x

النوم سلطان وعلم أيضاً

الأحد 02-01-2011 16:47 | كتب: بسنت زين الدين, محمد الخولي |

النوم ليس غيبوبة أو فقداناً للوعى، النوم نشاط إنسانى تتم فيه كل العمليات الحيوية، هو فترة راحة مؤقتة وضرورية، النوم لم يعد ملكاً لمفسرى الأحلام، النوم صار علماً له باحثون ومراجع ومجلات علمية متخصصة ومعامل بحثية متعمقة، ستقرأ فى الملف عن فرع جديد من الطب لا يعرفه معظم القراء اسمه «طب النوم»، فتح لنا هذا الفرع الجديد باباً سحرياً لمعرفة علاقة النوم بالأمراض العضوية ومنها ضغط الدم، الذى اكتشف العلماء أن الشخير سبب أساسى له، ومنها النعاس أثناء قيادة السيارات، الذى عرف الباحثون أن توقف التنفس أثناء النوم سبب رئيسى له، النوم سلطان، ولكنه صار الآن سلطاناً وعلماً أيضاً.

«أجهزة عديدة متصلة بالكمبيوتر ورأس أحد الأشخاص.. توصيلات لقياس حركات العين ورسم المخ والعضلات وحركات القدم والصدر..وأخرى لعمل رسم للقلب..وأخرى تقيس معدل انسياب الهواء فى الفم والأنف وصوت الشخير» ربما يذكرك المشهد للوهلة الأولى بأحد أفلام الخيال العلمى الأجنبية، إلا أنها صورة حقيقية يمكنك مشاهدتها على أرض الواقع فى «معمل النوم»، فى مستشفى جامعة عين شمس فرع الدمرداش.

ساعة ونصف الساعة قضاها «صحتك اليوم» بصحبة رئيس المعمل الدكتور طارق أسعد، أستاذ ورئيس وحدة القياسات الفسيولوجية، ومعمل النوم بمركز الطب النفسى بالجامعة، لكى نتعرف على كيفية استخدام المعمل فى تشخيص المريض. وهو المعمل الذى أدخله فى مصر - لأول مرة - الدكتور محمد عوض تاج الدين، وزير الصحة السابق، أثناء عمله بقسم الأمراض الصدرية، وكان مقتصراً على قياس التأثيرات المختلفة للأمراض الصدرية التى تحدث أثناء النوم، فيما تم إنشاء أول معامل النوم بصورتها المتخصصة فى عام 1992 فى مصر.

تعتبر اضطرابات النوم من أكثر الظواهر اليومية التى تصيب المصريين مؤخراً، والتى أوضح أسعد أنها تتعدى الـ 84 اضطراباً تنقسم إلى 4 مجموعات: الأولى هى اضطرابات الأرق، وتعنى الصعوبة فى الوصول إلى مرحلة النوم العميق أو الاحتفاظ به، وقد ترجع أسبابها إلى عوامل نفسية وعضوية أو سوء استخدام العقاقير أو اضطراب الساعة البيولوجية لجسم الإنسان بسبب السهر، أما المجموعة الثانية فهى «اضطرابات النوم أثناء النهار» أو النعاس أثناء أوقات العمل أو داخل المواصلات والمحاضرات، ومن أهم وأخطر أسبابه «الاختناق الليلى التنفسى»، الذى يؤثر على كفاءة عملية النوم على الأشخاص المصابين بضيق فى مجرى التنفس العلوى.

وأضاف أن ذلك الاختناق قد يسبب «الشخير»، الناتج عن انغلاق مجرى الهواء، وبالتالى يحدث نقص الأكسجين، الذى يؤثر على المخ، ويتسبب فى إيقاظ الشخص النائم على فترات متقاربة.

وهناك أيضاً «مرض النوم الانتيابى»، ويعنى تعرض الشخص لنوبات من النوم المفاجئ دون أسباب، وهو غير منتشر، وغالباً ما يحدث فى مرحلة «النوم الحالم»، الذى يتوقف فيه النشاط العضلى، أى ربما نجد الشخص سقط سهواً أو فجأة على الأرض دون سبب واضح، كما يقول د.أسعد، فضلاً عن وجود مشاكل فى الكبد أو الغدة الدرقية، قد تؤدى إلى النوم أثناء النهار.

وأكد أسعد خطورة قلة النوم، مضيفاً أن 40% من حوادث الطرق سببها اضطرابات النوم، وكثير من الكوارث البشرية التى حدثت فى الماضى كان سببها تلك الاضطرابات، مثل حادثة مفاعل تشيرنوبل ومكوك الفضاء تشالنجر، وأثبتت تلك الحوادث أن الخطأ البشرى هو السبب فى حدوثها بسبب حرمانهم من النوم.

أما المجموعة الثالثة التى تتسبب فى اضطراب عملية النوم - والكلام لايزال على لسان د. أسعد- تُسمى «الظواهر المرتبطة بالنوم» مثل الكوابيس والفزع الليلى و(الكلام أوالمشى أثناء النوم)، وقد تتدخل عوامل عضوية أيضاً مثل ارتجاع المرىء والصرع أثناء النوم أو عدم انتظام ضربات القلب أثناء النوم، والمجموعة الأخيرة هى «اضطرابات دورة النوم واليقظة»، أى أن المشكلة ليست فى قلة النوم أو زيادته، ولكن المشكلة فى توقيت النوم ذاته، وغالباً ما يصيب العاملين بمهن الدوريات مثل التمريض.

ويؤكد أسعد أن معمل النوم ساعد على اكتشاف اضطرابات جديدة، تؤثر على عملية النوم وكفاءتها، أو التفرقة بين الظواهر المختلفة المرتبطة بالنوم مثل الأكل أثناء النوم، وسببها خلل فى عملية النوم، أو تخطى مراحل معينة بشكل خاطئ، موضحاً أنه من بين كل 100 طفل هناك 15 يعانون من ظاهرة المشى أثناء النوم، وغالباً تكون لها تاريخ عائلى وتختفى بعد بلوغ الطفل وكبر سنه.

وعن ظاهرة «المشى أثناء النوم»، يقول د. أسعد إنها تحدث عادة أثناء الانتقال المفاجئ من مرحلة النوم العميق إلى النوم الخفيف وله أسباب نفسية أو وراثية تختفى بمرور الوقت، مضيفاً أن الإنسان عندما يستيقظ لا يتذكر أى شىء مما حدث، وهى أمور عادة ما تحدث لدى الأطفال، وعلاجها أن يتخذ الشخص احتياطات الأمان اللازمة للوقاية من أى إصابات مثل إخلاء أرضية المنزل من أى الآت حادة.

وأجرى د.أسعد تجربة حية على أحد العاملين بالمستشفى فى غرفة المعمل بداخل مركز «الطب النفسى»، بدأت بتوصيل أجهزة رسم المخ، ثم أجهزة رسم القلب وقياس التنفس والنبض بالجسم، وينام المريض على سرير متوسط الحجم يجاور الغرفة، التى تحتوى على جهاز كمبيوتر مهمته قراءة وتنظيم عمل الأجهزة، ويفصل بين الغرفتين شباك صغير، تمر من خلاله الأسلاك الموصلة بالأجهزة، كما تمر إلى جهاز الكمبيوتر لقراءة المؤشرات الحيوية لأعضاء الجسم، خاصة النشاط الدماغى، ومعدل ضربات القلب ونسبة الأكسجين فى الدم، من خلال تقرير كامل مفصل يتضمن جميع الأرقام والقياسات الحيوية، وتعد دليلاً على مدى الاضطرابات التى تحدث للشخص المريض أثناء النوم.

وأكد أسعد أن هناك أجهزة حديثة محمولة تقوم بعمل نفس وظيفة المعمل داخل المنزل بكل سهولة، حيث يتم وضعها فى منتصف البطن وتوصيلها من وراء الظهر، كى يتحرك المريض كما يشاء فى منزله وتكون طريقة أسهل وأفضل وتعمل على راحته.

ويقول أسعد إن العلماء يرون أن الأساس فى حياة الإنسان هو النوم وليس الاستيقاظ، خاصة أن العمليات الحيوية التى تحدث أثناء النوم للمخ تتضاعف بشكل كبير للغاية، بخلاف الفكرة السائدة من أن النوم هو راحة للمخ، فهو للعكس «مهلك للغاية ويحتاج إلى ظروف معينة لكى تتحقق وظائفه بكفاءة» كما يقول.

وتابع أسعد: تقوم فكرة معامل النوم على علاج اضطرابات النوم بشكل عام مثل الأرق كما أشرنا سابقاً، أما نسبة الاضطرابات المزمنة لا تزال كبيرة ولكنها متنوعة والمشكلة أنها تدخل فى تخصصات طبية مختلفة مثل أمراض الصدر والمخ والأعصاب والغدد وغيرها وبالتالى فمعامل النوم «هى البحث عن حل أو سبب شكوى المريض من شىء معين».

وأوضح أسعد أن المعمل يفيد فى التفرقة بين الظواهر المرتبطة بالنوم، مثل المشى أو الكلام أو الأكل أثناء النوم، والكشف عن اضطراب السلوك المرتبط بالنوم الحالم، والتفرقة بين الفزع الليلى والكوابيس، وفحص أسباب التبول الليلى اللاإرادى وارتجاع المرىء، مضيفاً أنه يُفيد أيضاً فى متابعة العلاج لمرضى الاختناق التنفسى أثناء النوم عن طريق جهاز «ضخ الهواء المستمر الموجب» (CPAP).

وأشار أسعد إلى أن النوم يتم عبر مرحلتين، الأولى مرحلة النوم غير الحالم، وهى التى لا تحدث فيها الأحلام، بل يكون الجسم فى «حالة استرخاء» فقط، مثل النبض السريع والنشاط العضلى، أما المرحلة الثانية المقدرة بـ50% من فترة النوم فهى مرحلة «النوم العميق»، وتحدث فيها أغلب الوظائف الحيوية للنوم، ويشعر فيها الإنسان بالنوم العميق المريح، مؤكداً ضرورة المرور بمراحل النوم العميق ولو على الأقل 20% من إجمالى ساعات النوم فلو نمنا 10ساعات يكون هناك على الأقل ساعتان أو ساعة نوماً عميقاً.

ونصح أسعد بضرورة توعية الأطباء أنفسهم فى جميع التخصصات بطب النوم، قائلاً إن أغلبهم لا يعلمون عن ذلك التخصص أو عن اضطرابات النوم النفسية، التى تتداخل أعراضها مع العديد من الأمراض العضوية، مؤكداً أهمية وجود فريق طبى متخصص يعلم جميع اضطرابات النوم عن طريق تدريس المواد أو الالتحاق بدبلومة «طب النوم».

4 حالات تحتاج تدخلاً جراحياً لعلاج «الشخير»


الشخير صوت لا يزعج صاحبه بقدر ما يزعج الزوجة والأسرة وربما الجيران، وأوركسترا الشخير هى عزف عشوائى دون «هارمونى» أو نوتة موسيقية أو مايسترو، الشخير ضوضاء تقلب سكون الليل إلى جحيم.


تتعدد طرق علاج الشخير أثناء النوم-حسب حالة المريض، وأيضاً على السبب المؤدى للشخير- فيؤكد الأطباء أن الشخير يرجع لأسباب عديدة بعضها يحتاج لجراحة والبعض الآخر لا يحتاج لجراحة.


ويستعرض د. رضا حسين كامل، أستاذ الأنف والجيوب الأنفية بطب قصر العينى الحالات التى تحتاج لتدخلات جراحية لمنع حدوث الشخير أثناء النوم، لكنه يؤكد فى البداية أن الطبيب لا يلجأ للجراحة إلا فى حالات فشل الطرق العلاجية غير الجراحية التى يجريها الطبيب المتابع للحالة المرضية.


الحالة الأولى وهى انسداد الأنف المسبب للشخير، فيتم تحديد سبب الانسداد باستخدام المناظير الضوئية، والأشعة المقطعية فإذا كان السبب لحمية الأنف يتم استئصال اللحمية باستخدام المناظير الضوئية وجهاز تفتيت اللحمية، مما يضمن استئصال اللحمية من جذورها والتأكد من عدم رجوعها وكذلك التخلص من الشخير وتوقف التنفس أثناء النوم.


الحالة الثانية وهى تضخم النتوءات الأنفية، فيتم تهذيبها باستخدام المناظير الضوئية أيضا. وفى حالة اعوجاج الحاجز الأنفى الفاصل بين فتحتى الأنف، سواء كان بسبب عيوب خلقية أو نتيجة حادث، فيتم تعديل وتقويم الحاجز الأنفى دون أى استئصال لغضاريف الأنف لتفادى تأثير الجراحة على المنظر الخارجى للأنف، ونستخدم المنظار الضوئى أيضا فى هذه العملية.


الحالة الثالثة وهى تضخم لحمية خلف الأنف بالبلعوم الأنفى وهذا غالبا ما يحدث فى الأطفال فيتم استئصال اللحمية بالكامل وذلك باستخدام المنظار الضوئى وبمساعدة جهاز تفتيت اللحمية.


ويؤكد د.كامل أن هذه الحالات السابقة تتم عن طريق فتحة الأنف دون إحداث أى فتحات جراحية بالوجه أو تحت الشفة تفاديا لحدوث أى تشوهات، كما يؤكد أن هذه الحالات تتم بالمستشفى تحت تخدير كلى ويخرج المريض فى نفس اليوم.


الحالة الرابعة وهى حدوث الشخير بسبب انسداد البلعوم، فيتم تحديد سبب الانسداد بمساعدة المناظير الضوئية والأشعة المقطعية، وإذا كان السبب تضخم اللوزتين فيتم استئصالهما بالكامل، بالإضافة إلى شد وتجميل سقف الحلق، ويشدد د.كامل على أن هذه الجراحات تتم طبقا لظروف كل حالة مرضية مما يضمن التخلص من السبب المؤدى لحدوث شخير.


ويذكر د.كامل أنه فى حالات انقطاع التنفس الشديد المسبب للنقص الحاد فى نسبة الأكسجين المصاحب للشخير، يتم استخدام جهاز المحافظة على مجرى التنفس أثناء النوم، وهو عبارة عن جهاز يتم تركيبة على الأنف قبل النوم، يعطى ضغطاً مستمراً لفتحتى الأنف لمنع انسداد مجرى التنفس فى الأنف والبلعوم.


وعن تكلفة العمليات الجراحية المعالجة لحالات الشخير يوضح د.كامل أنه يمكن إجراؤها فى المستشفيات الجامعية أو قصر العينى أو المستشفيات العامة التابعة لوزارة الصحة مجانا، وتكون قليلة التكلفة فى المستشفيات الخاصة.

نصائح للتغلب على الأرق


- اذهب إلى السرير فقط عند الشعور بالنعاس.


- استخدم السرير للنوم فقط وليس للكمبيوتر أو الكتابة أو الأكل.. إلخ.


- إذا شعرت بعدم القدرة على النوم، فانهض واذهب إلى غرفة أخرى ولا تعود لغرفة النوم إلى أن تشعر بالنعاس، عندها فقط عد إلى السرير. الهدف من هذه العملية هو الربط ما بين السرير والنوم.


- استخدم المنبه واستيقظ فى نفس الوقت صباح كل يوم، بغض النظر عن عدد الساعات التى قد نمتها فى الليل، حاول المحافظة على مواعيد نوم واستيقاظ منتظمة خلال أيام الأسبوع، وكذلك فى عطلة نهاية الأسبوع.


- يطالب العديد من المعالجين المرضى المصابين بالأرق بعدم أخذ أى غفوة خلال النهار، وهذا يختلف باختلاف الأفراد. ففى حين أن بعض الناس لا ينامون بشكل جيد أثناء الليل عندما يغفون خلال النهار، نجد أن آخرين ينامون بشكل أفضل خلال الليل. لذلك كن طبيب نفسك، وأفعل ما هو أفضل لك دون الأخذ بالاعتبار ما يقوله الآخرون، فمثلاً جرّب أن تغفو لمدة أسبوع، وتجنب أى غفوة خلال الأسبوع الذى يليه وحدد بنفسك فى أى وقت كان نومك أفضل. والغفوة خلال النهار يفضل ألا تتجاوز (30-45) دقيقة.


- إذا كنت من الناس الذين تراودهم الأفكار والهواجس عندما يخلدون إلى النوم ولا تستطيع إيقاف تلك الأفكار، فقد يكون الحل لك هو (وقت إزالة القلق)، وذلك بتحديد وقت ثابت كل يوم (حوالى 30 دقيقة) وتصفية جميع الأمور المقلقة باستخدام ورقة وقلم. اتباع ذلك سوف يسمح لك بالذهاب إلى الفراش بفكر صافٍ ومستريح.


- تجنب إجبار نفسك على النوم، فالنوم لا يأتى بالقوة. بدلاً عن ذلك ركز على عمل شىء هادئ يريح بالك كالقراءة أو الموسيقى وذلك لتشجيع الاسترخاء.


- الدراسات العلمية أثبتت أن الرياضيين ينامون بشكل أفضل من الذين لا يمارسون الرياضة، يفضل أن يكون التمرين الرياضى قبل وقت النوم على الأقل بثلاث إلى أربع ساعات.


- مما يشجع النوم أيضاً قضاء 20 دقيقة فى حمام ساخن قبل النوم بساعات قليلة (ساعتان إلى ثلاث ساعات).

 

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية