فى أحد شوارع حى شبرا يعيش «فريد إدوار» فى بيت قبطى، لم يكمل عامه العشرين، يدرس التجارة بجامعة عين الشمس، يشارك المصريين أحلامهم وأوجاعهم وأفراحهم، طار فرحا عندما فازت مصر بكأس الأمم الأفريقية لثلاث مرات على التوالى، وبكى حزنا على المئات من ضحايا عبارة السلام 98 «مصر بلدى أنا عشت واتربيت فيها، ومسؤولة منى زى ما أنا مسؤول منها، بحبها، لأنها بلدى».
«مايهمنيش مين بيعمل إيه، المهم حد يعمل حاجة أنا مؤمن بيها ودا مبدأى فى الحياة»، بهذا المبدأ شارك «فريد» فى حملة «حماية» لعلاج إدمان المخدرات للداعية الإسلامى عمرو خالد «بحب العمل الخيرى بشكل عام، ولما بيكون فى حملة حاسس إنها منظمة وكبيرة وهيكون لها أثر بشارك فيها بغض النظر عن اللى عاملها مسلم أو مسيحى»، ويضيف «أخذنا كميات كبيرة من الملصقات ولزقناها على الحيطان ووزعناها، وكنا بنتكلم مع الشباب عن المخدرات وآثارها السلبية وعلاجها».
استعان «فريد» بجاره وصديقه «أحمد» لمساعدته فى الحملة «قولت لأحمد عايزك معايا وروحنا الكنيسة نعرض عليهم إنى يكون موضوع العظة الجاية عن إدمان المخدرات وعلاجها وشرحنا الفكرة، ورحنا مساجد واتكلمنا مع الناس تكون خطبة الجمعة فى نفس الموضوع»، ويبرر أسباب انضمامه للداعية عمرو خالد فى حملته «داعية ذكى، بيحترم الشباب، عنده فكر، بيحب الخير، محترم فاهم معنى الاختلاف صح، بيحب الشباب ومقتنع بقوتهم وواثق فيهم، وسافر بره وعارف يعنى إيه حقوق إنسان، وعشان كده أنا بحبه واشتركت معاه فى الحملة».
يحب كثيرا الآية القرآنية (ولئن شكرتم لأزيدنكم)، لأنها تذكره بآية فى الكتاب المقدس (اشكروا فى كل شىء)، ويضيف «فى رمضان بكون صايم معظم الأيام، ولما المدفع يضرب وأنا فى المترو الناس توزع على تمر بلح»، ويذكر أنه تعلم من السيد المسيح «أحب ربنا أوى، وأحب كل الناس، وأحب ولادى وأهلى ومراتى وبلدى، لأن أى حاجة هتحبها هتعرف تديها كويس».
يوضح «فريد» أن (70%) من أصدقائه من المسلمين، لأنه يصنف البشر بشكل إنسانى وليس دينياً، أحيانا يذهبون معه للكنيسة وأحيانا يذهب هو بصحبتهم للمسجد «أنا اتربيت مفيش فرق بين مسلم ومسيحى، بشوفوه زيى، فى أكله وشربه ولبسه وحلمه ومشاكله، بنى آدم يعنى، والمسيحيين عموما بيتربوا على إن الناس كلها واحد مفيش فرق والدنيا ملك ربنا، والمسيحية قائمة على حب الله للبشر، حب المسيح لنا، حبنا لإخواننا، حبنا لأعدائنا»، لكن شيئا واحدا لايجد له «فريد» تفسيرا «ليه بيتم تربيتنا على إن المسيحى فيه حاجة غلط، ودايما بيكون عنده ريب وشك وخوف غير مبرر».
يتذكر «فريد» اللحظة التى بكى فيها من الفرح عندما شاهد بالقرب من منزله بشبرا مظاهرات الحب والتضامن من المسلمين رجالا ونساء، واللافتات التى رفعوها (تحيا مصر دولة مدنية بلا طائفية ولاشعارات دينية) و(أنا مصرى ضد الإرهاب) بعد أحداث العنف التى صاحبت ليلة رأس السنة بإحدى كنائس مدينة الإسكندرية ، يقول عن هذه اللحظة: «لأول مرة فى حياتى أبكى وأنا فرحان بعد الحادثة لما شفت الناس فى شبرا مسلمين ومحجبات عاملين مظاهرة وبيصرخوا بأعلى صوت (ياحاكمنا بنار وحديد قتلوا إخواتنا فى ليلة العيد)، و(دول ودول مين.. دول ولاد المصريين)، و(اصرخ اصرخ على الصوت.. الكنيسة مش هتموت)».
رغم أنه يراها بلد المتناقضات فإنه يعشق مصر «عشان دى أرضى، أنا اتولدت هنا وعشت هنا وعمرى مافكرت أسيبها لأى سبب ولاهفكر، هعيش وأموت هنا»، ويحلم «فريد» لمصر فى الفترة القادمة بدور موحد للعبادة، الحكومة تتعامل مع المواقف دى بحزم، لأن المماطلة هى اللى بتسبب الكوارث، نفسى الناس تفهم معنى الاختلاف، نفسى مايكونش فيه خريج جامعة بتقدير جيد جدا ومش لاقى شغل، نفسى لما أختى أو مراتى تنزل الشارع أكون مطمن عليها ومش خايف إنها تتخطف عشان لابسة صليب على صدرها، عايز اللى حصل فى كنيسة الإسكندرية يفوق المصريين كلهم ويخليهم يقفوا يداً واحدة ضد الإرهاب».
شارك «فريد» فى الكثير من الأعمال التطوعية، لكن شيئا واحدا يتمنى أن يفعله فى الفترة القادمة »نفسى أتبرع بالدم لمن يحتاجه من المصريين بغض النظر عن كونه مسلم أو مسيحى أو بهائى أو بأى دين، ساعتها هحس إنى مبسوط»، ويتساءل: «هو فى إحساس أجمل من كده».