رحلة «بشرى» مع فيلم «678» تختلف عن أى رحلة لها مع أى عمل آخر، لأنها آمنت بفكرة الفيلم وتحمست لجرأته، وأدركت خطورته عندما كان مجرد فكرة فيلم قصير، اقترحت تطويرها مع المخرج محمد دياب حتى اكتمل المشروع وخرج للنور، وحصلت عن دورها فيه على جائزة أحسن ممثلة من مهرجان دبى السينمائى.
«بشرى» تحدثت فى حوارها مع «المصرى اليوم» عن حكايتها مع الفيلم وفكرته وجرأتها فى التخلى عن ماكياجها وشكلها من أجل شخصية «فايزة» ومدى تأثير الفيلم على المجتمع، وعملها فيه كمنتج منفذ أيضا.
استخدمت الماكياج لتوضيح إرهاق ومعاناة «فايزة».. والرقابة لم تحذف أى مشهد
«678» دعوة لمواجهة ظاهرة مسكوت عنها بسبب خوف الفتيات وعادات المجتمع
■ الفيلم كان فى البداية مشروع فيلم قصير، وتغير اسمه من «وقوف متكرر» إلى«678»، كيف حدثت هذه التحولات؟
- عرض على المؤلف محمد دياب فكرة الفيلم، وكان فى البداية مشروع فيلم قصير، بعنوان «67 بشرطة»، وكانت البطلة الوحيدة فى الأحداث هى شخصية «فايزة» المرأة الفقيرة المحجبة، ولأن الفكرة أعجبتنى بشدة ووجدتها شديدة الواقعية والحساسية، فكرت معه فى تطويرها، لأنى شعرت أن القضية تحتاج لفيلم طويل لتوضيح خطر ظاهرة التحرش فى جميع الطبقات وليست الطبقة الفقيرة فقط، التى تنتمى إليها شخصية «فايزة»، وتم تغيير اسم الفيلم من «وقوف متكرر» الى «678» للتعبير عن تصاعد ظاهرة التحرش بتصاعد الأرقام، كما أن هذا الرقم هو رقم أتوبيس شهير، حدثت به عملية تحرش.
■ كيف تم الإعداد بهذا الشكل الدقيق لشخصيات الفيلم النسائية تحديداً؟
- الفيلم مبنى على أحداث حقيقية، كما يعلم البعض، وقد حاولنا الاقتراب من شخصيات حقيقية تعرضت للتحرش لمعرفة تفاصيل الواقعة، وطبعاً لا يخفى على أحد أن معظم سيدات مصر عانين من التحرش ومازلن يتعرضن له بشكل أو بآخر، لذلك فكل امرأة تشعر بخطر التحرش بما فى ذلك الممثلات.
■ البعض اتهم الفيلم بالإثارة والجرأة الزائدة والإساءة لسمعة مصر لتصويره نماذج كثيرة من الرجال على أنهم متحرشون؟
- أثناء تصوير الفيلم، كان البعض يعتقد أنه سيكون فيلما مثيراً، نظرا لسخونة القضية التى يعبر عنها، لكن بعد عرضه، ثبت أنه بعيد تماما عن أى إثارة أو ابتذال، وقضيته الأساسية هى التى تحمل كل أنواع الخطورة والإثارة، وإذا كان هناك كثير من نماذج الرجال ظهرت على أنهم متحرشون فهذا لا يعنى أننا نعبر عن كل الرجال فى هذه الصورة المرضية، و قد قدمنا نماذج أخرى بعيدة عن التحرش مثل خطيب نيللى وزوج صبا، وحتى إذا تم حشد نماذج سلبية من الرجال فى الفيلم فهذا بحكم الدراما للتعبير عن شكل وطرق وتفاصيل المتحرشين وظاهرة التحرش، أما الاتهام بالإساءة لسمعة مصر، فهو شىء غير منطقى على الإطلاق، لأن مصر أكبر بكثير من أن يشوه سمعتها فيلم سينمائى، أو مليون فيلم، ثم إن جميع صناع الفيلم مصريون، لذلك فالتهمة توجه دون أدلة.
■ ظهرت دون ماكياج وبحجاب وملابس بسيطة وفضفاضة، فى حين ترفض نجمات الظهور بهذا الشكل، هل ترددت فى هذا الاختيار؟
- طبعا لم أتردد لحظة فى الظهور دون مكياج أو ارتداء تلك الملابس الواسعة، التى يبدو عليها الفقر الشديد وتظهرنى فى شكل «البهدلة»، بالعكس كنت حريصة أن أتخلى عن أى تفاصيل شكلية يمكن أن تبعدنى عن التعمق فى فقر ومعاناة شخصية «فايزة»، وكان ممكناً أن أضع بعض الماكياج الخفيف الذى يجملنى ولا يضر الشخصية، لكننى صممت على وضع ماكياج يوضح الإرهاق والاجهاد على وجهى، ليكمل هذا الشكل الملامح النفسية المعذبة لشخصية «فايزة»، وقد بذل محمد دياب وخبير الماكياج إيهاب محروس مجهوداً واضحاً حتى يكون للشخصية هذا الشكل الخارجى والداخلى، أما السبب الدرامى لوجود محجبة إلى جانب شخصيتين غير محجبتين، فهو أنه كان لابد من تقديم نماذج اجتماعية مختلفة من النساء، حتى يظهر بوضوح أن الملابس أو الشكل ليسا السبب الأساسى فى عملية التحرش، وإنما التحرش قد يحدث لأى امرأة، لمجرد أنها امرأة.
■ ما حقيقة اعتراض الرقابة على بعض مشاهد
وحذف عدد منها؟
- هذا كلام غير صحيح، فالرقابة لم تحذف أى مشهد من المشاهد، وكانت سعيدة جدا بالفيلم، بالعكس، الرقباء أشادوا بكل مشاهده لأنهم شعروا بأن الفيلم حقيقى ويدق أجراساً ويكشف الكثير من الحقائق، وينبه المجتمع والناس لخطورة التحرش وضرورة مواجهته.
■ هل ترين أن التحرش مازال يحاط بخوف من الفتيات وتردد واضح فى فضحه؟
- طبعاً خطورة الظاهرة ليست فى حدوثها لكن فى التستر عليها والخوف من الإعلان عنها بسبب ما يمكن أن يحدث من فضيحة فى تصور بعض الفتيات والأسر، وللأسف بعض الرجال والآباء يحرصون على كتمان ما يمكن أن يحدث لبناتهم، مفضلين الصمت على الدخول فى أى متاهات أو مواجهات بحجم ما يفرضه المجتمع من حساسيات.
■ رغم إيجابيات الفيلم فإنه كشف عن بعض وسائل التحرش مثل الليمون، وهذا اتهام للفيلم بتعليم أساليب التحرش؟
- أساليب التحرش معروفة، ولا أعتقد أن أى شاب سمع، على الأقل، عن طرق التحرش، لذلك فالفيلم يطرح القضية ببعض تفاصيلها وطرقها من أجل علاجها والهدف واضح، ولا أعتقد أن من سيرى الفيلم سيترك الهدف الأساسى ومخاطر التحرش ومخاطر رد فعل الفتيات تجاه المتحرشين ويركز فقط فى تعلم طريقة يتحرش بها، كما أنه بعد الكشف عن هذه الطريقة، سيصبح من يستخدمها فى ورطة، لأن لعبته أصبحت مكشوفة ولن يجرؤ على استخدامها مرة أخرى.
■ حصول الفيلم على عدة جوائز من مهرجان دبى هل كان متوقعاً؟
- قدمنا فيلماً به مجهود كبير ويحمل قضية وتوقعنا أن يحصل على ما يناسبه من نجاح وتقدير واهتمام، وهذا ما حدث بالفعل لكن لم نكن نتوقع أن يحصل على جوائز لأننا وضعنا أمام أعيننا جودة العمل فقط وهى كفيلة بتحقيق كل شىء فيما بعد.