x

70 % من سيدات الإسكندرية يتعرضن للعنف والتحرش الجنسى

الإثنين 03-01-2011 17:29 | كتب: محمد مجلي |
تصوير : other

يتضمن التحرش الجنسى مجموعة من الأفعال، التى تندرج من الانتهاكات البسيطة إلى المضايقات الجادة، وهناك من يعتبر التحرش الجنسى شكلاً من أشكال التفرقة العنصرية غير الشرعية، وشكلاً من أشكال الإيذاء الجسدى (الجنسى والنفسى).

فى حين يعرّف المركز المصرى لحقوق المرأة التحرش الجنسى بأنه «كل سلوك غير لائق، له طبيعة جنسية، يضايق المرأة، أو يعطيها إحساساً بعدم الأمان».

وتشمل مظاهر التحرش: النظرة الخبيثة، أو ذات المعنى، للأنثى، والتلفظ بألفاظ ذات معنى جنسى، وتعليق صور جنسية أو تعليقات جنسية فى مكان ظاهر للعيان، ولمس الجسد، والنكات أو القصص الجنسية التى تحمل أكثر من معنى، والإصرار على دعوتها مراراً إلى طعام أو شراب أو نزهات رغم الرفض المتكرر، والإصرار على توصيلها إلى المنزل أو العمل، ومطالبتها بالعمل ساعات إضافية بعد مواعيد العمل، رغم عدم وجود ضرورة لذلك.

شكاوى عديدة ومحاضر وقضايا.. دعاوى خلع وطلاق، ملأت أقسام شرطة ومحاكم المحافظة، فى الآونة الاخيرة، كلها تحمل قصصاً وحكايات لسيدات تعرضن للعنف والإيذاء سواء الجسدى أو البدنى أو الجنسى أو اللفظى أو النفسى، ولم يفرق بين صغير وكبير أو غنى وفقير أو متعلم وغير متعلم، فضلاً عن أنه لا يرتبط بتوقيت أو يتم معرفة مصدر تعرضها للعنف، ومن الممكن أن تجده من أقرب الناس إليها فى المنزل والشارع والعمل وتختلف درجات ردود الفعل من سيدة لأخرى فمنهن من تصمت وأخريات يواجهن أى إيذاء يتعرضن له، حفاظاً على حقوقهن.

وأجمعت الدراسات التى أجريت على أن المرأة السكندرية هى الأكثر تعرضاً للعنف ولا يكاد يخلو منزل من حالات عنف ضد السيدات أو الفتيات بداخله، ووصلت نسبتها لـ70% ، واحتلت المحافظة المركز الأول من بين المحافظات على مستوى الجمهورية، وفقاً لأحدث دراسة صادرة عن المجلس القومى للمرأة.

ورصدت «إسكندرية اليوم» العديد من الحالات بين السيدات اللواتى تعرضن للعنف، فيما رفضت الغالبية ممن تعرضن للإيذاء ذكر أسمائهن، وتقول «ن. أ» و«ن.ع» و«ر. أ»، موظفات إنهن يتعرضن للتحرش بمقر عملهن، خاصة من رؤسائهن فى العمل بطريقة أو أخرى، تصل أحياناً إلى حد الملامسة المتعمدة لأجسادهن، وتصل إلى حد التحرش، بخلاف ما يتعمده بعض العاملين من إلقاء ألفاظ خادشة للحياء، وأن السيدات والفتيات يعشن عذابا يوميا بسبب العنف النفسى والتحرش الجنسى، الذى يتعرضن له داخل وسائل المواصلات ويجدن أنفسهن فى حرج أو خوف من الرد على الاعتداء الواقع عليهن وأنهن أحياناً يساء فهمهن بصورة خاطئة إزاء صمتهن، الأمر الذى يجعل الشخص المتحرش يتجاوز حدود التحرش ليبدأ فى عرض تطوير العلاقة، وإذا ما تشجعت إحداهن لمواجهته بفعلته فإنها تتعرض لردود فعل قوية وعنيفة بحجة الصوت العالى.

وقالت هالة محمود وضحى محمد ونجلاء على «ربات بيوت»، إنهن تعرضن للعنف من جانب أشقائهن وآبائهن منذ الصغر سواء بالألفاظ والتجريح أو بالضرب، وامتدت إلى ما بعد الزواج ولكن بصورة أقل. وقالت كل من «ح.ع»، «م.ح»،«ش.ع»، مطلقات عاملات، إنهن طلبن الطلاق من أزواجهن بسبب العنف الذى يتعرضن له وإنهن لم يستطعن العيش مع أزواجهن، فيما أكدت الأخيرة أن زوجها كان ينتظر الحصول على راتبها الشهرى وكان لا يعمل وإذا تأخرت عن منحه راتبها، فإنه يوسعها ضرباً بخلاف ألفاظ لا تحتملها وأكدت أنها لم تستطع مواصلة العيش معه لسلوكه وطريقة معاملته وليس من أجل حصوله على أموالها فقط.

ووفقاً لمحاضر الشرطة، تحرر المحضر رقم 14690 لسنة 2010، حيث تم ضبط «سمكرى» لتعديه على فتاة وسرقتها فى الطريق العام وتم حبسه بالمنتزه، وفى محضر آخر اعتدى أحد الآباء على «ابنته» المتزوجة فى العقد الثانى من عمرها، «جنسياً» مستغلاً وجودها بمفردها فى منزله بعد أن تركت منزل زوجها، المسجون على ذمة قضية، وأمرت النيابة بحبسه بعد البلاغ المقدم من «س. ص» 18 سنة «ربة منزل»، تتهم فيه والدها المدعو «ص. ع» 41 سنة «عاطل»، بالاعتداء عليها جنسياً.

وفى المنتزه وفقاً للمحضر رقم 53220 لسنة 2010 جنح منتزه أول، شهدت المنطقة حادث اعتداءً على فتاة تبلغ من العمر 19 عاما، اتهمت (محمد. ف) 28 سنة «سمكرى سيارات» بمحاولة اغتصابها وسرقة هاتفها المحمول، وقالت إنها أثناء سيرها فى أحد الشوارع، أخرج المتهم مطواة، أشهرها فى وجهها وقام بسرقة الهاتف ثم فر هاربا.

وأجريت مؤخرا دراسة بحثية قدمها الدكتور إبراهيم خربوش، أستاذ صحة الأم والطفل بكلية رياض الأطفال، ومجموعة من الخبراء والأساتذة بالمجلس القومى للمرأة، بهدف إظهار حجم المشكلة على المجتمع ومواجهة وتحديد أشكال الظاهرة وسبب استفحالها مع رصد العوامل المصاحبة. وقال «خربوش»: »قمنا بعمل دراسة بجميع أحياء المحافظة البالغ عددها (7) أحياء، عن طريق المراكز البحثية والعينة ضمت سيدات متزوجات أو سبق لهن الزواج وغيرهن من الفتيات فى مراحل عمرية مختلفة وكانت تحوى عدة مصطلحات تشير إليها المرأة موضوع البحث ومنها العنف الجسدى واللفظى والنفسى والجنسى بحيث تضع علامة أمام أكثر أنواع العنف التى تعانيها المرأة، وشملت تاريخها ومدى تعرضها للعنف خلال مشوار حياتها».

وأكد «خربوش» أن البحث أجرى على 3200 عينة عشوائية، وأن جميع السيدات أكدن انتشار الظاهرة بمختلف مراحل حياتهن وتبدأ من العنف المنزلى وبلغت نسبة العنف الجنسى فيه 71% والبدنى 50% والاقتصادى 40%، وأشار إلى أن 70% يتعرضن للإيذاء الجسدى بالمحافظة، فيما تبلغ 40% على مستوى الجمهورية مقابل 25% على مستوى العالم، وأن الإسكندرية تحتل المركز الأول على مستوى المحافظات، مرجعاً ذلك لما له من خصائص وسمات مغايرة ووجود عائلات من مختلف الأماكن بفعل الهجرة إلى المدينة، على اعتبار أنها منطقة صناعية وسياحية واستثمارية يتوافد إليها العديد من الناس.

وتابع أن 40% من الفتيات يتعرضن للضرب من سن 15 سنة، فيما ترتفع بين الأزواج وتصل إلى 50% ، منهن 30% يتقبلن الوضع، وبلغت نسبة السيدات اللاتى يقمن بالاعتداء على أزواجهن ويبدين اعتراضهن إلى 70% وأن نسبة كبيرة من المطلقات انفصلن عن أزواجهن بسبب العنف. وأكد أن العنف لم يفرق بين غنى وفقير أو متعلم وغير متعلم وأن الدراسة كشفت عن ارتفاع نسبة العنف بين الطبقة المتعلمة والعاملة عن مثيلاتها فى الطبقات الأفقر وغير المتعلمة.

واعتبر البحث أن ختان الإناث أحد أشكال العنف ضد المرأة، وفقاً للمؤتمر الدولى ببكين 1995 وكذلك جرائم الشرف والتحرش الجنسى والاتجار بالبشر والعنف الأسرى. وأظهر بحث أجراه الدكتور ماجد موريس إبراهيم، استشارى الطب النفسى بمعهد الطب القومى بدمنهور، أن المرأة تقع من فعل العنف موقع الضحية فى عدة حالات منها الاغتصاب والتحرش والختان والضرب والإهانة، مشيراً إلى افتقار الوطن العربى للإحصاءات الواضحة عن الاغتصاب، وإلى أن العديد من الزوجات يتعرضن للضرب المبرح الذى يتطلب تدخلاً طبياً، وأن حالات العدوان الأسرى قد تصل إلى القتل، لافتاً إلى أن معدل العنف المنزلى بين الزوجين أصبح متساوياً بين الرجال والنساء بعد أن كانت نسبة الرجال هى الأكبر.

وأضاف البحث أن حالات التحرش الجنسى فى الشوارع ووسائل المواصلات العامة ارتفعت معدلاتها فى الفترة الأخيرة سواء كانت حالات فردية أو ظواهر جماعية فى بعض المواسم أو الأماكن. وأكد أن مجتمعاتنا العربية تسودها ثقافة الاعتداء على النساء، التى تشجع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على العنف والعدوان على المرأة. وانتقد تهوين وسائل الإعلام من شأن عدوان الرجل على المرأة، إذ تتلمس له الأعذار والمبررات مع تغافل تام لعناصر التخطيط والعنف والجرم فى سلوك مرتكب الواقعة، مطالباً بضرورة مراجعة تناولنا لمثل هذه الجرائم ومواجهة الرجل بجرمه، واستبدال تضييق الخناق على المرأة بمطالبة الرجل بمزيد من ضبط السلوك والالتزام بأحكام القانون والعرف العام.

وفى بحث آخر قامت به الدكتورة نائلة إبراهيم عمارة، وكيل كلية الآداب لخدمة المجتمع وتنمية البيئة بجامعة حلوان، عرضت فيه لدراسة عن حوادث التحرش الجنسى فى مصر، قام بإجرائها معهد التخطيط القومى بالتعاون مع البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة(UNDP). أوضحت الباحثة أن 50% من المبحوثات فى الفئة العمرية من 10 إلى 24 سنة تعرضن لأحد أشكال التحرش الجنسى سواء كان بالقول أو الفعل، بينما أشارت 8.7% من المبحوثات فى الفئة العمرية من 22 إلى 29 سنة إلى أنهن تعرضن للتحرش من رؤسائهن فى العمل. وحول رصد مدى اهتمام مواقع مناهضة العنف ضد المرأة قالت الباحثة إن هذه المواقع عملت بشكل فعال فى الفترة الأخيرة كأداة مناهضة للعنف والإرهاب ضد المرأة، خاصة على موقعى «فيس بوك» و«ماى سبيس» وغيرهما، من خلال المجموعات(GROUPS) مثل «لا لكل أشكال العنف ضد الفتيات والنساء»، و» من أجل القضاء على العنف الأسرى وأشكال التمييز ضد المرأة»، و«معاً نناهض العنف ضد المرأة».

وأكدت الباحثة أن هذه المواقع والمجموعات تهدف لتوعية وإعلام النساء بالحقوق الأساسية المكفولة لهن بموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وأيضاً تقوية وتمكين النساء من خلال برامج تدريبية وتعليمية وأنشطة ثقافية مختلفة بحيث يستطعن المطالبة بهذه الحقوق والدفاع عنها والسعى والعمل من أجل ضمان احترامها، وتطوير مهارات النساء، خاصة القيادات الشابة فى المجتمعات المحلية من خلال برامج التدريب والأنشطة المختلفة.

وقال الدكتور محمد مطر، أستاذ القانون بجامعة هوبكنز، إن هناك فراغاً تشريعياً لمكافحة العنف ضد المرأة. وشدد على أن تخضع التشريعات الجديدة، وفقاً لاتفاقيات حقوق الإنسان الدولية، التى وقعت عليها مصر مع مراعاة التشريعات الإسلامية والأخذ فى الاعتبار الواقع المصرى، معدداً صوراً من أنواع الاعتداء التى تتعرض له المرأة المصرية بوجه عام والسكندرية بوجه خاص، لافتاً إلى أن مصر، كباقى دول العالم، تعانى انتشار الظاهرة.

وأوضح أن القانون رقم 64 لسنة 2010، الذى كافح ظاهرة الاتجار بالبشر، التى اعتبرها من ضمن أشكال العنف، اتفق مع جميع المعايير الدولية، خاصة بروتوكول الأمم المتحدة، فى الوقت الذى أكد فيه أنه لا يوجد قانون فيما يتعلق بالعنف المنزلى، وأن القانون هنا يجرم الفعل ويجب أن ينص على إجراءات الحماية الزوجية عندما تتعرض للعنف من زوجها.

وأكد أنه لا يجد تعارضاً بين صدور مثل هذا القانون ومبادئ الشريعة الإسلامية. وشدد «مطر»، على ضرورة إصدار تشريعات لمكافحة العنف ضد الزوجة. وأضاف أن 40% من السيدات فى مصر، يتعرضن للعنف بزيادة مطردة عن مثيلاته فى الدول الغربية، لافتاً إلى أنها ظاهرة عالمية، وأن العنف الجنسى والجسدى يحتلان المرتبة الأولى من الإيذاء، وأن مصر على قمة الهرم فى ظاهرة العنف ضد المرأة.

وقال الدكتور أحمد هندى، عميد كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية، إن هناك ثورة فى المعاملة التشريعية للمرأة من خلال التعديلات التى شهدها الدستور منذ عام 2000 بإدخال قانون الأسرة والطفل حافظ لها على حقوقها من العنف ضدها وكذا قانون الأحوال الشخصية وقانون محاكم الاسرة رقم 10 لسنة 2004 من القوانين التى ساهمت فى كفالة المرأة حقوقها الدستورية. وأكد أن المرأة حصلت على تمييز فى الانتخابات الأخيرة فى مجلس الشعب من خلال الحق فى مشاركتها بمنحها نسبة مقاعد بلغت 12% من مقاعد البرلمان، فضلاً عن النسبة المقررة لها من الأساس بـ2%.

وقال الدكتور مرزوق عبد المجيد، وكيل كلية التربية لشؤون التعليم والطلاب، إن هناك أسباباً مختلفة وراء الظاهرة، تتعلق بعضها بالعوامل النفسية، وتصدر من أشخاص غير أسوياء ويعانون انعداماً نفسياً ينتج عنه حدوث عنف ضد المرأة، وقد يكون للشخص المعتدى نظرات غير سوية أو سارة تجاه المرأة ويؤدى إلى كرهه لجميع أفراد الجنس الناعم. وأضاف «مرزوق»، أن التنشئة لها عامل كبير فى ترك أثر نفسى سيئ على الفرد صاحب العنف بحيث يؤدى تدليله إلى حدوث جرائم مع الكبر، مستشهداً بجرائم قتل الزوجات والآباء والأمهات.

وتابع:» كثيراً ما تكبر مع البنت التى تنشأ داخل أسرة بها عنف، ويزداد معها بعد الزواج الشعور بالاضطهاد، على أساس أنها لا تعترض وتنشأ من هنا معاملات أسرية عنيفة، وتزداد مع الزوجات العاملات اللاتى يفوقن عملهن أو تعليمهن مستوى الرجال، الأمر الذى يجعله يسعى للتقليل من شأنها».

وقال محمد أبوحطب، وكيل وزارة الأوقاف، إن المرأة أصبحت تحتل مكانة عالية بعد أن أصبحت وزيرة وحصلت على كراسى فى البرلمان وتقلدت أعلى المناصب، مما يدل على ارتفاع شأنها ومكانتها فى المجتمع، بخلاف أن الاسلام كرمها وأوصى بها خيراً. وأضاف: «إن الرسول محمد (ﷺ) كان رحيما بهن وقام بتعليم الصحابة كيفية التعامل مع المرأة»، مشيراً إلى أن الاسلام برىء من سوء المعاملة التى تلقاها المرأة فى عصرنا الحالى. وأكد أن تعاليم الدين الإسلامى الحنيف وضعت النصوص التى يجب أن تحكم علاقة المرأة بالرجل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية