x

شيخ الأزهر: بناء مسجد أمام كنيسة «مضايقة» نهانا عنها الإسلام

الأربعاء 05-01-2011 19:46 | كتب: دارين فرغلي |
تصوير : أدهم خورشيد


قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن بناء مسجد أمام كنيسة فيه تضييق على المسيحيين، لأن أرض الله واسعة، وأضاف أن هذا عبث فى دور العبادة، وتصرف لا يرضاه الإسلام، فالخطاب الإسلامى انهار وأصبح أسير شكليات، والإسلام يحثنا فى حالة زواج مسلم من مسيحية ألا يرغمها على ترك دينها.


وأكد الطيب فى حوار لبرنامج «العاشرة مساء»، الذى تقدمه الإعلامية البارزة منى الشاذلى، الثلاثاء، أن الحادث الذى فجعنا به فى الساعات الأولى من بدايات العام الحالى، مأساوى وفاجع ومؤلم بكل المقاييس، ويهز ضمير الإنسانية كلها، لأنه استهدف أناسا خارجين من بيت من بيوت العبادة، ولا ذنب لهم ولا ناقة ولا جمل فى أى شىء، وما أظن أن الذى اقترف هذه الجريمة يمكن أن يوصف من قريب أو بعيد بالإسلام أو المسيحية أو اليهودية، فكل الأديان بريئة منه.


وقال الطيب: «أقرأ فى هذا الحادث قراءة مزعجة إلى أبعد الحدود، وإذا تم تفسير هذه الحادثة بأنها نتيجة توتر بين أقباط ومسلمى ومصر، فهذا اختزال معيب وأعمى عن الملابسات والظروف التى أنتجتها، والمقصود بها ضرب استقرار مصر، وهى حادثة خارجية، أنا لا أستبق التحقيقات، ولكن من حقى أن أقرأ كرجل مهموم بقضايا الوطن ما يتربص بنا من خارج المنطقة، ودائما تصدق النتائج هذه الظنون».


وأضاف: «فللنظر إلى العراق وكيف يراد له أن يكون 3 أو 4 دول، والسودان أيضا سيبدأ التقسيم بعد يومين أو ثلاثة وسنرى، وهناك محاولات فى اليمن، ويراد لمصر أن تتفتت، وقرأت أخيرا أن النظام العالمى أو إسرائيل لا تريد أن تكون كيانا بسيطا أو أقلية وسط كيانات كبرى فى العالم العربى، حتى تضمن العيش بوئام، ومعروف إذا تفتتت مصر سيسهل تفتيت العالم العربى».


واستطرد: «أقرأ هذه الحادثة فى ظل هذه الظروف، والنقطة الضعيفة أو الثغرة التى يمكن النفاذ منها إلى تفتيت الشعب المصرى هى الأقباط والمسلمون، وسيأتى الدور على تفتيت المسلمين إلى شيعة وسنة، وسيناريو العراق سيستمر، وهذه بداية تنفيذ السيناريو فى مصر، والدواء الوحيد للأفعى التى تطل برأسها هو وقوف الشعب المصرى صفا واحدا أمام الوحش الذى سيلتهم المسلمين والأقباط معا».


وعن العوامل الأخرى التى تؤدى إلى توترات بين المسلمين والأقباط فى مصر، قال شيخ الأزهر: «أنا لا أهون من العوامل الداخلية، فهناك توترات فعلا، لكنها غير كافية لإنتاج هذه الحادثة».


وأضاف الطيب: «التاريخ يشهد أن الأقباط والمسلمين فى مصر إخوة، والعلاقة بين الإسلام والمسيحية قديمة جدا، منذ أن كان سن النبى - صلى الله عليه وسلم - 12 عاما، وذهب إلى الراهب بحيرة، وبعد الرسالة هاجر المسلمون مرتين إلى دولة مسيحية وهى الحبشة، ولو قرأنا سيرة النبى - عليه الصلاة والسلام - فسنتعجب، ففيها على سبيل المثال أن من تزوج بنصرانية عليه أن يرضى بنصرانيتها ولا يجبرها على ترك دينها، ولدينا فى مناهج الأزهر إذا تزوج مسلم من مسيحية، فليذهب معها إلى الكنيسة وينتظرها مش يفجرها، ويحرم عليه أن يضطرها إلى اعتناق دين الإسلام، ويرضى بها وبطقوسها، ومعنى هذا أن بيته سيكون نصفه أعياداً مسيحية ونصفه أعياداً مسلمة».


وتابع شيخ الأزهر: «لدى الشجاعة لأقول إن التعليم الحقيقى انهار، والخطاب الإسلامى انهار أيضا وأصبح أسير شكليات وتوجهات، فلدينا على سبيل المثال «كام» قناة تبث الخطاب الإسلامى فى العالم العربى كله، هل تحدثت إحداها عن هذه القضية، لكن الأزهر ضعف، وأريد لمذاهب أخرى أن تنتشر، والأموال صبت لهذه المذاهب، فكانت هى الأقوى طبعا والأعلى صوتا، وهؤلاء حولوا المسلمين إلى الشكليات، وأصبح لدينا ما يسمى بكهنوت إسلامى جديد، بحيث إنك لن تستطيعى أن تقدمى خطوة إلا إذا بحثت هل هى حلال أم حرام، وهذه الخطابات تريد أن تختطف الناس وتقول لهم يتكلموا إزاى وياكلوا إزاى، هذا كهنوت وخطاب يقيد أمة فى حاجة إلى النهوض أصلا».


وقال: «لا أؤمن بنظرية المؤامرة، لكن الذى يحدث وراءه أصابع سوداء قوية، فلا يمكن أن تصل الأمة الإسلامية إلى درجة السذاجة والبله الذى نراه الآن، وكل القنوات والشيوخ اللى بيطلعوا على القنوات لا يتحدثون فى قضية محترمة أبدا، فلا أحد يعرف شيئا عن فلسطين أو يتحدث عن بيت المقدس، انزلوا وشوفوا كام طالب يقرأ عن تاريخ بيت المقدس، بل اسألوا كام أستاذ فى الجامعة يعلم شيئا عن هذا، وأرى أن الإعلام شارك فيما وصلنا إليه، لأنه أصبح فى واد ومصالح الجماهير فى واد آخر، فما نراه فى الإعلام لا يعبر عنا، فلا نحن نعيش فى فيلات مثل التى نراها فى التليفزيون، ولا نأكل على سفرة».


وأضاف الطيب: «من الغريب أن نتحدث عن موقف القرآن أو السنة من المسيحيين فى مصر ، فهذا يجب أن نخاطب به الغرب، ولكننا سرنا إلى هذا الوضع، فعندما ذهبنا للتعزية فى ضحايا كنيسة القديسين، أثيرت قضية أن البعض يرى أن المسلم لا يقتل إذا قتل ذميا، لكن لدينا مذهب «أبوحنيفة» الذى يقول إن المسلم يقتل إذا قتل ذميا، وتقطع يده إذا سرق ذميا أيضا، ولكن هناك آراء غريبة تروج، وهذا شغل إرهاب».


وعن حادثة نجع حمادى، قال الطيب: «أنا رجل صعيدى وأفهم أن ما حدث فى نجع حمادى إذا حدث مع ولد مسلم وبنت مسلمة كان سيحدث قتل، وفورا يلبسونها قميص الدين، وإذا عالجنا هذه الحادثة فى إطار قبطى ومسلم فهذا علاج خاطئ تماما».


وفى رده على سؤال حول موقفه من الغضب الذى قوبل به من المتظاهرين عندما ذهب للتعزية فى الكاتدرائية: «أنا مقدر الظروف وكنت أنظر إليهم كأنهم بناتى وأولادى وأضع نفسى مكانهم، فأنا قلت لهم أنا مقدر الظروف، ولكنى كنت حزينا، ولمست فى الكلمات نوعاً من العداء والتعبير عن غضب مبطن بعداء، هذا هو ما أقلقنى جدا، فلدينا فى الصعيد أن العزاء واجب، واللى يروح الواجب يتحمل اللى بيحصله، وأنا عذرتهم لأن أى ولد وأى بنت فى مكانهم هيعملوا كده، وإحنا غضبانين زيهم وأكتر، وتلقيت من الأقصر العديد من المكالمات من مسيحيين اعتذروا لى، ووالله ما علقت فى صدرى ذرة، وكل ما أقلقنى الكلمات العدائية للوطن».


وعن موقفه من بناء الكنائس قال: «لا يمكن للأزهر التدخل فى هذا، ولا أعتقد أن دور العبادة تحتاج إلى قانون أصلا، واللى عاوزين يعملوا مسجد وفيه إمكانيات لدى وزارة الأوقاف تعمل، وكذلك الحال بالنسبة للكنائس، فالإسلام مش ضدها، وأقول للذين يتصدرون للفتاوى، إن واجب المسلمين أن يدافعوا عن الكنائس مش يفجروها».


وقال الطيب: «لا أنفى مضايقات الحكام للمسيحيين فى بعض الأحيان، فمثلا الحاكم بأمر الله كان بيضايق المسيحيين والمسلمين أيضا، شيئا فشيئا أصبح هذا التراث يتناقل، لكن لا وجود لهذا فى الإسلام ، ومن يقولون لا تهنئوا المسيحيين، لو سألتهم أين أجد هذا فى كتبنا وفقهنا فلن يجدوه».


وأضاف: «أرى أن بناء مسجد أمام كنيسة نوع من المضايقات التى نهينا عنها، فهذا تضييق على المسيحيين، لأن هذا يزعجهم، فهم ربما يريدون أن يتحدثوا عن عقيدتهم، وكذلك أرفض بناء كنيسة أمام مسجد، فهذا نوع من الإيذاء، وأرض الله واسعة، فلماذا أبنى المسجد أمام الكنيسة أو العكس، هذا عبث فى دور العبادة، وتصرف لا يرضاه الإسلام، وإذا تعرضت الكنائس لاعتداء، فعلىّ كمسلم أن أدافع عنها».


وتابع الطيب: «أمى كانت أمية لكن ما كانش ممكن حد يقدر يضحك عليها أبدا بحكاية مسلمين وأقباط، وستات النجع كلهم كده، المسيحيون دائما مع المسلمين، لكن صحيح فيه توترات وإحنا معنيين بمعرفة أسبابها والعمل على إزالتها، وهذه رسالة الأزهر هنا وفى الخارج».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية