x

السيسي يلقي محاضرة عن الإرهاب والأمن وسيادة القانون بأكاديمية البرتغال العسكرية 

الرئيس يكتب كلمة بمناسبة زيارته للبرلمان
الثلاثاء 22-11-2016 14:01 | كتب: محسن سميكة |
السيسي يلقي محاضرة فى الأكاديمية العسكرية البرتغالية، 22 نوفمبر 2016. السيسي يلقي محاضرة فى الأكاديمية العسكرية البرتغالية، 22 نوفمبر 2016. تصوير : آخرون

زار الرئيس عبدالفتاح السيسي، الثلاثاء، الأكاديمية العسكرية البرتغالية في لشبونة، وكان في استقباله وزير الدفاع البرتغالي، ورئيس الأكاديمية.

وألقى الرئيس محاضرة أمام الدارسين بالأكاديمية العسكرية البرتغالية حول الإرهاب والأمن وسيادة القانون، بحضور كبار قادة الجيش البرتغالي وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد في لشبونة وعدد من الشخصيات العامة البرتغالية.

وقال الرئيس في كلمته: «اسمحوا لي في بداية حديثي أن أشكركم على إتاحة هذه الفرصة لأتحدث إليكم في الأكاديمية العسكرية البرتغالية الدولية، تلك المؤسسة العريقة التي تقوم بدور رائد على المستويين الأوروبي والدولي في إثراء الفكر العسكري والاستراتيجي، والإسهام في معالجة التحديات والقضايا الأمنية والاستراتيجية. كما يسعدني التواجد بين هذه النخبة من الدارسين والخبراء، لأشاطركم بعض الأفكار حول رؤيتنا لمواجهة الإرهاب باعتباره من أهم التحديات التي تواجه عالمنا اليوم».

وأضاف أن «الحديث عن كيفية تحقيق الأمن لشعوبنا ومواجهة الإرهاب الآثم ومحاولاته المتكررة للنيل من جهود التنمية، لا يستقيم دون أن نفكر ملياً في طبيعة البيئة التي يجري فيها هذا الصراع مع الإرهاب في عالمنا المعاصر. ولا يخفى على أحد اليوم التحديات الاستراتيجية المتنوعة التي تواجهنا كمجتمع دولي، بعضها اقتصادي يرتبط بعدم عدالة توزيع ثمار نمو الاقتصاد الدولي بين الدول والمجتمعات المتقدمة والنامية، بينما ترتبط التحديات الأخرى بشكل مباشر بالجوانب الأمنية، مثل انتشار النزاعات المسلحة وما توفره من بيئة خصبة لتنامي الإرهاب ونشر الأفكار المتطرفة، وهو التحدي الأخطر في ضوء تهديده بشكل مباشر لحياة الأبرياء وحقهم في التمتع بالأمن والأمان، فضلاً عن آثاره المدمرة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات التي يستهدفها. وفي هذا الإطار، أود أن أشاطركم قلقي إزاء ما يتسم به النهج الدولي للتعامل مع ظاهرة الإرهاب والتطرف من قصور، لاسيما في ضوء ما برهنته الأحداث خلال السنوات الماضية من عدم قدرة الجهود الدولية على حماية مجتمعاتنا من شرور الإرهاب، بل إن الآلام والأضرار الناتجة عنه اتسعت لتصل إلى مختلف دول ومناطق العالم دون أن تلتزم حدوداً أو تحدها عوائق جغرافية».

وتابع: «إن هذا القصور يرجع إلى عدم إيلاء الأهمية الكافية لفهم جذور وطبيعة ظاهرة الإرهاب ومسبباتها. فمع الإدراك الكامل لأهمية الجوانب الأمنية والعسكرية في الإدارة اليومية للمعركة ضد الإرهاب، ورصد واستباق تخطيط وتحركات العناصر الإرهابية بهدف منعها من توجيه ضرباتها، إلا أن هذا لا يجب أن يُنسينا أننا مطالبون بفهم دوافع الإرهاب والفكرة التي يقوم عليها وارتباطاً بذلك فإن القراءة الدقيقة لتاريخ الجماعات الإرهابية، سواء تلك التي تتخذ من الدين ستاراً لها، أو تلك التي ارتكبت فظائع باسم دوافع سياسية أو اجتماعية مختلفة، تؤكد لنا عدم وجود فوارق تذكر في الأسس التي تنطلق منها هذه الجماعات لتبرير استخدامها للعنف والإرهاب لتحقيق مآربها، فنحن دائماً بصدد عملية ذات جوهر فاشي ينطلق فيها المتطرفون من قراءات مغلوطة لمسار التاريخ، تنتج بدورها خطاباً يحث على كراهية الآخر، ويدعو لاستخدام العنف والترويع لفرض هذه الرؤية على الجميع وبنظرة سريعة على التنظيمات الإرهابية النشطة على الساحة الدولية في الوقت الراهن، فإننا نجد أن ما انطبق على المنظمات الإرهابية التي نشطت في الدول الغربية وأوروبا في مراحل سابقة، ينطبق بدوره على المنظمات التي تتخذ من الدين الإسلامي ستاراً زائفاً لأعمالها. فرغم تنوع أسمائها وتوزيع الأدوار الظاهرية بين أجنحتها، فلا يوجد فارق جوهري في الأفكار التي يؤمنون بها، حيث تتخذ من ذات المرجعيات الفكرية المتطرفة منهجاً لعملها، وإطاراً لنظرتها إلى مجتمعاتها والعالم، وكذا لخطابها ورسائلها الإعلامية القائمة على الإقصاء والعداء ونبذ الآخر وتكفير المجتمع، وهى جميعها مفاهيم مشوهة تتنافى مع روح الدين الإسلامي الحنيف ورسالته الحضارية السمحة التي تنبذ الانعزال والتطرف والعنف، وتدعو إلى التسامح والتعارف وقبول الآخر، بل وترحب بالاختلاف باعتباره رصيداً إنسانياً مهماً يسهم في صقل الخبرات والتوصل إلى المفاهيم الصحيحة التي تتقبلها الطبيعة والفطرة الإنسانية».

واستكمل: «إن الانعكاسات العملية لما تقدم مهمة ولا غنى عنها للمحاربة الفعّالة للتنظيمات الإرهابية، إذ تؤكد على أهمية عدم قصر جهودنا على مواجهة أعراض وتداعيات ظاهرة الإرهاب، وتدفعنا إلى التعامل مع الأسباب التي أدت إلى تبني البعض لهذا الفكر المشوه، الذي يدفعهم للتحول لعناصر مستعدة للتخريب ولتدمير كل من يخالف معتقداتهم. لذا، فإن المواجهة الفكرية للإرهاب حتمية وضرورية، إذ لن تستطيع المواجهة الأمنية وحدها القضاء على الأفكار والأيديولوجيات المنحرفة. واسمحوا لي في هذا الإطار أن أتطرق إلى عناصر الرؤية المصرية لكيفية التحرك على مسار التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب والتطرف، والجهود التي بذلناها في مصر حكومة وشعباً في هذا المجال، خاصة بعدما وجدنا أنفسنا على خط المواجهة مع قوى الإرهاب التي حاولت عرقلة مسيرة تنمية بلادنا خلال السنوات الماضية. فقد حرصت مصر على التصدي لاستخدام العناصر الإرهابية للدعاوى والأسانيد الدينية غير الصحيحة من أجل السيطرة على عقول الشباب واستغلال عدم وعيهم بصحيح الدين، حيث تقوم مؤسسات مصر الدينية، وعلى رأسها الأزهر الشريف، أحد أقدم وأعرق الجامعات في العالم ومنارة الإسلام الوسطي المعتدل، باتخاذ خطوات جادة من أجل مواجهة الفكر المتطرف وتطوير الفقه والخطاب الدينيين، بما يتسق وروح ومتطلبات العصر الحديث، ويواجه محاولات الاستقطاب الطائفي والمذهبي».

وأضاف: «من ناحية أخرى حرصت مصر خلال مواجهتها للإرهاب والتطرف على أن يكون ذلك في إطار سيادة القانون واحترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، إيماناً منا بأهمية إعلاء قيم الحريات وترسيخ دولة المؤسسات رغم صعوبة المعركة. وقد تحملت مصر على مدى السنوات الماضية الكثير من التضحيات وبذل شعبها ومؤسساتها قصارى جهدهم في مواجهة ومكافحة الإرهاب، ورغم عظم هذه التضحيات، خاضت مصر ولا تزال هذه المعركة الشرسة، ليس فقط دفاعاً فقط عن نفسها، وإنما صونا للاستقرار الإقليمي وحمايةً لمقدرات شعوب المنطقة بأسرها التي لا يخفى ارتباط أمنها باستتباب السلم والأمن الدوليين. وأؤكد لكم في هذا السياق أن مصر تدرك جيداً المسؤولية الملقاة على عاتقها في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ الشرق الأوسط، إذ تقدم نموذجاً لدولة تتماسك مؤسساتها دفاعاً عن مبدأ الدولة الوطنية ذاته، في محيط إقليمي شديد الاضطراب، تسوده محاولات متكررة لهدم بنية الدولة وتفكيكها، والسماح بتمدد تنظيمات وميليشيات تدعي سلطة التحكم في المجتمعات دون تفويض أو شرعية، وتنفيذاً لمخططات سياسية أو أيديولوجية بعيدة كل البعد عن تحقيق مصلحة شعوب المنطقة في التقدم والرقي».

وقال السيسي إن تحديات صعود ظاهرة التطرف الفكري الذي يؤدي إلى الانخراط في أعمال إرهابية تحتم علينا جميعاً كمجتمع دولي وضع استراتيجية متكاملة الأبعاد لمواجهة الأفكار المغلوطة والدعاوى المغرضة لقوى الإرهاب، والتي باتت منتشرة على المواقع الإلكترونية المختلفة، مما ساهم في اكتساب هذه الأفكار لمزيد من الأتباع على مدار السنوات الماضية. لذا فأنه من الضروري التوصل إلى توافق دولي حول اتخاذ التدابير اللازمة والجادة لتجريم ومنع التحريض على الكراهية والعنف في المواقع الإلكترونية ووسائل الاتصالات الحديثة. كما ينبغي تضافر جهود المجتمع الدولي لمنع تزويد المنظمات الإرهابية بالمال والسلاح، فضلاً عن مواصلة جهود التوصل إلى تسويات سياسية للأزمات والنزاعات المسلحة القائمة بالنظر إلى ما توفره تلك الأزمات من بيئة خصبة لانتشار التنظيمات الإرهابية وتحركها بحرية ونشر فكرها المتطرف.

وتابع: إن جزءاً أساسياً من الرؤية المصرية لمواجهة الإرهاب الدولي وتحقيق الأمن يتمثل في ضرورة التنسيق الوثيق بين الدول الصديقة على المستوى الثنائي والدولي من خلال أجهزة الأمم المتحدة. ولقد وفرت عضوية مصر في مجلس الأمن منذ بداية العام الحالي ورئاستها للجنة مكافحة الإرهاب التابعة له فرصة مهمة للتنسيق الكثيف مع الدول المحبة للسلام، من أجل محاولة إرساء بيئة قانونية دولية فعّالة لتعظيم جهود مواجهة الإرهاب والتطرف. وبنفس الالتزام، تحملت مصر مسؤوليتها تجاه أمن واستقرار محيطها الإقليمي، حيث شاركت في التحالف الدولي لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، وستستضيف في الإطار نفسه مركز مكافحة الإرهاب التابع لتجمع الساحل والصحراء، والذي ينتظر أن يقوم بدور محوري في تنسيق جهود مكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية.

وأوضح أن «المعركة ضد الإرهاب كما أسلفت ليست معركة أمنية فقط، وإنما هي صراع بين رؤيتين مختلفتين للعالم. وبالتالي فإني أود ختاماً أن أؤكد على وعينا وإدراكنا لأهمية بناء نموذج بديل للأيديولوجيات المتطرفة، بحيث يصبح هذا النموذج التنويري هدفاً يبذل من أجله شبابنا طاقاتهم الإبداعية ومجهودهم الفكري سعياً للحفاظ على حريتهم وتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء لهم ولأبنائهم. وفي مسعانا لبناء هذا النموذج الذي يعتمد على التنمية المستدامة وتوفير الحياة الكريمة لمجتمعاتنا، فإننا نمد يد التعاون والتكاتف لكل أصدقائنا الذين يشاركونا هدفنا في بناء مستقبل مُشرق للحضارة الإنسانية عبر ترسيخ مبادئ التسامح والتعايش وقبول الآخر وبناء الجسور التي تربط بين الحضارات والثقافات المختلفة».

وقام عقب إلقاء المحاضرة بالرد على الأسئلة التي طرحها الحاضرون، والتى تناولت التطورات الجارية في ليبيا، وسبل تعزيز مكافحة الإرهاب على المستوى الدولي، والتحديات التي تواجه الجهود الدولية الجارية في هذا المجال، ولاسيما زيادة تدفق اللاجئين والهجرة غير الشرعية. وفي هذا الإطار أعرب الرئيس عن تقديره للشعب المصري وحرصه على أمن واستقرار بلاده، فضلاً عن تفهمه للتحديات التي تتعرض لها مصر، لاسيما على الصعيد الاقتصادي، مما تطلب اتخاذ إجراءات اقتصادية ضرورية. وفيما يتعلق بالوضع في ليبيا، أكد احترام مصر لإرادة الشعب الليبي، مشيراً إلى أهمية دعم البرلمان المنتهية ولايته، بالإضافة إلى دعم الجيش الوطني الليبي ورفع حظر السلاح المفروض عليه حتى يتمكن من الاضطلاع بمهامه وبسط سيطرته على كامل الأراضي الليبية، فضلاً عن أهمية مساندة المجلس الرئاسي الليبي.

وردا على أسئلة عدد من الحضور من ضباط الأكاديمية، قال السيسى:«يجب أن يحدث تعاون واسع ليس فقط مع حلف الناتو، لعمل جهد فعال لمواجهة الإرهاب والتطرف في المنطقة»، مشيرًا إلى أن مصر مستعدة للتعاون مع أوروبا والناتو بشكل افضل، لأن الإرهاب يأذى المنطقة بشكل كامل.

وأضاف:«تحدثنا في المحاضرة عن الحفاظ على الدولة الوطنية، وسقوطها في المنطقة أن ترون شكلها ازاى، ولازم نعرف أن الجماعات المتطرفة لها شكل واحد باسماء مختلفة، فلا يجب أن نحصر الفكر المتطرف في داعش فقط، ويجب مواجهة باستراتجية متكاملة، واتفق في أن ليبيا الوضع فيها معقد، لكن ليس بنفس المستوى في المناطق الأخرى، واستعادة الدولة الوطنية هو الطريق الانسب بدعم من المجتمع الدولى، والا سيحتاج الأمر للتدخل من الدول».

وتابع:«مصر قررت دعم البرلمان الليبى والجيش الوطنى الليبى، لأنه قادر أن يكون قدرة في مواجهة الإرهاب والتطرف، نحتاج تنسيق اكثر وتعاون اكبر مع دول الجوار، والمهتمين باستقرار منطقة الشرق الأوسط واوروبا، واذا لم نقوم بذلك الأمر سيتفاقم بشكل اكبر»، مشيرا إلى أن مصر تتحمل عبء تأمين 1200 كيلو في حدودها الغربية مع ليبيا، داعيا إلى مزيد من التنسيق والتعاون لاستعادة الدولة الليبية سريعا.

وأكد أن مصر دائما كانت متفاعلة مع اصدقائها في الاتحاد الأوروبى، موضحا أنه خلال العامين الماضيين حدث استقرار كبير في مصر، لأن ما تحقق ليس لقدرة الجيش والاجهزة الامنية فقط، ولكن لأن هناك وعى حقيقى لدى المصريين للحفاظ على دولتهم، واكبر دليل على ذلك أن تعويم الجنية ورغم اثاره الصعبة على المصريين، وهى أمور ماكان احد يستطيع أن يقبلها خلال السنوات الماضية، لكن قبول الشعب المصرى هذه الاجراءات دليل على تفهمه، موجهها التحية للشعب المصرى لأنه كان البطل الحقيقى الذي استطاع الحفاظ على بلاده في ظل أن مصر لديها 90 مليون مواطن، وتابع: «تخيلوا لو كان حصل في مصر حاجة وبعض شبابها تطرف هيكون الوضع ازاى في المنطقة».

وقال «الكثير من مواطنين الدول التي تعرضت لازمات في المنطقة جعلت عدد اللاجئين يزداد في مصر، ومن المهم معرفة أن ليس لدينا معسكرات للاجئين، وكل المواطنين الذين جاءوا إلى مصر يقيمون وسط المصريين بشكل طبيعى دون أي تمييز»، موضحا أن مصر لا تتلقى أي دعم لتخفيف الضغوط عليها مع وجود ملايين من اللاجئين، داعيا إلى وضع استراتيجية شاملة لايجاد فرص حقيقية للمجتمعات التي تعانى من عدم الاستقرار، حتى يتم انهاء الهجرة غير الشرعية خاصة إلى اوروبا، ولفت إلى أنه تم القبض على 8 الاف مواطن حاولوا التحرك والهجرة إلى الشواطئ الأوروبية.

من جانبه، قال رئيس الاكاديمية العسكرية البرتغالية، إن المعهد العسكرى في البرتغال مهم جدا بالنسبة لنا ومن خلاله يتم اعداد العسكريين، موضحا أن الحكومة البرتغالية تؤكد على كفاءة قواتها المسلحة، وتتكلم بوجه عام، في تواجد 160 فرد في وسط افريقيا، مشيرا إلى أن البرتغال تشارك بمسؤوليتها تجاه الامن والتحديات.

وأضاف:«مصر لها موقع سياسى صعب يفرض كثيرا من التحديات والتضامن مع مصر كبير، ونحن نتشارك التهديدات والتحديات»، مرحبا بالرئيس في البرتغال.

كلمة السيسي بمناسبة زيارته للبرلمان البرتغالي

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية