x

كاتب أمريكي: ترامب يُنهي 70 عامًا من النظام العالمي

الإثنين 21-11-2016 07:05 | كتب: أ.ش.أ |
ترامب يحدد أولوياته في الكونغرس: الصحة والهجرة والتوظيف - صورة أرشيفية ترامب يحدد أولوياته في الكونغرس: الصحة والهجرة والتوظيف - صورة أرشيفية

نفى الكاتب الأمريكي روبرت كاجان، أن يكون الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لا يمتلك رؤى حول السياسة الخارجية، مؤكدا أنه ترامب يمتلك رؤية حول دور أمريكا في العالم يشاركه فيها العديد من الأمريكيين.

وذكر «كاجان» -في مقال نشرته الـفاينانشيال تايمز- أن ترامب قد يتودد إلى فلاديمير بوتين، وقد يدخل في حرب تجارية مع الصين، ولربما يبني الجدار الذي تحدث عنه أثناء الحملة الانتخابية- كل ذلك محتمل، لكن الأمر المؤكد والمتعلق بالسؤال الأهم الذي يندرج تحته كل ما عداه وهو مسؤولية أمريكا عن النظام العالمي، فإن ترامب واضح كل الوضوح في العزوف عن الاستمرار في تحمل عبء تلك المسؤولية عن هذا النظام.

وأكد «كاجان»، أن المستر ترامب يستهدف تقديم مصلحة أمريكا على كل شيء تحت شعار «أمريكا أولا»، وهو ما يعني أننا بصدد إسدال ستار على 70 عاما من النظام العالمي الأمريكي.

ونوه الكاتب، إلى أن ترامب ليس وحيدا في هذا التوجه الذي صار ظاهرة قومية في أمريكا بعد حربَي العراق وأفغانستان وبعد الأزمة المالية، وليس أدل على ذلك من فشل المؤيدين للانخراط في الأحداث العالمية أمثال جيب بوش وماركو روبيو في الحملة الانتخابية لهذا العام.

ولفت «كاجان»، إلى أن المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز انضم إلى خندق المستر ترامب المهاجم للانخراط في الأحداث العالمية، وأن المسز هيلاري كلينتون تلقت الضربات من كل جانب بسبب دفاعها عن هذا الانخراط الدولي وتشبثها بفكرة أن الولايات المتحدة هي «أمة لا يمكن الاستغناء عنها» على حد تعبير بيل كلينتون الذي لخص تفكير كافة الرؤساء الأمريكيين منذ هاري ترومان إلى جورج بوش الإبن.

واعتبر الكاتب، الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما بمثابة الشخصية الانتقالية من هذا العهد، وأن انتخاب ترامب هو بمثابة القطيعة الحاسمة- وأن الولايات المتحدة الآن لا تهتم بالنظام العالمي.

واستدرك «كاجان» موضحا أن ذلك لا يعني «عودة» إلى انعزالية أمريكية أسطورية؛ ذلك أن هذه الأمة الجبارة ذات التفكير التجاري لم تفصل نفسها أبدا عن باقي العالم، ولا حتى في حقبة الثلاثينيات من القرن الماضي- وإنما ما تفعله أمريكا الآن هو عودة إلى «الذاتية القومية» بتعريف أضيق للمصالح الأمريكية وعزوف عن الانخراط عالميا ما لم يكن لحماية تلك المصالح الضيقة.. بصيغة أخرى: أمريكا مرة أخرى قد تبدأ التصرف كـ«أمة عادية».

ونبه كاتب المقال، إلى أن الولايات المتحدة أبقتْ على قواتها في أوروبا وآسيا على مدى السبعين عاما الماضية، ليس لحماية نفسها من هجوم مباشر فحسب، وإنما لحماية حلفائها، كما أوجدت أمريكا عام 1945 نظام اقتصاد مفتوح هيّأ للآخرين فرصة الرخاء والمنافسة، كما ساعدتْ أمريكا في نشر الديمقراطية حول العالم.

وقال «كاجان»، إن كل ذلك كان في القلب من المصالح الأمريكية من خلال نظرة مستنيرة لم يفطن الأمريكيون لأهميتها إلا غداة حرب عالمية أعقبها صعود نجم شيوعية السوفييت وهو ما أغرى الأمريكيين على توسيع حدود مصالحهم وقبول مسؤولية عن عالم ليبرالي على نحو يفيد الآخرين قدر الاستفادة منهم أو ربما أكثر في بعض الأحيان.

لكن الاستنارة لا تدوم للأبد- حسب الكاتب- وبانتخاب ترامب فإن الأمريكيين قد اختاروا، كما حدث من قبل في عام 1920، العودة إلى الوضع العادي (أمة عادية).

وتساءل الكاتب، عما قد تفعله قوة عظمي تتصرف كأمة عادية؟ إنها تنظر إلى التهديدات المباشرة للوطن وتجد تهديدا واحدا هو الإرهاب الراديكالي، كما تحدد استراتيجيتها على صعيد السياسة الخارجية بأنها مكافحة الإرهاب، كما تحكم على غيرها من الأمم من خلال معيار واحد هو مدى استعداد تلك الأمم لمكالحة الإرهاب الراديكالي، بغض النظر عما إذا كانت هذه الأمم حليفة أم مناوئة إسميًا، ديمقراطية أم استبدادية- كل ذلك لايهم.

ورأى «كاجان»، أن ما عدا ذلك، فهو مسألة أموال؛ إن السياسة الخارجية ينبغي أن تخدم المصالح الاقتصادية الأمريكية وإلا فينبغي تغييرها؛ الاتفاقات التجارية ينبغي أن تكون لجلب الأموال وليس لتعزيز النظام العالمي أو طمأنة حلفاء يعيشون في ظلال قوى كبرى- إن الولايات المتحدة لم تعد مشغولة بمسألة طمأنة الآخرين.

ونوه «كاجان»، إلى أن هذا التوجه على صعيد السياسة الخارجية ليس مستحدثا في أمريكا وإنما كان سائدا في حقبتَي العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، كما أنه يعتبر بمثابة الاستراتيجية المفضلة لدى العديد من الأكاديميين الأمريكيين اليوم، والأهم من ذلك أن هذا التوجه يحظى بشعبية بين الأمريكيين الذين باتوا يعتقدون أن الولايات المتحدة يتم استغلالها حتى ظهر المستر ترامب ووعد بوضع نهاية لذلك.

وتساءل الكاتب، كم يمكن لهذا العهد الجديد أن يستمر؟ مَن يدري؟ لقد تمكن الأمريكيون بعد عام 1920 من تفادي مسؤولية عالمية على مدى عقدين من الزمان.. وبينما كان العالم ينهار من حولهم كان الأمريكيون يعزون أنفسهم بأن المشكلة ليست مشكلتهم... ربما يفعل الأمريكيون نفس الشيء اليوم، وسيكونون على صواب لوقت قصير، وبفضل ثروتهم وقوتهم وجغرافيتهم سيكون الأمريكيون آخر مَن يعاني تبعات إخفاقاتهم... لكن في النهاية سيكتشف الأمريكيون مرة أخرى ألاّ مهرب من المسؤولية.. عندئذ سيكون السؤال هو «ما حجم الضرر الذي وقع في غضون ذلك، وعن مدى إمكانية الاستفاقة قبل فوات الأوان؟».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية