«ليس كل ما يطلبه الشارع صحيحا، فقد تمت الاستجابة لمطالب الشارع فى الستة أشهر الماضية دون دراسة دقيقة لهذه المطالب والنتيجة خسارة فادحة لوزارة الإعلام».. بهذه الكلمات عبر أسامة هيكل، وزير الإعلام، عن رفضه بعض مطالب الشارع، طالما تصطدم بالمصلحة العامة، وقال فى حواره مع «المصرى اليوم» إن التغيير ات فى التليفزيون ستكون جذرية وأشبه بعملية جراحية «هيسيح فيها دم»، على حد قوله، ولا تراجع عن تطوير الإعلام وإعادة الثقة فيه وتحويل مساره من إعلام النظام إلى إعلام الدولة، وأن من بين مهامه المحددة له منع الوقيعة بين الشعب والجيش.. وإلى نص الحوار:
■ كيف قبلت ما كنت تنتقده من قبل وفعلت ما هو ضد قناعاتك.. ألم تكن آراؤك تؤكد أنه لا يوجد فى الدول الديمقراطية ما يسمى وزارة الإعلام؟
- كنت ضد وجود وزارة للإعلام، لكننى أيضا رفضت إلغاء منصب وزير الإعلام وإزاحته بهذه الطريقة الفجائية، وذلك حتى قبل أن أعرف أننى سأتولى وزارة الإعلام، ولذلك كان يجب أن يعود الوزير مرة أخرى وأن تكون مهمته الأساسية هيكلة الوزارة ثم نقرر ماذا سنفعل بعد ذلك.
■ لكن كيف ونحن نبتغى الديمقراطية بعد الثورة أن يكون أول ما نقدم عليه هو تعيين وزير جديد للإعلام؟
- ليس دقيقا أن وجود وزير للإعلام من عدمه هو الذى يتحكم فى المسار الديمقراطى بدليل أنه خلال الأشهر الماضية التى لم يكن فيها وزيرالإعلام موجودا لم يشعر الناس بالحرية والديمقراطية فى الإعلام الرسمى، وإذا كان ضروريا إلغاء وزارة الإعلام فلابد أن يسبق ذلك إجراءات تحدد مصير كل الجهات والهيئات التابعة لها، فمثلا يجب أن يخرج قانون يحدد تبعية هيئة الاستعلامات سواء لرئاسة الوزراء أو لرئاسة الجمهورية أو لأى جهة أخرى بعد تحويل الإعلام لهيئة مستقلة، وهكذا لكن إلغاء وزارة الإعلام فجأة استجابة لضغط الشارع أدى إلى إحداث خلل فى مبنى الإذاعة والتليفزيون وفى هيئة الاستعلامات وباقى الأجهزة التابعة لوزارة الإعلام، لذا كان من الضرورى عودة الترس الذى يعمل مع جميع الأجهزة فى وزارة الإعلام حتى تستقر الأوضاع أولا قبل التفكير فى أى خطوة قادمة.
■ كان من الممكن أن يكون هذا الترس هيئة مستقلة للإعلام لها كل صلاحيات الوزارة وليس الوزارة مرة أخرى؟
- الفكرة أن المنظومة كان لابد أن تعمل مرة أخرى لإعادة المناخ الطبيعى أولا ثم تقرير الخطوة اللاحقة بعد ذلك.
■ هل يعنى هذا أنك وزير إعلام مؤقت لمهمة مؤقتة هى «هيكلة الإعلام» كما جاءت تصريحاتك وتصريحات الحكومة؟
- أنا وزير فى مهمة محددة وليست مهمة مؤقتة، وما نسب إلى من تصريحات غير صحيح، فما قلته حرفيا أننى قادم لمهمة محددة وهى هيكلة الإعلام وتنظيمه، ففوجئت فى بعض الصحف والمواقع بجملة «مهمة مؤقتة» وهو ما لم أقله ولم تقله الحكومة أو المجلس العسكرى.
■ إذن أنت لست آخر وزير إعلام فى مصر؟
- لا أعرف.. ولكن المؤكد حتى الآن أننى أول وزير للإعلام بعد الثورة.
■ ما مهمة الإعلام فى المرحلة المقبلة؟
- المرحلة الانتقالية التى نمر بها الآن تاريخية فى الإعلام المصرى وفرصة ذهبية كى يتحول إلى إعلام الدولة المصرية ككل، وليس إعلام النظام الحاكم فقط، لأنه لا يوجد نظام حاكم فى الوقت الحالى وبالتالى فإن تحويل المسار أمر ممكن، فنحن فى مرحلة جديدة تهدف إلى تغيير الإعلام وتحقيق حريته وخدمته للشعب أولا، والأهداف القريبة التى حددتها للإعلام الرسمى فى المرحلة الانتقالية التى نعيشها حاليا هى تحقيق المطالب المشروعة لثورة يناير بنسبة 100%، وتحقيق وحدة الجيش والشعب لتنفيذ هذه المطالب، وأخيرا التصدى بكل قوة لمحاولات الوقيعة بين الشعب والقوات المسلحة، حفاظا على مطالب وأهداف ثورة 25 يناير.. والحقيقة أن الإعلام الرسمى تعرض لظلم كبير، فقبل الثورة كان مسخرا لخدمة النظام، ففقد مصداقيته خلال الثورة، وأصبح فى وضع لا يحسد عليه.
وحينما سقط النظام انقلب الوضع تماما بشكل مفاجئ حيث تحول إلى إعلام ضد النظام بالكامل دون اعتبار لعقل المشاهد، لذا كان لا بد من عمل «خطوة تنظيم» لنفكر فى الأهداف، ونعمل على استعادة المصداقية والثقة، وبدلا من أن ننظر تحت أقدامنا لابد أن أن ننظر للأمام بتقديم مادة إعلامية تساعد المواطن على إعمال العقل والتفكير، مع التأكيد على مبدأ عدم إقصاء أى طرف لحساب طرف آخر وعدم استئثار طرف على حساب أطراف أخرى.
■ لكن قيل إنك تنفذ الخطة الإعلامية للمجلس العسكرى بتخويف الناس؟
- المجلس العسكرى لم يصدر لى أى توجيهات خاصة بالتوجه الإعلامى، أما إذا كنت تقصدين تغطية جمعة «لم الشمل» وسيطرة التيارات الدينية عليها فنحن وقتها كنا ننقل المشهد لا أكثر والكل اتفق على أن شكل التحرير فى هذه الجمعة قد تغير بشكل يقلق الجميع حتى الآن.
■ نقل الحدث شىء واستضافة التيارات الدينية بكثافة فى البرامج للحديث عن أهدافهم ورؤاهم شىء آخر خاصة أنك حضرت إفطار الإخوان المسلمين وهو مافسره البعض بأنه محاوله اقتراب منهم؟
- العكس هو ما حدث فكل التيارات السياسية كانت موجودة فى البرامج الإخبارية والتحليلية المختلفة وبطبيعة الحال فإن التيار الإسلامى كان الطرف الواضح فى هذا اليوم، لذا كان من الطبيعى أن يكون التركيز عليهم ليقولوا لنا ماذا يحدث بالضبط، أما فيما يخص حفل الإفطار فقد حضرته للتأكيد على المعنى الذى أود تنفيذه فى الإعلام وهو عدم الإقصاء وعدم الاستئثار.. فذهابى إلى هناك دليل صدق ما أقول وليس موقفاً يؤخذ ضدى خاصة أن الكل يعلم أننى ضد الإسلام السياسى على وجه التحديد وأننى أختلف مع التيارات الإسلامية السياسية فى الفكر والمنهج.
■ بم تفسر النقص الواضح فى حصيلة إعلانات التليفزيون خلال شهر رمضان.. هل يعتبر ذلك دليل ضعف التليفزيون؟
- هذا النقص سببه قرار خاطئ بإغلاق وكالة صوت القاهرة قبل شهر رمضان بشهرين، ما أدى لتراجع الحصيلة من 150 مليون جنيه فى رمضان الماضى إلى أقل من 20 مليون فى رمضان الحالى وهذا الفارق ذهب للقنوات الخاصة بسبب هذا القرار المدمر والذى نسعى حاليا لتصحيحه عن طريق إعادة الوكالة مرة أخرى، والتليفزيون المصرى لم يضعف، وتقارير نسب المشاهدة تؤكد تقدمها بالنسبة لقنوات الدراما والأولى والفضائية.
■ ننتقل إلى ملف أجور العاملين بمبنى التليفزيون وتقليل الفوارق بين الموظفين التى كان يضرب بها المثل.. أولا كم يبلغ راتبك؟
- ضحك قائلا: لن أذكر رقما لكنه 10% من راتبى كرئيس تحرير لجريدة الوفد.
■ ربما أصل الراتب ضعيف لكن الكل يعلم أن هناك نسباً يحصل عليها الوزير من الإعلانات إضافة إلى البدلات وساعات الإنتاج إلى آخره؟
- حد الله بينى وبين هذه الأموال ولن أتلقى سوى مرتبى والمكافآت الشرعية المعلنة لكل الوزراء، ولن أتقاضى أى مبالغ أو مكافآت سرية من داخل الوزارة أو خارجها وبالمناسبة هذا اتجاه عام فى الحكومة الحالية حيث اتفقنا على مبدأ الشفافية فى الأجور.
■ ماذا عن رؤساء القطاعات والمستشارين؟
- ليس لدى مستشارون، وأراجع حاليا مواقف المستشارين فى جميع هيئات وقطاعات الوزارة، وسيتم الاستغناء عن الغالبية العظمى منهم، أما بالنسبة لرؤساء القطاعات والقيادات الأخرى فقد قررت ضرورة تفعيل الالتزام بسقف الحد الأقصى للمرتبات وهو 25 ألف جنيه وهو ما أدى إلى غضب العديد منهم، كما قررت وقف صرف «مكافآتجانبية» من قطاع لآخر منعا للتحايل على الحد الأقصى للأجور، كذلك قمت بربط الرواتب والأجور والرواتب فى القطاعات المختلفة بنظام مركزى فى القطاع الاقتصادى لضمان عدم تجاوز هذا السقف وهو ما مكننى من تعديل البدلات والمكافآت لتقليل الفوارق السابقة.
■ معنى ذلك أن إعادة توزيع الأجور بالداخل ستمكنك من رفع الأجور الصغيرة بنسبة 333% كما سبق أن صرحت فى الصحف أم أن وزارة المالية ستتعاون معك وترفع ميزانية الوزارة؟
- أنا لم أرفع الأجور فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون بنسبة 333% لكن ماحدث هو رفع البدلات من 162% إلى 333% عن طريق إعادة توزيع الموارد للتقليل من الفوارق الرهيبة فى أجور العاملين، وللتوضيح فإن التعديل كان فى الأجور الحكومية وليس عوائد الإنتاج، خاصة بالنسبة لموظفى اتحاد الإذاعة والتليفزيون فقط الذى يتيح لى القانون التقرير بشأنهم لأنه جهاز «اقتصادى»، أما ديوان عام وزارة الإعلام وهيئة الاستعلامات فهى جهات حكومية ولا أستطيع بقرار وزارى رفع مرتباتهم لذا أتفاوض حاليا مع وزارة المالية لرفع ميزانياتهما خصوصا أن المرتبات هناك متدنية للغاية، والعاملون فى هذة الجهات يعانون كثيرا.
■ إذا انتقلنا لمسألة نقل محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك هل صحيح أنك كنت وراء قرار البث المباشر وأنك من أقنع الحكومة به؟
- القصة أننى بعد تكليفى بمهمة وزارة الإعلام بأيام قليلة اتصلت برئيس الوزراء الدكتور عصام شرف وتناقشت معه حول مسألة البث المباشر للمحاكمات لإعادة الثقة فى أداء التليفزيون المصرى وفى الوقت نفسه استجابة لمطالب الجماهير بشأن علانية المحاكمات خصوصا أن هناك من كان يشكك فى كون هذه المحاكمات تجرى من الأصل، فتفاعل مع الفكرة، وتم الاتصال بالمستشار محمد الجندى، وزير العدل، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء للاتفاق على بث المحاكمات على الهواء مباشرة عبر التليفزيون الوطنى المصرى.
■ هل استأذنتم المجلس العسكرى؟
- لا.
■ هل يعقل نقل محاكمة للرئيس السابق ولا يتم استئذان المجلس؟
- لم نناقش هذا الموضوع مع المجلس العسكرى على الإطلاق، رغم أنى التقيت المشير «طنطاوى» فى مرات متفرقة بعد ذلك لكنى لم أناقش الفكرة معه أو مع قيادات المجلس العسكرى.
■ على الأقل رجع مجلس الوزراء للمجلس العسكرى قبل أن يمنحك الموافقة؟
- لا.. وأؤكد لك أن المجلس العسكرى لم يكن طرفا فى الموضوع وإذا كان له اعتراض على ذلك لكان أبلغنا صراحة وبالمناسبة تم تنفيذ نقل المحاكمات ببساطة شديدة أكثر مما كنت أتوقع أنا شخصيا.
■ هل صحيح أنه عرض عليك بيع المحاكمات لقنوات أخرى ورفضت.. وما حقيقة ما تردد من أن التليفزيون الإسرائيلى عرض عليك مبلغا ضخما مقابل شراء حقوق بث المحاكمات؟
- ما تردد عن العرض الإسرائيلى بالذات محض كذب ضمن أكاذيب كثيرة ألمسها، فالتليفزيون الإسرائيلى نقل عن التليفزيون المصرى مثل باقى تليفزيونات العالم.
أما عن عروض القنوات الأخرى فكان أمراً حقيقياً، فبعد أن أعلنا أننا سننقل محاكمة مبارك على الهواء تقدمت عدة محطات لاتحاد الإذاعة والتليفزيون لشرائها، بل إن البعض اقترح جلب الإعلانات عليها، فرفضت إيمانا منى بأن المحاكمات ليست سلعة أو مباراة كرة قدم يمكن تسويقها وجلب إعلانات عليها، وكان رأيى مؤيدا باستشارة قانونية، والمحاكمات ليست ملكا لنا وأنا لم أشترها من المحكمة لأبيعها، والمحكمة نفسها لا تملك بيعها، فالمحاكمات ملك الشعب وهى وثيقة تاريخية ستظل مئات السنين، لذا واتفاقا مع الدور الوطنى للإعلام الرسمى المصرى، قررنا عدم بيعها، بل عرضها على الشعب باعتباره صاحب الحق فيها. وللأسف هناك كتاب كبار طالبوا بضرورة استغلال المحاكمات فى الربح، ولو كان هذا قد حدث كان لابد أن أقدم أنا نفسى للمحاكمة لأننى فى هذا الحالة سأبتذل القضاء والمحاكمات وسأخل بالثوابت المهنية والوطنية، هذه المحاكمات أول وثيقة لمحاكمة رئيس فى وجوده وعن طريق شعبه، فمحاكمة صدام حسين تمت من قبل الاحتلال ومحاكمة زين العابدين تمت بعد هروبه.
■ أفهم من ذلك أنكم لم تتقاضوا رسوما عن إذاعة هذه المحاكمات من القنوات العالمية التى نقلت عنكم الحدث؟
- «سى.إن.إن» نقلت عن التليفزيون المصرى ثلاث ساعات فكم كان سيساوى هذا، كل القنوات التى نقلت المحاكمات بشعار التليفزيون المصرى كان النقل مجانيا لها، وأنا اعتبرت ذلك دعاية ضخمة للتليفزيون المصرى فى محاولة جذب الجمهور مرة أخرى إليه، أما القنوات التى أرادت إذاعة الحدث دون وضع شعار التليفزيون المصرى فألزمناها بدفع رسوم استغلال أجهزة الإعلام الرسمى المصرى، لأن التليفزيون هو من قام بالتصوير ونقل الحدث بأجهزته، وللتأكيد هى رسوم استغلال أجهزة ومعدات وليست بيعاً للمحاكمة، وكل قناة بثت دون لوجو التليفزيون المصرى دفعت رسوما 7 آلاف دولار.
■ ما رؤيتك الإعلامية لمشاهدة «مبارك» فى قفص الاتهام؟
- أعتقد أن الناس شعرت فى هذا اليوم حقيقة بأن الثورة حققت أهدافها، وأن هناك تحولاً منهجياً حدث فى التليفزيون المصرى أعاد بعض الثقة، كما أن الشارع هدأ بشكل واضح بعدها.
■ إذا عدنا لمبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون.. ماذا حدث لمكتب «أمن الدولة» هناك؟
- مسألة الرقابة الأمنية على العمل الإعلامى والتنسيق المسبق مع الأمن قبل استضافة ضيوف بعينهم وغيرها لم تعد موجودة إطلاقا الآن، وقد تم حل جهاز أمن الدولة وحل محله جهاز الأمن الوطنى الذى لم يعد له دور فى المؤسسات وأنا منذ تولى منصبى لم أر أى مكتب من هذا القبيل. وضحك مضيفا: المكتب الوحيد الذى استرعى انتباهى كان مكتب «الكسب غير المشروع» والذى يتواجد إلى جوار مكتب الوزير مباشرةً.
■ إذن ما معايير الضبط والرقابة؟
- الرقابة قبل ثورة يناير كانت بالمفهوم الذى تتحدثين عنه، أما الآن وحسب مفهومى أنا فإنى كوزير أضع سياسات محددة، وهناك قيادات تتولى تنفيذها.. وهذه السياسات تركز على أن سقف الحريات قد انفتح ولن ينغلق مجددا، لكن أيضا هناك مسؤوليات جسيمة أصبحت على عاتق الإعلامى الذى سيظهر على الشاشة. فيجب أن يكون لائقا ثقافيا ومظهريا ومهاريا ومتمكناً من أدواته بشكل كاف فهو وكيل عن الشعب وعليه أن يكون مسؤولا، وهذا سيحتاج منا وقتاً حتى يتم تحقيقه بالشكل الأمثل.. وقد شكلنا لجنة لإعادة تقييم كل البرامج المعروضة حاليا وكذا كل من يظهر على شاشة التليفزيون، وفى الحقيقة فى الستة أشهر الماضية فقط ظهرت برامج ووجوه كثيرة غير جديرة ودون هدف بسبب حالة الفوضى فيما سمى «برامج الأتوبيس» أى أن كل شخص يهتف ويصرخ يحصل على برنامج وهو أمر خطأ يجب تغييره.. فالبرنامج إذا لم يشكل إضافة سيكون خصما من رصيد الإعلام الوطنى المصرى.. التغيير حتمى، وهو أشبه بعملية جراحية يصاحبها «تسييح دم».. والتغيرات قد لا ترضى الجميع، لكن ليس كل ما يطلبه الشارع صحيحا.
■ ظهور المحجبات على الشاشة ظاهرة ستستمر أم سيعاد فيها النظر؟
- اتفقنا أنه لا إقصاء ولا استئثار، وبعض هؤلاء المذيعات كن حصلن على حكم قضائى بالعودة إلى الشاشة إلا أنه لم يتم التنفيذ كجزء من انتهاك أحكام القضاء فى السابق.. وسنطبق معايير الظهور على الشاشة بغض النظر عن كون المذيعة محجبة أو لا.. ولن أميز شخصاً بناء على شكله أو دينه، المهم فقط أن يكون من يظهر على الشاشة مطابقا للمعايير الموضوعة.
■ هل ستستعين بنجوم من الخارج أم أنك تخشى ثورة الداخل؟
- الإعلام المصرى ليس ديواناً حكومياً لكنه مؤسسة إعلامية ثقافية كبرى تخص كل المصريين، وأنا وظيفتى كوزير للإعلام أن ألاحق المبدع أيا كان وأحضره إلى المبنى، أنا سأبحث عن الكفاءات والمواهب فى الداخل أولا، وإن لم أجد سأذهب إلى الخارج، وأنا لا أخاف أحدا طالما أثق فى أن ما أفعله صحيح ومفيد.
■ لكن قراراً كهذا سيقلب المبنى ضدك؟
- كما قلت ليس كل ما يطلبه الشارع صحيحاً.. وقد دفعنا ثمن ذلك عندما تمت تلبية مطالب الناس دون دراسة، فخلال الستة أشهر الماضية تم إغلاق برامج كبيرة ناجحة وتدر دخلا، وفى المقابل تم فتح باب الإنفاق على مصراعيه، فهل يعقل مثلا إغلاق برنامج مصر النهاردة وهو البرنامج الرئيسى الذى أحمل عليه الرسالة والذى يدر دخلا كبيرا للتليفزيون؟!.. هنا الاستجابة للناس كانت خطأ ونحن خسرنا بخروج النجوم من المبنى.. وأنا كمسؤول يجب على أن أبحث فى مطالب الناس، فإن كانت تحقق الصالح العام نفذتها، وإن كانت ستؤدى لضرر يجب رفضها.
■ كيف ستتعامل مع مرشحى مجلس الشعب والرئاسة فيما يخص الترويج الإعلامى لهم؟
- لدينا دراسات عديدة فى هذا الشأن منها دراسة بريطانية عن كيفية التغطية الانتخابية، ودراسة أخرى للدكتور صفوت العالم الأستاذ بكلية الإعلام، وسنستفيد بهذه الدراسات أثناء وضع القواعد التى ستحكم التعامل مع جميع المرشحين والأحزاب بحيث لا يطغى فصيل على الآخر وألا يستأثر فصيل بوقت مميز أو مساحة أكبر، فنحن سنقف على مسافة واحدة من الجميع وسنطبق القواعد بدقة.
■ ماذا عن الترويج مدفوع الثمن خاصة أن هناك أحزاباً غنية وأخرى فقيرة للغاية؟
- هذه نقطة مهمة لكننا لم نقرر بشأنها بعد إذا كنا سنسمح بالدعاية مدفوعة الأجر أم لا، وسنضعها فى الاعتبار ونحن نضع القواعد.
■ هل أنت راضٍ عنالأداء الإعلامى لأعضاء المجلس العسكرى خصوصا مداخلات العديد منهم الإعلامية التى لاقت انتقاد الكثيرين والاتهامات بل تسببت فى ترك إعلاميين لبرامجهم؟
- أولاً يجب أن نضع فى الاعتبار أن وظيفة القوات المسلحة الأساسية مختلفة عن الأدوار التى اضطرت لتحمل عبئها فى هذه المرحلة التاريخية، ومن ثم يجب أن نلتمس لها العذر لأنها تحملت المسؤولية فى هذه اللحظة الفارقة دون التشكيك فيها، ثانيا إن مواقف المجلس العسكرى تصدر فى بيانات رسمية، أما المداخلات الإعلامية فلا تمثل غير قائلها.
■ ماذا عن الاتهامات التى وجهت لحركة 6 أبريل بتلقى أموال وتدريب فى الخارج؟
- كما قلت لك موقف المجلس يذاع فى بيانات رسمية وربما البعض انفعل إلى حد ما عندما شاهد ما حدث فى العباسية والاتهامات التى يتم اتهام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بها رغم موقفه الواضح المساند للثورة وتحمله كل هذه الأعباء، ولا يجب أن ننسى أبدا أن المجلس الأعلى انحاز للشعب ضد النظام، ولا يجب أن ننسى أبدا أن موقف القوات المسلحة من الثورة المصرية كان مختلفا عن مواقف مثيلاتها فى الدول العربية الأخرى التى شهدت ثورات.
■ ما سر خلافك مع اللواء طارق المهدى؟
- أنا أحترم اللواء طارق المهدى، وخلافى معه منهجى وليس شخصياً، فاللواء المهدى تسرع فى إعلان لائحة مالية جديدة أثناء وجودى فى مبنى التليفزيون ودون أن يخطرنى بها، فطلبته فى اليوم التالى وطلبت الاطلاع عليها ووجدت أنها خارج المنطق وغير قابلة للتطبيق حيث تحتاج 33.5 مليون جنيه إضافية شهريا من ميزانية الدولة، فسألته عن كيفية تدبيرها، فحاول مع وزارة المالية فلم توفر له سوى 17 مليوناً شهريا لمدة ثلاثة شهور فقط.
فى هذه الفترة كان سقف طموحات العاملين قد ارتفع بعدما أعلن الأمر دون دراسة وهذا سبب الأزمة.. وقد حاولنا أن نعدل الأمور بعد الإجراءات الأخرى التى اتخذناها كما ذكرت لك والتى كانت قائمة على دراسة دقيقة هذه المرة وقابلة للتطبيق.
■ هل شكوته للمجلس العسكرى، وهل فعلا كنت سبباً فى أن يأتى محافظا للوادى الجديد ما اعتبره البعض نوعاً من النفى السياسى؟
- لست أنا من يعين المحافظين.