انتقدت منظمة هيومان رايتس ووتش، الاثنين، مشروع قانون الجمعيات الأهلية الذي من المنتظر أن يقره البرلمان مؤكدة أنه يحظر بشكل فعال منظمات المجتمع المدني المستقلة وغير الحكومية ويخضع عملها وتمويلها للمراقبة من قبل الحكومة، وأجهزة الأمن.
وكان قسم التشريع بمجلس الدولة انتهى، أمس الاثنين، من مراجعة مشروع قانون الجمعيات الأهلية وأرسله إلى مجلس النواب، تمهيدا لإقراره.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «رايتس ووتش»، في تقرير نشر على موقع المنظمة، إنه «يجب على البرلمان التدقيق وعدم المراوغة من خلال التسرع في إقرار قانون والذي من شأنه أن يحظر بشكل كبير ما تبقى من منظمات المجتمع المدني المستقلة في مصر».
وأضافت «ويتسن»: «إذا تم إقرار هذا القانون فإن القول بأن مصر تسمح بعمل المنظمات غير الحكومية سيكون أمرًا مثيرًا للسخرية، وذلك لأن جميع منظمات المجتمع المدني ستخضع لرقابة أجهزة الأمن».
ودعت المنظمة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى عدم التصديق على القانون، مشددة على ضرورة أن تقوم الحكومة بإعداد مشروع جديد بمساهمات من المنظمات المستقلة غير الحكومية بما يتفق مع الدستور المصري والقانون الدولي.
ونقل تقرير المنظمة عن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، ماينا كياي، قوله إن «القانون من شأنه أن يدمر المجتمع المدني في مصر لأجيال مقبلة ويحولها إلى دمية في يد الحكومة».
وبحسب المنظمة، فإن «مشروع القانون هذا يشبه الذي اقترحته الحكومة في عام 2014، وتم (وضعه على الرف) بعد انتقادات واسعة. لكن هذا المشروع يعد أسوأ في بعض النواحي، والبرلمان على ما يبدو تجاهل مشروعات قانون مختلفة قدمت إليه في سبتمبر الماضي واشتمل على العديد من الأحكام الشاقة نفسها ولكن لم ينص على عقوبة السجن لمخالفته القانون».
وبحسب مشروع القانون الجديد فإنه يتعين على الجمعيات الأهلية، بموجب القانون، توفيق أوضاعها وفقا لنصوصه، التي تتضمن شروطا فضفاضة للتسجيل، منها عدم ممارسة نشاط يتعارض مع الأمن القومي والنظام العام، بل «ويفترض أن تبت الحكومة في ما إذا كان نشاط الجمعية يتوافق واحتياجات المجتمع وخطط الدولة في التنمية من عدمه».
كما ينص المشروع على تشكيل جهاز للتحكم في المنظمات الأجنبية غير الحكومية، على غرار مجلس الأمن القومي الذي يترأسه رئيس الجمهورية، حيث يتكون من ممثلي 3 جهات أمنية، بالإضافة إلى ممثلي وزارات الخارجية، والعدل، والتعاون الدولي، والوزارة المختصة بالجمعيات، وممثل للبنك المركزي، وآخر عن وحدة مكافحة غسيل الأموال، وعن هيئة الرقابة الإدارية، ويصدر بتشكيله قرار من رئيس الجمهورية.
وبحسب مشروع القانون، المزمع إصداره، فإن هذا الجهاز يختص بالبت في شؤون المنظمات الدولية غير الحكومية، والتمويل وأوجه التعاون بين الجمعيات المصرية وأي جهة أجنبية.
واعتبر القانون أن «عدم رد الجهاز على الطلبات المقدمة له خلال 60 يوما يعد بمثابة رفض للطلب، ضاربًا بمبادئ الدستور والمواثيق الدولية التي صادقت عليها مصر عرض الحائط، بحسب حقوقيين، وذلك في إطار حملة منظمة لمحاربة العمل الأهلي بكل السبل الممكنة، بما فيها منح الحكومة الحق في الاعتراض على كل قرارات الجمعية، وترشيحات عضوية مجلس الإدارة، ودورية اجتماعاته».
كما يتضمن المشروع عقوبات سالبة للحرية، مناقضاً بذلك توصيات الأمم المتحدة بشأن التعامل مع المجتمع المدني، حيث تصل العقوبات إلى الحبس خمس سنوات، وغرامات مالية تصل لمليون جنيه، وذلم في حال «أجرت الجمعية استطلاعات رأي أو بحوث ميدانية، أو مارست العمل الأهلي دون التسجيل وفقًا للقانون، أو تعاونت بأي شكل مع أي منظمة دولية، بما في ذلك أجهزة الأمم المتحدة، دون الحصول على الموافقة اللازمة».
وكانت محكمة جنايات القاهرة جمدت أصول 3 منظمات و5 من النشطاء في مجال حقوق الإنسان وحظرت أيضا سفر أكثر من 12 من المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان ومنعتهم غادرة البلاد، تمهيدا لتوجيه اتهامات جنائية لهم.
وأوضحت المنظمة في تقريرها أن أبرزهم المحامي الحقوقي أحمد راغب، وعزة سليمان، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، وعايدة سيف الدولة، الناشطة في مجال مكافحة التعذيب، إضافة إلى مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب.
وتنص المادة 75 من الدستور على أن «للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطى، وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار. وتمارس نشاطها بحرية، ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل في شئونها، أو حلها أو حل مجالس إداراتها أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائى. ويحظر إنشاء أو استمرار جمعيات أو مؤسسات أهلية يكون نظامها أو نشاطها سريًا أو ذا طابع عسكرى أو شبه عسكرى، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون».
كما صادقت مصر على المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 ديسمبر 1966، وبدأ تنفيذه في 23 مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49، والتي تنص على أن «لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ولا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة لقيود قانونية على ممارسة هذا الحق، وليس في هذه المادة أي حكم يجيز للدول الأطراف في اتفاقية منظمة العمل الدولية المعقودة عام 1948 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي اتخاذ تدابير تشريعية من شأنها، أو تطبيق القانون بطريقة من شأنها أن تخل بالضمانات المنصوص عليها في تلك الاتفاقية».
كما أن مصر موقعة على المادة 10 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والذي تمت إجارته من قبل مجلس الرؤساء الأفارقة بدورته العادية رقم 18 في نيروبي (كينيا) يونيو 1981، وتنص على أنه «يحق لكل إنسان أن يكون وبحرية جمعيات مع آخرين شريطة أن يلتزم بالأحكام التي حددها القانون، ولا يجوز إرغام أي شخص على الانضمام إلى أي جمعية على ألا يتعارض ذلك مع الالتزام بمبدأ التضامن المنصوص عليه في هذا الميثاق».
كما وافقت مصر، خلال الاستعراض الدوري الشامل لمصر في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مارس 2015، على توصيات لإصدار قانون الجمعيات الجديد الذي من شأنه أن «تضمن بشكل كامل للمجتمع المدني مجموعة من الحقوق وفقا للمعايير الدولية وتنفيذ التزاماتها الدولية لضمان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرها من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني».
وفيما يلي النص الكامل لمشروع قانون الجمعيات الأهلية: