متأخرين عن الموعد بسبب إغلاق الطرق، والاختناق المروري الذي شهدته القاهرة خلال الاحتفالات بالعيد.
وقال أحمد المسلماني إنه «اقترح مبادرة العشرة في محاولة للتأكيد على أن مأساة تفجير الإسكندرية أصابت الجميع، وأن المستقبل لا يحتمل إلا أن نكون يدا واحدة، وأن الهجوم الإرهابي هو بالقطع من خارج نسيج الوطن».
وأضاف أن الساحة مليئة بالمبادرات الهادفة لبث روح الوحدة الوطنية، رافضا السخرية من تكرار المبادرات، والزيارات وتبادل القبلات بين شيخ الأزهر والبابا، مؤكدا «أهمية المبادرات على المستوى التكتيكي».
ووصف المسلماني الإعلاميين المشاركين في المبادرة بأنهم «فريق إطفاء الحرائق السريعة، مهمته إخماد الحريق لحين بحث أسباب الحريق وكيفيه معالجته، وهذا هو المستوى الإستراتيجي».
وأكد المسلماني أنه «غير راض عن الأداء السياسى الرسمى تجاه المسيحيين والمسلمين وأنه يشعر بظلم شديد واقع على الوطن».
من جانبه قال الإعلامي عماد أديب إن «مصر تمر بحدثين رئيسيين، الأول هو عيد الميلاد الذي نعتبره عيدا لنا جميعا، والثاني هو حالة الحزن التي تسود المجتمع الآن».
وأضاف أديب: «هذا العام يأتي العيد بطعم الحزن.. عيد مغلف بالسواد، فهذا العيد يأتي ولدينا شهداء وجرحى من أبناء الوطن بعد الحادث الإجرامي في الإسكندرية، الحادث الذي جعلنا نشعر بالألم، لكن الشعوب الواعية هي الشعوب التي تنتقل من حالة الحزن والولولة وتحول الأحداث المؤسفة لطاقة جديدة تضمد الجراح، وتفتح الملفات المغلقة للنقاش العلني، ولا تتوقف فقط عند فكرة من هو المجرم رغم أنه من المهم أن يلقي المجرم عقابه».
وشدد أديب على ضرورة أن «نعرف ما هو مستقبل هذا الوطن في ظل ملفات نازفة ومغلقة منذ سنوات طويلة»، وقال: «منذ أحداث الخانكة 1972، ونحن نردد نفس توصيات الدكتور العطيفي، ومازالت دور العبادة قضية بلا حل، ومازالت قضية الأحوال الشخصية موجودة، ومازالت قضية المواطنة وإلغاء التمييز مفتوحة، كل هذه الملفات مازالت جراحا نازفة، ولابد أن نعالج الموضوع من جذوره».
وأضاف: «هناك عدة طرق للتعامل مع القضية، الأولى كشف المجرم، والثانية مرحلة الحل السياسي والتشريعي لإصلاح العطب، والثالثة مرحلة الحل طويل الأمد، وهو إصلاح التعليم»، متسائلاً: «عند أي مرحلة ستقف مصر؟».
وتابع أديب: «أمام مصر 3 خيارات أو قطارات عليها أن تختار أيها ستستقل، تضميد الجراح، أو الحل السياسي، أو الحل الجذري، وإن كنت أعتقد أنها لن تستقل أياً منها».
ووصف مجدي الجلاد الاحتفال بعيد الميلاد هذا العام بعد تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية وفي ظل التوتر الذي سببته تهديدات تنظيم القاعدة بأنه «اختبار هام جدا لنسيج الشعب المصر»، وقال: «الليلة تخوض مصر اختبارا حقيقيا، وسيستمر الاختبار لفترة، ولا بد أن نعالج المشكلة بدلا من الصمت عليها».
وأضاف الجلاد: «صمتنا طويلا على المشكلة، وهي ليست مجرد حدث عارض، بل مشكلة متزايدة لها جذور، وأظن أن أزمة مصر الحقيقية تكمن في أنها تعيش سنوات طويلة من الصمت وتسكين المشاكل، وتتجنب الحكومات المتعاقبة الملف الطائفي وتداعياته»، مشيراً إلى أن «ملف الأقباط يظل سؤالا صعبا لم تجب عنه مصر، واستمرار إغلاق هذا الملف هو غلق لجرح عميق جدا، أخشى أن يتحول لجرح يصعب علاجه، وأن يصبح فتيلا لتفجير المجتمع كله».
وأكد الجلاد أنه ضد استخدام مصطلح عنصري الأمة «فهذا مصطلح عنصري، وخاطئ جدا، حتى مصطلح الوحدة الوطنية خاطئ، لأنه يعني أننا عنصران مختلفان، رغم أننا شعب واحد وعنصر واحد»، مشيراً إلى أن «هناك مطالب طبيعية للأقباط، خاصة ما يتعلق منها بالوظائف القيادية وقانون دور العبادة الموحد»، مطالبا بـ«خروج مشاريع القوانين التي ظلت حبيسة الأدراج لسنوات طويلة».
وأشار الجلاد إلى أن نظام التعليم في مصر «أفرز عقلية طائفية بنجاح ساحق، والاختبار الحقيقي هو أن نتوصل إلى علاج شامل لهذه الأزمة»، وقال: «ما حدث في مصر خلال الأيام الماضية وما يحدث من غضب في الشارع، خطر حقيقي على البلد، ورغم أن انتهاء مرحلة الصمت، ظاهرة إيجابية لكن ردود الفعل يجب أن تظل سلمية»، معرباً عن أسفه لعدم قدرة الحكومة الحالية على تجاوز هذا الملف.
وقال: «المشكلة تكمن في التصدي لملف الأقباط، باعتباره ملفاً أمنياً، وهو ملف سياسي في الأساس، ولا بد أن يتصدى له السياسيون».
من جانبه، قال الإعلامي عمرو الليثى، إن مشاركته في المبادرة «هدفها إيصال رسالة مفادها أننا جميعا في خندق واحد، وأن الحادث إرهابي وليس طائفيا وهدفه زعزعة الاستقرار، واستغلال حالة الاحتقان الطائفي».
ولفت إلى أن «المسيحيين لديهم مشاكل تتمثل فى إصدار قانون دور العبادة الموحد، مشيراً إلى أن الحكومة مقصرة تجاه ذلك، وإنه آن الأوان لإلغاء الخط الهمايونى لأنه ينتمي للعهد العثماني».
وقال: «نحتاج إلى حوار بين الدولة والأقباط لحل تلك المشكلات، خاصة أن مطالبهم بسيطة ووجودهم فى الحياة السياسية حق مشروع لهم»، مؤكدا أن «الاحتقان الطائفي سبب رئيسى فى تضاعف رد الفعل القبطي تجاه الحادث».
وقال خالد صلاح، رئيس تحرير «اليوم السابع»، إن «المبادرة ليست مبادرة منفردة ولا أحادية ولكنها مبادرة جماعية من أطراف عديدة فى المجتمع، إعلاميين وكتاب وفنانين ومواطنين عاديين، كلهم تجمعوا على قلب رجل واحد ليدينوا هذا العمل، فى نادرة تاريخية، وأقول نادرة للأسف لأن هناك حوادث كثيرة لم نتوحد فيها بهذا الشكل».
وأضاف: «أعتقد أن المصريين لم يجتمعوا منذ أكتوبر 73 على موقف موحد عاطفي وعقلاني أكثر من إجماعهم الآن على ضرورة وضع حد للإرهاب المجرم من جهة، ثم وضع كل القضايا الوطنية وكل مشكلات المسلمين والأقباط سواء كانت مشكلات فردية أو مشكلات جماعية أو قانونية على طاولة البحث للوصول إلى حل موحد يضمن لمصر استقرارها الوطني والسياسى والاجتماعي».
وأكد صلاح وجود مشكلات فى الخطاب الديني سواء فى منابر المساجد أو منابر الكنائس، وقال: «هذه المشكلة لن يتم حلها إلا بالحوار المتواصل والصريح».