x

شريف سمير دولة العلم.. والإيمان شريف سمير السبت 17-12-2016 21:20


قالوها زمان في أمثالنا الشعبية :«اسعى ياعبد وأنا أسعى معاك».. وصارت المقولة ببساطة من مكونات موروثاتنا ومبدأ في الحياة وسلوكا للقطاع الأعظم من أفراد المجتمع «الأسوياء».. فالسعي مفهوم له دلالته الدينية والإنسانية في ثقافتنا العربية والإسلامية، لأنه يحث على الجهد والعمل والتوكل على الله في كل تصرف قبل انتظار النتيجة والوصول إلى الهدف.. هكذا تعلمنا وتربينا وعكف آباؤنا وأمهاتنا على ترسيخ هذه العقيدة في نفوسنا، بدءا من البيت، ومرورا بالمدرسة والجامعة وخطب الجمعة المباركة، وانتهاء بإعلانات التليفزيون في حقبة الثمانينات والتسعينات والتي استمدت قوة تأثيرها في تشكيل الوعي من تماسك بنيان الأسرة المصرية في الأساس.

لكن الزمن تغير.. والعقول أصابها التشوه.. والنفوس تلوثت بشراهة المال وطمع الوازع التجاري ليصبحا المحرك الأول والأخير للآلة الإعلامية دون اعتبار أو احترام لأى قيمة أو مبدأ.. والصدمة تبلغ ذروتها مع انتشار إعلانات الترويج الصريح والصارخ للدجل والشعوذة على الفضائيات والدعاية الفجة لشيوخ ومدعين يجري تلميعهم وتسويقهم كـ«رسل سلام» و«أنبياء جدد» لجلب الحبيب وعلاج أزمات العنوسة والطلاق وفتح أبواب الرزق للمحتاجين، وعلي من يرغب في الشفاء من مشاكل العصر أن يلجأ إلى هؤلاء «الفاتحين» ليتعلموا منهم كيف يكون السبيل للقضاء على الأفكار السلبية وتحقيق الأحلام.. وسحقا لمنطق العمل والاجتهاد وصناعة السعادة بأيدى البشر وأفعالهم وطاقاتهم الإيجابية.. وليذهب إلى الجحيم أساتذة علم النفس والاجتماع وعلماء الدراسات السلوكية والإنسانية وخبراء التربية والتعليم الذين أفنوا حياتهم وأعصابهم في إرشاد المجتمع وتوجيهه نحو البناء والرقي والتحضر!

هل هذا ما أفرزه المناخ الإعلامي بكل ما يعتريه من مظاهر الفوضي والتحلل من أساسيات العمل المهني؟!.. تتحول الخرافات والتلاعب بمشاعر وهموم الإنسان إلى سلعة رائجة وأكذوبة إعلانية تغازل طموحات وآلام الضعفاء والجهلة.. والمخجل في هذا المشهد العبثي أن أبطال القصة من محترفي رسم اللحية والتستر وراء النقاب في إهانة وقحة لأعظم الأديان وأكثرها تحريضا على اتباع العلم وإعمال العقل والأخلاق في إدارة شؤوننا الدنيوية.. فالإسلام في أوائل عهده وعبر قرون النهضة وسيادة العالم بفتوحاته وانتصاراته، كان عنوانه دائما «دولة العلم والإيمان»، ومن هذا المانشيت العريض انطلقت أفكاره وتعاليمه وصاغت شعوبا وأمما وصنعت أمجادا وأنتجت عباقرة وأعلاما.. فكيف نعود إلى عصر الجاهلية والظلام بإمضاء «كهنة الإعلام الفاسد»، و«سماسرة» الإعلانات المسمومة ؟!.. إن كنت على خطأ، فأنا متشوق لمن يعلمنى الصواب.. وهاتفي في انتظار مكالمته!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية