الأبحاث على قدم وساق لطرح حبوب منع الحمل للرجال، خاصة فى شركة أورجانون، وينتظر العلماء نزول هذه الأقراص خلال سنتين على الأقل فى الأسواق، بدلاً من الطريقة العشوائية التى يمارسها البعض الآن، وهى حقن الرجل بهرمون «التستوستيرون» بجرعات عالية، مما يهبط بعدد الحيوانات المنوية إلى الرقم «صفر»، وهى الفكرة التى أثارت جدلاً كبيراً حول العالم.
وزاد من حالة الجدل المثارة، حول أقراص حبوب منع الحمل للرجال، ما تم إعلانه مؤخراً من نجاح عالم إسرائيلى، فى جامعة بار إيلان الإسرائيلية يدعى «حاييم بريتبارت»، بمساعدة علماء آخرين، فى ابتكار أول حبوب لمنع الحمل «الرجال» تعمل على إلغاء تنشيط الحيوانات المنوية قبل وصولها إلى الرحم، وتؤخذ مرة واحدة كل ثلاثة أشهر فقط، وستكون متوفرة بعد أقل من 3 سنوات من الآن.
المتتبع لرحلة حبوب منع الحمل للرجال يجب أن يعرف أنها لم تبدأ منذ اليوم.
فقد اتجه نظر العلماء فى البداية إلى الوسائل الطبيعية، نظراً لحساسية الموقف، وحتى لا تخدش هيبة الرجل، وكانت الحرارة هى الوسيلة السهلة والمتاحة والمجربة. وكانت الطريقة الأولى هى غمس الخصيتين فى ماء ساخن درجة حرارته 115 فهرنهايت يومياً، لمدة شهور، أو إدخالهما فى القناة التى فى أعلى الفخذ وأسفل البطن، وبعد الإقلاع عنها أو تحرير الخصيتين من هذه القناة ونزولهما إلى مكانهما الطبيعى، ستعود خصوبة الرجل إلى سابق طبيعتها بعد شهر واحد فقط، ورغم أنها طريقة آمنة إلا أن فاعليتها غير مضمونة، ومدة التعرض للحرارة غير محددة.
لم تتوقف أبحاث العلماء عند مسألة التعقيم الحرارى، ولكن ظهرت طرق أخرى من أهمها الطرق الفارموكولوجية أو الدوائية، وكانت الصين الغارقة فى نار زيادة السكان هى المقتحمة الأولى لهذا المجال وبكل قوة. اكتشف علماء الصين عام 1929 علاقة غامضة بين تناول الطعام المطبوخ بزيت بذرة القطن، وانخفاض معدل الإنجاب فى الأسر التى تتبع هذا التقليد، وتم نشر أول بحث يناقش تلك المسألة ويفك غموضها عام 1957، وكانت المادة الموجودة فى بذرة القطن والمسؤولة عن ذلك هى الـGOSSYPOL، وأجريت الأبحاث على عشرة آلاف متطوع، وأظهرت النتائج أن 25% تقريباً ظلوا يعانون من العقم الكامل لمدة عام، إلا أن الأعراض الجانبية لهذه المادة جعلت العلماء الصينيين يتراجعون عن الخوض فى التجارب، حتى أكملها علماء البرازيل فى 1990 بتقليل الجرعة، وأطلقوا على الدواء اسم «نوفرتيل»، يؤخذ يوماً بعد يوم لمدة شهرين، ولكن مازالت هيئة الدواء العالمية معترضة على سُمية الدواء، ومازالت الأبحاث المشتركة للصين والبرازيل وشيلى والنمسا تحاول الوصول إلى الجرعة المضبوطة لهذا الدواء.
قرص السكر هو ثانى الطرق الدوائية، وهو مسجل باسم د.جوزيف هول، الأستاذ بجامعة نورفولك، الذى عانى من زيادة النسل بشكل مفزع فهو أب لستة أطفال، وتمت تجربة قرص د.هول على الفئران، وأثبت فاعلية عالية جداً، وعادت الفئران بعد أسبوع من توقفه إلى سابق خصوبتها، وطريقة عمل هذا القرص تمنع اتحاد الحيوان المنوى بالبويضة، إلا أنه لم يطرح فى الأسواق بعد.
ومن د.هول إلى الصين ثانية، ومن الطب الصينى القديم أُخذ نبات «التريبتريجم ويلفوردى»TRYPTERGIUM WILFORDII، الذى كان يستخدم فى علاج الحمى لمنع إخصاب الرجال بعد اكتشاف تأثيره فى خفض الحيوانات المنوية عند الرجل. أما آخر الطرق الدوائية وأخطرها فهى طريقة الهرمونات، وهى التى تبحث فيها شركة أورجانون التى ذكرناها فى البداية، ويبدأ الهرمون عمله بنجاح بعد شهرين تقريباً. طرق تعاطى الهرمون المانع لإخصاب الرجال من الممكن أن تكون بالحقن كل عشرة أيام فى نوع، وكل ثلاثة شهور فى نوع آخر، ومن الممكن غرسه تحت الجلد لمدة شهور يثبط فيها الهرمون الذكرى، وبالتالى يخفض نسبة الحيوانات المنوية إلى درجة الصفر أو ما يطلق عليه طبياً الـZOSPERMIA.