تجتاح موجة من الخوف الجاليات العربية والمسلمة المقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات، وهو الذي أدلى طيلة حملته الانتخابية بتصريحات مثيرة للجدل وعنصرية ضد المسلمين والأقليات بشكل عام.«كان فجر يوم أمس كابوسا بالنسبة للجالية العربية والإسلامية هنا بالولايات المتحدة الأمريكية، وأعتقد أن الأمر كان كابوسا أيضا للعالم بأسره». هكذا عبر محمد حجام، ناشط مغربي في أوساط الجالية العربية في واشنطن، في حوار مع DW عن الأجواء التي تعيشها حاليا الجالية الإسلامية بعد الفوز المفاجئ للمرشح الجمهوري.
وذكرت وكالات الأنباء الدولية أن بعض العمال المهاجرين أبلغوا عن تعرضهم للتهكم والمضايقة فيما طلب أطفال مدارس إعادتهم إلى منازلهم بعد تعرضهم لمضايقات على أساس عرقي أو ديني. فيما حاول الدكتور جمال عبدالجواد، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في القاهرة ومستشار مركز الأهرام للدراسات الإستراتجية، التقليل من موجة الخوف هذه معتبرا في حوار مع DW أن الواقعية السياسية ستجبر ترامب في نهاية المطاف على تليين مواقفه. مخيف لدرجة الخيال؟ لا يزال الكثير من المسلمين في الولايات المتحدة يعيشون تحت وقع صدمة فوز ترامب، وينتظرون بترقب ما قد تسفر عنه قراراته على حياتهم.
وهناك من لم يصدق بعد الخبر، وكأن الخيال صار واقعا. وعمت مشاعر الخوف والقلق المواقع الاجتماعية لدرجة أن هناك من يفكر في الهجرة إلى كندا أو إلى بلدان أخرى. وبهذا الصدد أوضح حجام أن «المسلمين ليسوا رحل وليس من السهل بالنسبة لنا الهجرة إلى بلد آخر ونحن نعيش هنا منذ ثلاثين عاما». وذكرت منظمات حقوقية أمريكية أنها تلقت اتصالات من أشخاص كثيرين قلقين طلبوا تقديم النصيحة إليهم. وفي غضون ذلك سعى آباء ومناصرون إلى تهدئة مخاوف الناس. وإذا كان بإمكان ترامب إصدار مراسيم رئاسية لإلغاء قرارات اتخذها الرئيس الديمقراطي باراك أوباما بشأن الهجرة، إلا أن كثيرا من وعود الجمهوريين يتطلب تعاون الكونغرس وربما تواجه بدعاوى قضائية.
غير أن حجام متوجس جدا موضحا أنه «من الأكيد أن ترامب سينفذ تعهداته في الحملة الانتخابية لأنه أول رئيس أمريكي لا ينتمي عمليا لأي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهو يخلط بين الإسلام والإرهاب بشأن كل ما يتعلق الشرق الأوسط». وقالت سناء ألطاف المولودة في باكستان وتعيش في نيويورك لرويترز، إن أبويها مقيمان بصورة قانونية وآمنة لكنها تخشى على نفسها بسبب وضعها، «ظللت أبكي طوال الليلة الماضية وحتى صباح اليوم». وأضافت «كأن أحدا يبلغك بأنك لست محل ترحيب هنا». بين البراغماتية والشعبوية حذر الكثير من الخبراء من أن ترحيل ملايين اللاجئين غير الشرعيين من الولايات المتحدة ستكون له تكلفة لوجستية ومالية باهظة للغاية. كما أن الكثير من وعود ترامب تبدو غير واقعية كتلك المتعلقة بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة.
وبهذا الصدد يرى الدكتور جمال عبدالجواد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في القاهرة في حوار مع DW أن منع المسلمين من الدخول لأمريكا «وعد غير قابل للتطبيق لأن تكلفته ستكون كبيرة جدا، ثم إن هناك مصالح أمريكية ستتضرر إذا تم منع المسلمين من دخول أمريكا، لكن إدارة ترامب قد تشدد إجراءات الهجرة من بلدان معينة كالبلدان الإسلامية مثلا». وأضاف عبدالجواد أن «ترامب براغماتي وواقعي، لكن البراغماتية والواقعية لا تنفي أن لديه تحيزات ضد الأقليات، فالسيد ترامب لديه التزامات اتجاه جزء من الناخبين الذين صوتوا لصالحه على أساس برنامج ومواقف سياسية محددة. وسيكون عليه بالتالي إرضاء هذا الجزء من مؤيديه.
وأتوقع أن تكون هناك إجراءات سيتم اتخاذها ضد الأقليات». واستطرد الخبير بالشؤون الأمريكية أن «بلاد العم سام لن تكون في المستقبل بنفس القدر من التسامح والانفتاح بشأن قضايا الاختلاف والتعدد الثقافي كما كانت عليه في السابق». وذكر بأن الولايات المتحدة في نهاية المطاف دولة ديمقراطية تحكمها مؤسسات. «في النهاية هناك نصوص دستورية وقانونية وقضاء وجماعات ضغط مؤيدة للحقوق المدنية. ولكن إجراءات التضييق ستكون كافية لإثارة مخاوف الأقليات».