قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن راية الأزهر الشريف اتسعت منذ أكثر من ألف عام لكل المسلمين، مشيرًا إلى أن «تراثنا تراث حواري نقاشي متعدد التوجهات والاتجاهات تحت مظلة الإسلام والدين بشكل عام».
وأضاف «الطيب» في حديثه الأسبوعي بالتليفزيون المصري، السبت، أنه «كما ذكرنا في الحديث الصحيح، الذي رواه الإمام البخاري: «مَنْ صَل صلاَتنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فذَلِكَ الْمُسْلِمُ، الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلا تَخْفِرُوا اللهَ في ذِمَّتِه»- أن من يعمل هذه الأشياء الثلاثة هو المسلم الذي لا يحق لأحد تكفيره؛ لأن التكفير بريد القتل أو الدم، وأئمتنا أئمة أهل السنة والجماعة كانوا يضعون هذا نصب أعينهم وهم يؤصلون أو يقعدون القواعد، وقد استعرضنا في الحلقة الماضية بعضًا من نصوص الأشعرية».
وأضاف شيخ الأزهر أن «هؤلاء الذين ينفخون في نار الفرقة يوميًّا سواء كان يفتت ما بين الأزهر أو ما بين الشعب المصري أو ما بين هذا المذهب وذاك المذهب أسأل الله سبحانه وتعالى أن يريهم الحق حقًّا ويرزقهم اتباعه، وأن يريهم الباطل باطلًا ويرزقهم اجتنابه، فلا عاصم من أمر الله إلا هو، لافتًا إلى أن البيان الختامي لجولة الحوار الرابعة بين حكماء الشرق والغرب أكدنا فيه ضرورة العمل على خلق عالم متفاهم متكامل من خلال بناء حوار مجتمعي إسلامي مسيحي يكون فيه المجتمع المدني فاعلاً لتجسير الهوة في فهم الآخر، وإقامة لقاءات شبابية متبادلة من طلاب بالجامعات بين المسلمين والمسيحيين، تتخللها محاضرات تؤكد على التسامح والتعايش، وبناء برنامج أكاديمي مشترك مدته خمس سنوات للبحث في أسس وقيم التسامح والتعايش في الإسلام والمسيحية، وضرورة العمل على نشر الثقافة الحوار على كافة الأصعدة والـتأكيد على احترام عقيدة الآخر، وإقامة موقع رقمي للتعريف بكل المبادرات، مع التأكيد على ضرورة إتاحة كافة المواد الفيلمية والمؤتمرات والدراسات التي تخدم الهدف السامي للمجتمعين في أبوظبي والمهتمين بهذا الأمر، ودعم المبادرات التي تسعى لتأكيد قيم التسامح والعيش والمشاركة، ونحن كأزهر نفتح الباب على مصراعيه لأي برنامج مصري، ولأي مذيع مصري يخدم هذه القيم وندعمه بكل قوة، في حين أن بعضهم يتصيد للأزهر مدعين أنه يعمل ضد مذهب معين».
ونقل شيخ الأزهر كلام أحد أئمة الأشاعرة وهو أبوالمظفر الإسفراييني في كتابه «التبصير في الدين» (ت 471هـ)، الذي يقول فيه: «وأما أنواع الاجتهادات الفعلية التي مدارها على أهل السنة والجماعة في بلاد الإسلام فمشهورة مذكورة، ومن آثارهم الاجتهادية سدهم ثغور الإسلام، والمرابطة بها في أطراف الأرض، مثل ثغور الروم، وثغور أرمينية، وانسداد جميعها ببركات أصحاب الحديث..»، مع أن أهل الحديث لم يحملوا سلاحا ولا راحوا، لكن انظر إلى كلام هذا الإمام الأشعري الذي أكد أن ما حصل من القوةِ قوةِ الجيش وقوة الإمداد الإسلامي كان ببركة أهل الحديث، ثم قال: «وأما ثغور بلاد الترك فمشتركة بين أهل الحديث والرأي..»؛ فهو ينص هنا على أن سد ثغور بلاد الترك كان مشتركا بين أهل الحديث، وهم السلفيون، وبين المتكلمين من أهل الرأي والأحناف.
وأردف: الأزهر ولاؤه وانتماؤه للعروبة والإسلام ولوطننا الذي نأكل ونشرب فيه، كما أن له انتماءً عالميًّا حينما نتحدث عن السلام العالمي، لكن هناك من يريد التعتيم على منهج الأزهر الذي ندرسه وتربينا عليه، ويتصيد من كتب التراث عبارات قالها فقيه في القرن الرابع أو القرن الخامس أو قالها حينما كان المسلمون مضطهدين من التتار أو من غيرهم؛ لأنه مطلوب الفرقة والإثارة والاختلاف، فنجد بعض المثقفين بل بعض من ينتسبون إلى الأزهر كل يوم على الفضائيات لا هَمَّ لهم إلا مناهج الأزهر والخطاب الديني، في حملة شعواء على الأزهر، وهذه الحملة لا تصب إلا في مصلحة داعش وأعداء الأمة، وإذا كان أحدهم رضي أن يبيع الكلمة بالإعلانات، فكيف لبعض العمائم أن تساهم في هذا العبث؟!».