x

الدكتور صفوت العالم عضو اللجنة السداسية لتطوير الإعلام : الحكومة تحشر أنفها فى«التشريع» للسيطرة على الإعلام

الجمعة 16-12-2016 22:43 | كتب: طارق صلاح |
صفوت العالم يتحدث لـ«المصرى اليوم» صفوت العالم يتحدث لـ«المصرى اليوم» تصوير : ميار فودة

قال الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام فى جامعة القاهرة، عضو اللجنة السداسية التى تم تشكيلها فى عهد المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق لإعداد تشريعات إعلامية، إن قانون الإعلام الجديد غير قادر على حل مشاكل الإعلام، وبالتالى لن يقدم طفرة لهذا المجال.

وأرجع «العالم»، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، ذلك إلى أن الإعلام يعيش مشاكل كثيرة منها علاقته الودية مع السلطة، واهتمام الكثيرين بالمصالح على حساب المهنية وتبنى وجهة نظر أحادية وإهمال الرأى المعارض.

وكشف عن قيام اللجنة السداسية بتشكيل الهيئات الإعلامية الثلاث فى مشروع تم تقديمه لحكومة المهندس إبراهيم محلب، وغلب على أعضاء التشكيل تمثيل الصحفيين، مبديا اندهاشه مما قدمته الحكومة بعد ذلك، لاسيما أنه قل فيه ممثلو الصحافة والإعلام لحساب السلطة التنفيذية.

وشدد «العالم» على أن كثيرا من المسؤولين فسروا انتقادات الرئيس السيسى للصحفيين والإعلاميين على أنها رغبة فى محاصرتهم، لافتا إلى أنها تفسيرات خاطئة تؤثر بالسلب على الأداء الإعلامى.. وإلى نص الحوار:


■ فى البداية كنت ضمن إحدى المجموعات التى عملت لإعداد التشريعات الإعلامية.. وضح لنا طبيعة عملكم فى هذا الإطار؟

- فوجئت بأننى أحد أعضاء اللجنة التى تم تشكيلها بقرار من رئيس مجلس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلب، وكانت تضم كلا من الأساتذة مكرم محمد أحمد وصلاح منتصر وفاروق جويدة وأسامة هيكل ومحمد الأمين وعصام الأمير وعدد من المستشارين بقسم التشريع داخل وزارة العدل التى كانت تشرف على عملنا عن طريق وزيرها فى هذا الوقت محفوظ صابر، وأيضا كان معنا المستشار إبراهيم الهنيدى، وزير العدالة الانتقالية وقتها، وأعتقد أننا عملنا قرابة أربعة أشهر وكان الهدف هو إعداد الثلاث هيئات التى نص عليها الدستور فى ثلاث مواد متتالية وهى الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وبالفعل انتهينا من هذا العمل وقدمناه للحكومة.

■ أين كنتم تجتمعون من أجل أداء هذه المهمة.. ومن هو رئيس اللجنة؟

- كنا نعمل من داخل وزارة العدل وكان رئيس اللجنة الإدارية هو السيد وزير العدل.

■ ألا ترى أن هذه الأجواء لا يوجد بها استقلالية كونكم تعملون داخل لجنة يرأسها ممثل الحكومة من داخل مكاتبه؟

- إطلاقا نحن عملنا بمنتهى الحرية والاستقلالية، وكانت رئاسة الوزير من الناحية الإدارية والتنظيمية ولم يتدخل فى عملنا أحد بل بالعكس كنا داخل اللجنة نختلف أثناء مناقشاتنا وكان الجدل لا ينقطع أبدا واتسمت لقاءاتنا بالشد والجذب وهو ما يدل على أن أجواء العمل كانت تتم بمنتهى الديمقراطية والشفافية، وللعلم لم يكن داخل أى أحد من أعضاء اللجنة دافع سوى إنتاج عمل يخدم الوسط الصحفى والإعلامى ويكون ملما بجميع أسباب التقدم والحداثة، مستبعدا الأخطاء التى شابت هذا المجال فى الماضى.

■ ذكرت لنا بأنكم معنيون فقط بإيجاد ثلاث هيئات تقوم على إدارة الصحافة والإعلام فما هى آلياتكم لإنجاز العمل؟

- كنا نستعين بآراء خبراء ومتخصصين ونقرأ كل ما كتب فى هذا الإطار فى الدول المتقدمة وأيضا استخدام العلم الحديث وتجارب وخبرات الغير من أهم الأشياء التى يمكن أن تحصل فيها على نتيجة جيدة، وقد ازداد عدد أعضاء اللجنة فيما بعد بهدف الثراء وقدمنا ما توصلنا إليه إلى الدولة.

■ هل كان ضمن عملكم إنتاج ما سمى قانون الإعلام الموحد الذى ضم تشكيل الثلاث هيئات والقوانين المنظمة لها؟

- لم يكن لنا مهمة سوى إيجاد ثلاث هيئات ووضع كيفية تشكيلها وأهدافها ومهمتها وفق مواد الدستور، أما موضوع قانون الإعلام الموحد ذلك سمعناه من بدء عمل لجنة الخمسين التى لم يكن لدينا تواصل معها فى أثناء عملنا.

■ بالمناسبة كيف تفسر عمل لجنتكم المشكلة بقرار من رئيس الوزراء وأخرى بإرادة صحفية وإعلامية دون تواصل؟

- بكل صراحة كانت هناك انتقادات شديدة لنا من جانب لجنة الخمسين وسألنا الحكومة ووزير العدل عن موقفنا فى هذه الأجواء؟، وجاء الرد لنا بأن نستمر فى العمل وأن هذه مهمة يجب أن ننتهى منها، وكان الكلام يتم بيننا وبين وزرير العدل مباشرة وأنا شخصيا اقترحت ووافقت اللجنة السداسية أن نعمل مع لجنة الخمسين لكنهم رفضوا وقررنا فى النهاية الصمت وعدم الخوض فى أى معارك جانبية، وأكدنا كثيرا أننا لم ولن نحصل على أى مقابل مادى أو معنوى جراء عملنا فى هذه اللجنة، ولكنها دوافع وطنية رغبة فى المساهمة لإيجاد مستقبل إعلامى متميز يكون نبراسا للمصريين وهاديا لهم فى حياتهم.

■ ما هو طريقة تشكيل الثلاث هيئات التى ذكرتموها فى تقريركم النهائى؟

لا أتذكر بالتفصيل كيفية إيجاد الأعضاء ولكننى متأكد من شىء واحد هو أننا وضعنا الأغلبية لصالح أصحاب المجال، وكانت الأقلية للحكومة، وهذا أمر طبيعى لأن الصحفيين والإعلاميين لهم الحق فى تنظيم عملهم وترتيبه مع وضع الخطوط العريضة للأداء من حيث طريقة الاختيار وعدد الأشخاص الممثلين من كل جهة والمدد القانونية المسموح بها لعضوية هذه الهيئات الثلاث.

■ لكن تشكيل الهيئات الموجود حاليا تظهر فيه زيادة أعداد السلطة التنفيذية عن أصحاب الشان.. من وجهة نظركم من الذى قام بتغيير ما اتفقتم عليه؟

ليس لدىّ معلومات عن هذا الأمر أنا أتحدث عما أعلمه وعايشته وأؤكد أننا كنا حريصين على استقلالية تلك الهيئات عن التدخلات الحكومية وجميع أعضاء اللجنة أسماء كبيرة صاحبة مصداقية لدى الجمهور ومعروفون بنزاهتهم ولذلك من الطبيعى أن تكون إسهاماتهم فى اتجاه خدمة الإعلام بواسطة أبنائه دونما ترك مساحة للتنفيذيين بغل يدهم فى أى شىء.

■ يقول البعض إنكم أسستم لأحقية رئيس الجمهورية فى اختيار رؤساء الهيئات الثلاث وأيضا اختيار ثلاثة آخرين كأعضاء فى كل هيئة وهذا أكبر دليل على تغلغل الدولة فى التشكيل؟

-لم يحدث وأتذكر أننا وضعنا اختيار رئيس الجمهورية لرئيس الهيئة ونحن كما قلت وأكرر ليس لنا مغنم فى هذا مطلقا ولكن المغنم الحقيقى هو وجود إعلام قوى قادر على مواكبة الحداثة والتطور ونؤمن بأن هذا لن يتحقق بتسلط الدولة وإنما بإيجاد آلية تسمح للمهنيين والفنيين بحرية مع وجود ضوابط حاكمة.

■ كيف تتوقعون أداء الصحافة والإعلام فى ظل وجود ثلاث هيئات ورئيس لكل منها معين من قبل الدولة؟

-إذا حدث ذلك فإننا نكون أمام إعادة تدويرموقع وزير الإعلام الذى تم إلغاؤه حيث سنكون أمام أكثر من وزير للإعلام وهذا أمر فى غاية الصعوبة ويجب أن تبقى للهيئات الثلاث استقلالية تامة بعيدا عن أى تدخلات من جانب الدولة إذا كانت جادة فى خلق إعلام حقيقى يؤدى إلى الديمقراطية التى يتطلع إليها ملايين المصريين فى جميع أرجاء البلاد وأدعو الحكومة إلى التخلى عن رغبتها فى السيطرة على الأداء الإعلامى إلى منح المجال مزيدا من الحرية لأن ثورات الشعب جاءت من أجل قتل عصور الظلام والديكتاتورية وأتمنى الكف عن التصريحات الكرنفالية للوزراء والمسؤولين والبدء فى مرحلة جديدة تكون فيها الديمقراطية هى الأساس فى كل عمل يتم.

■ ماذا تقصد بالتصريحات الكرنفالية؟

-اعتاد المسؤولون وأصحاب المواقع الحكومية سواء وزراء أو غيرهم فى الخروج علينا عبر الصحف والشاشات بتعبيرات وأقوال مستهلكة وقديمة وأصوات عالية لا تمت لأفعالهم بأى صلة، فمثلا عندما كنا نطالب بنقابة للإعلاميين كثيرا ما سمعنا جملة ده حقهم وجارى العمل والبحث، ولم يتم شىء، وكنت على ثقة بأن الحكومات لا ترغب فى ذلك خاصة بعد أن تجرعت قوة وثقل نقابة الصحفيين التى لديها أدوات تستطيع عن طريقها الدخول مع الحكومة فى جدل من أجل حقوق أبنائها الصحفيين وعلم الجميع أن الصوت النقابى أكثر تأثيرا من غيره، خاصة إذا كان هذا الصوت من الإعلاميين وتود الدولة أن تعمل برشاقة بمعنى عدم إزعاجها من أحد ولذلك دائما تميل إلى الابتعاد عما يمكن أن يسبب لها جدلا.

■ من وجهة نظرك هل التشريع الإعلامى المتمثل فى الهيئات الثلاث والمزمع العمل به كاف للوصول لتحقيق طفرة فى هذا المجال؟

-بكل أمانة أنا أرى أن التشريعات الجديدة عبارة عن منتج غير كاف بالمرة لإحداث طفرة لأننا لا نحتاج إلى هيئات فقط ولكننا فى أمس الحاجة إلى أشياء أخرى منها على سبيل المثال وجود لجان لرصد وتحليل المضمون الإعلامى وتقييمه بجانب لوائح واضحة للعقوبات بحيث لا ننتظر الشكوى من وجود أخطاء وهذه الفكرة معمول بها فى دول كثيرة وأثبتت نجاحها فى الحد من كمية المشاكل التى نشاهدها يوميا على الشاشات، وببساطة فإن التحليل والمتابعة لا يمكن إهمالهما ولابد أن يكونا بشكل مؤسسى ومستمر بواسطة خطة، أيضا هناك مشكلات فى الإعلام لابد من العمل على حلها.

■ ماذا تقصد بقولك إن الحكومات لا ترغب فى إيجاد إعلام قوى؟

-أقصد عدم رغبتها فى أن يكون أمامها إعلام يؤدى رسالته الحقيقية دون مجاملات أو مواءمات، وحتى أكون منصفا عدم الرغبة هذه ليست جماعية بل تكون من أشخاص دائما يكرهون الحرية ويخافون الديمقراطية ويسعون لتكبيل الإعلام لكبح جماحه وهناك أشياء بسيطة جدا تؤكد أنهم يرغبون فى إيجاد إعلاميين وصحفيين من أصحاب الرؤى الضيقة، فلك أن تتخيل تدريب هؤلاء الإعلاميين والصحفيين أو تدريب الشباب عموما يتم بواسطة أشخاص أصلا ليس لديهم علم ويفتقدون لأبسط قواعد المهنية والتطوير ولا داعى لذكر أسماء بعينها لكنك إذا سألت عن ورش العمل التى تقدم خدمة تدريبية ستجد أن معظمها من نوعية أصحاب العلاقات بالمسؤولين فى الوقت الذى لا يتمتعون بأدوات المدرب المفيد وعموما فإن الرغبة لإيجاد إعلام قوى تكون فى تغيير الأساليب القديمة التى عفا عليها الزمن وأيضا استبدال الوجوه التى ساعدت فى تراجع الأداء بأشخاص قادرين على خلق أجيال جديدة مؤمنة بالاستقلال والحرية، وبصدق شديد أرى أن كثرة تدخلات الدولة فى عمل التشريعات الإعلامية وحشر أنوف ممثلى الحكومة فيها دليل قوى على عدم رغبة الأنظمة فى تطوير الإعلام وإيجاد نوع جديد يستطيع تقديم خدمة صادقة للجمهور.

■ كيف تفسر انتقادات الرئيس للإعلام والصحافة بشكل خاص فى الفترات الماضية؟

-شاهدنا عددا لا يقل عن أربع مرات قام فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى بانتقاد الصحفيين والإعلاميين وهو ما أثر بالسلب على تعامل المسؤولين والوزراء مع الإعلاميين حيث فهم التابعون للسلطة التنفيذية أن انتقاد الرئيس ينطوى على رغبة فى إيجاد قوانين تحد وتقيد الأداء الإعلامى واعتقدوا أن هذه إشارات من الرئيس لتقييد الإعلاميين ولذلك يحاول المسؤول أن يصل إلى رضا الرئيس فيعمل فى اتجاه محاصرة الإعلام ظنا منه أن هذا سيجعله فى مكانة عليا ويحوز الثقة من جميع دوائر صنع القرار ويمكن أن يؤدى ذلك إلى راحة بعض الشخصيات بالدولة ولكنها بكل تأكيد أدت إلى محاولات البعض فى حصار الصحفيين سواء فى التشريعات التى باتت تتم أو من جانب أصحاب القنوات الخاصة التى تحاول أن تكون على علاقات جيدة بالدولة وبالتالى فإن فهم ما قاله الرئيس بطريقة سلبية وخاطئة أمر لا يخدم القضية الإعلامية.

■ من وجهة نظركم ما هى مشكلات الإعلام الموجودة حاليا والتى تؤدى إلى أداء لا يرضى الكثيرين؟

بكل تأكيد فإن أول شىء يمكن أن نتحدث عنه فى المشكلات هو عدم احترام الرأى العام وهى ظاهرة خطيرة وغير مطلوبة فى مراحل التحول حيث نرى أن القنوات تقوم معظم برامجها على تبنى قضية معينة والانحياز الكامل لها وأيضا مساندة أشخاص بعينهم ومهاجمة آخرين، وهى ممارسات لا تمت للإعلام بصلة وأسميه إعلام علاقات المصالح الذى لا يهتم سوى بوجهة نظر أحادية واستخدام مصادر مكررة معروف آراؤها وأطروحاتها ومحفوظة لإعادة التصريحات لخدمة مصلحة بعينها وعدم احترام الشراكة فى المجتمع وترك الفرصة للمنفلتين للسب والقذف والابتعاد عما يغضب الدولة والاتجاه للموضوعات غير الهامة والبعد عن الشفافية وإقصاء أصحاب الرأى الآخر أمر فى منتهى السوء، مما أدى إلى عزوف عدد من المثقفين والنخبة لعدم رضائهم عن الأجواء، وأكثر ما يشغلنى هو وجود مذيعين ومذيعات وأيضا صحفيين ليسوا على درجة من الثقافة والإلمام بطبيعة العمل الإعلامى ويظهرون وكأنهم لا يمتلكون أى أدوات شخصية لكنهم جاءوا فقط بحكم علاقات مع أصحاب القرار ولك أن تتخيل أن أصحاب القنوات أصبحوا لا يبحثون عن المذيع المهنى بقدر ما يبحثون عن معادلة غير منظورة تتمثل فى شخص يكون متوافقا مع النظام الحاكم وقادرا على جلب إعلانات ولا يرغب فى عمل مشاكل من أى نوع من المشاكل ويتركون له الحرية بعد ذلك، وعموما تشعر أن القنوات والصحف تبحث عن رضاء الدولة وغير مهتمة برضاء الجمهور وهى الكارثة الحقيقية.

■ بخصوص المذيعين والمذيعات من تراه الأفضل حاليا على الشاشات المصرية؟

- أنا شخصيا يعجبنى شريف عامر ومعتز الدمرداش لأنهما يمتلكان ذكاء وفطنة وأقرب للمصداقية والمهنية ويحاول عامر عدم الدخول فى التابوهات الممنوعة وعدم التطرق إلى الكرنفالات النظامية، وساعده على ذلك محدودية وقته الذى لا يتعدى ساعة تقريبا، ومعتز أيضا يمتاز بتلك الصفات وبالطبع خبراته الخارجية أثقلته وجعلته يبدو مؤمنا بالحياد واستيعاب الرأى والرأى الآخر ولكن يبدو أن هناك مشاكل تقع من حين لآخر بين معتز والقناة ولا أنسى رشا نبيل ومنى عراقى لأنهما مجتهدتان تحاولان تقديم أشياء مفيدة وعموما فإن المذيع أو الصحفى الذى تظهر عليه رغبة فى تملق السلطة لا يمكن بحال من الأحوال تقديم مواد تخدم المجتمعات، ويزعجنى أننى أجد صحفيا يعمل لدى جريدة وفى نفس الوقت فهو معد أو ضمن فريق تلك القناة أو حتى يعمل مستشارا لوزير أو مسؤول كبير وأنا أعتبره خائنا لجريدته لأنه يعمل فقط لإرضاء المكان الثانى، بالطبع لا يمكن انتقاده بل يقوم بتحسين صورته وتجميله إضافة إلى أنه إذا كان يعمل لدى قناة يقوم بنقل المادة الصحفية لها لتنفرد به وهذه خيانة أكيدة وهذا التصرف لا حل له إلا ما فعلته الأردن وغيرها من الدول وهى استقالة الصحفى من جريدته أو إقالته إذا ظهر أنه يعمل فى أماكن أخرى وهذه ضمانة لعدم تضارب المصالح.

■ ما هى أفضل الفترات التى أعجبك فيها أداء الإعلام المصرى؟

- تقريبا فترات ما بعد ثورة يناير وتحديدا بعد تأكد الإعلام أن الرئيس الأسبق قد انتهى عصره وباتت أمامهم الأبواب مفتوحة لإيجاد أطراف مختلفة والتخلى عن الانتقائية والأحادية حيث شاهدنا على كثير من القنوات مصادر مختلفة لم تكن تظهر فى الماضى وبات المذيعون وكأنهم أحرار يعملون باستقلالية إلى حدما وأيضا الفترة الأولى بعد ثورة يونيو كان الأداء أفضل كثيرا عما هو عليه الآن حيث ظهر استبشار الجميع فى الفترتين بالديمقراطية وعقدت الآمال عليها مما أدى إلى تغير ملحوظ فى المجال الإعلامى.

■ حدثنا عن كيف تقرأ علاقة الإعلام بالسلطة؟

- لا يوجد شك بأن العلاقة بين الإعلام والسلطة علاقة جدلية وأخطر مراحلها تكون بعد عملية التحول السياسى لأن كلا الطرفين يرغب فى تغيير أوضاعه، وفقا للمرحلة الجديدة النظام يسعى لاجتذاب الإعلاميين لمساندته فى مخاطبته للرأى العام والإعلام غالبا ما يبدى طواعيته وتكون لأفراد النظام طرق مختلفة فى التعامل مع الإعلام وتبدأ التكتيكات للوصول إلى حالة التوافق بين الاثنين وعموما فإن أغلب الأنظمة العربية تسعى للتسلط، والإعلام يكون طيعا لها وكثيرا ما نشاهد المصالح المشتركة التى تتم بين بعض الإعلاميين ومثلهم من المسؤولين فالأول يقوم بالتلميع والثانى يمنحه الإجابة فى طلباته وللأسف تضيع الحقيقة ما بين الاثنين ويصبح القارئ والمشاهد هما المتضررين من هذه العلاقة.

■ هل كل من القارئ والمشاهد يكونان على علم بما يحدث أم أنهما يقعان فريسة تلك التصرفات دون أن يلمسا الحقيقة؟

- القارئ والمشاهد يكتشفان بسهولة شديدة حجم النفاق والأمر لا يستدعى ذكاء لأن حساسية المصداقية لديهما تجعلانهما يستجليان التمثيلية من أول وهلة وبالطبع فإن المنطقى المستنير متناقض وتجميلى والمنافقين لا تسير حياتهم بشكل نمطى واحد حيث يعتمدون على الجمل المتساوية والطرق القديمة ويقعون تحت ضغوط تتمثل فى شكهم أن الجمهور يعرفهم وأيضا ضغط من جانب أصحاب المصالح المرتبطين معهم من أجل تحقيق ما يرغب المستفيدون فيه وأيضا هناك ضغط كبير فى إيجاد بدائل قادرة على مساندتهم فى مخالفتهم للحقيقة.

■ كيف تفسر ما حدث للإعلاميين لميس الحديدى وأحمد موسى وريهام سعيد من الاعتداء عليهم عقب العملية الإرهابية التى طالت المصريين داخل الكنيسة البطرسية بالعباسية؟

- أرى أن ما حدث يؤكد فطنة الشعب المصرى وكشفه مشاكل الأداء الإعلامى حيث أدى اندفاع الشباب الغاضب إلى إظهار ما بداخلهم من رفض لكثير من المضامين الإعلامية وهى أبرز الأخطاء التى يعيش فيها كثير من مقدمى البرامج وأنا لى نصيحة لكل صحفى ومقدم برامج مبتدئ أقول له اكسب سمعتك وراجع قلمك وضميرك قبل تضخم حسابك فى البنك ولا قيمة مطلقا لأى أموال لديك تساوى قيمة اسمك وسمعتك الطيبة.

■ ما رأيك فى الإعلام أثناء حكم الإخوان؟

- كانت الجماعة تحاول استمالة الإعلام للدفاع عنها وتمرير أهدافها وقاموا بتعيين وزير من داخلهم وأيضا استخدموا أذرعهم الإعلامية فى كل مكان لإنجاح مخططاتهم ولكنهم لم يفلحوا وكانت مصداقيتهم أقل من أن تؤثر فى الناس الذين أصبحوا كارهين لهم من جراء أدائهم السيئ.

■ كيف ترى مستقبل الصحافة فى مصر بالنظر إلى حجم التحديات الخارجية والداخلية؟

- كما ذكرت فى سؤالك فإن هناك تحديات داخلية وأخرى خارجية فالأولى تكمن فى ارتفاع تكلفة اقتصاديات التشغيل فى ظل تزايد سعر الصرف من حيث الورق والمطبوعات والماكينات وغيرها مع انخفاض نسب التوزيع لأسباب كثيرة منها الظروف الاقتصادية التى أدت إلى ندرة الإعلانات، فضلا عن التحدى الثانى وهو تعاظم دور الإنترنت والمواقع الإلكترونية والسوشيال ميديا على حساب الصحف الورقية، مما يجعل من هذين السببين مشكلة كبرى للصحافة ولا مناص أمام الصحف إلا إيجاد حلول منها تقليل الإصدارات وتحسين المحتوى الذى أصبح غير مشجع بالمرة لإقبال الناس على الشراء وأقصد بكلامى جميع الصحف القومية والخاصة، والحفاظ على نوعية الإعلامى المجتهد المجد المستقل لأن هذا هو المطلوب فى المستقبل وما عداه لن يكون أمامه فرصة للحياة داخل الإعلام.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية