واصل العشرات اعتصامهم أمام السفارة الإسرائيلية، لليوم السابع على التوالى، للمطالبة بطرد السفير الإسرائيلى وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فيما وقعت اشتباكات بين معتصمين وأفراد الشرطة العسكرية فى الساعات الأولى من صباح الخمس.
وبدأت الاشتباكات فى حوالى الساعة 2 صباحا بعد دخول أحد المعتصمين فى مشادات كلامية مع أحد جنود الشرطة العسكرية، وتطور الأمر إلى اشتباك بالأيدى، فتدخل أحد صف ضباط الشرطة العسكرية، وألقى القبض على الشاب، مما أثار غضب عدد من المعتصمين، وطالبوا بتركه، فرفض الضابط، فثار الشباب وحدثت مشادات كلامية، وتطورت إلى اشتباك بالأيدى، لولا تدخل أحد ضباط القوات المسلحة، الذى أخلى سبيل الشاب وفض الاشتباك.
وحَّمل شهود عيان الشاب مسؤولية الأحداث وأكدوا لـ«المصرى اليوم» أن الشاب أخطأ فى حق جندى الشرطة العسكرية، وسخر منه أكثر من مرة، مما أثار غضب الجندى.
وفى خلال دقائق من الاشتباك فوجئ المعتصمون بحضور اللواء سعيد عباس، مساعد قائد المنطقة المركزية، الذى حاول امتصاص غضب المعتصمين، مؤكدا لهم أنه لا نية لفض الاعتصام بالقوة، وأنهم متواجدون لحمايتهم وللحفاظ عليهم، وعليهم أن يتكاتفوا مع قوات الجيش، ويساعدوهم فى أداء واجبهم بدلا من الاشتباك معهم.
يأتى ذلك فى الوقت الذى اختفت فيه جميع الحركات الاحتجاجية والقوى السياسية، وعلى رأسها حركة 6 أبريل التى دعت للاعتصام أمام السفارة، فيما استمرت حركة «ثوار الإسكندرية»، وحركة «قادمون»، وعدد من أعضاء حزب التوحيد العربى، وشباب الحزب الناصرى.
وكان من اللافت للنظر ظهور بعض الشباب يرتدون «تى شيرت» عليه صورة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، مكتوباً أسفله «الحرية، العدالة، الكرامة»، وظهر عدد آخر يرفع صورا لرمز المقاومة الفلسطينية الشيخ أحمد ياسين، وصورة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة.
ووقعت مشادات بين عدد من المعتصمين بسبب قيام 3 برفع صورة بن لادن ومكتوباً عليها «أعيدوا كتابة كل المعاجم فإن الرجولة تعنى بن لادن»، فيما أصر المعتصمون على إنزال الصورة حتى لا يتم وصفهم بالإرهابيين، واستغلالها من جانب الإعلام الإسرائيلى والغربى لإبراز صورة سيئة عن المتظاهرين أمام السفارة، وعندما رفض الثلاثة إنزال الصورة هتف معتصمون: «بن لادن صناعة أمريكية».
واستمر المعتصمون فى نقاش حاد فيما بينهم ومع أفراد الشرطة العسكرية حتى شروق شمس الخميس، حول دور المجلس العسكرى فى الأزمة ووصفوه بالمتخاذل، فرد أحد الضباط عليهم: «المجلس العسكرى قوى ولكنه يريد أن يعيش الشعب لحظة هدوء بعد الثورة».
ومع دقات الساعة الثالثة، بدأت أعداد المعتصمين تتناقص تدريجيا، فمنهم من قرر الانتقال إلى أماكن مجاورة لتناول وجبة السحور، وآخرون توجهوا إلى مسجد الرحمن المقابل لساحة الاعتصام لاستكمال الليلة هناك، وبقى نحو150 معتصما فقط، ظلوا يهتفون: «إسرائيل يا إسرائيل.. مابقاش ليكوا فى مصر عميل»، «يا مشير فين التار.. ده جيشنا كله أحرار».
هتافات المعتصمين لم يقتصر تنديدها على مقتل جنود مصريين على الحدود بنيران إسرائيلية، بل امتدت لمعاناة أهالى قطاع غزة «يا الله يا الله.. طفل فى غزة بيقول آه». وتصف هدى عبدالرحمن، فلسطينية مقيمة فى مصر منذ 4 سنوات، المظاهرات أمام السفارة الإسرائيلية بـ«شىء جميل»، مضيفة: «أنا شاركت فى الثورة من يوم 25 يناير.. وسافرت اسكندرية قبل كده علشان أشارك فى وقفة احتجاجية أيام مقتل خالد سعيد».
هتافات المعتصمين لم تخل من الرد على محاولات البعض التشكيك فيهم، باعتبارهم ليسوا مشاركين فى الثورة التى أطاحت بالرئيس المخلوع مبارك، قائلين: «ياللى بتسأل إحنا مين؟ إحنا شباب 25.. إحنا الشرعية الثورية». ومع ارتفاع الأصوات، رصدت «المصرى اليوم» تواجد عدد من شباب الحزب الوطنى المنحل، كان أبرزهم سهير يسرى، أمينة الفتيات بالحزب فى مدينة 6 أكتوبر. الفتاة لم يختلف أداؤها كثيراً عن أغلب المتواجدين، وإن كانت هتافاتها أكثر حدة فى انتقاد طريقة أداء المجلس العسكرى فى حكم البلاد. «إنتى عارفة إنك من الفلول؟».. هكذا فاجأناها بالسؤال ولم تنكر «سهير» قائلة: «أنا فعلاً كنت عضوة فى الحزب الوطنى لمدة 3 سنوات».. تصمت الفتاة قليلاً، ثم تعود لتؤكد أنها استقالت من الحزب عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة بسبب ما شهدته من «تزوير». مع أذان الفجر، تخفت الهتافات، قبل أن يؤدى بعضهم الصلاة، ومع النهاية يرفع إمامهم يديه إلى السماء: «يا جبار يا جبار.. ولع فى إسرائيل النار».
الساعة السادسة صباحا.. المعتصمون لا تتجاوز أعدادهم 50، التفوا فى حلقات يرددون أغانى محمد منير، وأشعار أحمد فؤاد نجم. ومع دقات السابعة صباحاً تفرق المعتصمون، الكل يبحث عن مأوى لجسد أنهكته ليلة طويلة لم تختلف كثيراً عن 5 ليالى أخرى سبقتها.