x

عبد اللطيف المناوي دماء على الأسفلت لا تجف عبد اللطيف المناوي الأحد 27-11-2016 21:02


تؤكد إحصائية حديثة للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع حوادث السيارات وحصيلة الضحايا من المتوفين والجرحى على الطرق ليصل عدد حوادث السيارات إلى 14548 حادثة عام 2015 مقابل 14403 حوادث عام 2014 بنسبة ارتفاع 1٪ نتج عنها 6203 متوفين، و19325 مصابا، و19116 مركبة تالفة، كما بلغ عدد حوادث القطارات 1235 حادثة عام 2015 مقابل 1044 حادثة عام 2014 بنسبة ارتفاع 18.3٪.

هذه إحصائية بسيطة تكشف المأساة التى نراها يومياً فى الطريق، فلا طريق تمر فيه إلا وتجد سيارة مقلوبة، نتيجة السرعة أو الطرق السيئة، أو.. أو.. أو، ولا يكاد يمر يوم دون أن تقرأ فى صفحات الحوادث عن حادث سير، نجم عنه وفيات ومصابون.

اختلفت تقديرات عدد الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق، لكن المتفق عليه أن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميًا فى حوادث الطرق، بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية. وقدرت خسائر الاقتصاد المصرى من وراء حوادث الطرق بنحو 17 مليار جنيه سنويا.

نظرة سريعة على الشوارع فى مصر ستكشف لنا أن الطريق غير مستوٍ، وأخلاق من يقود السيارات غير منضبطة، لا توجد علامات حياة لوجود أمنى رادع على الطرق والكبارى، ولو كان هناك تواجد فهو تواجد مادى بلا حياة، أو تواجد مادى بغرض المادة، تمر السيارات سريعا، تتقاطع، تتسابق، هذه سيارة نقل كبيرة تسير فى يمين الطريق ويقرر قائدها أن ينحرف فجأة إلى يساره دون إنذار لأنه يريد أن يكسب السباق مع السيارة التى أمامه، وهذا سائق آخر قرر أن يسكن وسط الطريق فيسد اليمين واليسار وعلى من يريد أن يمر أن يجد لنفسه طريقاً، وهذا شاب يسابق عمره بسيارة جديدة لامعة، وهذه فتاة منهمكة فى حديث عبر هاتفها الجوال وتتفاعل معها سيارتها التى تقودها يميناً ويساراً، اندفاعاً وتوقفاً، حسب أجواء المكالمة التى تجريها عبر هاتفها الجوال، وهذه سيارة نصف نقل قرر سائقها أن يختصر الطريق، فيقرر أن يسلك طريقاً أقصر حتى لو كان عكسياً، وهذه سيارة شرطة يقودها الضابط، يجلس بجواره العسكرى مستسلما منكمشا وتسير السيارة كيفما أراد لها قائدها المتباهى بذاته، وهذا توك توك قرر الصبى الذى يقوده أن يتحدى كل من حوله ويثبت أنه موجود على الطريق بحركاتٍ صبيانية ليقول إنه هنا، وهذه عربة كارو تحمل الزبالة وحصانها أو حمارها يجرجر أرجله، فى محاولة للحركة إلى الأمام يقاوم بها حالة الهزال التى يعانيها هو وصاحبه، ومع كل هؤلاء يناطح ملوك سيارات الميكروباص أنفسهم وكل من حولهم والأبواب مفتوحة، ينادى كلٌ على وجهته، ويتقافز حول الجميع موتوسيكلات توصيل الطلبات إلى المنازل فى تحدٍ للزمن وقدرات الآلات التى يركبونها، ويجمع كلَّ هؤلاء طرقٌ لا ينافسها فى قدرتها على تحريك من يركبون هذه السيارات الألعاب الملاهى الخطرة.

فى لحظة ما وسط هذه الصورة العشوائية المتخبطة يحدث التصادم، وتسيل الدماء على الأسفلت- أو ما تبقى منه- وتهدأ الحركة العشوائية العصبية أمام الحادث أو تتجمد، والكل مستاء من الفوضى ومن غياب الحسم والقانون والردع، ومن عدم الالتزام، ومن السرعة، ومن التجاوزات، ويلقى الجميع اللوم على البلد الذى يحدث فيه مثل هذه الحوادث، ويحملون ضحايا التصادم فى طريقهم إلى مثواهم الأخير أو إلى المستشفيات، ويجمعون آثار الحادث على جانب الطريق، ثم ينطلق كل واحد منهم ناسيا ما حدث فى تلك الحركة العشوائية العصبية المستهترة المتجاوزة، كلٌّ يقود بطريقته استعدادا للتصادم المقبل.

حوادث السير على الطرق ترجع لنقص الرقابة والحملات المرورية على الطرق السريعة، بما توفره من رقابة وضبط وردع، وعدم الالتزام بارتداء أحزمة الأمان، وتوقف حملات «تحليل الدم» لسائقى النقل للكشف عن تعاطى المواد المخدرة، كذلك غياب العلامات الإرشادية والإنارة وسوء حالة الطرق لعدم الاهتمام بصيانتها، وإصلاح المنحنيات والنتوءات التى تحدث بها نتيجة حركة المرور الكثيفة عليها.

لا يخفى على أحد من المسؤولين مشكلات المرور، التى نتوقف أمامها فقط عندما تقع حادثة كبيرة، فنتوقف للحديث عن أهمية حل المشكلات المتراكمة، ثم نواصل حياتنا كأن شيئاً لم يحدث.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية