«الحق ده بيتسلق العمارة!»
توقفت مؤقتاً الاحتكاكات المستمرة بين المتظاهرين وبين صفوف الأمن المركزي والشرطة العسكرية أمام مدخل البناية التي تحتل السفارة الإسرائيلية طوابقها العليا، وتوقفت أيضاً الألعاب النارية التي تواصلت لليوم الثاني على التوالى محاولة استهداف العلم الإسرائيلي، وتعلق بصر الجميع بالشاب الذي يتسلق بناية السفارة التي يزيد ارتفاعها عن 70 مترا، وعلى ظهره يظهر علم مصر.
بدا للحظات كأن صمتًا فريدًا يلف موقع الاعتصام الصاخب أمام السفارة، احتجاجاً على مقتل 5 ضباط وجنود مصريين على الحدود برصاص إسرائيلي.
كان الشاب يتشبث بأسوار الشرفات على الحد الفاصل بين بناية السفارة والبناية المجاورة لها التي تقل أدوارها بخمسة أدوار، والتي وصل إلى سطحها، ثم صعد إلى سطح بناية السفارة.
لحظة إمساكه بالعلم الإسرائيلي ارتفعت الهتافات والتهليلات، وما أن وضع العلم المصري مكانه حتى تحول كوبري الجامعة وميدان نهضة مصر إلى ساحة للاحتفال.
انتظر المتظاهرون نزول الشاب، وتفرقوا بين حشدين حملوا شابين قيل أنهما من تسلق البناية ورفع العلم، وطاف كل تجمع ببطله الذي كاد يختنق وسط تكالب الشباب والصحفيين، البعض قال إنهما كانا اثنين، أحدهما سبق الآخر.
ترددت أسماء مصطفى كامل ثم أحمد الشحات، ورفع المتظاهرون أحمد الشحات فوق مدرعة وسط ترحاب حذر من جنود الشرطة العسكرية.
أجزاء من العلم الإسرائيلي بيد مجموعات من الشباب يوقفون السيارات ويخبرونهم أننا أنزلنا العلم الإسرائيلي ورفعنا مكانه العلم المصري.
البعض شكك في الأمر وقال إنه من المحتمل أن يكون جندياً أو أن الشرطة العسكرية تسامحت معه لتخفيف احتقان المعتصمين، بعد أن بدأت الاحتكاكات تتزايد أمام مدخل البناية.
لليوم الثاني يستمر الاعتصام في مزيج من أجواء بين الغضب والمرح، تماماً كما حدث في ميدان التحرير، باعة المأكولات والمشروبات والأعلام والكروت، ومن يرسمون علم مصر على الوجوه والأذرع، والأكثر إثارة: المسابقة المستمرة للألعاب النارية التي استمرت تتبارى في الاقتراب من نوافذ السفارة والعلم المرفوع فوقها، وصيحات التهليل والإعجاب التي تنطلق كلما اقتربت الشرارة من هدفها.
كثيرون مروا وسخروا من «التهريج» الذي يحدث، فلا يمكن حرق العلم أو إصابة نوافذ السفارة بألعاب نارية، ولكن من كان يتصور أن يتسلق شاب البناية كاملة ليصل إلى العلم الإسرائيلي وينتزعه ويضع مكانه العلم المصري.
الاعتصام أمام السفارة الإسرائيلية مستمر بين الاحتفال والتحفز، بعض المعتصمين مصرين على اقتحام السفارة إن لم يرحل السفير، ويواصلون الاحتكاك مع صفوف الشرطة والجيش أمام البناية.
الاختلاف الآن: بدلا من انزعاج قادة السيارات من الاختناق المروري الذي يسببه الاعتصام، الآن أبواق السيارات المبتهجة تحيي المعتصمين، وحشود المواطنين تتوافد وتنظر في دهشة وفرح وفخر إلى العلم المصري الذي يرفرف فوق سطح السفارة الإسرائيلية.