لعب راؤول كاسترو دورا رئيسيا في السياسة الكوبية لعقود، بعدما تولى شقيقه الأكبر الزعيم الكوبى فيدل كاسترو السلطة في عام 1959، ولكنه كان على الأغلب في الظل.
وأدت المشكلات الصحية التي عانى منها «فيدل» إلى تسلم «راؤول» قيادة الجزيرة الشيوعية، في منتصف عام 2006، وكان لديه الوقت لإثبات أنه يمكنه إبقاء كوبا على مسار مستقر وتطبيق بعض الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية بحلول وفاة شقيقه، أمس الأول الجمعة.
وتولى راؤول كاسترو قيادة كوبا على نحو مؤقت، في أواخر يوليو 2006، وفى فبراير 2008، أصبح رسميا رئيس كوبا، في حين أنه تولى قيادة الحزب الشيوعى الكوبى في إبريل 2011، وفى كل الحالات خلف شقيقه، الذي قاد الدولة الجزيرة منذ عام 1959.
تولى راؤول كاسترو مهمة «تحديث» الاقتصاد الاشتراكى لكوبا، ولكن أيضا جعل النظام «غير قابل للرجوع فيه».
وبصفته رئيسا، أصر راؤول كاسترو، وهو جنرال عسكرى، على أن المعركة التي يواجهها الشعب الكوبى «اقتصادية»، وأن بقاء نظامه يتوقف على تصحيح الأخطاء التي ترجع لعقود.
وقال راؤول كاسترو، في عام 2010: «إما أن نصحح أو نغرق»، إلى جانب أنه شدد على أن الغرق سوف ينطوى على إهدار «جهود أجيال بأكملها» من الكوبيين.
في هذا السياق، سمح للكوبيين، على سبيل المثال، بامتلاك المنازل والسيارات، ولكنه أبرم اتفاقا مع الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته باراك أوباما، في ديسمبر 2014، لإطلاق سراح العشرات من السجناء السياسيين في كوبا واستعادة الروابط الدبلوماسية التي انقطعت بين الجارتين لعقود كثيرة.
وكان راؤول كاسترو قد تَصَدَّر عناوين الأخبار العالمية عندما استأنفت الولايات المتحدة وكوبا العلاقات، واستضافت هافانا الرئيس الأمريكى أوباما في يوليو 2015.
ولا يزال راؤول كاسترو، الذي وُلد في الثالث من يونيو 1931 في بلدة بيران بشرق كوبا، يبدو لائقا من الناحية الصحية، ولم يُعْطِ أي إشارة إلى رغبته في التقاعد.
وأصر في عام 2011 على أن المهمة هي «الحفاظ على الاشتراكية والعمل على تطبيقها في أكمل صورة وعدم السماح أبدا بعودة النظام الرأسمالى». غير أنه يأمل في تحقيق ذلك ببرنامج إصلاحى موجه نحو السوق وخفض الوظائف الحكومية والتشجيع على درجة ما من المبادرات الخاصة، وكذلك الانفتاح على الجارة القوية لكوبا، عبر مضيق فلوريدا.
وسمح أيضا راؤول كاسترو- الذي لديه أربعة أبناء من زواجه من الثائرة الكوبية الراحلة فيلما إسبين (1930- 2007)- للشعب الكوبى بشراء هواتف جوالة وأجهزة كمبيوتر واستئجار سيارات والإقامة في الفنادق الفخمة بالجزيرة.
و«راؤول» معروف لدى هؤلاء الذين عملوا معه على أنه مدير عملى وواقعى، وقد سلَّم الأراضى الزراعية لمزارعين من عامة الشعب بهدف زيادة الإنتاج الغذائى، وهى إحدى أولويات حكومته.
في سياق المذهب العملى، ظهر كأولوية إنهاء الحظر الأمريكى على الجزيرة، والذى استمر لعقود، وبدا أن مفاوضات راؤول كاسترو مع الإدارة الأمريكية تجعلها أقرب مما كانت. قاتل «راؤول» جنبا إلى جنب شقيقه في النضال الثورى في كوبا، والذى بدأ بمحاولة فاشلة في عام 1953 أعقبها السجن والعفو.
وفر «راؤول» و«فيدل» معا إلى المكسيك، وعادا إلى كوبا، وبصحبتهما 80 مؤيدا على يخت جرانما في عام 1956 ونجا من حرب العصابات التي انتهت بهروب «باتيستا» عام 1959.
وبعد الثورة، قاد «راؤول» عمليات قتل قاسية لأنصار «باتيستا»، ويُنسب له الفضل في القيام بموجات من التطهير السياسى على مدار سنوات. وبصفته الأطول بقاءً في منصب وزير الدفاع في العالم، استغل «راؤول» الدعم السوفيتى لبناء الجيش الكوبى، ليصبح أحد أقوى الجيوش في أمريكا اللاتينية.
وعلى مدار السنوات الأخيرة القليلة في حياة شقيقه، حصل راؤول كاسترو على فرصة حقيقية ليخلع عباءة «فيدل» ويسطر صفحته الخاصة في التاريخ الكوبى. وبعد وفاة «فيدل»، من المرجح أن تصبح بصمة «راؤول» أكثر وضوحا.