تقدم المجلس الأعلى للصحافة، برئاسة جلال عارف، الأربعاء، بخطاب للدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب، بشأن ملاحظاته على قانون الهيئات المؤسسية الذي وافق عليه مجلس النواب، متمنياً إقامة بناء تشريعي يحول دستور 2014 إلى قوانين تصون حريات المصريين وحقوقهم، وفي مقدمتها المواد المتعلقة بحرية الصحافة والإعلام وغيرها من الحريات.
وقال جلال عارف، رئيس المجلس في خطابه: «أتشرف بإحاطتكم أن المجلس قد عقد جلسة خاصة بتاريخ 12/12/2016 لمناقشة التطورات الأخيرة في التشريعات الخاصة بالصحافة والإعلام والتي يحرص المجلس على صدورها في أسرع وقت ممكن».
وأضاف: «في هذا السياق درس المجلس مشروعي القانونين الخاصين بالتنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، وبتنظيم الصحافة والإعلام، واللذين أحالتهما الحكومة لمجلس النواب كبديل للمشروع الموحد للصحافة والإعلام الذي كان قد تم التوافق عليه بين الحكومة واللجنة الوطنية للتشريعات الإعلامية، التي كان المجلس الأعلى للصحافة أحد المساهمين الأساسيين في عملها.
وتمنى المجلس في خطابه، التوصل لتوافق عام بين الحكومة ومجلس النواب والمجلس الأعلى للصحافة حول هذه التشريعات بما يسد باب الجدل بشأنها، خاصة ونحن ندرك جميعاً أن منظومة التشريعات الصحفية والإعلامية لا تخص الإعلاميين والصحفيين وحدهم، بل هي استحقاق دستوري لجميع أبناء الشعب المصري- بحسب قوله.
وأوضح المجلس، أن من المعلوم أن مواد الدستور يكمل بعضها البعض، وتشكل كتلة واحدة، ووفق هذه الفلسفة تمت صياغة مشروع القانون الموحد الذي يعالج كافة النصوص الدستورية المتعلقة بالصحافة والاعلام كتلة واحدة، كما تم التوافق عليه مع الحكومة بعد مفاوضات مطولة، لكن الحكومة قامت بعد ذلك بإدخال بعض التعديلات قبل إرسال مشروع القانون الموحد لمجلس الدولة الذي طالب بضرورة إبداء الرأي من المجلس الأعلى للصحافة على ما قدمته الحكومة، وقد أرسل المجلس بالفعل ملاحظاته كاملة إلى مجلس الدولة قبل عدة شهور.
وتابع المجلس الأعلى للصحافة: «أحالت الحكومة إلى مجلسكم الموقر الأمر بعد تقسيم مشروع القانون الموحد إلى مشروعين لقانونين يختص أحدهما بالهيئات الصحفية والإعلامية، والآخر بباقي مواد مشروع القانون الموحد. ويرى المجلس الأعلى للصحافة أن هذا التقسيم سيؤدي إلى أن الهيئات الصحفية والإعلامية التي سيجري تشكيلها سوف تقوم بتطبيق القوانين السارية بالفعل الآن فيما يتعلق بتنظيم الصحافة والإعلام».
واستشهد المجلس في ذلك بمثال بأن هذا الوضع سيؤدي إلى التعامل مع تعيين رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير وفقاً للشروط القائمة في القانون 96 لسنة 1996 وهي محل شكوي واعتراض من جانب غالبية الصحفيين، كما أن الصحف الإلكترونية سوف تبقى دون أي تنظيم قانوني، لأن التنظيم الوحيد لها هو ما كان مقترحاً في مشروع القانون الموحد.
وواصل البيان: «طالما أقرت الحكومة تقسيم القانون الموحد إلى قانونين، فإن الأمر يستوجب أن يتعامل مجلس النواب مع مشروعي القانونين كوحدة واحدة، خاصة أن الحكومة أرسلت المشروعين إلى مجلس النواب معاً ودون فاصل زمني، وبالتالي ينبغي مناقشة القانون الثاني باعتباره مكملاً للقانون الأول».
ورأى المجلس الأعلى للصحافة، إضافة مادة انتقالية في مشروع قانون التنظيم المؤسسي، تقضي بأن تلتزم الهيئات المنصوص عليها في هذا القانون بأن تبدي رأيها في مشروع قانون تنظيم الصحافة المرفق به باعتباره قانوناً مكملاً له خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ أول انعقاد لكل منها، وإلا عُـد ذلك موافقةً منها عليه، وأن يلتزم مجلس النواب باتخاذ إجراءات استصدار القانون الثاني المكمل في فترة أقصاها نهاية الدورة البرلمانية الحالية، وعلي أن يتم النص على ذلك في المذكرة الإيضاحية لقانون التنظيم المؤسسي باعتبار قانون تنظيم الصحافة مكملاً له وبأهمية الربط الزمني بين صدور القانونين.
وأشار المجلس إلى أن المشروع المطروح بتشكيل الهيئات الصحفية والإعلامية يعطي الأغلبية لممثلي السلطة التنفيذية على حساب ممثلي الهيئات المستقلة، مما يؤدي إلى عدم التوازن ويخل بمبدأ الاستقلالية ويفتح الباب أمام الطعن في دستورية القانون، مطالباً بالعودة إلى التشكيل المقترح للهيئات الثلاث الوارد في مشروع القانون الموحد الذي تم التوافق عليه مع الحكومة.
كما طالب المجلس بضرورة إعادة النظر فيما جاء في المشروع المعروض على البرلمان من جانب الحكومة بخصوص اختيار الأمين العام من غير أعضاء المجلس ثم ضمه لعضوية هيئة المكتب، وهو ما يخالف القانون- بحسب وصفه.
وأبدى المجلس ملاحظاته – في الخطاب- حول الجزء الثاني من مشروع القانون الموحد، والذي أحيل لمجلس النواب تحت اسم «مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام»، ومنها: «الأخذ بما ورد في مشروع القانون الموحد الذي تم التوافق عليه مع الحكومة، بحيث يكون سن المعاش للصحفيين هو الخامسة والستين وجوبياً، حيث جعل مشروع القانون الجديد المقدم من الحكومة الأمر جوازيا، بالإضافة إلى الإخلال في المادة 15 من مشروع القانون المقترح من الحكومة بالضمانات المكفولة لعدم فصل الصحفيين حتى في القوانين الحالية.
كما نوه بأن الفقرة الثانية من المادة 28 من مشروع القانون المقترح من الحكومة، تفتح الباب للحبس الاحتياطي في قضايا النشر، بما يعد تراجعاً عن الوضع الحالي وما كفلته القوانين الحالية وتعديلاتها من إلغاء الحبس الاحتياطي في قضايا النشر.
وذكر المجلس في خطابه، أن ذلك يقودنا إلى المطالبة باستكمال منظومة التشريعات الإعلامية تطبيقاً لأحكام الدستور، وذلك بإدراج المشروع الثالث الخاص بقانون «إلغاء العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر والعلانية» على جدول أعمال المجلس في أقرب وقت ممكن.
وشدد على ثقته في انحياز المجلس الموقر لكل ما يدعم الحريات، متمنياً أن تكون التشريعات الجديدة للصحافة والإعلام تطبيقاً أميناً لمواد الحريات التي جاءت بالدستور، وتأسيساً لنظام صحفي جديد يليق بمصر وصحافتها وإعلامها، ويفتح الباب أمام الصحفيين المصريين لأداء رسالتهم السامية، لتظل صحافة مصر- كما كانت دائماً- عنواناً للحرية ومنارة للفكر المستنير، ودعامة أساسية للديمقراطية.