x

«المصري اليوم» تقضى يوماً كاملاً داخل «كلية النصر».. طالبات فى سنة أولى اعتصام

الأحد 02-01-2011 17:53 | كتب: محمد أبو العينين |
تصوير : other

على ربوة مرتفعة بنى السير هنرى باركر بإشراف المهندس الإنجليزى جارى وارنام كلية النصر للبنات عام 1935 فى فيلا بمنطقة زيزينيا قبل أن تنتقل للشاطبى، ولم يكن يتوقع أن تتحول حديقتها التى تشغل جزءا كبيرا من الـ20 فدانا هى كامل مساحتها إلى «هايد بارك» لطلابها للاعتصام والمبيت فيها بعد «تأميمها» للمرة الثانية على حد وصف طلابها فى تعليقهم على قرار الدكتور أحمد زكى بدر، وزير التربية والتعليم، بتحويلها إلى مدرسة «تجريبية» بدلاً من «قومية».

ما إن تتجول فى المدرسة حتى تشعرك مبانيها العريقة بفاصل زمنى كبير يختلف عن الوقت الحاضر.. لمسات جمالية بسيطة أضفت طابعاً مميزاً على أسوار المدرسة المحفوفة بالأشجار والنخيل.. فالهدوء هو السمة الأساسية هنا طوال العام.. لكن الحال تبدل وتحولت الحديقة من السكون التام إلى الضجيج.. وميكروفون المدرسة الذى اعتاد الطلاب سماع الأناشيد وتحية بلادهم فيه تحول إلى أداة لترديد الهتافات الرافضة لقرار وزير التربية والتعليم.

«ندى على»، «سميرة محمد»، «ميار ممدوح»، «يسر عبدالرحمن»، لهن طريقة مختلفة فى التعبير عن رفضهن القرار بعد أن قررن المبيت طول الأيام الخمسة للاعتصام داخل المدرسة.. لحظات الخوف والأمل عاشها الطلاب ومعهم «إسكندرية اليوم» فى يوم كامل قضته معهم بالمدرسة.

«الوزير أخد مننا مستقبلنا وكنا خايفين مدرستنا تتسرق مننا».. هكذا بدأت «ندى على»، رواية أيام الاعتصام، قائلة: «بعد أن غادرت أغلب الطالبات المدرسة فور انتهاء الإحتجاج فى اليوم الأول قررت ومجموعة من الزملاء المبيت فى المدرسة وفجأة انقطعت الكهرباء عن المدرسة كلها وفى نفس اللحظة انقطعت المياه أيضاً، وشعرنا بأنها أولى وسائل إرهابنا لإجبارنا على مغادرة المكان .. لكنهم مش عارفين إنها بيتنا التانى».

على أضواء الشموع استكملت الطالبات احتجاجهن، وبجمع الأموال من بعضهن استطعن تدبير نفقات الطعام، كما تروى «ندى»، ورغم برودة الجو لقرب المدرسة من البحر فإنهن أكملن الاعتصام طوال فترة الاحتجاج.

«بصراحة عمرى ما اعتقدت إنى ادخل اعتصام وكنت بستغرب وأنا بشوف فى الفضائيات ناس معتصمة أمام رصيف مجلس الشعب.. كنت بسأل نفسى: إيه اللى يخلى الناس تعتصم لمدة تزيد على 30 يوم.. وازاى بيستحملوا؟ ولكنى الآن شعرت بآلامهم وهم يجاهدون فى سبيل مطالبهم العادلة».. كلمات امتزجت بالحزن قالتها «ندى» وهى تروى أصعب اللحظات التى مرت على سنوات عمرها الـ17 كما تقول.

تزداد برودة الجو.. نوبة إجهاد راحت تداهمهن.. تحيطهن ظنون تكاد تقترب من اليقين بأن هذه هى أيامهن الأخيرة فى المدرسة بنظامها الحالى، والتى بدأن اولى سنوات عمرهن فيها منذ فترة الحضانة.. يزحف ظلام الليل على الجدران والطرقات الخاوية .. تتكئ كل منهن على الأخرى تطمئنها، ويقتربن أكثر من بعضهن لإضفاء «دفء» مغلف بالخوف على قلوبهن.

«السنة اللى فاتت كان جدول الثانوية العامة مكدس بالمواد، وكتير منا أجل مواد علشان ضغط الجدول كان صعب أوى، ودلوقتى عاوزين يسرقوا ذكرياتنا فى المدرسة، مش كفاية الكلية اللى كان نفسى فيها ضاعت منى.. سيبولنا المدرسة بقى».. تتحدث «ندى» بسخرية عن مستقبلها ورغبتها فى الالتحاق بكلية الإعلام، وتصف قرارات الوزير بأنها «ليست فى مصلحة الطالب».

«المدرسين هما اللى مربينا، ولما جه مسؤول من وزارة التعليم قلتله المدرسة الجديدة بتنطق الإنجليزى غلط قال لى ابقوا علموها تنطق صح».. هكذا تتحدث ميار عن تحويل مدرستها قائلة: «المدرسة تمنحنا شهادة دبلومة معترفا بها عالميا وتحويل المدرسة لتجريبى سيضيع اعتماد الشهادة».

تقاطعها زميلتها «يسر» قائلة: «الوزير بيقول إننا بنات مدلعين.. إحنا مش كده كل ما فى الموضوع إن عندنا عزة نفس وبنحب المدرسة اللى اتربينا فيها اكتر من 15 سنة.. بيتهمنا إننا بنسىء لسمعة مصر.. طيب قراراته دى يبقى إيه تأثيرها على سمعة مصر».

«لو هو بيتحجج إنه عاوز يساوى بين الطلاب فى مختلف الطبقات كان يرفع من مستوى المدارس التانية مش يقلل من مستوى مدرستنا.. هى الدنيا بتتقدم ولا العكس؟».. هكذا ترد «ميار» على ما قاله الوزير بشأن المساواة بين الطلاب.

لحظات وترسل الشمس أشعتها الأولى على حديقة المدرسة، تتأهب الطالبات فى النهوض بعد نوم متقطع لم تعتده كل منهن، يبدأن فى تنظيف المدرسة والتأهب ليوم جديد من الهتافات ومواصلة الاعتصام الذى انتهى فور إصدار محكمة القضاء الإدارى حكمها بإلغاء قرار الوزير وإعادة المدرسة إلى صفتها القومية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية