x

2011 سنة «بتتولد».. ممكن «نتولد» معاها من جديد

الجمعة 31-12-2010 16:44 | كتب: ميادة الدمرداش, سحر المليجي, وفاء يحيى |
تصوير : اخبار

«كأنى اتولدت من جديد».. عبارة يرددها البعض أحيانا، فهل يمكن للإنسان أن يولد مرتين أو ربما أكثر من مرة فى شكل ولادات رمزية وسكولوجية؟ سؤال حاولنا الإجابة عنه خاصة ونحن على أعتاب عام جديد نطمح فيه لبدايات تعيد لنا دهشتنا وبراءتنا وراحة نفوسنا وكأننا أطفال مولودون للتو يتلمسون طعم وملمس الأشياء للمرة الأولى بوعى مختلف وذائقة جديدة تماما.. وتلك تجارب البعض مع ميلادهم الثانى وبعض النصائح النفسية التى تعين على بلوغ التجربة الجديدة.


يقول د. صلاح الراوى، أستاذ الأدب الشعبى: مررت بتجربة الميلاد الجديد مرتين فى حياتى.. الأولى عندما قررت فى لحظة فارقة أن أتحول من مجرد عامل بسيط بالسد العالى عام 1965، إلى استاذ جامعى، فى هذا العام بدأت دراستى الثانوية حتى صرت ما أنا عليه الآن، لم يكن هذا مجرد تغيير فى حياتى أو نقلة كبيرة بها وإنما ميلاد للطاقة والتجربة، ودافعى إليه كان الإدراك الناتج عن القراءة النهمة.


أما الميلاد الآخر فكان يوم تسلمت قرار تقاعدى عند بلوغى سن الستين، شعرت وقتها بأننى حر متجدد الطاقة، متخلص من كل سنوات عمرى السابقة، وبأننى كالنخيل، أقيس عمرى بما أفقده من سنوات لا بما أكتسبه، فحزوز النخلة التى يحتسب عمرها عن طريقها هى فى الأصل جريد تخلصت منه فى الماضى.


ميلادى الجديد لم يمح ماضيى لأنه لا إراديا شكل المستقبل كان خميرته وجذره، فى قريتى الصعيدية تتداول كل البيوت بلا استثناء فيما بينها «البرباسة» وهى قطعة عجين قديم مخمر لا تزيد عن عقلة الإصبع كل دار تبنى عليها خبيزها الطازج الخارج إلى العالم للتو من رحم الفرن، وكل لحظة تمر علينا فى الحياة هى بشكل ما جديدة تماما رغم تشابهها الظاهرى مع غيرها من سابقاتها، فالإنسان لا ينزل البحر مرتين، كما تقول الحكمة الشهيرة.


روعة الميلاد الجديد تكمن فى طزاجة مشاعرى واستقبالى للأشياء والمؤثرات من حولى برؤية جديدة ونكهة مختلفة، أقسم أننى رأيت أشياء كثيرة وأحسست بها وكأننى أراها للمرة الأولى، منها نباتات شرفتى، وفى بداية كل عام أحظى فعلا بميلاد جديد، فأنا من مواليد الثالث من يناير.


الأديبة سحر الموجى تؤكد هى الأخرى مرورها بلحظة ميلاد ثانية وتقول: ولدت من جديد عندما ولد لى وعى جديد، كنت فى الثلاثين من عمرى تقريبا، بدأت الكتابة لتوى، وعبرها تعرفت على نفسى واكتشفت أسباب حزنى واكتئابى، قبل هذه المرحلة كنت مجرد شخصية مشكلة اجتماعيا تفعل بالضبط ما يتوقعه منها الآخرون، بعيدة عن حقيقة ذاتى، تتساوى لدى كل الأشياء ولا أشعر بطعم أى شىء فى الحياة حتى الأشياء الشيقة والجميلة.


الكتابة أوصلتنى لمنطقة ضوء لم أبلغها من قبل فى روحى، رحت أغرف منها حتى بدلتنى تماما لم أعد سحر القديمة، وكأن ربى وهبنى عمرين، هذا بالفعل ما شعرت به بعد تجاوزى الثلاثين من عمرى، بالطبع لم أنس آلامى قبل هذه السن فقد ظلت داخل روحى، ولكننى شعرت بها بشكل مختلف، لم أعد أتألم من جرائها بل أصبحت ممتنة لها، فلولاها ما ولدت من جديد ولاستمررت فى حياتى القديمة قانعة بها.


العام الجديد لا يثير فىَّ حلم الميلاد الجديد فسبق أن مررت به وذقت حلاوته وصعوبته أيضا، ولكنه يعنى التأمل وتقييم الحياة والسعى لتحقيق الأحلام المعلقة.


يقول د. سعيد عبدالعظيم، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة: الولادة الجديدة حالة معروفة وشائعة فى الطب النفسى، وتعنى غوص الإنسان داخل ذاته من أجل الوصول لبداية جديدة لحياته تختفى فيها السلبيات والمنغصات ويكون فيها أكثر اتساقا وسلاما مع نفسه، وقلة من يستطيعون بلوغ هذه المرحلة بمفردهم وإنما يحتاج الأمر غالبا لمساعدة احترافية من طبيب نفسى لوصولها، فالنفس البشرية لها حيل كثيرة تعوق هذه الولادة الجديدة وهى حيل من الصعب على الإنسان العادى اكتشافها، كحيلة «الإسقاط» مثلا وفيها يلقى الشخص بمسؤولية أخطائه على آخرين يقتنع تماما بأنهم السبب وراء مشاكله نافيا مسؤوليته، أو حيلة الإنكار والتناسى وساعتها لا يتذكر الشخص ما يقوم به بالضبط من أخطاء وما يسببه من مشاكل خاصة إذا كانت قاسية جدا، فتلك الحيل تمنعه من المبادرة للإصلاح لأنها تعطيه شعوراً بالأمان الكاذب.


والولادة الجديدة تتطلب مواجهة النفس والاعتراف بالخطأ والتحدث مع الآخرين وسماع وجهات نظرهم، فالمقربون عادة ما يكونوا مرآة لنا وربما أحاديثهم قد تكشف بعض حيلنا النفسية الدفاعية، وتدفعنا فعلا لمواجهة الحقيقة والتغيير للأفضل وطلب العلاج، فهو مهم للغاية لأنه يتعامل مع الخبرات والذكريات المترسبة فى اللاوعى، فالأمر لا يتوقف فقط على تغيير بعض السلوكيات للأفضل وإنما يجب أن يصاحبه تطرق لدوافع ذلك السلوك.


وعادة ما يعقب الولادة الجديدة، سعادة وارتياح وإقبال على الحياة، وتخلص من أمراض نفسية كالاكتئاب والوساوس والقلق وبعض أمراض عصبية أخرى أكثر خطورة، والقدرة على التسامح والغفران، والتصالح مع النفس والحياة، والابتعاد عن جلد الذات، وكلما كان الإنسان جادا فى ميلاده الجديد، لن تصيبة انتكاسات أو ردة لحياته ومشاكله القديمة وسيمضى قدما فى حياته الجديدة.


من خلال عملى أصادف حالات «ولادة جديدة» تتوافق أحيانا مع بداية العام الميلادى، ففى تلك الفترة من كل عام تشتد التقلبات الشتوية التى يصاحبها الاكتئاب الموسمى ومن ثم يطلب البعض العلاج الذى ينتهى غالبا بميلاد جديد أفضل.

باللعب معهم.. يتعلم الأطفال توثيق حياتهم

 

عام فات.. وآخر هلت نسماته، وبين العامين أحداث وذكريات يتذكرها الكبار، لكن صغاراً كثيرين لا يلقون لها بالا، ويظل العام الجديد يحمل رقما جديدا.. فقط يضيفونه إلى كراسات المذاكرة. وتنصحنا الدكتورة نادية حسن قاسم، استشارى العلاقات الأسرية، باستغلال تلك الفرصة فى تعليم الطفل كيفية توثيق المراحل العمرية التى عاشها فى ذاكرته.


تقول د. نادية: بداية العام الجديد فرصة لكل أم وأب فى إرساء قيمة الحياة فى عقول أبنائهم، فالحياة لا تكون إلا بالماضى الذى يصنع المستقبل، ولكن عليهم أن يمنحوا أبناءهم تلك القيمة، وفقا لعقولهم، فبلعبة بسيطة بين أفراد الأسرة، يجلسون فيها سويا، كل منهم يختار أفضل موقف مر عليه العام الماضى، ويحكى عنه، ويتذكر هل كان سعيدا أم حزينا بسببه، فمثلا: عندما سافر الطفل مع والديه فى رحلة، وهل كان سعيدا فيها أم لا، وما صفات المكان الذى سافر إليه، وما الذى ضايقه.. فى هذه اللعبة يحكى الأب والأم أيضا، موقفاً قضياه خلال العام، ثم يبدأ الابن فى التفكير فى أمنية يطمح فى تحقيقها فى العام الجديد، فإن تمنى أن يزور أحد الأماكن، على الأهل أن يلبوا له هذه الأمنية إذا كان من الممكن أن يحققوها مع أهمية الحديث حولها، وإذا كانت غير قابلة للتنفيذ، فعليهم أن يوضحوا له أسباب صعوبة تحقيقها.


ومن خلال الحديث حول أحداث الماضى وأمنيات المستقبل، يتعلم الطفل منذ صغره ربط الأحداث ببعضها البعض، إضافة إلى التعرف على مشاعره الداخلية تجاه الأشياء والأحداث والأشخاص، وهو ما يعد توثيقاً لملامح حياته، ثم تقوم الأسرة بتصحيح الخلل الذى تراه لدى طفلها بطريقة صحية نفسية، فإذا تحدث عن مشاعر سلبية، وجب الوقوف على سبب وجودها والعمل على نزعها، كى يشب رجلا أو امرأة ناجحة فى الحياة، إضافة إلى توجيهه لمستقبل جيد، فإذا تمنى أن يصبح طبيبا، على الأسرة أن تطرح عليه أسئلة مثل: «لماذا، وأى التخصصات يحب؟ ولماذا اختار هذا التخصص؟»، وتنمى بداخله المشاعر الإنسانية والدينية الجميلة.


وترى الدكتورة نادية أنه بتلك اللعبة البسيطة التى قد يمارسها الطفل خارج المنزل ومع زملائه فى المدرسة، تستطيع الأسرة المصرية أن تغير من سلوكيات أطفالها التى دائما ما تشتكى منها، على المستوى الشخصى للطفل ومجتمع الأطفال المحيط به.

البداية.. «ركعتين لله»


لكل منا طريقته الخاصة بالاحتفال بليلة رأس السنة، فالبعض يشترى الفساتين والبدل السواريه ويخرج لحفل خاص، وآخرون يشاهدون فيلم السهرة وبجواره طبق كبير من المكسرات والفيشار، وهناك مجموعة من الشباب يختلفون عن الأنماط التقليدية للاحتفال بليلة رأس السنة، إنهم يصلون ويذكرون الله ويتدارسون الدين، لكن على الإنترنت.. فهذا ما تفعله مجموعة من شباب الـ«فيس بوك» الذين قاموا بإنشاء صفحة «هنبدأ 2011 بركعتين لله» وانضم لهم ما يزيد على 27 عضوا حتى الآن.


تقول مروة نبيل صاحبة فكرة إنشاء الصفحة: الفكرة جاءتنى من خلال عادة جيدة عودنى عليها والدى منذ 10 سنوات، وهى ربط السنة القديمة والسنة الجديدة بركعتين لله تعالى، بدلا من الاحتفال بالطرق الأخرى ولذلك أحببت نشر الفكرة وصممت الصفحة ولاقت استجابة كبيرة من الشباب على الـ«فيس بوك».


ويقول سامح عيسى أحد أعضاء الصفحة: نحن نقوم بطاعة الله فى الوقت الذى تقوم فيه ناس كثيرة باستقبال 2011 بطرق أخرى، نصلى ركعتين لله وندعوه أن تكون السنة سعيدة علينا وعلى الأمة العربية والإسلامية.


ويقول معتز عبدالله: أنا لا أوافق على تحديد يوم معين وساعة معينة من السنة للذكر والصلاة حتى لا تكون بدعة وكل بدعة ضلالة، ولكن الصلاة والدعاء فى أى وقت من اليوم والسنة.


وتقول نرمين محسن: أعجبت كثيرا بهذه الفكرة لأنها تحث على الخير وطاعة الله وتبعدنا عن المعاصى «ومن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية