قبيل تعيينه وزيراً للخارجية، أبدى العديد من القيادات في إسرائيل وخارجها، تخوفهم واعتراضهم على هذه الخطوة، بسبب تصريحاته التي قد تتسبب في خسائر كبيرة لإسرائيل، «أفيجدور ليبرمان»، زعيم حزب إسرائيل بيتنا، والذي وبسبب دبلوماسيته، «دبلوماسية ليبرمان» خسرت إسرائيل في عام واحد ما كانت لا تتوقع خسارته، بدءاً من رفض استقبال عدة دول لدبلوماسييها للعمل في السفارات الإسرائيلية، في عواصمها، والهزيمة أمام موجة الاعتراف المتزايدة بدولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وحتى خسارة أهم حليف لإسرائيل في المنطقة، تركيا.
«دبلوماسية ليبرمان» وخسارة «الحليف» التركي
لم تشهد العلاقات (التركية – الإسرائيلية) طوال تاريخها أزمة كتلك التي تمر بها هذه الأيام، فرغم إدراك القيادات في تل أبيب لأهمية «التحالف الاستراتيجي» مع أنقرة، إلا أن عاماً واحداً من «دبلوماسية ليبرمان» وزير الخارجية الإسرائيلي، كان كفيلاً بتحويل العلاقة من «تحالف استراتيجي» لاتهامات متبادلة بممارسة «إرهاب الدولة» من جانب، و«معاداة السامية» من جانب آخر.
بدأت المعركة الدبلوماسية الإسرائيلية – التركية هذا العام مبكراً، باستدعاء «داني أيالون» نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، للسفير التركي في تل أبيب «أحمد أوغوز»، للاحتجاج على مسلسل «وادي الذئاب» التركي، إلا أن اللقاء كان خارجاً عن كل الأعراف الدبلوماسية.
السفير جلس على كرسي منخفض أمام اثنان من وزارة الخارجية الإسرائيلية بينهما «أيالون» جلسا على كرسيين مرتفعين، لم يوضع العلم التركي على المنضدة واكتفوا بالعلم الإسرائيلي، تعمداً إحراج السفير بكلمات لاذعة ووجوه عابثة أمام الصحفيين، حتى أن «أيالون» رفض طلباً لصحفياً إسرائيلياً بمصافحة السفير التركي، قائلاً بالإنجليزية: «المهم أن ترونه يجلس منخفضاً».
أثارت المقابلة غضب الأتراك، ورفض المسئولون الأتراك الالتقاء بوزير الدفاع الإسرائيلي «إيهود باراك» الذي كان مقرراً له زيارة أنقرة بعد هذه الواقعة بأيام، وحدد الرئيس التركي مهلة للخارجية الإسرائيلية للاعتذار «العلني» عن تعاملها مع «أوغوز»، وإلا سحب السفير التركي من تل أبيب، وقبل انتهاء المهلة صاغ «نتنياهو» و«ليبرمان» اعتذاراً ونقله «أيالون» إلى السفير «أوغوز».
لم تكد تنتهي «أزمة السفير» حتى اندلعت أزمة أخرى في نهاية شهر مايو، بعد الهجوم الإسرائيلي الدموي على أسطول الحرية، والذي أدى إلى مقتل عدد من النشطاء من بينهم 9 أتراك، الأزمة هذه المرة كانت مع العديد من الدول في أنحاء مختلفة من العالم، منهم من أدان الهجوم، ومنهم من استدعى السفير الإسرائيلي في بلده، ومنهم من سحب سفيره من إسرائيل، أما الساحة التركية فكانت – بالطبع – أكثر اشتعالاً، هدد «أردوغان» إسرائيل بـ«اختبار صبر تركيا»، كما هدد باتخاذ خطوات قضائية ضدها، وألغى مناورات مشتركة مع الجيش الإسرائيلي، وطالب باعتذار رسمي معلن وبتعويضات لأسر الضحايا.
استمرت حرب التصريحات (التركية – الإسرائيلية)، ولم يتغير موقف أياً منهما، حتى أن وزير السياحة الإسرائيلي «ستاس ميسجنيكوف» طلب مقاطعة تركيا سياحياً حفاظاً على ما أسماه «الكرامة القومية»، وعلى الجانب الآخر عدلت تركيا دستورها السري أو ما يسمى «الكتاب الأحمر» الذي يعد الوثيقة الرسمية الأهم في تحديد استراتيجية تركيا خلال 5 سنوات، وتم إدراج إسرائيل كـ«تهديد رئيسي لتركيا» في حين تم رفع سوريا وإيران من قائمة الدول المهددة لتركيا.
لم يوقف المعركة الدبلوماسية – ولو قليلاً – سوى حريق الكرمل، الذي يعد أكبر حريق في تاريخ إسرائيل، حيث قررت تركيا إرسال طائرة للمساهمة في إطفاء الحريق، صرح عدد من المسئولين الإسرائيليين على رأسهم رئيس الوزراء برغبة إسرائيل في إنهاء الأزمة الدبلوماسية مع تركيا، إلا أن «أفيجدور ليبرمان» وزير الخارجية الإسرائيلي أفشل الفرصة الوحيدة لاستئناف العلاقات بين البلدين، بعد تصريحاته مؤخراً بأن طلب تركيا اعتذاراً إسرائيلياً ما هو إلا «وقاحة» وأن إسرائيل لن تعتذر لتركيا، وهو ما أكد عليه «نتنياهو» في اليوم التالي للتصريحات.
اغتيال المبحوح .. ورفض استقبال دبلوماسيين إسرائيليين
رغم اغتيال «محمود المبحوح» على أيدي عناصر من «الموساد» في دبي، إلا أن الخارجية الإسرائيلية تحملت عبئاً كبيراً عقب عملية الاغتيال، بسبب استخدام «الموساد» الإسرائيلي لجوازات سفر مزورة تحمل جنسيات أوربية، وتم استدعاء سفراء إسرائيل في عدد من الدول الأوربية للاحتجاج على هذه الخطوة، كما رفضت حكومة تركمانستان تعيين أحد رجال «الموساد» المقربين من وزير الخارجية «أفيجدور ليبرمان» سفيراً لإسرائيل بها.
كما رفضت الحكومة البريطانية استقبال مندوب جديد لـ«الموساد» في السفارة الإسرائيلية في لندن، بعد المندوب الذي تم طرده بسبب تزوير جوازات سفر بريطانية واستعمالها في عملية اغتيال المبحوح، وعربياً، رفضت السلطات الإماراتية منح نائبة أحد الوزراء الإسرائيليين، تأشيرة دخول لدبي للمشاركة في منتدى «دافوس» الاقتصادي، على الرغم من دعوتهاكممثلة رسمية لإسرائيل في المؤتمر.
علاقات سرية مع دول الخليج
كشف منع نائبة الوزير الإسرائيلية «جيلا جالميئيل» من دخول دبي، و مشاركة إسرائيل في مؤتمر «القمة العالمية لطاقة المستقبل 2010» الذي عقد في يناير بأبو ظبي، ومثل إسرائيل في المؤتمر وزير البنية التحتية "عوزي لانداو»، من حزب «إسرائيل بيتنا»، عن علاقة إسرائيل بالإمارات العربية المتحدة، التي لا تقيم علاقات دبلوماسية رسمية معها، يبدو أنها قوية، حيث كشفت إحدى وثائق «ويكيليكس» في نهاية نوفمبر الماضي، أن ثمة علاقة سرية بين إسرائيل والإمارات، وأن هناك علاقة شخصية بين، وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، وزعيمة المعارضة الإسرائيلية الحالية، «تسيفي ليفني»، وبين نظيرها الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد.
البرقية نفسها أشارت إلى أن وزارة الخارجية مسؤولة عن إدارة العلاقات مع دول الخليج، إلا أن العلاقات مع السعودية تم نقلها للموساد، كما كشفت برقية أخرى عن تفاخر «نتنياهو» بوجود علاقة تجارية بين إسرائيل والعراق، كما تم الإعلان في نهاية مايو الماضي عن مشاركة وفد إسرائيلي برئاسة وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي، «بنيامين بن أليعازر» في منتدى الدوحة الاقتصادي العالمي، الذي عقد في قطر، في الوقت الذي كانت القوات الإسرائيلية تهاجم أسطول الحرية.
معركة الإعتراف بالدولة الفلسطينية
الهزيمة الأكبر للدبلوماسية الإسرائيلية في 2010، تمثلت في إعلان عدد من الدول اللاتينية، اعترافهم بدولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، حتى قبل إعلان الدولة، حتى أن وزير الخارجية الإسرائيلي «أفيجدور ليبرمان» أرسل برسالة مؤخراً إلى البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية في أنحاء العالم، طالبهم فيها بالاتصال بالقيادات الحكومية والحزبية والدينية في هذه الدول، للضغط عليهم كي لا يعلنون اعترافهم بدولة فلسطينية.
جريدة «معاريف» الإسرائيلية وصفت ما تقوم به الخارجية الإسرائيلية بأنه «حرب فرملة» وأضافت، «في الشهر الأخير (ديسمبر) بدأ تآكل كبير في الموقف الدبلوماسي لإسرائيل في أمريكا الجنوبية بعد إعلان البرازيل، الأرجنتين، بوليفيا، وفي نهاية الأسبوع الأخير الإكوادور أيضاً اعترافهم بدولة فلسطينية مستقلة على حدود 67، من المتوقع أن تعلن كل من بارجواي، بيرو، ونيكارجوا نفس الموقف، لذا قررت رئاسة الوزراء، ووزارة الخارجية العمل من أجل منع تشيلي والمكسيك من اتخاذ نفس الموقف»، كما تعمل الخارجية الإسرائيلية على محاولة منع عدد أكبر من الدول الأوربية من الاعتراف بدولة فلسطينية بعد إعلان النرويج نيتها الاعتراف بها في أول 2011، بالإضافة إلى بريطانيا التي أعلنت عزمها السير في نفس الاتجاه.